ديفيد ليونهارت

ديفيد ليونهارت

شهقة كيسنجر ومعركة الوحل

بينما يراقب العالم جولات الملاكمة داخل حلبة مغطاة بالوحل بين الرئيس الأميركي ترمب ومنافسه الديمقراطي بايدن، أطلق وزير الخارجية الأميركي الشهير هنري كيسنجر صيحة نحو اتجاه آخر مختلف، وهو الصراع العالمي القادم بين الولايات المتحدة والصين. هذه ليست المرة الأولى التي يطلق هذا المنظر السياسي الخبير هذه الشهقة، وعلينا أن نكون أكثر اهتماماً، لأنه يكررها مراراً من وقت طويل وهذه المرة يعيدها وهو بعمر 97 كطلقة تحذيرية أخيرة. يقول كيسنجر إننا متجهون إلى حرب عالمية ثالثة، إذا لم يصل زعماء القوتين العظميين إلى اتفاق على قواعد جديدة تنقذنا من هذا المصير الحتمي.

حرب النبلاء

لقد تحوّل مصطلح «الحرب على الإرهاب والتطرف» إلى بضاعة رخيصة الثمن تُستخدم لأغراض دعائية. لقد تكررت على مسامعنا لعقود، ولكن النتائج مخيبة على أرض الواقع. فقد زادت أفكار التطرّف العنيفة حدة وظهرت تنظيمات إرهابية أكثر بطشاً ودموية. هناك صراع في منطقة الشرق الأوسط بين خطابين مدعومين من دول وقوى سياسية تحمل رؤى وأهدافاً مختلفة جذرياً لمستقبل المنطقة. الخطاب الدعائي الذي يقدّم نفسه بصورة المحارب للتطرف، بينما ينتهج سياسات تتعارض مع مبادئه المعلنة، وخطاب آخر يدعو لترسيخ مفاهيم التسامح والتعايش على الأرض بصورة راسخة ونهائية. تتبنى تركيا وحليفتها قطر الخطاب الأول.

مناظرة الألسن الممدودة

أخذ بعض المعلقين على الرئيس دونالد ترمب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن اللغة العدائية والاتهامات المتبادلة والمقاطعة المستمرة. أحد الكتاب سمّاها «مناظرة الألسن الممدودة» على طريقة الأطفال المتخاصمين لإغاظة بعضهم بعضاً. وطالبوا بنقاشات رئاسية رفيعة كما يليق بالمناسبة. ولكن هذه النقاشات الكلاسيكية انتهى زمنها، ويدرك الرجلان أننا نعيش في وقت مختلف ووسائط إعلامية مختلفة تفضل هذا النوع من الصدام الشرس السوقي. أضف إلى ذلك، أن الصراع بين ترمب وطائفة خصومه الديمقراطيين عميق ومرير.

كيف فعلها كوشنر؟

ترمب وكوشنر، شخصيتان مختلفتان بشكل كبير، لدرجة لا يبدو معها أن هناك ما يجمع بينهما. الرئيس الأميركي شخصية متفاخرة ملتهبة صاخبة وصريحة وصاحب لسان حاد. أما الصهر، خريج هارفارد، فهادئ الطباع مصقول غامض متحفظ قليل الكلام والتغريد. ومع أن ترمب تعرض لانتقادات متواصلة تتهمه بالمحسوبية وتحويل البيت الأبيض لمزار للأصهار والأحفاد وانتُقِد لتوظيف الأقرباء في وظائف حساسة، فإن قراره على الأقل فيما يتعلق بكوشنر كان صحيحاً. حتى خصوم ترمب يتجرعون المرارة ويعترفون بهذه الحقيقة الصعبة عليهم، ترمب بقيادة كوشنر قام برعاية اتفاق تاريخي ومفصلي بين الإمارات وإسرائيل.

داخل عقل جو بايدن

«بايدن متجمد في عقلية الحرب الباردة»؛ هكذا ينتقده الجناح اليساري المتشدد في الحزب الديمقراطي منافس الرئيس ترمب. ولكن هذه إيجابية تُسجّل له، وليست ضده، وهي التي تجعله مختلفاً عن رئيسه السابق، باراك أوباما. بايدن قضى 36 عاماً في الكونغرس، وتشكلت مبادئه في السياسة الخارجية خلال المواجهة مع الاتحاد السوفياتي، وينتمي لنوعية الديمقراطيين الذين ما زالوا يؤمنون بالنظام الأميركي، وأهمية التعاون مع الحلفاء لترسيخه، وهذا ما يجعل نقّاده من اليسار يتوجسون منه.

