«إيبولا».. فيروس قاتل لا علاج له

ينتقل عبر سوائل الجسم ويقوم بتعطيل جهاز المناعة لدى الإنسان

«إيبولا».. فيروس قاتل لا علاج له
TT

«إيبولا».. فيروس قاتل لا علاج له

«إيبولا».. فيروس قاتل لا علاج له

«إيبولا»، مرض فيروسي حاد ويعرف أيضًا باسم حُمى «إيبولا النزفية»، ويعتبر جزءًا من مجموعة الحميات النزفية الفيروسية التي تتسبب بها عدة عائلات من الفيروسات. وهو يصيب البشر بعدة طرق. وتكمن أهمية مناقشة هذا المرض في خطورته، حيث تبلغ نسبة الوفاة في الحالات الشديدة 90 في المائة، كما أنه لا يوجد علاج نوعي له، ولا لقاح واقٍ منه، ولا يُعرف متى سينشط ثانية وأي البلاد من العالم سيهاجم!
* فيروس «إيبولا»
تحدث إلى «صحتك» الدكتور مجدي حسن الطوخي استشاري الأمراض المعدية والصحة العامة، الخبير الأول في الشؤون الصحية بالبنك الدولي بأميركا سابقًا، ومؤلف كتاب «إيبولا الفيروس القاتل».
يعتبر فيروس «إيبولا» جنسًا من عائلة فيلوفيرايدي Filoviridae الفيروسية ويطلق عليها الفيروسات الخيطية لأنها تشبه الخيوط، ولا ترى إلا بواسطة المجهر الإلكتروني. وتوجد بين الحيوانات الثديية المضيفة Host بما فيها: القرود، والخنازير، والقوارض، وعادة تعيش في السائل البلازمي للخلايا المضيفة سواء الحيوان أم الإنسان، وإن ربط الفيروس بالخفافيش لا يخلي مسؤولية القرود عن المشاركة في الدورة البيئية للفيروس ونقله إلى الإنسان. ويعتبر الإنسان المستودع الأخير للفيروس الذي ينفذ فيه إلى خلايا وأعضاء الجسم ويؤدي إلى تدميرها نهائيًا.
ويصاب البشر بالمرض بعدة طرق: الأولى، عند تعرضهم للمضيفين المصابين عن طريق الأكل أو التعامل عن قرب أو الاتصال المباشر مع سوائل الجسم مثل اللعاب والدم والبول والسائل المنوي. والثانية عن طريق لدغات الحشرات الحاملة لهذه الفيروسات. والثالثة تتم عن طريق العدوى المباشرة من مرضى آخرين.
* أصل الفيروس
للفيروس علاقة وثيقة بالخفافيش، التي تعتبر مستودعًا لكثير من الأمراض مثل داء الكلب، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، والإيبولا، دون أن تصاب هي بالمرض ولا تظهر عليها أعراضه.
يشير د. الطوخي إلى أنه لم يكن واضحًا تمامًا نشأة الفيروس ومصدره الأصلي إلا أخيرا عندما نشر العالم الألماني لامينجر Laminger أبحاثه بعزل الغلوبيولين المناعي IgG لفيروس «إيبولا زائير» من خفافيش الشاكوش bat Hammer headed وخفافيش الفاكهة Fruits bats أثناء انتشار وباء إيبولا في دولتي الغابون والكونغو ما بين عامي 2001 و2005. كذلك تم عزل الأجسام المضادة لفيروس ماربورج من خفافيش الفاكهة المصرية Rousettus aegyptiacus في دولة أوغندا عام 2007. وتم تأكيد المعلومات السابقة من مركز مراقبة الأمراض واتقائها (CDC) بأميركا عام 2013 والنشرة المحدثة في عام 2014.
وكان آخر وباء لإيبولا عام 2014 بدولة غينيا نتيجة ملامسة طفل صغير للخفاش وأكله لحم خفاش من الغابة نتج عن إصابته وباقي عائلته بالفيروس ووفاتهم جميعًا، ثم انتقل المرض بعد ذلك إلى الممارسين الصحيين المخالطين لهم.
واكتشف فيروس إيبولا في السبعينات من القرن الماضي علي يد عالم الفيروسات البلجيكي بيتر بيوت Peter piot في كينشاسا - وهي عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا) - من عينة دم من راهبة بلجيكية أصيبت بإعياء بسبب مرض غامض في يامبوكو، وهي قرية منعزلة في الجزء الشمالي من الدولة. ولم يكن الفيروس معلومًا في ذلك الوقت للعلماء العاملين في الميدان ثم بتزايد الحالات من نفس الدولة أطلق عليه «إيبولا»، وهو اسم نهر قريب للمنطقة التي اكتشف فيها الفيروس.
