زيباري وزير المالية العراقي المقال يهدد المالكي بالمحكمة الجنائية الدولية

البنك الدولي أوقف مفاوضات القرض مع بغداد

هوشيار زيباري
هوشيار زيباري
TT

زيباري وزير المالية العراقي المقال يهدد المالكي بالمحكمة الجنائية الدولية

هوشيار زيباري
هوشيار زيباري

كشف سياسي عراقي كردي مطلع على ملابسات قضية وزير المالية العراقي المقال هوشيار زيباري أن الأخير كان واثقا من فرصه حتى قبل يومين من التصويت داخل مجلس النواب العراقي الذي انتهى بسحب الثقة منه بالأغلبية خلال جلسة شهدت للمرة الثانية في غضون شهر ونصف الشهر التصويت السري.
وقال السياسي المطلع لـ«الشرق الأوسط» في لندن التي يزورها إن «هوشيار زيباري كان على ثقة شبه مطلقة بأن موقفه قوي داخل البرلمان لأكثر من سبب من بينها أن هناك ضغوطا أميركية مورست خلال الأيام التي سبقت عملية سحب الثقة قام بالقسم الأكبر منها السفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان، بالإضافة إلى أن زيباري كان منهمكا في مباحثات مع البنك الدولي لغرض إقراض العراق وهناك تهديدات ضمنية بإمكانية إيقاف المفاوضات في حال تمت عملية سحب الثقة».
وبين السياسي الكردي أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي كان متحمسا لبقاء زيباري في منصبه سواء لجهة أهمية المفاوضات مع البنك الدولي والتي يمكن أن تتأثر تلك المفاوضات في حال تمت إقالة زيباري، وهو ما تم بالفعل حيث تعثرت المفاوضات الآن مع البنك الدولي، أو لجهة أن العبادي بات يرى أن إجراءات سحب الثقة التي تقف خلفها ما يسمى بجبهة الإصلاح في البرلمان والتي يهيمن عليها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي تهدف في النهاية لإسقاط حكومته من خلال الزحف على الوزارات السيادية والتي بدأت بوزارة الدفاع وتاليا المالية ومن ثم الخارجية في وقت لا تزال وزارة الداخلية شاغرة منذ استقالة وزيرها في شهر يوليو (تموز) الماضي بعد تفجيرات منطقة الكرادة» في بغداد.
وإثر التصويت السري الذي انتهى بسحب الثقة من زيباري حصلت، حسب السياسي الكردي، تطورات من أبرزها أن «زيباري الذي كان حصل على تعهد من المالكي بعدم سحب الثقة منه أجرى مكالمة هاتفية غاضبة مع الأخير محملا إياه المسؤولية وخاطبه باسمه الأول، مهددا إياه بإحالته إلى المحكمة الدولية بناء على ملفات ووثائق يملكها وحملها معه إلى أربيل التي عاد إليها في نفس اليوم الذي تمت فيه إقالته بعد أن طلب منه زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني العودة إلى كردستان».
السياسي الكردي يربط بين «ما يراه زيباري بأن سحب الثقة منه لا يمكن أن يخرج عن كونه مؤامرة تستهدفه شخصيا وتستهدف كذلك زعيم الحزب الديمقراطي وابن شقيقته، مسعود بارزاني، وبالتالي فإنه لن يسكت عن ذلك من خلال تحريك ملفات سبق أن تبنى تقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية الكثير من السياسيين والناشطين ورجال حقوق الإنسان في العراق». وبشأن ما يراه عدم قدرة القضاء العراقي على محاسبة المالكي فإنه يرى أن «القرار الأخير للمحكمة الاتحادية بإبطال قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلغاء منصب نواب الرئيس يدل على أن المالكي لا يزال يملك القدرة على التأثير في القضاء لأن إعادة نواب الرئيس إلى مناصبهم ضربة جديدة موجهة للعبادي وإصلاحاته رغم أن قرار العبادي مثلما يرى خبراء القانون لم يكن دستوريا من حيث المبدأ». لكن - والكلام للسياسي الكردي - كان «بإمكان المحكمة الاتحادية البت بالأمر في أول جلسة لها في حين بقيت تماطل على مدى سنة لتقول أخيرا إن القرار غير دستوري» وهو ما يعني مثلما يقول السياسي الكردي إن «المالكي لا يزال يملك ضغطا كبيرا على القضاء وبالذات رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود في إصدار هذا القرار في هذا التوقيت لحاجة المالكي إليه في مواجهة خصمه العبادي الذي يسعى إلى كسب معركة الموصل التي كان العراق خسرها لصالح تنظيم داعش في عهد المالكي، وهو ما يعني أن المالكي سيعود للتحصن خلف منصب نائب الرئيس لإعداد العدة لبدء مرحلة تسقيط العبادي من خلال تسفيه إصلاحاته باعتبار أن قرار إلغاء منصب نواب الرئيس كان الأبرز فيها والذي أظهر العبادي في وقتها بطلا وصاحب قرار وهو يزيح ثلاثة من أبرز الزعامات السياسية بجرة قلم وهم نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي ليتضح بعد سنة أن هذا القرار غير سليم دستوريا، والأدهى من ذلك أن العبادي الذي يعد نفسه نجح في ملف تقليص الإنفاق الحكومي سوف يدفع وبأثر رجعي رواتب ومخصصات نواب الرئيس من ميزانية خاوية».
يذكر أن السنوات الأخيرة شهدت دعوات كثيرة تبناها حقوقيون وسياسيون وناشطون عراقيون عبر فعاليات لإحالة المالكي إلى المحكمة الجنائية الدولية. ومن بين أبرز لوثائق والمعلومات التي جمعها القائمون وراء هذه الدعوات ملف مجزرة الحويجة في 23 أبريل (نيسان) 2013 التي قضى فيها 91 شخصا من المعتصمين ضد ممارسات المالكي الطائفية وأصيب نحو 400 آخرين. ووصف الناشطون ما حصل في الحويجة جريمة إبادة جماعية. كما جمع الناشطون وثائق ضد المالكي في قضايا العنف الطائفي وحقوق الإنسان والسجون السرية.
ويبدو أن زيباري، الذي كان وزيرا للخارجية خلال ولايتي المالكي على رأس الحكومة، أوفر حظا في تحريك هذا الملف مجددا نظرا لعلاقاته الدولية وكذلك بحكم علمه ودرايته بخفايا حكم المالكي وممارساته الطائفية، على حد قول السياسي الكردي.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.