نجيب محفوظ وغارسيا ماركيز في القاهرة بحضرة «ثربانتس»

فنانون من 16 دولة رسموا بورتريهات لأدباء «نوبل»

لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)
لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)
TT

نجيب محفوظ وغارسيا ماركيز في القاهرة بحضرة «ثربانتس»

لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)
لوحات المعرض جمعت بين حائزي نوبل من مصر وكولومبيا (منسق المعرض)

في حضرة «ثربانتس»، جلس أديبا نوبل، المصري نجيب محفوظ والكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز يتحاوران، ليس هذا فقط، بل حضر أُدباء من كلّ العالم ومن أزمنة مختلفة، اجتمعوا خلال معرضٍ فنيٍّ عنوانه «رسم الأدب: الكتّاب والكاريكاتير».

أكثر من 50 لوحة تجسّد أدباء عالميين كباراً من زمن ويليام شكسبير وميغيل دي ثربانتس، صاحب «دون كيشوت»، إلى عصر توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وماركيز، وغيرهم من رُوّاد الأدب في مصر وإسبانيا وأميركا اللاتينية، صُوّروا في أعمال كاريكاتيرية، احتفى بها المركز الثقافي الإسباني في القاهرة «ثربانتس»، في معرض يستمر حتى 12 مايو (أيار) المقبل.

وقال الفنان المصري فوزي مرسي منسّق المعرض، إنه اتفق مع جامعة الكالا في إسبانيا، خلال زيارة سابقة، على تنظيم أنشطة مشتركة، وكان هناك مقترح أن نقيم معرضاً لثربانتس فقط، إلا أن مسؤول المركز الثقافي الإسباني اقترح أن يتضمّن المعرض أيضاً، بورتريهات لكتّاب عرب وإسبان ومن أميركا اللاتينية.

وأبدى خوسيه مانويل البابستور، مدير معهد ثربانتس في القاهرة، عن سعادته لاستضافة هذا المعرض الذي يضمّ شخصيات أدبية كبيرة، في حوار متخيل مع بعضها، مشيراً في بيان نشره عبر صفحة المركز، إلى أن «الفنانين أطلقوا خيالهم ورسموا كُتّابنا المفضلين في وضعيات حداثية وغير تقليدية. فأحدهم يلتقط صورة سيلفي، وثربانتس يتبادل القراءة مع شكسبير، وهي طريقة تُكسب هؤلاء الكتاب حياة جديدة عبر ريشة فنانين من 16 دولة شاركوا في المعرض، من مصر وإسبانيا ودول أوروبية ودول أميركا اللاتينية».

شكسبير وثربانتس في لوحة من المعرض (منسق المعرض)

وأوضح مرسي لـ«الشرق الأوسط»، أنهم بدأوا في تنظيم هذا المعرض من خلال طرح الفكرة على مجموعة من الفنانين، كما أن معهد كبيدو في إسبانيا أرسل لهم مجموعة من أعمال الفنانين الإسبان ومن دول مختلفة.

وتابع : «اخترنا أيضاً مجموعة من الأعمال المرسومة من قَبل لنجيب محفوظ وماركيز في لوحات تجمعهما، وكانت هناك مجموعة كبيرة اخترنا منها 50 لوحة عُرضت بشكل مميّز، بالإضافة لوجود شاشة تلفزيونية تعرض الأعمال بشكل مستمر».

وأشار إلى أن هذا المعرض يعبّر عن حوار رمزي بين كل هؤلاء الكتاب الذين يبتعدون مئات السنين عن بعضهم بعضاً، مثل ثربانتس وشكسبير اللذين يعودان إلى القرنين الـ16 والـ17، في حين يعود ماركيز ومحفوظ مثلاً للقرن الـ20 بل الـ21.

محفوظ وماركيز مع عمليهما الشهيرين (منسق المعرض)

وحسب المركز الثقافي الإسباني، فإن المعرض الذي حمل عنوان «رسم الأدب: الكُتّاب والكاريكاتير»، نُظّم بالتعاون مع اتحاد منظمات رسامي الكاريكاتير (فيكو مصر)، ومعهد كيبيدو لفنون الفكاهة في جامعة الكالا في إسبانيا.

ويُعدّ هذا المعرض أول معرضٍ للكاريكاتير يستضيفه المركز الثقافي الإسباني في القاهرة، وفق مرسي، الذي أكّد أنه ستكون هناك أنشطة أخرى مماثلة في المركز خلال الفترة المقبلة، كما أن متحف الكاريكاتير المصري ومنصة «إيجبيت كارتون» في صدد تنظيم معرض بالمركز الثقافي الهندي عن طاغور ونجيب محفوظ.


