ترتيب صفوف «الهيئة العليا» أبرز تحديات المعارضة قبل «جنيف»

العلاقة مع الفصائل وضم الوفد المشارك أهم طروحات الاجتماع القادم

نازح بانتظار الإفطار في بلدة «الشفونة» التي تتبع الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق (إ.ب.أ)
نازح بانتظار الإفطار في بلدة «الشفونة» التي تتبع الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق (إ.ب.أ)
TT

ترتيب صفوف «الهيئة العليا» أبرز تحديات المعارضة قبل «جنيف»

نازح بانتظار الإفطار في بلدة «الشفونة» التي تتبع الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق (إ.ب.أ)
نازح بانتظار الإفطار في بلدة «الشفونة» التي تتبع الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق (إ.ب.أ)

تستعد المعارضة السورية للمرحلة المقبلة من المفاوضات السورية عبر عقدها عدد من الاجتماعات وعلى جدول أعمالها ملفات عدة، أهمها، إعادة ترتيب البيت الداخلي وتذليل الخلافات التي ظهرت في الجولة الأخيرة من جنيف، إضافة إلى ما يمكن أن تحمله الفترة المقبلة من تطورات سياسية وعسكرية، وبخاصة بعد القمة الإسلامية - الأميركية التي عقدت في السعودية الأسبوع الماضي.
وفي حين من المتوقع أن يعقد اجتماع آستانة بين ممثلي الفصائل والنظام السوري أوائل شهر يونيو (حزيران) المقبل، تم تحديد يوم السادس منه موعدا لاجتماعات «الهيئة العليا التفاوضية» في الرياض، على أن ينضم إليها وفد الهيئة إلى جنيف في اليوم الثاني، تحضيرا للجولة المقبلة من جنيف التي تشير المعلومات إلى إمكانية عقدها في 15 رمضان، أي العاشر من يونيو الحالي، بحسب مصادر المعارضة.
وفيما يتعلق بـالتحضيرات لـ«جنيف» تشير مصادر عسكرية مشاركة في المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاجتماعات التي ستعقدها الهيئة والوفد الأسبوع المقبل، وإن لم يحدد جدول أعمالها بشكل رسمي لغاية الآن، غير أنها ستركز على التحضير لجولة جديدة بعد تقويم الجولة السابقة وتلافي سلبياتها وتذليل أي عقبات أو إشكالية ظهرت سابقا، وأهمها الخلافات بين الهيئة والفصائل التي علقت مشاركتها ليوم واحد في جولة جنيف الأخيرة قبل أن تعود إلى صفوف المفاوضين». من جهتها، تقول مصادر قيادية في «الهيئة» لـ«الشرق الأوسط»: إن اجتماع الرياض سيقرر الكثير من القضايا، منها تشكيل لجنة من المستشارين لمناقشة أي طروحات قد يتم تقديمها بما فيها «الآلية التشاورية» التي سبق وطرحها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وكانت المعارضة قد وضعت عليها ملاحظاتها، ووعد دي ميستورا في حينها بالأخذ بها. كذلك، سيتم تقويم عمل الهيئة والوفد المفاوض خلال المرحلة الماضية من دون أن تستبعد إمكانية تغيير بعض الأسماء المشاركة، إذا تم التوافق بالإجماع على ذلك، وبتقليص عدد الوفد من 20 إلى 15 شخصا كما كان العدد السابق.
وتنص مبادرة دي ميستورا التي كانت المعارضة قد أعلنت أنه تراجع عنها، على ضمان غياب أي فراغ دستوري أو قانوني في أي مرحلة انتقالية، وأن يترأس الآلية مكتب المبعوث الدولي مستعينا بخبراء، إضافة إلى خبراء قانونيين تسميهم الحكومة والمعارضة المشاركتان في مباحثات جنيف.
مع العلم أن الفصائل كانت قد عللت سبب تعليق مشاركتها في جنيف إلى «عدم وضوح المرجعية في المفاوضات، إضافة إلى التخبط في اتخاذ القرارات وغياب استراتيجية تفاوضية واضحة، فضلا عن اعتبارها أن العلاقة بين الهيئة العليا للمفاوضات وبين الوفد المفاوض لا تصب في مصلحة الثورة».
من هنا، أمل مصدر في الفصائل وأحد أعضاء الوفد إلى جنيف، أن تنجح الهيئة في تذليل هذه المشكلات قبل الجولة المقبلة من المفاوضات، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «نصف أعضاء الوفد الرئيسي هم من الفصائل العسكرية، وبالتالي يجب أن يكون اتخاذ القرار تشاركي بين الفصائل والهيئة ضمن محددات مؤتمر الرياض الذي يؤكد على ثوابت الثورة، إنما المشكلة تكمن في أن ممثلي الفصائل ليسوا أعضاء في الوفد، باستثناء القيادي في جيش الإسلام، محمد علوش، وبالتالي يجب توحيد المرجعية عبر ضم الفصائل الموجودة ضمن الوفد إلى الهيئة، وقد يكون ذلك عبر عقد مؤتمر رياض 2 أو مشاركتها في القرارات المتخذة»، مشيرا إلى أنه كان قد تم وضع آلية لاتخاذ القرار في جنيف لتلافي هذه المشكلة، ولكن لم يتم الالتزام بها كما يجب، ما أحدث بعض الإشكاليات في الجولات السابقة». في المقابل، يرى مصدر من «الهيئة» أن توسيع «الهيئة» بإضافة أعضاء وفد جنيف إليها، ليس أمرا سهلا، ولا سيما أن العدد الآن هو 28 شخصا.
وعلى خط مواز، يبدو أن مسار «آستانة» الذي من المتوقع أن يعقد في الثالث والرابع من الشهر الحالي، بحسب ما أشار مصدر في الفصائل مشارك في المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، يسير لغاية الآن من دون أي عوائق. وأوضح المصدر «أن ممثلي الفصائل سيبحثون الأمور الفنية المتعلقة بمناطق تخفيف التصعيد والتي يقوم الآن اختصاصيون روس ومن الفصائل بالتدقيق بها، آملين أن تؤدي إلى نتائج يمكن التعويل عليها»، وأضافت: «نتعامل بإيجابية مع الاتفاق وما قد ينتج من المفاوضات، ولا سيما بعدما وجدنا أن معظم الدول الفاعلة في الملف السوري ترى فيه إيجابيات يمكن تطويرها، ليصبح أكثر ملاءمة لقوى (الجيش الحر) وحاضنته الشعبية، وهو ما تسعى إليه الفصائل مع الضامن التركي من جهة ومع الأردن بالنسبة لمناطق الجنوب من جهة أخرى».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.