«الإخوان المسلمون» استغلوا أموال الحكومة النمساوية لنشر التطرف

تقرير حكومي تنفرد به الشقيقة «المجلة» يحذر من نشاط الجماعة على أراضيها

عناصر من الشرطة النمساوية في فيينا (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة النمساوية في فيينا (أ.ف.ب)
TT
20

«الإخوان المسلمون» استغلوا أموال الحكومة النمساوية لنشر التطرف

عناصر من الشرطة النمساوية في فيينا (أ.ف.ب)
عناصر من الشرطة النمساوية في فيينا (أ.ف.ب)

يوثق التقرير، الذي كلفت به وزارة الخارجية والمؤسسة الاستخباراتية، وانفردت الشقيقة «المجلة» بالحصول عليه استغلال أموال الحكومة النمساوية ومدارسها، ونشر التطرف في الجاليات الإسلامية المحلية، واستخدام الأراضي النمساوية كقاعدة انطلاق لنشاط «الإخوان» في الدول العربية.
في الأعوام الأخيرة، بدأ كثير من الحكومات الأوروبية مراجعة سياساتها تجاه جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات إسلامية أخرى. بدأ هذا التوجه في عام 2014 عندما أصدرت الحكومة البريطانية أوامرها بإعادة النظر في شأن الجماعة ووجودها في بريطانيا وكيف يجب أن تتعامل معها السياسة الرسمية. لم تتطور العملية، كما كان يرجو بعض معارضي الإخوان، إلى إعلان الجماعة منظمة إرهابية. بيد أنها وصلت إلى اتهام مُوجِع لآيديولوجيا جماعة الإخوان وأهدافها. وتوصل التقرير إلى أن الجماعة «استخدمت على نحو انتقائي العنف وفي بعض الأحيان الإرهاب سعياً وراء أهدافها المؤسسية»، وحذر من أسلوبها في الحديث السياسي الخادع، وأوصى الحكومة البريطانية بالحذر من التعامل مع التابعين لـ«الإخوان» باعتبارهم شركاء.
بدأت نتائج مشابهة في الظهور في مناطق أخرى من القارة الأوروبية. وفي مارس (آذار) الماضي، نشرت الوكالة السويدية للطوارئ والدفاع المدني التابعة للحكومة السويدية تقريراً مثيراً للجدل عن «الإخوان»، الذي كشف عن أن الجماعة كانت تنشئ «مجتمعاً موازياً» في البلاد، في مخالفة للقيم السويدية.
ينبع القلق الأكبر الذي تثيره هذه التقارير وغيرها من أنه لم يتم التسامح مع الإخوان فحسب، بل تم أيضاً منحهم شرعية وتمكيناً في أوروبا. فقد حصلت المنظمات التي أسسها ويديرها نشطاء «الإخوان» مكانة مميزة بصفتها ممثلة عن الجاليات المسلمة في الدول المعنية. ووصلوا إلى السيطرة على بعض أكبر المساجد والمدارس الإسلامية، ونظموا عملية إعادة تسكين اللاجئين، ودربوا أئمة شباباً على ممارسة العمل الدعوي باللغات المحلية. وإذا كانت الأموال الأجنبية قد ساعدت في نشاطهم، فإن سذاجة الحكومات الأوروبية سمحت بذلك.
آخر دولة ظهرت فيها المخاوف المتزايدة بشأن الجماعة إلى العلن هي النمسا. ولطالما كانت الدولة ساحة لاختمار نشاط الجماعة، ويرجع ذلك إلى وصول يوسف ندا، أحد أبرز نشطاء «الإخوان» في الخارج، قبل خمسين عاماً إلى مدينة غراتس النمساوية. ومنذ ذلك الحين، استقر أعضاء بارزون في الأذرع المصرية والسورية والفلسطينية للجماعة في النمسا أيضاً، حيث عاشوا بلا معوقات واستمتعوا بقاعدة مريحة للعمل.
يصدر التقرير المكون من 60 صفحة هذا الأسبوع - أسبوع الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) - عن وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات النمساوية، بدعم من صندوق التكامل النمساوي والمكتب الفيدرالي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب. وتم تنفيذه بالتعاون مع معهد دراسات الشرق الأدنى بجامعة فيينا، وكتبه الدكتور لورينزو فيدينو، الخبير الإيطالي - الأميركي في شؤون جماعة الإخوان، الذي كان مستشاراً في تقرير الحكومة البريطانية الذي صدر عام 2014، ويسهِم بكتابات دورية في «المجلة».
يؤيد التقرير وجهة النظر التي تفيد بأن تمكين المنظمات التابعة للإخوان المسلمين في القارة الأوروبية لم يقدم للجماعة أرصدة وإمكانيات جديدة للسعي وراء مطامعها في الأراضي العربية فحسب، بل أضر أيضاً بأوروبا بتقويض دمج المسلمين في المجتمع العام. ومن بين النتائج الأخرى، وضَّح التقرير الفارق بين نوعين من أعضاء الجماعة فيما يتعلق باستخدامهم للأراضي النمساوية. بالنسبة لبعضهم، تعد النمسا في الأساس «بيتاً آمناً» ونقطة انطلاق إلى بلدانهم الأصلية. ومثال على ذلك أيمن علي، الذي عمل لعدة أعوام كبير أئمة في غراتس، ثم عاد إلى موطنه في مصر ليتولى منصب كبير مستشاري الرئيس مرسي. وبالنسبة لآخرين، أصبح تحويل الثقافة الدينية - السياسية في النمسا هدفاً في حد ذاته.
ووصل البعض إلى مناصب متحدثين رسميين بين الحكومة النمساوية ومواطنيها المسلمين. لقد أفسد معلمو المدارس التابعون لـ«الإخوان»، الذين يحصلون على رواتب من الحكومة النمساوية، عقول الأطفال - والآن النقاش العام - بخطاب شوفيني.
يتماشى تقييم فيدينو مع رأي بارز تتبناه كوادر الاستخبارات النمساوية، الذي لخصته وثيقة محكمة في العام الماضي كانت تطالب بترحيل أيمن علي: «يذكرنا النظام السياسي المأمول (لدى الإخوان المسلمين) بنظام شمولي، لا يضمن سيادة الشعب ولا مبادئ الحرية والمساواة... ولا يتفق مثل هذا الموقف الجوهري مع الأعراف القانونية والاجتماعية في جمهورية النمسا».
يتبنى كلّ من المؤسسات الأمنية والسياسيين في أوروبا، على نحو متزايد، مثل تلك النتائج. وفي دول مثل بريطانيا، حيث تم اتخاذ خطوات ضد الإخوان، يعارض التابعون للجماعة وحلفاؤهم ذلك بقوة. ولكن يقدم التقرير الصادر هذا الأسبوع في النمسا إشارة أخرى إلى أن التيار قد ينقلب ضد الجماعة داخل القارة.