مقالات ذات صلة

موهبة فيكتور هوغو في الرسم التي لا يعرفها الكثيرون

يوميات الشرق تقف إحدى العاملات مع العمل الفني «الفطر (1850)» (إ.ب.أ)

موهبة فيكتور هوغو في الرسم التي لا يعرفها الكثيرون

اشتهر الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو بتأليف روايتين هما «أحدب نوتردام» و«البؤساء»، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أعماله رساماً، والتي أصبحت الآن محور معرض جديد في…

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق لوحة تُعبِّر عن الحضارة المصرية القديمة في معرض «البدايات» (الشرق الأوسط)

«البدايات»... معرض «بانورامي» لإبداعات 5 أجيال مصرية

مراحل مختلفة مرَّ بها فنانون من 5 أجيال مصرية، بعضهم احترف الرسم والتصوير وآخرون تخصَّصوا في النحت أو الحفر.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدارس فنّية واتجاهات مختلفة تُعبِّر عن  المرأة (الشرق الأوسط)

«سرّ الحياة» يحتفي بصلابة المرأة العربية وحضورها الطاغي

تضمَّن المعرض عشرات الأعمال التي تحتفي بصلابة المرأة العربية ومسيرتها وإنجازاتها، وحضورها الطاغي عبر التاريخ والواقع المعاصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة شهد الأسبوع ثلاث بدايات: «دريز فان نوتن» و«جيڤنشي» و«توم فورد»

أسابيع الموضة العالمية لخريف وشتاء 2026 تنتهي في باريس ببدايات جديدة

بدايات جديدة في «جيڤنشي» و«دريز فان نوتن» و«توم فورد» تُوقظ الأمل بولادة عهد جديد

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق مازن معضّم خلال افتتاح المعرض بمدينته صيدا (فيسبوك)

مازن معضّم لـ«الشرق الأوسط»: مدينتي صيدا لا تُشبه غيرها في الشهر الفضيل

في برنامج «ليالي رمضان» نشاطاتٌ متعدّدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشهر الفضيل؛ فتُقام العروض المسرحية الخاصة بالأطفال، تحضُر فيها شخصيات علاء الدين والفوانيس.

فيفيان حداد (بيروت)

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
TT

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

يخوض المسلسل المصري «قهوة المحطة» تجربة جديدة في عالم الجريمة والغموض؛ إذ تنطلق أحداثه من خلال الشاب «مؤمن الصاوي» (يقدم شخصيته الفنان أحمد غزي) الذي نزح من الصعيد إلى القاهرة بحثاً عن حلم النجومية، لكنه يواجه سلسلة من الأزمات؛ إذ يتم سرقة حقيبته التي تحوي مصوغات والدته الذهبية فور وصوله إلى محطة القطار، لتتوالى بعدها الأحداث التي تبدأ بمقتله في ظروف غامضة داخل قهوة المحطة خلال لحظة انقطاع مفاجئ للكهرباء لا يتجاوز بضع ثوانٍ، وهو ما يضع الجميع أمام لغز معقد تحاول التحقيقات كشفه، لتتكشف خلاله شخصيات المسلسل تباعاً.

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى؛ إذ الأبطال محاصرون في دوائر مأساوية تلاحقهم دون رحمة.

بيومي فؤاد أثناء كواليس تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

المسلسل الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من رمضان ضمن المسلسلات القصيرة (15 حلقة) حظي باهتمام لافت، ولا سيما أن مؤلفه الكاتب عبد الرحيم كمال بات من أهم مؤلفي الدراما المصرية خلال الـ15 عاماً الأخيرة، ومن أعماله: «الرحايا»، و«ونوس»، و«جزيرة غمام»، و«الحشاشين». كما تولى مؤخراً مسؤولية الرقابة على المصنفات الفنية.

يعتمد عمل «قهوة المحطة» على البطولة الجماعية بامتياز من خلال أبطاله: أحمد غزي، وأحمد خالد صالح، وبيومي فؤاد، وهالة صدقي، ورياض الخولي، وانتصار، وحسن أبو الروس، وفاتن سعيد، وعلاء عوض، وعلاء مرسي، وضياء عبد الخالق. وهو من إخراج إسلام خيري، ومن إنتاج «سينرجي» التي أقامت مسابقة بين المشاهدين للبحث عن القاتل بجوائز مالية.