* انتشار المرض
إن تاريخ انتشار المرض والحالات المرصودة هو حسب التاريخ التنازلي اعتبارا من 2016 إلى 1976. وعلى الرغم من أن بداية ظهور المرض كان في عام 1976 في السودان، لكن سبق ذلك رصد لعدد 28 وباءً في أفريقيا. وكان مجموع الحالات المرصودة في الفترة من 1976 حتى 2016 قد بلغ 44007 حالات. أما الوفيات فكانت 17596 حالة وفاة أي بنسبة 39.98 في المائة. أما أنواع الفيروسات المسببة والمرصودة فكانت من نوع «زائير»، و«السودان»، و«بونديجيو»، و«إيبولا»، و«رستون» وحالة واحدة فقط من نوع غابات تاي وكانت في ساحل العاج في عام 1994 وذلك بناء على تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2015.
ويتركز انتشار الفيروس المرض في الوقت الحاضر في دول غرب أفريقيا وبالتحديد في نيجيريا، وغانا، وسيراليون، وليبيريا، وغينيا، وجنوب أفريقيا. وتتركز الإصابات حاليًا، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، في ثلاث دول هي غينيا، وليبيريا، وسيراليون كمناطق موبوءة بالمرض. وبلغت إحصائيات الحالات المرصودة والمؤكدة في تلك الدول حتى تاريخ مارس (آذار) 2016 ما مجموعه 28646 حالة، منهم 11323 حالة وفاة. وقد رصدت أربع حالات في الولايات المتحدة الأميركية وحالة وفاة واحدة. وامتد المرض إلى دولة مالي برصد ثماني حالات وست حالات وفاة. أما أوروبا فرصدت حالة واحدة في إسبانيا ولم تسجل حالات وفاة.
لماذا ظهر المرض وانتشر في أفريقيا بشكل خاص؟ إن انتشار وباء «إيبولا» في دول غرب أفريقيا أظهر بوضوح ضعف البنى التحتية، خصوصًا الصحية، وقلة المتخصصين من الكوادر الصحية للتعامل مع مسببات ونتائج المرض، والأخذ بطرق الوقاية، والحماية، والسيطرة.
إنّ وباء «إيبولا» ليس فقط حالة صحية أو بيئية تصيب بعض المجتمعات في دول فقيرة تعاني من تهالك البنية التحتية الأساسية من خدمات صحية وبيئية وإنسانية ضرورية، بل هي مشكلة اجتماعية تصل جذورها إلى جميع مناحي الحياة وتؤدي إلى ضرر بالغ بالإنسان والمجتمع المحيط به.
إن الوباء الذي أصاب دول غرب أفريقيا وبعض دول العالم الأخرى في سنة 2014، يعتبر الأسوأ منذ الكشف عن الفيروس قبل 40 سنة وهدد بقتل النسيج الاجتماعي بل أثر في أسلوب حياة سكان الدول الثلاث خصوصًا، بسبب التوصية بتجنب أي اتصال مادي مع المرضى أو الأموات، وهو حظر لم يتقبله السكان المسلمون المتمسكون بالشعائر الجنائزية التي تشمل غسل ودفن الجثمان بالطريقة التقليدية. لذلك، فهناك كثير من الدروس المستفادة وكيفية التعامل معها، وأيضًا مع نتائجها والتجربة القاسية التي مرت بها الحكومات وأجهزتها الخدمية المختلفة، وكذلك مؤسسات العمل المدني سواء كانت محلية أم دولية.
* تثبيط جهاز المناعة
إن من الأمور المميزة التي يصنعها وينفرد بها الفيروس هو أنه بقوم بالآتي:
- أولاً: يقوم بتثبيط جهاز المناعة داخل جسم الإنسان حيث يتم إيقاف إفراز مادة الإنترفيرون، وينتج عن ذلك تكاثر غير طبيعي ومتزايد للبكتيريا النافعة في الأمعاء والتي بدورها تساعد الفيروس في التكاثر بشكل سريع جدًا ويؤدي في النهاية إلى تثبيط ثم انهيار الجهاز الهضمي.
