يريد مارك ريليجوسو، مدير العلامة التجارية بشركة «بانداي نامكو إنترتينمنت» الناشرة لألعاب الفيديو، زيادة عدد السيدات المشاركات في مجال الألعاب الاحترافية، التي تعرف باسم الرياضات الإلكترونية e - sports، التي يتنافس فيها اللاعبون واللاعبات في بطولات ألعاب فيديو على الفوز بجائزة قيمتها آلاف الدولارات.
لذا بدأ ريليجوسو خلال العالم الحالي التخطيط لتنظيم بطولات تتكون فيها فرق الرياضات الإلكترونية من رجل وامرأة. كذلك بدأ وضع أساس برنامج إرشادي لتعزيز اهتمام النساء بالرياضات الإلكترونية. وقال: «إنها خطوات أولى باتجاه جذب المزيد من السيدات إلى الفريق. نحن بحاجة إلى جعل هذا المجال مساحة مرحبة بهن».
* رياضة إلكترونية
وتعد محاولات ريليجوسو واحدة من عدة خطوات اتخذها صنّاع وناشري ألعاب الفيديو أخيرًا لزيادة التنوع في الرياضات الإلكترونية التي أصبحت سريعًا واحدة من أبرز قطاعات صناعة ألعاب الفيديو. ومع نجاح جذب عدد أكبر من السيدات إلى ألعاب الفيديو، تبدأ صناعة الرياضات الإلكترونية في التركيز على جذبهن إلى منافسة احترافية لدعم محاولات توسيعها، وجعلها تيارًا سائدًا.
ومن المتوقع أن تتجاوز عائدات الرياضات الإلكترونية المليار دولار على مستوى العالم بحلول عام 2018، لكن لا تتجاوز نسبة السيدات اللاتي يشاركن في ذلك النوع من الرياضات 15 في المائة حسب شركة «سوبر داتا» لأبحاث السوق. ولا يتوافر ما يكفي من البيانات الخاصة بعدد السيدات اللاتي يمارسن بالفعل الرياضات الإلكترونية، لكن بعض الأدلة غير المؤكدة تشير إلى أن عددهن قد يكون صغيرًا ومحدودًا جدًا.
تعود المحاولات المبذولة من أجل زيادة التنوع في الرياضات الإلكترونية إلى أكثر من عقد من السنين، لكنها بدأت تكتسب زخمًا كبيرًا، حيث بدأت شركة «أوكسينت» الفرنسية للرياضات الإلكترونية خلال عام 2013 في تنظيم بطولات سنوية للسيدات فقط، وتنافست 40 فرقة في بطولة عام 2016، التي عقدت في باريس، بزيادة نسبتها 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وبدأ موقع «تويتش»Twitch الإلكتروني المملوك لـ«أمازون»، الذي يبثّ ألعاب الفيديو مباشرة، في استضافة مجموعة «ميسكليكس»Misscliks لدعم السيدات في اللعب، بعد ثلاث سنوات من جزع بعض مؤسسيها بسبب عزوف السيدات عن الرياضات الإلكترونية. كذلك أنشأ «تويتش» إنكلوسيفيتي سيتي Inclusivity City، وهي منطقة لمنظمات متنوعة، خلال المؤتمر السنوي الذي عقد في سان فرانسيسكو خلال الفترة بين 30 سبتمبر (أيلول) و2 أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين.
خلال العام الحالي بعيدًا عن محاولات شركة «بانداي نامكو»، دخلت «إنتل» في شراكة مع شركة «إي إس إل» للرياضات الإلكترونية لإقامة مؤسسة الدعم «إنيكي»AnyKey التي تسعى لإنشاء شبكات دعم، وتقديم فرص للنساء في مجال الرياضات الإلكترونية.
ورحبت كثيرًا من السيدات المشاركات في الألعاب بهذه المحاولات والجهود. وفي ظل هيمنة اللاعبين الذكور المحترفين على المجال، يتم النظر إلى ثقافة صناعة ألعاب الفيديو باعتبارها مناهضة للمرأة. وتعرضت السيدات في الرياضات الإلكترونية كثيرًا لمقاطعة من زملاء، وتهديدات مجهولة المصدر بالاغتصاب والقتل.
* جهود نسوية
وقالت ستيفاني هارفي، أحد أبرز المنافسات في بطولات الرياضات الإلكترونية في لعبة «كاونتر سترايك: غلوبال أوفينسيف» Counter - Strike: Global Offensive، التي تبلغ من العمر 30 عامًا: «إنها بيئة سامة للغاية بالنسبة للنساء». وأضافت قائلة: «أن تكون امرأة في مجال الرياضات الإلكترونية، فعليكِ أن تتحلي بالجلد والعزم»
من غير الواضح بعد، مدى نجاح هذه الجهود في جذب المزيد من السيدات إلى الرياضات الإلكترونية. رغم أن «أوكسينت»، التي تدير المؤتمر العالمي للرياضات الإلكترونية منذ 13 عامًا، قد نظمت بطولات تقتصر على النساء فحسب لسنوات كثيرة، لا يوجد دليل كاف على أنها ستشجع المزيد من السيدات على التنافس. ويعتقد بعض اللاعبين أن الفعاليات تعزز فكرة أن النساء غير قادرات على منافسة الرجال. وقال لام هوا، رئيس المحتوى في «أوكسينت»، إن البطولات، التي تقتصر على النساء، لم تكن كافية لجذب عدد أكبر من السيدات إلى الرياضات الإلكترونية، لكن بعد الكثير من الجدل، قررت الشركة أن تكون هذه هي «الخطوة الأولى في الخطة الكبيرة للاعتراف بالنساء في الرياضة».