أحمد غزي وفاتن سعيد في كواليس تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)

وأشاد مغردون على منصة «إكس» (X) بالمسلسل، وقالوا إنه يغرد خارج السرب من خلال عمق الحوار والشخصيات، وإن به غموضاً وفلسفة وروحانيات، وتأخذنا المَشاهد لعمق الحياة عبر شخصية بسيطة عادية. ووصفوه بـ«الفن الراقي» و«الإحساس العالي».

ويحمل بطل المسلسل الباحث عن فرصة ليصبح ممثلاً، كتاب «المآسي الكبرى» للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير الذي يحوي داخله مسرحياته المأساوية («هاملت»، و«ماكبث»، و«عطيل»، و«الملك لير»)، كما لو كانت إشارة رمزية إلى طبيعة القصة التي ترمز لمأساة الإنسان، في حين تأتي أغنية تتر المسلسل لتؤكد المعنى: «يا وعدي على الأيام... بتعدي بينا قوام»، والتي كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور، وهي من ألحان وغناء أحمد منيب، وقد طُرحت قبل 40 عاماً.

بيومي فؤاد ابتعد عن الكوميديا في المسلسل (الشركة المنتجة)

المقهى في المسلسل ليس مجرد مكان لتناول المشروبات، بل هو عالم قائم بذاته، تملأه الحركة، والحكايات التي لا تنتهي، حيث يلتقي المسافرون القادمون من الجنوب والشمال في رحلتهم إلى قلب العاصمة القاهرة، بحثاً عن فرصة عمل، أو لتحقيق أحلام طال انتظارها، وسط زحام الحياة. ويسلط المسلسل الضوء على تفاصيل الحياة اليومية داخل المقهى المتواضع الذي يقع بجوار محطة سكك حديد الجيزة.

يقدم أبطال العمل أداء لافتاً بإتقان اللهجة الصعيدية والتوحد مع شخصياتهم، وكأن العمل يعيد اكتشافهم. وأشاد الناقد محمود عبد الشكور بأداء الفنان أحمد غزي، مؤكداً أنه مشروع ممثل مهم، وكتب عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «لا تصدق أن هذا الشاب الصعيدي الجالس على (قهوة المحطة) قد درس إدارة الأعمال في إنجلترا، بل ملامحه مصرية وصعيدية جداً، وهو من أفضل اختيارات الممثلين في المسلسل».

ولا يكتفي عبد الرحيم كمال بصياغة حبكة بوليسية للعمل، بل يغوص في أعماق الشخصيات ليكشف عن جراحهم الداخلية؛ فنجد «المعلم رياض» (بيومي فؤاد)، صاحب المقهى، يخفي خلف قوته الظاهرية مرض السرطان الذي ينهش جسده، في حين يعاني خذلان ابنه المدمن؛ ما يجعله في مواجهة مزدوجة مع الموت وعقوق الأبناء. أما «المقدم عمر موافي» (أحمد خالد صالح) الذي يحقق في القضية، فهو نموذج آخر للمعاناة؛ إذ يحمل عبء فقدان زوجته، ويحاول التكيف مع مسؤولية تربية ابنه بمفرده، ليصبح جزءاً من شبكة الألم التي تربط شخصيات العمل ببعضها.

رياض الخولي في أحد مشاهد العمل (الشركة المنتجة)

وبحسب الناقد خالد محمود، فإن المسلسل يبدو كما لو كان «قهوة الحياة»؛ إذ يكشف في كل حلقة شخصية جديدة مرتبطة بالجريمة التي اتخذها المسلسل ذريعة يُدين بها المجتمع بأسره، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه من خلال التحقيقات تتكشف حقيقة هذه الشخصيات، ليكشف العمل عن عوالم جديدة وشخصيات مُدانة، محتفظاً بلغز الحادثة حتى النهاية.

ويلفت محمود إلى أن «المسلسل أتاح فرصة كاملة لمجموعة من الممثلين ليكشفوا عن لحظات إبداعهم الكبيرة؛ فقدم كل من بيومي فؤاد وعلاء مرسي أداء مدهشاً، كما راهن العمل على أحمد غزي في تقديم شخصية مثقفة ومركبة للشاب الباحث عن حلمه في القاهرة، والممثلة فاتن سعيد في شخصية (شروق)». وخلص إلى أن «المسلسل تم تقديمه بذكاء ولغة مختلفة عبر دراما بوليسية تعتمد على كشف وتشريح وإدانة شخصيات المجتمع خلال رحلة البحث عن المجرم».

ويشيد الناقد ببراعة الكتابة لعبد الرحيم كمال عبر سرد مغاير، والإخراج الذي استوعب الرسالة، وبرع في اختيارات الممثلين.