حليب الأم... هل يمكن أن يسبب مرض السكري؟

تناول السكريات بكثرة يزيد احتمال حدوث السمنة للأطفال الرضع

حليب الأم... هل يمكن أن يسبب مرض السكري؟
TT

حليب الأم... هل يمكن أن يسبب مرض السكري؟

حليب الأم... هل يمكن أن يسبب مرض السكري؟

على الرغم من غرابة العنوان، فإن النتائج التي خلصت إليها دراسة حديثة مثيرة نشرت أخيراً تشير إلى إمكانية أن يتسبب حليب الأم في احتمالية الإصابة بأمراض مثل السكري بشكل غير مباشر. وبطبيعة الحال فقد أكدت الدراسة أيضاً أن حليب الأم ما زال يعتبر الغذاء الأفضل على الإطلاق للرضع، ما دام لم يكن هناك مانع طبي سواء للأم، مثل إصابتها بأمراض معينة أو عدم وجود حليب كافٍ في ثدي الأم، أو وجود حساسية لدى الطفل من مكونات معينة في الحليب الطبيعي.

تناول سكر الفركتوز

وقد يبدو الأمر متناقضاً بين نتيجة البحث هذه والتأكيد على أفضلية حليب الأم، ولكن الحقيقة أنه لا تناقض على الإطلاق، لأن حليب الأم بتكوينه الطبيعي لا يسبب مرض السكري بالطبع. ولكن تناول الأم طعاماً يحتوي على سكر الفركتوز بكثرة يمكن أن يتسرب إلى الحليب، ومن ثم زيادة احتمالية الإصابة بالمرض نتيجة لزيادة الوزن والبدانة.
وكانت الدراسة التي نشرت في دورية التغذية «journal Nutrients» في مطلع شهر مارس (آذار) من العام الحالي، التي قام بها باحثون من «كلية كيك للطب» Keck School of Medicine من جامعة جنوب كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية، قد أوضحت أن حليب الأم قد يضاف إلى قائمة طويلة من الأغذية التي تحتوي على سكر الفركتوز fructose والمعروف بسكر الفواكه نظرا لاحتواء معظم أنواع الفاكهة على هذا النوع من السكر.
وهذه السكريات يطلق عليها السكريات البسيطة نظراً لأن الجسم يمتصها بسهولة وتدخل إلى مجرى الدم على شكل سكريات بطريقة مباشرة مثل الخبز الأبيض ومعظم المخبوزات، بعكس السكريات المركبة التي تأخذ وقتاً أطول حتى تتحول إلى غلوكوز.
وأشار الباحثون إلى أنه حتى الكميات الضئيلة جداً من سكر الفركتوز في حليب الأم إذا تم تجميعها على مدار اليوم من شأنها أن تزيد من وزن الجنين وحجم العضلات والمعادن في جسم الرضيع (قد يبدو هذا الأمر جيداً لبعض الأمهات ولكن الحقيقة أن النمو الطبيعي أفضل كثيراً).

