النقرس وارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال

نسب مرتفعة من حمض اليوريك تتسبب بهما

النقرس وارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

النقرس وارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال

النقرس وارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال

ربما يبدو العنوان غريباً نوعا ماً على الرغم من شهرة كلا المرضين لدى جمع كبير من الأشخاص. وبطبيعة الحال فإن وجه الغرابة يكمن في إمكانية حدوث هذين المرضين للأطفال.
والحقيقة أن المرضين على الرغم من ندرة حدوثهما في الأطفال فإنهما موجودان بالفعل. وهناك الكثير من الأطفال حول العالم يعانون من مرض النقرس Gout أو «داء الملوك» حسب التسمية القديمة والخاطئة، إذ ساد الاعتقاد قديماً بأن تناول اللحوم بكثرة يؤدي إلى ارتفاع النقرس والتسبب في آلامه، وكان الملوك هم أكثر الناس تناولاً للحوم. وهذه المعلومة صحيحة بالطبع ولكن الحقيقة أن اللحوم ليست وحدها التي تسبب النسب المرتفعة من حمض الباوليك uric acid الذي يقود إلى النقرس، بل إن البقوليات وبعض المشروبات والمأكولات زهيدة الثمن يمكن أن تسببه، وبالتالي يمكن للمرض أن يصيب الأغنياء والفقراء على حد سواء.
* حمض اليوريك
أحدث دراسة طبية نشرت في نهاية شهر مارس (آذار) من العام الجاري في المجلة الأميركية لارتفاع ضغط الدم American Journal of Hypertension، أشارت إلى أن النسب المرتفعة من حمض البوليك (اليوريك) في الطفولة ربما تؤدى لاحقاً إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم عند البلوغ. وفي بعض الأحيان يحدث هذا الارتفاع في مرحلة مبكرة جداً من الطفولة لا تتعدى السنوات الثلاث.
وقام الدارسون بمحاولة معرفة أثر نسب حمض البوليك وعلاقتها بضغط الدم. ومن المعروف أن نسب الحمض تتراوح بين الزيادة والنقصان خلال فترات العمر، ولكن النسب المرتفعة في بداية الطفولة يكون لها الأثر الأكبر حسب هذه الدراسة.
حمض الباوليك هو مركب كيميائي ناتج عن تكسير الأطعمة التي تحتوى على مواد عضوية تسمى البيورينات purines. وهذه المادة موجودة في الكثير من الأطعمة لعل أشهرها هو اللحوم الحمراء والبقوليات مثل الفول والأنشوجة والكبدة، وأي نوع آخر من اللحوم بكميات كثيرة، كما أن شوربة اللحوم تحتوى على كميات كبيرة من حمض الباوليك. وهناك أقوال حول مشروب القهوة، واحتمالات أن تزيد من نسب حدوث النقرس، إلا أن أحدث الدراسات أشارت إلى أن القهوة لا تؤثر في زيادة نسب حمض الباوليك. ولا توجد لدى الأطفال في الأغلب نسب مرتفعة من حمض البوليك.
وقام الباحثون بتجميع بيانات عن مستوى حمض البوليك لعدد 449 من الأطفال في العاصمة الكورية سيول، استخلصت من دراسات سابقة. وكانت هذه الدراسات قد خضعت للمتابعة على الأقل مرتين، وكانت البيانات خاصة بنسبة حمض البوليك وضغط الدم، وكذلك المقاييس الجسدية مثل الطول والوزن ومعدل النمو. وكانت هذه البيانات في فترة زمنية بدأت منذ أن كان الأطفال في الثالثة من العمر، ثم الخامسة، وأخيراً عند 7 أعوام.وكانت النتيجة أن الأطفال الذين كانت لديهم نسب مرتفعة من حمض البوليك في الطفولة كانت قراءات الضغط لديهم مرتفعة في عمر الـ3 سنوات، كما أن مستوى حمض البوليك الذي تم قياسه في عمر الثالثة كان له دور في التأثير على الضغط مقارنة بالجنس، ومقارنة بمؤشر كتلة الجسم body mass index، وكانت أعلى قراءة للضغط على الإطلاق في عمر السابعة خاصة القراءة الأعلى.
* دور الأم والغذاء
أوضح الباحثون أن النسب المرتفعة من حمض البوليك في هذه المرحلة المبكرة من الطفولة (عمر الثالثة) في الأغلب تكون نتيجة من النسب التي كانت موجودة في دم الأم أثناء وجود الجنين في الرحم. وأضافوا أن هذه النسب العالية في الطفولة تشكل خطراً على صحة الطفل لاحقاً، حيث إنها يمكن أن تتسبب في ارتفاع ضغط الدم. ويزداد الارتفاع كلما تقدم الطفل في العمر، وهو الأمر الذي يمهد لأن يعانى الطفل لاحقا من مرض ارتفاع ضغط الدم بمضاعفاته المتعددة، وأن هذه النسب المرتفعة يجب أن تعالج في الطفولة لتفادي الإصابة، فضلا عن الأمراض التي يسببها حمض البوليك نفسه مثل النقرس، ومرض السكري، وأيضاً الأمراض المزمنة في الكلى.
وأشارت الدراسة إلى ضرورة قياس مستوى حمض البوليك في الدم في حالة ارتفاع الضغط في الأطفال، كما أن آلام النقرس في الأطفال يمكن أن تتشابه مع التهاب المفاصل من حيث شدة الألم، وعدم القدرة على تحريك المفصل، والسخونة والاحمرار في المفصل، والألم عند لمسه. ولكن في الأغلب يكون النقرس في المفاصل الصغيرة مثل أصابع القدم أو الكاحل، ويتحسن في غضون يومين أو ثلاثة على الأكثر. ويكون العلاج على شكل أقراص تستخدم لخفض مستوى حمض البوليك في الدم في الأطفال الأكبر عمراً وبالتالي، تتحسن الأعراض، كما يمكن إعطاء المسكنات ومضادات الالتهاب لتفادي الألم.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة متابعة غذاء أولادهم، وعدم الإكثار من اللحوم الحمراء، أو اللحوم بشكل عام، وأيضاً تجنب المشروبات التي يمكن أن تحتوي على نسب عالية من حمض البوليك، مثل المشروبات الغازية، وحتى بعض العصائر الطبيعية، حيث ربطت بعض الدراسات بين الفركتور واحتمالية زيادة حمض البوليك، وكذلك مشروبات الطاقة التي تتمتع بشعبية كبيرة في أوساط المراهقين على وجه الخصوص. ويجب أن يحرص الآباء على تناول الأطفال لكميات كبيرة من المياه يومياً وعدم الإكثار من الدهون خاصة في حالة حدوث التهاب جراء زيادة حمض البوليك.
* استشاري طب الأطفال