- ثانيًا: يتم تعطيل عمل كثير من الخلايا مثل الخلايا المتغصنة Dendritic cells (DCs) والخلايا البطانية Endothelial cells، وبالتالي يتعطل الجهاز المناعي عن القيام بمهامه، وهي التعرف على أي اختراقات للجسم من قبل أي أجسام غريبة ومقاومتها بكل الأسلحة المتاحة، مثل إنتاج مكثف لخلايا الدم البيضاء بأنواعها المختلفة، وخلايا «البلعم» الكبيرة الهاضمة للفيروسات والبكتيريا، لكن ما يحدث هو أن الفيروس يخفي هويته باستخدام تقنية أو آلية خاصة في منطقة البروتين السكري (Gp gene)، التي تسمى منطقة الميوسين Mucin region وبالتحديد في نقطة التصاق الفيروس بالخلية، وبذلك يصبح الفيروس غير مرئي لجهاز التوافق النسيجي الكبير المعقد (MHC) Major histocompatibility complex الذي يكون مسؤولا عن إعطاء التنبيه للخلايا التائية القاتلة Killer T cells وبناء عليه لا تقوم الخلايا جميعها بواجباتها لمحاربة الفيروس بما فيها خلايا البلاعم. إن الخلايا البلاعمية في أحوالها العادية تقوم بإرسال إشارات لأجهزة الإنذار المختلفة في جهاز المناعة للانضمام إليها في المعركة.
وفي حالة الإصابة بالفيروس لا تموت الخلايا البلاعمية بل تطلق إنذارات من خلال إطلاق مادة السايتوكاينز Cytokines الكيميائية، وهنا يبدأ الفيروس بالتصرف داخل الجسم بحرية كاملة في غياب جهاز المناعة، الذي لا يدرك وجوده، وبالتالي تبدأ مادة السايتوكاينز بتمزيق جدران الأوعية الدموية فيتسرب الدم إلى الأنسجة المحيطة وبتكرار هذه العملية ينتشر النزيف الكثيف خارج الجسم ويصعب إيقافه ويسيل الدم دون تجلط ثم يصبح الجسم مليئًا بالجروح، وبالتالي يؤدي إلى انهيار جهاز الأوعية الدموية، يعقبها صدمة، ثم نزف عام دموي، وتوقف القلب، والوفاة.
* اختراق الفيروس للخلايا
هناك أربع مراحل يتخذها الفيروس لكي يتمكن من السيطرة على الخلية المضيفة وهي كالتالي:
1 - الالتصاق Attachment يلتصق البروتين السكري Gp بجزيئات الغلوبيولين المناعي الغشائي والميوسين وهي بروتينات تكون على سطح الخلايا الظهارية على شكل مستقبلات حيث تلعب دورًا مهمًا في تنظيم نشاط وفعاليات الخلايا المناعية التائية في مواجهة الإصابة بالفيروسات، خصوصا «إيبولا». وتكون الخلايا الظهارية بمثابة بطانة للجهاز التنفسي، وغشاء لجفون العينين وتجاويف الجلد أو الجسم، حيث يعتبر انتشار الفيروس بالجسم مرهونًا بإصابة الخلايا المناعية والتغلب عليها.
2 - الاختراق Invading يلتحم المغلف الفيروسي بالخلية المضيفة، وفي حالة توافق خاصية الالتصاق Stickiness بين الفيروس والخلية يتشبث الفيروس بالخلية، وتشعر الخلية بذلك ثم تنطوي Enfolds على الفيروس وتسحبه إلى داخلها. يبدأ بعد ذلك الفيروس في التكاثر والازدياد وعمل نسخ طبق الأصل من نفسه حتى تصبح الخلية ممتلئة للغاية بنسخ الفيروس ويؤدي ذلك إلى انفجارها وخروج الفيروس ثم مهاجمة خلية أخرى وتتكرر هذه العملية مع جميع الخلايا.
3 - الإفراز Secretion يطلق المغلف الفيروسي حمضًا نوويًا يسمي بروتين البوليميريز Polymerase الذي يحول الرنا RNA من الصفة السالبة Negative strand إلى حمض تبليغي بالصفة الموجبة Positive strand mRNA ثم يستخدم هذا الحمض نظم الخلايا المضيفة لتكاثر الحمض الريبي النووي.
4 - البرعمة Budding تنمو نسخ جديدة من الفيروس علي شكل براعم من الخلايا ثم تبدأ بالبحث عن خلايا جديدة لإصابتها ونقل العدوى وتكملة دورة الحياة.
أما العلاج والوقاية، فيؤكد د. مجدي الطوخي أنه ليس هناك علاج نوعي لمرض فيروس إيبولا. وليس هناك لقاح واق من الإصابة بهذا المرض، وإن كانت الجهود مستمرة منذ ظهور الوباء الأخير عام 2014 للتوصل إلى اللقاح الذي ينتظره العالم أجمع قبل أن ينشط الفيروس مسببا وباء جديدا.