آثار السكريات

وأكدت الدراسة أن سكر الفواكه ليس مكوناً أصيلاً في حليب الأم، وإنما يوجد نتيجة لتناول السكريات بكثرة، وهو ما يُطلق عليه السكريات السلبية secondhand sugar.، وأضافوا أن السكريات الكثيرة في فترة نمو الرضيع قد يكون له آثار شديدة السلبية على الطفل، وتسبب خللاً في القدرات الإدراكية له، وتسبب بعض المشكلات في التعلّم فضلاً عن الأضرار بعيدة المدى، مثل زيادة الوزن واحتمالية الإصابة لاحقاً بمرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب. وفى المقابل فإن السكر الموجود في حليب الأم الطبيعي وهو اللاكتوز lactose يكون مفيداً جداً لنمو الرضيع.
الجدير بالذكر أن الباحثين لم يتوافر لديهم معلومات كافية عن طبيعة الغذاء الذي تتناوله الأمهات اللاتي خضعن للدراسة، ولكن الكميات الضئيلة جدا الموجودة في اللبن كانت كافية لرصد المخاطر الناجمة عن وجوده؟ وربما تزيد هذه المخاطر كلما زادت الكمية بمعنى أنها تتناسب تناسباً طردياً مع نوعية غذاء الأم، خصوصاً أن السنة الأولى من عمر الطفل تعتبر السنة الأهم في بناء المخ والقدرات الإدراكية.
وأضافوا أن تراكم السكريات الموجودة في غذاء الأم، التي تصل للطفل عن طريق الحليب تزيد من فرص تكوين الخلايا الدهنية، وهي التي تمهِّد مستقبلاً لكي يصبح الطفل بديناً وهو الأمر الذي يُصنّف كنوع من الأمراض في حد ذاته.
وأشارت الدراسة إلى أن الطفل البالغ من العمر شهراً واحداً في الأغلب يستهلك 10 ملليغرامات من سكر الفركتوز من خلال حليب الأم يومياً. وهذه النسبة الضئيلة التي تعادل حبة من الأرز قادرة على ترك تغيرات سلبية على نمو الطفل، وأن كل ميكروغرام من الفركتوز لكل ملليمتر من حليب الأم يسهم في زيادة من 5 إلى 10 في المائة في وزن جسم الطفل وزيادة مساحة الدهون في جسمه في عمر ستة أشهر.
ومع ذلك، أكدت الدراسة على حقيقة أن حليب الأم لا يزال هو الأفضل على الإطلاق للرضع حتى عام واحد من العمر، وأنه يُمكن بعد الشهر السادس الاستعانة بمكملات أخرى ولكن يجب على الأمهات توخي الحذر في تناول الأغذية التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات.
وقام الباحثون بتتبع 25 من الأمهات والرضع في عمر شهر، ثم تتبعهم مرة أخرى في عمر 6 شهور. وكانت الأمهات جميعاً قد خضعن للصيام لمدة 3 ساعات قبل ميعاد الزيارة وكان الرضع جميعاً يرضعون بشكل طبيعي، ويستهلك كل منهم في المتوسط نحو 235 ملليلتراً من الحليب. وقام الباحثون بأخذ عينة من حليب الأمهات وتم فحصها لوجود السكريات المختلفة سواء الموجودة في الحليب بشكل طبيعي مثل اللاكتوز أو السكروز والفركتوز؟ وقاموا أيضاً بقياس مساحة الدهون ومساحة العضلات وكذلك مساحة العظام لكل رضيع. وكان هذا لا علاقة له بمساحة كتلة الجسم للأمهات قبل الحمل بمعنى أن الزيادة في النمو لم تكن بسبب الوراثة أو أي مكون آخر طبيعي من الموجود في الحليب حيث تم تثبيت كل هذه العوامل الأخرى. ونصحت الدراسة الأمهات بضرورة التقليل من السكريات أثناء الرضاعة الطبيعية حتى لا تتسرب تلك الكميات الزائدة إلى الرضع.

* استشاري طب الأطفال



بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)
التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)
TT

بريطانيا: الأطفال يعيشون حياة أقصر بسبب الوجبات السريعة

التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)
التقرير يوضح أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال في وسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة مقبولة (رويترز)

كشف كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، البروفيسور كريس ويتي، في تقريره السنوي، عن أن «الصحاري الغذائية» في المدن إلى جانب إعلانات الوجبات السريعة تتسببان في عيش الأطفال حياة «أقصر وغير صحية».

ووفقاً لما أوردته وكالة الأنباء البريطانية «بي إيه ميديا»، تحثّ دراسة ويتي الحكومة وصناع السياسات المحليين على التصدي للأسباب الجذرية للغذاء غير الصحي في مدن إنجلترا، بما في ذلك التوفر المرتفع للأغذية الغنية بالدهون والسكر والملح، وحقيقة أن الطعام الصحي، حسب السعرات الحرارية، «يكاد يكون أغلى مرتين من الطعام غير الصحي»، ما يجعل الأسر الفقيرة الأكثر تأثراً.

وجاء في التقرير أنه من الأقل احتمالاً أن يكون أمام الأطفال والأسر في المناطق الواقعة بوسط المدن فرصة للحصول على خيارات غذائية صحية وبتكلفة ميسرة في المحال والمطاعم المحلية و«يتعرضون بشكل غير متناسب لإعلانات الطعام غير الصحي».

ووجدت الدراسة أن أربعاً من بين كل خمس لافتات خارجية في إنجلترا وويلز توجد في الأماكن الأكثر فقراً و«الكثير منها يروج للأطعمة السريعة»، بينما غالباً ما تكون الأماكن الأكثر فقراً «متخمة بمنافذ الأطعمة السريعة الفعلية والافتراضية».

وقال ويتي: «التغيير الملموس لبيئات الطعام ممكن»، بحلول تشمل وضع أهداف مبيعات للأطعمة الصحية في الشركات وفرض ضرائب معينة على الأطعمة غير الصحية وجعله لزاماً وليس طواعية على الشركات الإبلاغ عن أنواع وأحجام الطعام الذي تبيعه.

وأكد التقرير أن الأماكن التي يذهب الناس للتسوق فيها، خاصة الأسر ذات الدخول المنخفضة، غالباً ما تكون مشبعة بخيارات غذائية غير صحية.

وأضاف: «هذا يعني أن الصحة الهزيلة المرتبطة بالغذاء لا يعاني منها الأطفال والأسر والمجتمعات بالتساوي عبر البلاد، إذ إن الأطفال والأسر الذين يعيشون في المناطق الأكثر عوزاً هم الأشد تضرراً من النظام الغذائي، إذ إن غالباً ما تكون الخيارات غير الصحية هي الأكثر إتاحة».