وركزت محاولات أخرى لتعزيز التنوع في مجال الرياضات الإلكترونية على نشر فكرة مشاركة السيدات في اللعب. وساعدت آنا بروسير روبنسون، مديرة البرمجة، وشخصيات الشاشة في «تويتش»، في الدفع بمبادرات تنوع في الشركة بعد رؤية بزوغ نجم سيدات ثم خروجهن من الرياضات الإلكترونية. وقالت: «نرى سيدات رائعات متحمسات (تجاه الرياضات الإلكترونية)، لكنهن يختفين بعد ذلك بستة أشهر». وأوضحت أن هدف «ميسكليكس» كان تقديم الدعم والموارد لتشجيع هؤلاء السيدات على إنشاء شبكة على «تويتش» والاستمرار في المشاركة في الرياضات الإلكترونية.
كذلك ساعدت بروسير روبنسون في تحقيق هذا التنوع في مؤتمر «تويتش» خلال العام الحالي بفضل «إنكلوسيفيتي سيتي»، التي تمثل مساحة مادية على أرض المؤتمرات التي استضافت كثيرًا من منظمات التنوع مثل «أنيكي» و«هاك هراسمينت»، وبطولة «سماش سيسترز» للسيدات في ممارسة ألعاب «سوبر سماش بروز» القتالية من «نينتندو».
وقال تشيز، المتحدث باسم «تويتش»: «إن (إنكلوسيفيتي) تمثل قيمة جوهرية لاسمنا التجاري»، في إشارة إلى جهود التنوع في المؤتمر. وأضاف قائلا: «لقد حقق نجاحًا خلال العام الحالي، وهو بالتأكيد أمر ننظر فيه خلال العام المقبل».
وتركز مؤسسة «إنيكي»، التي أنشأتها «إنتل» و«إي إس إل» معًا على زيادة عدد المشاركات في الرياضات الإلكترونية، على مجالين، أحدهما الأبحاث ومناقشة مسألة التنوع، برئاسة تي إل تيلور، الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والآخر مبادرات وحلول، تحت قيادة مورغان روماين، اللاعبة السابقة في مجال الرياضات الإلكترونية.
* دورات بطولة
ونظمت «إنيكي» بطولة رياضات إلكترونية للسيدات فقط في مارس (آذار) في إطار واحد من أكبر الفعاليات في هذا المجال، وهي منافسة «إنتل إكستريم ماسترز» في مدينة كاتوفيتسه في بولندا. وقالت روماين إنها ترى البطولات النسائية كوسيلة لتنمية مهارات اللاعبات، وتأهيلهن للمنافسات المفتوحة. وأضافت قائلة: «هناك الكثير من الأمور التي ينبغي القيام بها، ومن بينها منح المزيد من السيدات الثقة في النفس، والخبرة في هذا المجال».
وقالت ريليجوسو إنه بدأ يلاحظ غياب اللاعبات في مجال الرياضات الإلكترونية في البطولات الإقليمية، التي عقدت خلال الربيع الماضي، مثل الجولة النهائية في أتلانتا، و«كومبو بريكر» في شيكاغو.
ويرى أن نمو الرياضات الإلكترونية يحمل معه فرصة لاستعادة الاهتمام بـ«تيكين»Tekken ومن المقرر أن تطلق شركة «بانداي نامكو» خلال العام المقبل لعبة «تيكين 7»، التي تعد من الألعاب القتالية التي يتنافس فيه شخص في مواجهة آخر، وتأمل أن تحقق هذه اللعبة شعبية بين المتنافسين في مجال الرياضات الإلكترونية. وتمثل السيدات نحو 23 في المائة من قاعدة المعجبين بألعاب «تيكين» القتالية على حد قول ريليجوسو، لكن لا تشارك الكثير منهن في التنافس بها.
وهناك حل آخر لتشجيع مشاركة عدد أكبر من النساء في الرياضات الإلكترونية وهي تغيير طريقة صناعة وتسويق ألعاب الفيديو. وقالت ستيفاني لياماس، مديرة الأبحاث والتبصر في شركة «سوبر داتا»، إنه ينبغي على النساء المشاركة بشكل أكبر في الجانب التجاري من هذا المجال، وابتكار ألعاب، مع وضع المرأة في الاعتبار. وأضافت قائلة: «من الصعب فهم الديموغرافية إذا لم تكن جزءًا منها».
* خدمة «نيويورك تايمز»