عضلات جسمك تؤلمك... 9 أسباب قد تغيب عنك

عضلات جسمك تؤلمك... 9 أسباب قد تغيب عنك
TT

عضلات جسمك تؤلمك... 9 أسباب قد تغيب عنك

عضلات جسمك تؤلمك... 9 أسباب قد تغيب عنك

عند استخدام لغة الأرقام، فإن حالات آلام العضلات تمثل مشكلة صحية واسعة الانتشار.

الألم والمعاناة اليومية

وتحديداً، ودون حساب آلام العضلات الناجمة عن إصابات الحوادث الشائعة جداً بشكل يومي، تفيد منظمة الصحة العالمية WHO، أن ما بين 20 - 33 في المائة من سكان العالم يعانون من شكل من أشكال الألم العضلي الهيكلي المزمن، وهو ما يعادل أكثر من ملياري شخص على مستوى العالم. كما يُعد ذلك الألم العضلي المزمن المساهم الرئيسي الأعلى في الإعاقات في جميع أنحاء العالم.

وما يضع مزيداً من الأهمية للأمر، الألم المزمن في العضلات الهيكلية يؤدي إلى زيادة المعاناة في الأنشطة اليومية، وزيادة الاضطرار إلى تناول الأدوية المُسكّنة، وارتفاع معدل أخذ الإجازات المرضية، ويؤدي إلى انخفاض كبير في جودة الحياة.

ومع ذلك، فإن التنبه المبكّر إلى مشكلات آلام العضلات بالذات، والبحث الجاد عن أسبابها، ونجاح معالجتها أو وقف تدهورها، هو خطوة حاسمة تُبطئ أو توقف ذلك التدهور الصحي من الوصول إلى العجز أو شدة المعاناة اليومية.

ودون الحديث عن إصابات الحوادث، هل ثمة أسباب أخرى لآلام العضلات يمكن للمرء التعامل معها؟

أسباب متنوعة لآلام العضلات

والحقيقة أن هناك قائمة لتلك الأسباب، وإليك منها 9. مما قد لا يتنبه له بعض المُعانين من آلام العضلات. وبمعرفتها قد تنجح المعالجة في وقفها. وهي:

1. نقص تدفق الدم. إذا كنت تعاني من ألم في ذراعيك أو ساقيك أو كليهما، فقد لا تحصل عضلاتك على ما يكفي من الدم، وهي مشكلة تسمى العَرَج Claudication.

ويعد العَرَج في الواقع عرضاً لأحد الأمراض، وغالباً ما يكون مرض الشرايين المحيطية PAD، وهو ضيق مجرى الشرايين في الأطراف، بما يعيق تدفق الدم للعضلات. أي أن هذا يحدث عادة بسبب حالة تسمى تصلب الشرايين، وهي حالة انسداد في الأوعية التي تحمل الدم إلى عضلاتك.

وفي البداية، قد تلاحظ ذلك فقط نتيجة قلة تدفق الدم إلى العضلات أثناء التمرين وعند ممارسة الرياضة. وغالباً ما تشعر بهذا الألم في الساقين بعد المشي بوتيرة معينة ولمدة معينة من الوقت، حسب شدة الحالة المَرَضية. وتسمى الحالة حينذاك «العَرَج المتقطع» IC، لأن الألم عادة ليس متواصلاً. حيث يبدأ الألم أثناء التمرين وينتهي عند الراحة. ولكن مع مرور الوقت، قد تشعر به عند الجلوس أثناء الراحة أو المشي الخفيف.