مقالات ذات صلة

مقتل 13 من عناصر الجيش النيجري

أفريقيا عناصر من الجيش النيجري (أرشيفية - متداولة)

مقتل 13 من عناصر الجيش النيجري

قُتل 13 من عناصر الجيش النيجري وأُصيب ما لا يقل عن 7 آخرين في هجومين منفصلين بالمناطق الحدودية للنيجر.

«الشرق الأوسط» (نيامي )
أفريقيا سيارة إطفاء تمر عبر حطام المباني في موقع انفجار بالقرب من القصر الرئاسي المعروف أيضًا باسم فيلا الصومال في منطقة حمر جاجاب بمقديشو - 18 مارس 2025 (رويترز)

الاستخبارات الصومالية: مقتل 82 عنصراً من «حركة الشباب» في غارات جوية

أعلنت وكالة الاستخبارات والأمن الوطني الصومالية، صباح (الجمعة)، مقتل 82 عنصراً من «حركة الشباب» المتمردة، منهم قياديون في غارات جوية نفذتها الوكالة

«الشرق الأوسط» (مقديشيو)
آسيا يقف مسؤولو الأمن الباكستانيون على أهبة الاستعداد أثناء زيارة الرئيس آصف زرداري إلى كويتا عاصمة إقليم بلوشستان المضطرب... باكستان 19 مارس 2025. شهدت بلوشستان تصاعداً في العنف المسلح في السنوات الأخيرة (إ.ب.أ)

باكستان: تقمص الهند دور الضحية لا يمكن أن يخفي تورطها في إثارة الإرهاب

أكدت إسلام آباد، الخميس، أن رواية الهند الوهمية عن سردية الضحية لا يمكن أن تخفي تورطها في إثارة الإرهاب على الأراضي الباكستانية

