محمود محمد الناكوع

محمود محمد الناكوع

الليبيون وخيار الوفاق السياسي

بعد نحو أربعة عشر شهرا من التحاور والجدل والاجتماعات من غدامس الليبية إلى جنيف السويسرية الأوروبية الى الصخيرات المغربية، تم التوصل الى توافق برعاية دولية على تشكيل حكومة وحدة وطنية، والتوافق لا يعنى الاجماع، لأنه يستحيل أن تجمع كل القوى والتيارات السياسية والعسكرية على وثيقة واحدة خاصة، بعد أن فشلت لجنة الستين المنتخبة في انجاز مسودة الدستور، حيث أن أمضت قرابة العامين، وخيار الوفاق الذي يمكن تحقيقه هو وفاق أغلبية القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة، والقادرة على تقديم خطاب معقول يعبر عن ضرورات المرحلة ويتجاوب معه أكثرية الشعب.

الحاجة إلى حكومة أزمة في ليبيا

ليبيا التي ظلت دولة موحدة منذ الاستقلال عام 1951، صارت مهددة الآن بالدخول في نزاعات عبثية بفعل مجموعات صغيرة ملكت السلاح والمال، تحركها دوافع انتهازية ومصلحية قصيرة النظر، وإلى جانب هذه المجموعات هناك تنظيمات شديدة التطرف، تسعى إلى السيطرة على مواقع استراتيجية، بعض تلك المواقع في المدن كما هو الحال في سرت وما حولها، وبعضها الآخر في مصادر النفط إنتاجًا وتصديرًا، بينما لا توجد حتى الآن قوات رسمية لا من الجيش ولا من الشرطة لمواجهة تلك الأخطار، التي تتسع من دون وعي حقيقي من أطراف الصراع، أو بتجاهل متعمد منها وبما ستؤدي إليه تلك الأخطار من مضاعفات على جميع المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية. ل

مفاوضات الصخيرات آمال وتحديات

يبدو أن المجتمع الدولي قد أدرك أخيرا الخطأ الذي وقعت فيه دول التحالف بعد سقوط سلطة العقيد القذافي في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وهو خطأ الانسحاب السريع ودون تأمين الوضع الجديد، ودون وضع خطة لنزع سلاح المجموعات المسلحة التي تحولت إلى قوة معرقلة لبناء مؤسسات الدولة.

الليبيون وفرصة حوار جنيف

كلما أشارك في حفل أو لقاء بلندن يعبر لي دبلوماسيون وسياسيون وإعلاميون ورجال أعمال عن استغرابهم ودهشتهم لما يجري في ليبيا من صراعات واقتتال، ويقولون إن ليبيا بلد يتميز بنسيج اجتماعي وثقافي يتصف بالانسجام بشكل كبير، وهو بلد غني بثرواته الطبيعية المتنوعة، كما أنه قليل السكان، ويمكن أن يصبح بهذه الخصائص من أكثر بلدان المنطقة استقرارا وتقدما، ويمكن أن يسهم في الاستقرار الأمني والسياسي بكل دول الجوار.

المجتمع الدولي وأهمية ترسيخ الشرعية في ليبيا

عرفت ليبيا في 7 - 7 - 2012 أول انتخابات تشريعية نزيهة باعتراف هيئات دولية وإقليمية، وشارك فيها الليبيون رجالا ونساء بحماسة كبيرة وبنسبة جيدة، ونتج عنها «المؤتمر الوطني العام» الذي كشف أثناء الممارسة عن ضعف في الأداء من جميع الوجوه، وكشف أيضا عن فقر مدقع في الثقافة الديمقراطية وما تتطلبه من سعة في الأفق، واستعداد لقبول التنوع وقبول الرأي الآخر، وقد يمكن إرجاع بعض أسباب ذلك إلى تركة مرحلة السلطة الاستبدادية الهالكة التي استمرت أكثر من أربعين عاما.

