كاتب وصحافي لبناني لديه عدد من المؤلفات؛ منها: «الفتوحات العربية في روايات المغلوبين»، إضافة إلى ترجمات ومساهمات في دوريات عربية مختلفة. انضم إلى كتّاب «الشرق الأوسط» في عام 2018.
الإضرابات التي تشهدها بريطانيا منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تذكر بأجواء منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا وأميركا الشمالية. ذاك أن الحل الذي تروّج له حكومات المحافظين للخروج من الركود والتضخم اللذين أعقبا وباء «كوفيد - 19» يتطلب «زيادة الإنتاجية» على ما أبلغ وزير الصحة ستيف باركلي، ممثلي النقابات الذين التقاهم.
موقف الوزير البريطاني استعادة باهرة لطريقة في التفكير (والعمل) لا تقيم وزناً حقيقياً لقوى الإنتاج وتلح في الوقت ذاته على إبقاء شبكة أمان للمجتمع لمنع انهياره.
لن يُلقي أحد قنبلة ذرية على أفغانستان رداً على تحدي وزير التعليم العالي في حكومة «طالبان» محمد نديم المتمسك بحظر الحركة تعليم النساء. الأرجح، أن الأفغانيات سيواجهن وحيدات إصرار النظام في حربه على المجتمع.
عدم الالتزام بالحجاب والمجيء إلى الجامعات من دون محرم، هما الذريعتان اللتان قدمهما محمد نديم لتبرير قرار سلطة الأمر الواقع في كابل.
تغلب صورة الرعاع المسلحين على مقاتلي الحرب الأهلية اللبنانية. وانتقلت كلمة «ميليشيات» من التداول العام إلى مجالات الصحافة والبحث الاجتماعي التي تناولت المحاربين في صفوف التنظيمات الحزبية المختلفة. وتنطوي الكلمة على معنى تحقيري يضع حاملها في خانة أقرب إلى الإجرام والعداء لكل أشكال الالتزام بالقانون واحترامه مقابل انتهاك حقوق المدنيين وكراماتهم.
الصورة تلك سادت في القسم الأخير من الحرب الأهلية خصوصاً بعد سيطرة الميليشيات على العاصمة بيروت وانحسار العمليات العسكرية الواسعة. بيد أن الأمر لم يكن كله كذلك. فثمة أرستقراطية عسكرية أهلية أنتجتها الحرب.
ساعات من التوتر أعقبت ما قيل أنه سقوط صاروخ روسي داخل بولندا قبل التعرف إلى مصدره الحقيقي، في حادث يشبه ظروف العديد من أحداث ملتبسة في الحرب الروسية على أوكرانيا والتي تحمل على التفكير في إمكان اتخاذ أحداث مشابهة أبعاداً مأساوية في ظل غموض يلف ما يدور في الكرملين والتساؤلات عن معنى الأصوات المنتقدة لطريقة إدارة الحرب.
والأسئلة التي رافقت انفجار الصاروخ على أراضي دولة في حلف «الناتو» من النوع المألوف في التعامل مع روسيا: هل كان رسالة مقصودة وتحذيراً من توسيع الحرب بعد هزيمة خيرسون؟ أم أنه انحرف صدفة عن مساره لعلة تقنية أو لقلة في كفاءة الضابط المشغل له؟
انتهى عهد ميشال عون وتياره وصهره في رئاسة الجمهورية اللبنانية. الصفات التي أُطلقت على السنوات الست التي حكم فيها عون، تتوزع على فئتين رئيسيتين: التبخيس والشيطنة، وصولاً إلى تحميله والحاشية التي أحاطت به مسؤولية الكوارث غير المسبوقة التي شهدها لبنان، مقابل التبرير والتهرب من مسؤولية الفشل، وإلقائها على عاتق «منظومة» من السياسيين الفاسدين الذين يضمون كل مَن تعاطى في الشأن العام، باستثناء وزراء ونواب وممثلي «التيار الوطني الحر».
لم يتصرف ميشال عون، منذ وصوله إلى سدة الحكم في 2016، وانتهاءً بخطابه الوداعي الهزيل في الثلاثين من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كرئيس لكل اللبنانيين.
لنتصارح. كثرة منا، نحن العرب والمسلمين وعلى تعدد انتماءاتنا بين ليبرالية ومحافظة، ممانعة ومعتدلة، متدينة وعلمانية، لا ترتاح إلى احتجاجات الإيرانيات ومظاهراتهن ضد السلطة القائمة. بل تنظر إليها ببعض الحرج إن لم يكن بالشك والريبة.
غني عن البيان أن الكثرة هذه لا تقرّ بما ذهب إليه مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي من وجود مؤامرة غربية دفعت «ببعض الخونة إلى ارتكاب أعمال شغب» ولا ترى خيوطاً خارجية تحرك نزول مئات آلاف الإيرانيات إلى الشوارع وخلعهن الحجاب وتحديهن لأجهزة الأمن وممثلي النظام.
انتهت مراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية وعاد العالم إلى متابعة معضلاته. الحرب في أوكرانيا تزداد تعقيداً والسلام فيها بعيد المنال وترتفع أمامه كل يوم عوائق جديدة.
الاستفتاءات التي دعت إليها الإدارات الموالية للكرملين في أربع مناطق تحتلها القوات الروسية في أوكرانيا، تعلن أن التراجع في خاركيف لم يكن كافياً ليقلب مسار الحرب كما توقع عدد من المراقبين. بل إن الفكرة التي انتشرت منذ الأيام الأولى للقتال في فبراير (شباط) الماضي عن أن روسيا لا يمكن أن تتحمل فشلاً كاملاً لحملتها في أوكرانيا، مهما كان الثمن، ثبت صوابها. وهو صواب مشؤوم وكارثي.
طبيعة النظام في روسيا أنه لا يقبل الحلول الوسط.
صار مستهلكاً التساؤل الذي يعقب الغارات الإسرائيلية الأسبوعية على الأراضي السورية: لماذا يمتنع النظام السوري عن الرد؟
والحال أنه لا يكاد يمرّ أسبوع من دون أن تقصف الطائرات الإسرائيلية مواقع مختلفة أكثرها يشغله «الحرس الثوري» الإيراني أو الميليشيات اللبنانية والعراقية العاملة في إمرته. تتسع خريطة القصف لتصل إلى حلب ومطارها شمالاً والمناطق المتاخمة لمرتفعات الجولان المحتلة جنوباً. وتستخدم إسرائيل ترسانة متنوعة من الصواريخ بعيدة المدى والدقيقة و«الذكية» وغير ذك من المصطلحات، بحيث تبقى الطائرات المهاجمة بعيدة في الأجواء اللبنانية أو فوق البحر في غالب الأحيان.