كشفت النتائج الحديثة لـ«الاستطلاع الوطني لجامعة ميشيغان حول صحة الشيخوخة»University of Michigan National Poll on Healthy Aging أن صحة الأسنان لدى متوسطي العمر في الولايات المتحدة تواجه الكثير من المشاكل في الوقت الراهن، ما يجعل الغموض يكتنف سلامة صحتها وكفاءة عمل تلك الأسنان مستقبلا أي في المراحل التالية من أعمارهم. ونشر التقرير في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي على الموقع الإلكتروني لجامعة ميشيغان تحت عنوان «رعاية الأسنان في منتصف العمر - احتياجات غير مُلبّاة ومستقبل غير مُؤكد».
وتحمل هذه الدراسة الاستطلاعية لدى سكان أحد أكثر دول العالم تقدماً في أنظمة الرعاية الطبية، نتائج تعكس توقعات مستوى الاهتمام بصحة الأسنان لدى عموم الناس في مناطق أخرى من العالم. كما تعرض مجموعة من التفاصيل الدقيقة حول الأنماط السائدة بين متوسطي العمر في كيفية عنايتهم بأسنانهم وصحتها، وتأثيرات تلك الأنماط على صحة أسنانهم، وتتبع أسباب ظهور تلك الأنماط في العناية بالأسنان فيما بين عموم الناس، ما يجعل وضع الحلول لبرامج رفع مستوى الاهتمام بصحة الأسنان أمراً ممكناً، وهو الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهود للتثقيف بأهمية الاهتمام بصحة الأسنان وتسهيل سُبل الوصول إلى تلقي الرعاية الصحية والطبية اللازمة للحفاظ على سلامتها وكفاءة عملها.
صحة الأسنان
ومعلوم أن المحافظة على صحة الأسنان تتطلب نوعية من الاهتمام الشخصي الذي يشمل ثلاثة عناصر، الأول: الاهتمام بالنظافة الجيدة للفم والأسنان، عبر تنظيف الأسنان بالفرشاة وتنظيف ما بين الأسنان بالخيط. والثاني: الحرص الشخصي على زيارات «الرعاية الوقائية للأسنان» Preventive Dental Care بشكل روتيني، عبر تلقي إجراء تنظيف الأسنان من قبل فني متخصص. والثالث: الحرص على زيارة طبيب الأسنان Regular Dentist Visit لإجراء الكشف الدوري عليها وإتمام القيام بإجراء المعالجات اللازمة عند وجود مشاكل فيها، وبشكل خاص المبادرة إلى زيارة طبيب الأسنان عند حصول أي مشاكل صحية تُصيب الأسنان قبل أن تتطور تلك المشاكل بدرجة شديدة.
وأشار التقرير إلى أن الباحثين سبق لهم دراسة مستوى صحة الفم والأسنان ومدى تلقي الرعاية الطبية اللازمة لها بين أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة: «إلاّ أننا لا نعلم الكثير عن مستوى صحة الفم والأسنان ومدى تلقي الرعاية الطبية اللازمة لها بين الأشخاص المتوسطين في العمر، أي بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 50 و64 سنة، وهو ما ركزت عليه الدراسة الاستطلاعية الحديثة».
وأفادت نتائج الاستطلاع بأن واحداً من بين كل ثلاثة أميركيين، ممنْ تتراوح أعمارهم بين الخمسين والرابعة والستين، يقولون إنهم يشعرون بالحرج والخجل بسبب حالة ومظهر أسنانهم. وهناك نسبة أكبر قليلاً قالت إن مشاكل الأسنان تسببت لهم في الألم، وبصعوبات متنوعة في تناول الطعام، وإن مشاكل الأسنان كانت السبب في بعض الأحيان وراء الغياب عن العمل أو المعاناة من المشاكل الصحية، وذلك في العامين الماضيين. كما أفادت النتائج أن نحو 40 في المائة ممنْ شملهم الاستطلاع لا يحصلون فعلياً على تنظيفات منتظمة للأسنان أو إجراءات رعاية وقائية أخرى كي تُمكنهم من المساعدة في منع إصابتهم بمشاكل صحية في الأسنان.