الليبيون هم من صنع الثورة

ثورة الشعب الليبي التي اندلعت في فبراير (شباط) 2011 جاءت بعد تضحيات كبيرة قدمها الأفراد والجماعات منذ انقلاب سبتمبر (أيلول) 1969، وتراكمت تلك التضحيات وأنتجت معارضة واسعة سرا وعلنا لسلطة الاستبداد التي استمرت لنحو 42 عاما ومنذ مذبحة سجن أبو سليم بطرابلس، التي قتل فيها المستبدون وأجهزتهم أكثر من ألف ومائتي شاب ليبي في مجزرة جماعية، منذ تلك المذبحة عام 1996 زادت الكراهية ضد تلك السلطة الهالكة، وكثرت الجماعات المعارضة المسلحة، وعندما انطلقت أول انتفاضة عربية من تونس كان الشعب الليبي بقيادة نخبه مهيأ للانتفاض وشهدت أيام 15 و16 و17 من فبراير 2011 بدايات المظاهرات الداعية لإسقاط السلطة القائمة حينئذ

الحوار الوطني الليبي ودور الجامعة العربية

عندما انطلقت الانتفاضة في ليبيا في فبراير 2011 وتطورت إلى مواجهات عسكرية دامية بين السلطة الحاكمة وجمهور واسع من الشعب الليبي، تحركت أطراف عدة إقليمية ودولية لحماية الشعب الليبي من قسوة العنف الذي مارسته سلطة الاستبداد، وكانت الجامعة العربية هي المنظمة الإقليمية المعنية باتخاذ خطوة مهمة لدعوة المجتمع الدولي للتحرك، واتخاذ قرارات حاسمة لوقف المذابح والدماء جراء سياسات مجنونة، وفعلا أقدمت الجامعة بدعم من عدد من أعضائها إلى دعوة مجلس الأمن الدولى لاتخاذ قرارات حاسمة في صالح الشعب الليبي ودعم انتفاضته السلمية وتضافرت الأسباب إقليميا ودوليا لتؤدي إلى صدور قراري مجلس الأمن 1970 و1973 وقد تضمنا حماية

الشعب الليبي يقول كلمته: نعم للدولة

سجلت المظاهرات في ليبيا في شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) من هذا العام 2013 تطورا سياسيا مهمّا ستكون له نتائج إيجابية كبيرة في مسيرة تحقيق الحلم الثاني (بناء الدولة)، بعد أن تحقق الحلم الأول (إسقاط النظام).

الواقع السياسي الليبي.. أزمة كفاءات أم أزمة قيم؟

من المعروف لدى المؤرخين للثورات والحروب أن مرحلة ما بعد الثورات أو ما بعد الحروب تعتبر من أصعب مراحل التحول في عملية بناء الدول وما يصاحبها من تغييرات في الفكر والمجتمع بهدف الانتقال من أوضاع مضت إلى أوضاع جديدة مبشرة بوعود وآمال جميلة. وما حدث في كل الثورات يحدث الآن في ليبيا، بل إن ليبيا ربما تنفرد بواقع سياسي يفتقر إلى الكثير من مقومات وخصائص العمل السياسي العصري في قرن ثورة الاتصالات والمعلومات واختلاط المفاهيم وتزاحمها في الأذهان. لقد وقعت في ليبيا ثورة دموية بمعنى الكلمة، وشارك فيها الشعب بمجموعات تمثل كل شرائح المجتمع، بينما ظلت مجموعات تعمل عكس الثورة.

لا خيار لليبيا إلا الإنصاف و المصالحة

أثناء حرب تحرير ليبيا من حكم القهر والاستبداد وقبلها وبعدها ارتكبت جرائم عدة استهدفت أفرادا ومجموعات من الشعب الليبي رجالا ونساء وأطفالا، وخلفت تلك الجرائم جروحا عميقة في النفوس والعقول وأوجدت شروخا في البناء الاجتماعي الذي كان متماسكا حتى تغولت سلطة انقلاب سبتمبر (أيلول) الذي فتح أبواب سجون التعذيب والمحاكم الثورية وممارسة القتل ونصب أعواد المشانق التي شملت العسكريين والمدنيين ثم وقعت حرب الثمانية شهور بعد اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 وقد تركت تلك الحرب الدامية الكثير من الآلام والعداوات والخلافات أحيانا داخل الأسرة الواحدة والقبيلة الواحدة والحي الواحد وحتى بعد انتصار الثورة لصالح قوى ا