تقوم روسيا في الوقت الحالي بحشد قوات يقدَّر قوامها بما لا يقل عن 200 ألف جندي على طول حدودها مع أوكرانيا. هل الرئيس فلاديمير بوتين يختبر واشنطن ويسعى للضغط على الولايات المتحدة للتراجع عن قرار فرض عقوبات جراء إقدام روسيا على تسميم وسجن زعيم المعارضة أليكسي نافالني واختراق شركة «سولار ويندز»؟ أم أنه يستعد بالفعل مرة أخرى لغزو دولة ذات سيادة واقتطاع قسم أو قسمين آخرين من أراضيها؟
تقابلت مع ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي، للمرة الأولى حال شغله لمنصبه الأسبق كرئيس لوزراء النرويج، وكنت قائداً عاماً لقوات الحلف. وهو رجل طويل القامة، طلق المحيا، يتدفق نشاطاً وحماسة عندما تراه يتحدث بصورة غير رسمية. وهو يتطرق مباشرة إلى صلب القضية محل النقاش كمثل سفينة الفايكنغ المتقدمة في غزوة بحرية. ولقد أسعدني الحظ كثيراً بالعمل مع هذا الرجل الرائع.
ربما تكون الحيرة التي تعتريك بشأن ما يجري مع العناصر الأرضية النادرة من الأمور المفهومة بصورة ما. لكن من جهة أخرى، تشير التقارير الإخبارية الواردة إلى أنَّ الصين قد تزيد من حصص إنتاج هذه المعادن خلال الربع الفصلي الجاري كبادرة من حسن النوايا إزاء الإدارة الأميركية الجديدة.
شنَّت المقاتلات الأميركية يوم الخميس الماضي، هجوماً بالقنابل الموجهة فائقة الدقة ضد مجمع للبنية التحتية يقع عند مفترق الطرق في شرق سوريا، ذلك الذي تستخدمه الميليشيات المدعومة من إيران.
حضرت اجتماعي الأول لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (ناتو) في إسطنبول عام 2004 بصفتي المساعد العسكري الأول لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد. تُعقد الاجتماعات ثلاث مرات في السنة، وتوفر فرصة لجميع وزراء دفاع المنطقة لمناقشة القضايا الرئيسية. في ذلك الوقت، كنت نائب أدميرال من فئة ثلاث نجوم، لكنني عملت في الأساس حامل حقائب لرامسفيلد. وبعد مشاهدة الخطب الطويلة والمثيرة لبضعة أيام، فكرت وقلت لنفسي: «يا فتى أتمنى ألا أضطر أبداً إلى الخدمة الفعلية في ناتو».
وفي وقت لاحق، عندما أصبحت القائد الأعلى للحلفاء من 2009: 2013، كنت أحضر كل اجتماع وزاري.
خلال السنوات الأربع التي توليت خلالها قيادة جهود الحرب داخل أفغانستان بوصفي القائد الأعلى لقوات التحالف داخل «الناتو»، كنت محظوظاً بأن يعمل معي أربعة جنرالات بارعين بوصفهم قادة قوة الأمن الدولية المتمركزة داخل أفغانستان.
وجاء أداء الجنرالات الأربعة: ستانلي مكريستال، وديف بترايوس، وجون ألين (زميل دراسو من أنابوليس)، وجو دنفورد، رائعاً خلال فترة تكليفهم العمل في كابل التي استمرت عاماً.
كنت في زيارة للمملكة العربية السعودية في سبتمبر (أيلول) 2019 عندما هاجمت طائرات من دون طيار، يكاد يكون في حكم المؤكد أن المحرض وراءها إيران، منشآت نفطية سعودية كبرى وأصابتها. ومن شرفة غرفتي في الفندق، كان باستطاعتي مشاهدة ألسنة الدخان وهي تتصاعد من على مسافة بعيدة. وتحدثت حول هذا الأمر مع السفير الأميركي آنذاك، الجنرال المتقاعد جون أبي زيد، واتفقنا في الرأي حول أن السعوديين يواجهون تهديداً وجودياً من جانب طهران.
اليوم، لم يتبدل شيء في الأمر.
فقدنا، في خضمّ الاضطرابات التي اندلعت، إثر حالة التمرد في مبنى «الكابيتول»، يوم السادس من يناير (كانون الثاني) الحالي، والإثارة العارمة التي واكبت مراسم تنصيب جوزيف بايدن في مستهلّ رئاسته للبلاد، كمّاً هائلاً من التداعيات المستمرة لكارثة الاختراق السيبراني المريعة لبيانات شركة «سولارويندز» الأميركية على أيدي حفنة من القراصنة الروس المشتبَه بهم. ومع استقرار الفريق الرئاسي الأميركي الجديد في مناصبهم؛ فما الذي يمكنهم فعله من أجل المحافظة على الأمة الأميركية آمنة في الفضاء السيبراني؟
لنبدأ بعرض الحجم الحقيقي للاختراق.
كنت في مبنى وزارة الدفاع الأميركية صبيحة الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) لعام 2001، وكنت عميداً بحرياً حديث الترقي، وأعمل في مكتبي الواقع إلى جانب المبنى الذي اصطدمت به الطائرة المخطوفة بواسطة عناصر تنظيم «القاعدة». وفي اليوم التالي، وصل الرئيس جورج دبليو بوش إلى وزارة الدفاع، وقام باستدعاء كبار قادة الجيش بالزي الرسمي. وكان مبنى الوزارة آنذاك غارقاً في روائح النيران ووقود الطائرات المحترق.
جاء إعلان إيران تخصيب اليورانيوم لديها إلى مستوى 20 في المائة، ما يزيد بكثير على حد 4 في المائة المحدد في الاتفاقية النووية لعام 2015، بمثابة رسالة تحذير واضحة قبل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن. وأعقب الإيرانيون ذلك الإعلان، مؤخراً بخطف ناقلة نفط كورية جنوبية في الخليج، بزعم أنها تنتهك المعايير البيئية - اتهام ينطوي على قدر كبير من النفاق كونه صادراً عن دولة زرعت ألغاماً في مضيق هرمز.
من جانبها، نشرت الولايات المتحدة في وقت قريب قاذفات بعيدة المدى مزودة بصواريخ كروز في منطقة الخليج، بجانب وجود حاملة الطائرات «نيميتز» (بعد إعلان موجز ومثير للحيرة بأنها ستبحر عائدة إلى الوطن).