2. كسل الغدة الدرقية. كسل (قصور) الغدة الدرقية Hypothyroidism، يحدث عندما لا تنتج الغدة الدرقية ما يكفي من هرمون معين أساسي للجسم، وهو هرمون الغدة الدرقية. ونقص توفر هذا الهرمون في الجسم يمكن أن يسبب آلام العضلات والمفاصل، فضلاً عن التورم والألم. ويمكن أن يجعلك تشعر بالتعب ويؤدي إلى مشكلات في الذاكرة، وتساقط الشعر، وجفاف الجلد، وارتفاع نسبة الكوليسترول، وتباطؤ معدل ضربات القلب، والإمساك، وخشونة الصوت، والعقم، وتدني الرغبة الجنسية، ومشكلات أخرى.

ويمكن لطبيبك إجراء فحص دم بسيط لمعرفة ما إذا كنت تعاني من القصور في توفر هذا الهرمون. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن أن تساعد الأدوية في تعويض نقص هذا الهرمون المفقود.

ألم عضلي ليفي وتعب مزمن

3. الألم العضلي الليفي. يمكن أن تسبب هذه الحالة ألماً في المفاصل والعضلات، فضلاً عن مشكلات في النوم والمزاج والذاكرة. والألم الليفي العضلي Fibromyalgia هو اضطراب يسبب ألماً واسع المدى في البنية العضلية الهيكلية، ويصحبه الشعور بالإرهاق واضطرابات النوم والذاكرة والحالة المزاجية.

ويعتقد العلماء أن هذا يحدث عندما يستقبل دماغك إشارات الألم الخفيفة الطبيعية، ثم يجعلك تشعر أنها أسوأ، عن طريق الخطأ. أي أن ثمة زيادة في الإحساس بالألم عن طريق التأثير على طريقة معالجة الدماغ والحبل النخاعي للإشارات المؤلمة وغير المؤلمة. والنساء هن الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالألم الليفي العضلي من الرجال. كما يعاني العديد من الأشخاص المصابين بالألم الليفي العضلي من الصُّداع التوتُّري، واضطرابات المفصل الصدغي الفكّي، ومتلازمة القولون المتهيج، والقلق، والاكتئاب.

وصحيح أنه لا يوجد علاج للألم الليفي العضلي، ولكن توجد مجموعة متنوعة من الأدوية التي قد تساعد في السيطرة على أعراضه. ومن الأمور المفيدة أيضاً ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء وتدابير تقليل التوتر، مثل اليوغا.

4. متلازمة التعب المزمن Chronic Fatigue Syndrome. أحد أنواع الاضطرابات المرضية غير معروفة السبب. وهي أكثر شيوعاً في الإناث مقارنة بالذكور، وغالباً ما تصيب الشباب والبالغين في منتصف العمر. وفيها يُعاني المُصاب من الشعور بالتعب، الذي لا يوجد له تبرير أو تفسير آخر، لمدة ستة أشهر أو أكثر. ويرافقه عدد من الصعوبات في القدرات المعرفية، مثل مشكلات واضطرابات في قدرات الذاكرة ذات العلاقة بتذكر الأمور التي حصلت على المدى القصير، وليست القديمة، وأيضاً اضطرابات في التركيز الذهني.

وتشخيص الإصابة بمتلازمة التعب المزمن يكون عندما يعاني الشخص من تعب مزمن لمدة ستة أشهر أو أكثر، وتم استبعاد واستثناء جميع الحالات الأخرى المعروفة التي يمكن أن تسبب التعب للإنسان. أو أن يكون لدى الشخص، وفي الوقت نفسه، أربعة أو أكثر من الأعراض التالية:

- مشكلات كبيرة في ذاكرة المدى القصير أو في قدرات التركيز.

- التهاب الحلق.

- ألم في الغدد الليمفاوية.

- آلام في العضلات.

- آلام في عدد من المفاصل دون تورم أو احمرار فيها.

- الصداع الذي يختلف في النمط أو الشدة من الصداع السابق والمعتاد للمرء.