أنماط العناية
وقسّم التقرير «أنماط العناية بالأسنان» إلى ثلاثة أنماط بالرجوع إلى ما قاله المشمولون في الدراسة عن نوعية عنايتهم بأسنانهم وظروف لجوئهم إلى تلقي الرعاية الطبية للعناية بالأسنان. ولاحظ التقرير أن 60 في المائة منهم كان نمط عنايتهم بأسنانهم هو «التركيز على الوقاية» Prevention - Focused، عبر تنظيفهم لأسنانهم بانتظام وتلقيهم لتنظيف الأسنان من قبل الفني المتخصص والذهاب المباشر إلى طبيب الأسنان في حال وجود مشكلة صحية بها. وتحديداً، أفاد 99 في المائة منهم بأنهم قاموا بزيارة طبيب الأسنان، خلال العام الماضي، وبأن 96 في المائة قاموا بإجراء الرعاية الروتينية الوقائية للأسنان خلال العام الماضي.
وكان نمط 17 في المائة منهم هو «الوقاية المتقلبة» Inconsistent Prevention، أي التي يتم فيها إجراء تنظيف للأسنان من آن لآخر واللجوء إلى تلقي العناية الطبية بالأسنان عند الحاجة المُلحّة والاضطرار إلى ذلك. وتحديداً أفاد 28 في المائة منهم فقط بأنهم قاموا بإجراء الزيارة الروتينية الوقائية للأسنان خلال العام المنصرم.
بينما كان نمط 23 في المائة منهم هو إبداء العناية بأسنانهم «عند وجود المشكلة فقط» Problem - Only، أي اللجوء فقط إلى طبيب الأسنان حينما تكون ثمة مشكلة بدرجة شديدة في الأسنان، وعدم الاهتمام بحضور الزيارة الروتينية الوقائية للأسنان.
وبشيء من التدقيق لصفات الأشخاص في كل نمط من هذه الأنماط الثلاثة، تبين أن النساء وذوي الدخل المادي الجيد والمشمولين بالتأمين الطبي هم غالبية منْ كان نمط عنايتهم بأسنانهم هو «التركيز على الوقاية». بينما غالبية منْ يلجأون إلى الطبيب فقط عند وجود مشكلة شديدة في الأسنان هم من الذين دخلهم المادي متدن أو ممنْ ليس لديهم تأمين طبي يشمل الأسنان.
وبشيء من التفصيل أكثر عن تأثيرات تلك الأنماط الثلاثة على اختلاف نوعية التقييم الذاتي للرضا والسعادة بالتمتع بأسنان صحية ممتازة، أفاد غالبية منْ نمط عنايتهم بأسنانهم هو «التركيز على الوقاية» بأنهم راضون وسعداء بتمتعهم بأسنان ذات مستوى صحي ممتاز أو جيد جداً. بينما أفاد بتلك السعادة والرضا بالتمتع بأسنان صحية ممتازة 28 في المائة فقط ممنْ يتبعون نمط «الوقاية المتقلبة» و10 في المائة فقط ممنْ يتبعون نمط «عند وجود المشكلة فقط».
وتحديداً قال 65 في المائة ممنْ يتبعون نمط العناية بالأسنان «عند وجود المشكلة فقط» إنهم يشعرون بالحرج والخجل من حالة ومظهر أسنانهم، بينما لم يشعر بذلك سوى أقل من 20 في المائة ممنْ يتبعون نمط «التركيز على الوقاية» في عنايتهم بأسنانهم. وأيضاً أفاد 61 في المائة ممنْ يتبعون نمط «عند وجود المشكلة» في العناية بأسنانهم بأنهم عانوا من مشاكل مؤلمة في الأسنان أو تغيبوا عن العمل بسبب مشاكل الأسنان خلال السنتين الماضيتين، بينما لم يُعان من تلك الأمور سوى 28 في المائة ممنْ يتبعون نمط «التركيز على الوقاية».