عمائم الملالي فوق أعمدة الدخان

ترددت أصداء صيحات الإيرانيين وأنصارهم المحتفلة مع خروج براين هوك المبعوث الخاص للشأن الإيراني من منصبه. علي شمخاني، الأمين العام لمجلس الأمن الإيراني، قال في تغريدة: «لقد تحول الهدف الاستراتيجي لسياسة الضغوط (الأميركية) القصوى من انهيار وتغيير النظام (في إيران) إلى الحيلولة دون أن تتحول إيران إلى دولة غنية!». لقد كان هوك شعلة نشاط متوهجة في ملاحقة نشاطات إيران التخريبية الكبيرة والصغيرة، ومدركاً بشكل مثير للإعجاب دورها كمنبع للسم في المنطقة. وقد قال عنه جاريد كوشنر إنه وضع الرؤية السياسية نحو إيران التي نقوم بتطبيقها. احتفالات الإيرانيين ليست الأولى، وفي كل مرة تتحول لسدى.

هل تُسقط الميكروبات القوى العظمى؟

توقعات سياسية غير منطقية ظهرت مع تسارع تفشي وباء «كورونا»، أكدت أن محور القوة العالمية سيتجه للشرق، وسيهجر الغرب الذي كان يعاني حينها من تزايد حالات الإصابات والوفيات. مع المشاهد القاتمة لتراكم الجثث، ونقلها في المصفّحات، اكتسبت هذه الفرضية بعض المصداقية، لكنها استمرّت لأشهر معدودة. العالم كله منهك، إلا أن تلك التوقعات كانت غير موضوعية ومتشائمة. نشهد الآن تدريجياً عودة الحياة مع تناقص عدد الوفيات، وتعافي الاقتصاد في أوروبا والولايات المتحدة مع تزايد عدد الوظائف (الاقتصاد الأميركي أضاف 4.8 مليون وظيفة في شهر يونيو «حزيران» الماضي).

رش الدم على وجه جورج واشنطن

حالة الصخب والفوضى حول هدم التماثيل في الولايات المتحدة بلغت ذروتها عندما رش معترضون الدم على تمثال جورج واشنطن. لقد كان المنظر صادماً وشبيهاً بتدنيس صورة نبي سياسي. لقد سرت قشعريرة في أجساد الوطنيين الأميركيين الذين يرون في واشنطن شخصية مقدسة سياسياً ويقع في قلب الهوية الأميركية واختلطت سيرته في عمق المشاعر القومية. لقد مثلت إهانة الشخصيات التاريخية فرصة للرئيس ترمب للمماطلة وجر قدميه لتصوير الغاضبين بأنهم حفنة من الفوضويين الماركسيين الساعين لتحويل بلاده إلى فنزويلا جائعة. إن منظرهم الهائج وهم واقعون تحت تأثير لفائف المخدر دعاية انتخابية مجانية له.

بولتون الغاضب... هل يُسقط ترمب؟

بعد تداول أنباء عن تعيين ترمب لبولتون مستشاراً للأمن القومي، دب الذعر بين مناصريه من الجمهوريين الانعزاليين. لقد خافوا أن يجر بولتون رئيسهم إلى حرب جديدة تلطخه بالدماء وتورطه، وتجعله يخسر الانتخابات.

إسقاط تشرشل وجيفرسون

يشتكي خصوم الرئيس ترمب من أنه سيصبح ديكتاتوراً ولن يخرج من البيت الأبيض إذا ما هُزِم في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. منافسه بايدن سئل مؤخراً عن احتمالية حدوث ذلك، فقال «لا تقلقوا، كبار القيادات العسكرية سيتعقبونه ويقودونه إلى الخارج». تحول رئيس أميركي في ديمقراطية عريقة إلى زعيم متمرد مغتصب للسلطة مجرد مزحة، لكنها تفهم في سياق الصراع الانتخابي وحرب البروباغندا المتبادلة بين الطرفين. بايدن النائم مقابل ترمب الديكتاتور. لكن القضية الأكثر جدية هي الظواهر الأخيرة التي أعقبت مقتل الشاب الأسود جورج فلويد.