- الشعور بالتعب وعدم تجدد حيوية النشاط بعد الاستيقاظ من النوم.

- التعب الشديد الذي يستمر أكثر من 24 ساعة بعد ممارسة الجهد البدني أو الإجهاد.

الفيروسات وتأثيرات الأدوية

5. فيروسات الإنفلونزا ونزلات البرد. يرتبط ألم والتهاب العضلات بالعديد من الفيروسات، ولكن فيروسات الإنفلونزا ونزلات البرد هما السبب الأعلى في حدوثها. وتُظهر الدراسات الفيروسية أن الإنفلونزا بي B أكثر عرضة من الإنفلونزا إيه A للتسبب في التهاب العضلات. ويرجع ذلك على الأرجح إلى وجود بروتين NB في غشاء الإنفلونزا بي B، الذي يشارك في دخول الفيروس للخلايا وقد تكون له خصائص عضلية.

وغالباً ما تكون الأعراض متركزة في عضلات «بطة الساق» الخلفية Calf Muscles، ولكن مجموعات عضلية أخرى قد تعاني في ثلث الحالات. وعادة ما يكون التهاب والألم العضلي «محدودٌ ذاتياً» Self - Limiting، مع التعافي في غضون أسبوع واحد من ظهور الأعراض.

ومن جانب آخر، يقول الدكتور توماس دونالدسون، رئيس قسم جراحة العظام في جامعة لوما ليندا للصحة: «الألم الذي تشعر به في مفاصلك عندما تكون مصاباً بالإنفلونزا يرجع إلى استجابة الجسم المناعية، وليس الإنفلونزا الفعلية». ويضيف: «بمجرد ارتباط الأجسام المضادة Antibodies بالإنفلونزا، ينتج الجسم نوعاً من البروتين لقتل الفيروس. وهذا البروتين هو ما يسبب الأعراض». وبالإضافة إلى ذلك، تنتج خلايا الدم البيضاء السيتوكينات - وهي بروتينات صغيرة تستخدم لإشارات الخلايا - التي تسبب الالتهاب في العضلات والمفاصل. يقول دونالدسون: «يمكن أن يسبب الالتهاب ألماً يشبه التهاب المفاصل الخفيف».

6. الآثار الجانبية للأدوية. يمكن أن يتسبب تناول أحد العديد من أنواع الأدوية الموصوفة في ظهور آلام العضلات المؤقتة أو المزمنة. وذلك ربما عبر أحد آليتين، إما أن تسبب بعض الأدوية التهاباً حول خلايا العضلات، أو أن تتسبب أدوية أخرى في تنشط حساسية مستقبلات آلام داخل العضلات.

وتشمل بعض الأدوية الأكثر شيوعاً التي يمكن أن تسبب الانزعاج: المضادات الحيوية والأدوية التي تخفض مستويات الكوليسترول وأنواع من أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم وحتى أجهزة استنشاق الربو.

ومشكلة «عدم تحمّل الستاتين» قد تبلغ نسبة 30 في المائة بين فئات من المرضى الذين يتناولون أحد أنواع هذه الفئة من أدوية خفض الكوليسترول. ولدى 60 في المائة من الذين أوقف الأطباء تناولهم لها، كانت أعراض العضلات هي السبب الرئيسي لذلك. كما يمكن أن تؤدي بعض مضادات الاكتئاب وأدوية علاج حب الشباب أيضاً إلى آلام العضلات. وقد يعاني ما معدله 14 في المائة من النساء اللاتي يتناولن أدوية الإستروجين أيضاً من آلام العضلات والمفاصل. وكما أن غالبية علاجات السرطان، بما في ذلك العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي، قد تتسبب بآلام العضلات. ويبدأ 6 في المائة من الأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادة للصرع أيضاً في الشعور بالألم. ومن المهم التحدث إلى طبيبك إذا بدأت تعاني من آلام العضلات بعد تناول أدوية معينة.

7. توتر العضلات. عندما تعاني من التوتر والقلق، تبدأ الأوعية الدموية في الانقباض، ما يمنع وصول الكثير من الدم إلى العضلات والأوتار المختلفة في الجسم. هذا يجعل العضلات تشعر بمزيد من التوتر والألم. ولذا يعد توتر العضلات Muscle Tension أحد الأسباب الأكثر شيوعاً لألم العضلات ويمكن أن يتطور في منطقة معينة من الجسم.