«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
TT

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

وتُعدّ الدراسة التي استمرت خمس سنوات بقيادة عالمة الأحياء التنموية، ريتا فيور، من مؤسسة «تشامباليمود»، أول تجربة عشوائية يتلقّى فيها المرضى أدوية تم اختبارها مسبقاً في أجنة سمك الزرد المزروعة بالخلايا السرطانية وأعطت «نتائج واعدة» على الأسماك.

ويقول عالم أحياء الخلايا الجذعية من كلية الطب بجامعة هارفارد، ليونارد زون، الذي لم يشارك في التجربة: «يبحث الجميع عن شيء أكثر تنبؤاً» بكيفية تأثير العلاج في أورام المرضى. وتم استخدام الفئران والذباب قبل ذلك لتجربة أدوية للسرطان، لكن «جميعها كانت له حدود». ويضيف زون: «إذا أظهرت الدراسة الجديدة أن الأسماك لها قيمة تنبؤية عالية، فسوف يهتم الناس بهذا الأمر».

سيتم اختبار أدوية مجربة في سمك الزرد على المرضى لأول مرة (أ.ف.ب)

والاختلافات في أورام المرضى بسبب سمات مثل الوراثة، والتمثيل الغذائي، يمكن أن تجعل اختيار العلاج المناسب أمراً محيّراً لأطباء الأورام. ونظراً إلى إمكانية توفر الكثير من الخيارات المتماثلة تقريباً، فقد يضطر المرضى إلى تحمّل علاج ضار تلو الآخر حتى يستقروا على العلاج الذي يساعدهم. ويمكن للتحليل الجيني في بعض الأحيان أن يغربل الاختيارات، ولكن حتى عندما يحمل سرطان المريض طفرات تشير إلى علاج معين، فليس هناك ما يضمن أنه سيستجيب إليه، وفق ما ذكرته مجلة «ساينس» العلمية.

وبحثاً عن بديل أفضل، كان مختبر العالمة فيور يدرس سمك الزرد منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وعزل الباحثون الخلايا السرطانية من المريض، ثم زرعوها في أجنة سمكة الزرد الشفافة التي تنمو بشكل طبيعي خارج الأم. وأضاف العلماء أدوية السرطان إلى مياه الأسماك، كما قدموا جرعات من الإشعاع، وراقبوا الخلايا السرطانية لقياس أي العلاجات «من المحتمل أن تكون فاعلة». وعلى القدر نفسه من الأهمية، ومن خلال الكشف عن الخيارات التي لم تنجح، تُنقذ التجربةُ على الأسماك المرضى من علاجات «قد تكون سامة وغير مجدية».

وفي تقرير صدر عام 2024، قال علماء إن الأسماك استطاعت التنبؤ بصورة صحيحة بالعلاج المناسب لـ50 مريضاً بالسرطان من وسط مجموعة تضم 55 مريضاً. ومن المميزات التي تشجع استخدام سمك الزرد هو أن هذه التجربة تقدّم نتائج سريعة بخصوص العلاج خلال 10 أيام فقط.

وفي التجربة السريرية، ستختبر فيور وفريقها دقة نتائج سمك الزرد على المرضى من خلال غربلة الخلايا السرطانية من السائل الذي يتراكم في بطن الأشخاص المصابين بسرطان الثدي أو المبيض، الذي عادة ما يتم تصريفه بوصفه جزءاً من العلاج.

وتقول فيور: «نحن لا نقوم بإجراءات إضافية على المرضى»، لكن سيتم زرع الخلايا السرطانية في أجنة الأسماك، وبدلاً من اختبار الأدوية التجريبية، كما تفعل الكثير من التجارب السريرية الأخرى، فستحدد الدراسة على الأسماك أي مجموعة من العلاجات المعتمدة تعمل بشكل أفضل، وسيحصل نصف المرضى على الأدوية التي تقترحها نتائج سمك الزرد، وسيتلقّى النصف الآخر العلاج الذي يختاره أطباؤهم، ثم سيجري تقييم النتائج.