مصاعب مالية
وأضاف التقرير أن فيما يبدو للتغطية التأمينية لمعالجة الأسنان علاقة كبيرة بهذا النقص في تلقيهم الرعاية المطلوبة للعناية بصحة الأسنان ومعالجة أمراضها. وقال التقرير: «وبشكل عام، قال 28 في المائة من المشمولين في الاستطلاع إنهم ليس لديهم تغطية تأمينية لطب الأسنان. ولكن هذه النسبة لمنْ ليس لديهم تغطية تأمينية لعلاج الأسنان، كانت أعلى بكثير، وتحديداً نحو 56 في المائة، فيما بين أولئك الذين يقولون: إنهم يلجأون فقط إلى تلقي الرعاية الطبية لمشاكل الأسنان حينما تكون المشكلة في أسنانهم خطيرة». ما قد يعني أن عدم وجود تغطية التكلفة المادية لتلقي معالجة الأسنان هو السبب الرئيسي في لجوئهم فقط إلى طبيب الأسنان عند وجود مشكلة خطيرة.
وحول الجوانب المستقبلية من ضمن أسئلة الاستطلاع، قال 51 في المائة ممن شملهم الاستطلاع إنهم ببساطة لا يعرفون كيف سيحصلون على تغطية تأمين الأسنان بعد بلوغهم سن 65 عاماً. وتوقع 13 في المائة أن أنظمة ميديكير Medicare أو ميديكيد Medicaid للتأمين الطبي الأميركية ستغطي احتياجات صحة الفم لديهم بعد بلوغهم تلك المرحلة من العمر، أي فوق سن 65 سنة. وهو ما عقّب عليه التقرير بالقول: «لا يغطي برنامج ميديكير التقليدي الرعاية الروتينية للأسنان، وغالبا ما تكون التغطية الطبية لطب الأسنان في ميديكيد محدودة». ومعلوم أن برنامج «ميديكيد» في الولايات المتحدة هو برنامج الرعاية الصحية الاجتماعية للأسر والأفراد ذوي الموارد المحدودة، وهو يختلف عن برنامج «ميديكير» للتأمين الطبي المدفوع في برنامج التأمين الاجتماعي الوطني الذي يشتمل على نحو 50 شركة تأمين خاصة.
* استشارية في الباطنية
خطوات بسيطة للعناية بالأسنان
> يمثل كل من «تسويس الأسنان» و«التهابات اللثة» غالبية المشاكل الصحية التي قد تُصيب الفم لدى البالغين وكبار السن، ويُمثل كل من «إهمال الاهتمام بنظافة الأسنان» و«المعاناة من جفاف الفم» العوامل الأهم في نشوء المشكلتين تلك.
وتذكر نشرات المعهد القومي الأميركي لبحوث الأسنان والجمجمة والوجهNational Institute of Dental and Craniofacial Research، التابعة للمؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة NIH، أن تسويس الأسنان لا يُصيب الأطفال فقط، بل يُمكن أن يحصل في أي مرحلة عُمْرية. وينشأ تسويس الأسنان بتكون طبقة لزجة من البكتيريا المتراكمة على السن، وهي التي تُسمى لوحة «البلاك»، وهذه البكتيريا تنتج كمية من الأحماض التي تتلف الطبقة الخارجية للسن ثم تتغلل فيه مكونة تجويف تسويس السن. ومن الممكن أن ينشأ التسويس في الأسنان الحاوية على حشوات، كما أن انحسار طبقة اللثة عن تغطية الجوانب السفلية من السن يُسهّل نشوء التسويس فيه.
وللوقاية من كل هذه المشاكل:
- استخدم معجون أسنان يحتوي على الفلوريد، الذي يمكنه أن يمنع تسويس الأسنان وأيضا يزيل التسويس في مراحله المبكرة. تأكد من تنظيف أسنانك مرتين يوميا. وهذا يساعد على إزالة طبقة البكتيريا التي تتراكم على الأسنان. كما أن شرب الماء المعزز بالفلور يساعد أيضا على منع تسوس الأسنان لدى البالغين.
- استخدام الخيط بانتظام لإزالة طبقة البكتيريا فيما بين الأسنان.
ويبقى الحرص على مراجعة طبيب الأسنان لإجراء الفحوصات الروتينية وإجراء التنظيف الوقائي لها هو الأساس في متابعة نتائج التنظيف اليومي للأسنان ومعالجة أي مشاكل صحية قد تنشأ فيها أو في بقية أجزاء اللثة.