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد - كويتا)
الولايات المتحدة​ في هذه الصورة المنشورة من وزارة الخارجية القطرية يظهر جورج غليزمان (وسط الصورة) مع آدم بولر (الثاني من اليسار) وزلماي خليل زاد (الثاني من اليمين) ودبلوماسيين قطريين في كابل... الخميس 20 مارس 2025 قبل مغادرتهم إلى الدوحة (أ.ب)

أميركي أفرجت عنه «طالبان» سيعود إلى بلاده

قال مصدر إن حركة «طالبان» الأفغانية أفرجت، عن مواطن أميركي كان محتجزاً الأكثر من عامين، وذلك عقب محادثات بين المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بولر، و«طالبان».

«الشرق الأوسط» (الدوحة - كابل )
آسيا في هذه الصورة المنشورة من وزارة الخارجية القطرية يظهر جورج غليزمان (وسط الصورة) مع آدم بوهلر (الثاني من اليسار) وزلماي خليل زاد (الثاني من اليمين) ودبلوماسيين قطريين في كابل بأفغانستان الخميس 20 مارس 2025 قبل مغادرتهم إلى الدوحة (أ.ب)

«طالبان أفغانستان» تفرج عن أميركي بعد عامين من الاحتجاز

أفرجت أفغانستان عن المواطن الأميركي جورج غليزمان بعد احتجازه لعامين وهو في طريقه إلى قطر، بحسب ما أفاد مصدر مطلع على عملية الإفراج، الخميس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الدوحة - كابل)

الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

صاروخ حيتس 3 «أرو - 3» إسرائيلي الصنع (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
صاروخ حيتس 3 «أرو - 3» إسرائيلي الصنع (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
TT
20

الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

صاروخ حيتس 3 «أرو - 3» إسرائيلي الصنع (وزارة الدفاع الإسرائيلية)
صاروخ حيتس 3 «أرو - 3» إسرائيلي الصنع (وزارة الدفاع الإسرائيلية)

قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، مساء الجمعة، بعدما انطلقت صافرات الإنذار في القدس ومناطق في وسط إسرائيل.

وأوضح الجيش، في بيان: «بعد انطلاق صافرات الإنذار قبل فترة قصيرة في عدد من مناطق إسرائيل، اعترض سلاح الجو صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله الأراضي الإسرائيلية»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وهدد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطاب، مساء الثلاثاء، بالتصعيد إلى أعلى مستوياته ضد أميركا وإسرائيل تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة.

وكان ترمب أمر، السبت الماضي، بإطلاق حملة ضد الحوثيين، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» لإرغامهم على وقف تهديد الملاحة، بعد أن هددت الجماعة باستئناف الهجمات على خلفية منع إسرائيل المساعدات عن غزة، وذلك قبل أن يعود نتنياهو للحرب مجدداً على القطاع.

وحمّل الرئيس الأميركي إيران المسؤولية عن هجمات الحوثيين البحرية ضد السفن والأصول الأميركية في البحر الأحمر، في حين قالت وزارة دفاعه إن العمليات لن تتوقف حتى يتوقف الحوثيون عن هجماتهم.

وتوعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحوثيين بالقول إنه سيقضي عليهم، وكتب على منصته «تروث سوشيال»، الأربعاء، أن «أضراراً كبيرة لحقت بالهمجيين الحوثيين وراقبوا كيف سيتدهور الوضع تدريجياً. هذه ليست معركة عادلة ولن تكون أبداً على هذا النحو. سيتم القضاء عليهم تماماً».

وبثت القيادة المركزية الأميركية مشاهد لطائراتها في أثناء تدمير المسيّرات الحوثية، كانت واشنطن أكدت أن حملتها ضد الجماعة ستستمر أياماً وحتى أسابيع بهدف إرغام الجماعة على وقف هجماتها ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وغداة إطلاق الجماعة، الأربعاء، صاروخاً باليستياً فرط صوتي باتجاه إسرائيل، اعترفت وسائل إعلامها بتلقي العديد من الغارات في صعدة استهدفت مواقع في مديرية الصفراء بعد يوم من استهداف مواقع في مديرية مجز.