الجامعة العربية تناقش حرب المعلومات الإلكترونية - الجيل الخامس

مساعد الأمين العام للأمن القومي لـ«الشرق الأوسط»: مواجهة حرب المعلومات سلاح قوى في تطوير الجيوش العربية

الجامعة العربية تناقش حرب المعلومات الإلكترونية - الجيل الخامس
TT

الجامعة العربية تناقش حرب المعلومات الإلكترونية - الجيل الخامس

الجامعة العربية تناقش حرب المعلومات الإلكترونية - الجيل الخامس

قال مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية لقطاع الأمن القومي العربي، السفير خليل الزوادي، إن كبار المسؤولين العرب في مجالات التدريب العسكري يعملون دائمًا لمواجهة أخطار الحروب الجديدة، التي من بينها حرب المعلومات - الجيل الخامس.
وأشار في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذه الدورة تناقش تقارير ودراسات مقدمة من خمس دول عربية وأفكارًا من كل الدول للإسهام في تطوير عمل الجيوش العربية. وعما إذا كانت الرئاسة الليبية لهذه الدورة قد طلبت مساعدات لمواجهة ظروفها الراهنة، أوضح أن الاجتماع يستفيد منه الجميع في مجال حرب المعلومات لحماية الأمن القومي العربي، وذكر أن التوصيات النهائية سوف تعمم في نهاية الاجتماع، الذي يستمر حتى يوم الخميس المقبل. وكان الاجتماع الحادي والعشرين لرؤساء هيئات التدريب في القوات المسلحة العربية برئاسة ليبيا خلفًا للبنان قد انطلق أمس بمقر جامعة الدول العربية، بمشاركة وفود الدول العربية، التي تستهدف بحث سبل مواجهة حرب المعلومات الإلكترونية «الجيل الخامس»، وتحقيق التنسيق والتكامل وتحقيق الأهداف المنشودة لتعزيز العمل المشترك بين القوات المسلحة العربية. وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية لقطاع الأمن القومي، إنه سيتم خلال الاجتماعات مناقشة الدراسة التي أعدها ممثلو رؤساء هيئات التدريب بالقوات المسلحة العربية، لمجابهة الحروب السيبرانية (حرب المعلومات الإلكترونية - الجيل الخامس). وأكد الزوادي أنه تم إعداد هذه الدراسة بمهنية عسكرية وفكرية عالية، مشيرًا إلى أن موضوع الدراسة يستجيب لمتطلبات وأهداف العمل العربي المشترك، وستكون مرجعًا هامًا يمكن الرجوع إليه في أي وقت.
وأكد أن الحرب السيبرانية فرضت صعوبات وتحديات حول حماية الأمن الوطني للدول في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية الهائلة والمتسارعة، مما أجبر الدول على العمل لمواكبة هذه التطورات بإنشاء آليات لمواجهتها وحماية أمنها الوطني الذي سيصبح من أكبر التحديات المستقبلية في ظل تطور تقنية حرب المعلومات المتشابكة والمعقدة حتى يمكن وضع الأسلوب الأمثل لتدريب القوات المسلحة للدول العربية ومجتمعها المدني في مواجهة هذا النمط الجديد من الحروب التي قد لا تعتمد على مواجهات عسكرية مباشرة مع الخصم فحسب، ولكن تعتمد على التأثير على أمنها الوطني سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
من جانبه، أكد العميد هاشم بو رقعة محمد الكزة، رئيس وفد ليبيا، الذي تترأس بلاده أعمال الاجتماعات، أهمية تدريب القوات المسلحة في الدول العربية لمواجهة تداعيات حروب المعلومات من الجيل الخامس، خصوصًا في ظل الأزمات التي يعانى منها كثير من دول المنطقة. ودعا إلى تبادل الزيارات والمعلومات بين القوات المسلحة العربية للاستفادة من الخبرات بين الدول العربية في هذا المجال.
ويتضمن جدول أعمال الاجتماع تناول خصائص حرب المعلومات والأمن الوطني، ووسائل حرب المعلومات وأساليبها، والأخطار التي يمكن أن تتعرض لها البنية التحتية للمعلومات، والوباء الإلكتروني وأدوات تعقب إفساد المعلومات، وخطوات تعزيز الأمن الوطني، وتناول أساليب وأنواع التدريب ضد التهديدات السيبرانية، وعوامل نجاح التدريب، بجانب ما يتعلق بالتشريعات والقوانين الخاصة بحماية خصوصية الدول، وإجراءات تلافي أخطار حرب المعلومات، بالإضافة إلى التهديدات الإلكترونية المستقبلية على الدول العظمى والنامية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.