وتتمثل إحدى أفضل الطرق لتخفيف توتر العضلات في التحرك أكثر، والبقاء نشطاً بدنياً. وهذا يحسن الدورة الدموية لضمان أن تبدأ عضلاتك في الشعور بمزيد من الاسترخاء. وممارسة تمارين التمدد الخفيف واللطيف للعضلات، إجراء فعال أيضاً ويمكنه إزالة التوتر الموجود حيث تشعر به أكثر. وإذا كنت تعاني من ألم العضلات قبل النوم، يمكن أن يكون التأمل فعالاً أيضاً إذا مارسته لمدة 10 إلى 30 دقيقة قبل النوم. سيعمل هذا أيضاً بشكل جيد على تحسين جودة نومك ويساعدك على الشعور بمزيد من الاسترخاء عند الاستيقاظ في الصباح.

أكثر من ملياري شخص في العالم يعانون من شكل من أشكال الألم العضلي الهيكلي المزمن

اختلال توازن الإلكتروليتات واضطرابات المناعة

8. توازن الإلكتروليتات والماء. يشكل الماء نسبة 80 في المائة من كتلة عضلات الجسم. وجفاف الجسم حتى بدرجات بسيطة أو متوسطة، يتسبب بآلام العضلات. والجفاف بدرجات شديدة قد يتسبب بآلام تشنجات وتقلص العضلات.

كما أن الإلكتروليتات (الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم) هي «عماد» حصول انقباض وانبساط العضلات، عبر التشكيلات الكهربائية واختلاف الجهد الكهربائي بين داخل وخارج الخلايا العضلية.

ويمكن أن يؤدي اختلال توازن الإلكتروليتات في الجسم أيضاً إلى ظهور آلام في العضلات بسبب اضطرابات معدلات هذه المعادن في الجسم، حيث يمكن أن يؤدي نقص المغنيسيوم والبوتاسيوم والكالسيوم إلى اختلال توازن الإلكتروليتات، وبالتالي تأثر العضلات بشكل مباشر. ويتسبب التشنج في تقلص العضلات في مناطق مختلفة من الجسم، وهو أمر غير مريح غالباً ويؤثر على حركة العديد من الأشخاص. كما يمكن أن يجعل هذا من الصعب الحصول على قسط كافٍ من النوم. ويمكن أن تبدأ العضلات في الارتعاش في أوقات عشوائية وقد تسبب حتى تشنجات.

9. اضطرابات المناعة الذاتية. تحدث أمراض المناعة الذاتية Autoimmune Diseases عندما يهاجم الجهاز المناعي للجسم نفسه عن طريق الخطأ.

وتتمثل مهمة الجهاز المناعي السليم بالأساس في أنه يقاوم الجراثيم والعدوى. ولكن لأسباب متعددة، يطال هذا الجهاز المناعي للجسم خلل في آلية التوجه، ويهاجم خلايا الجسم نفسها.

والاعتلالات العضلية الالتهابية Inflammatory Myopathies، مثل التهاب العضلات Myositis قد تحدث نتيجة اضطرابات المناعة. وذلك إما في مناطق عضلية محددة، أو على هيئة والتهاب العضلات المتعدد Polymyositis. وفي مرض الذئبة Lupus يمكن أن يصيب الالتهاب عدداً من أجهزة الجسم، بما في ذلك العضلات والمفاصل والجلد والكلى وكريات الدم والدماغ والقلب والرئتين.

وفي التصلب المتعدد Multiple sclerosis تحصل إعاقة في الدماغ والحبل النخاعي (الجهاز العصبي المركزي). وعند مهاجمة الجهاز المناعي غمد الحماية (المايلين) الذي يغطي الألياف العصبية، ويسبب مشكلات في الاتصال بين الدماغ وبقية الجسم. وقد يفقد بعض المصابين بالتصلب المتعدد الشديد القدرة على المشي وحدهم أو المشي عموماً. أما البعض الآخر، فقد يمرون بفترات تعافٍ طويلة دون ظهور أي أعراض جديدة، وذلك بناءً على نوع التصلب المتعدد لديهم.

* استشارية في الباطنية.