أنقرة: ندفع ثمن الأحداث في سوريا.. وحققنا الأمن لأوروبا و«الناتو»

إردوغان وبوتين سيبحثان «درع الفرات» و«المنطقة الآمنة»

متطوعون مدنيون يتفحصون هواتفهم الجوالة بعد الإعلان عن جائزة نوبل للسلام في دمشق (إ.ب.أ)
متطوعون مدنيون يتفحصون هواتفهم الجوالة بعد الإعلان عن جائزة نوبل للسلام في دمشق (إ.ب.أ)
TT

أنقرة: ندفع ثمن الأحداث في سوريا.. وحققنا الأمن لأوروبا و«الناتو»

متطوعون مدنيون يتفحصون هواتفهم الجوالة بعد الإعلان عن جائزة نوبل للسلام في دمشق (إ.ب.أ)
متطوعون مدنيون يتفحصون هواتفهم الجوالة بعد الإعلان عن جائزة نوبل للسلام في دمشق (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن بلاده تدفع الجزء الأكبر من ثمن الأحداث التي تشهدها سوريا والعراق والمنطقة العربية في الوقت الذي تواصل حربها بلا هوادة ضد الحركات الإرهابية النابعة من جوارها. وأضاف يلدريم، خلال مراسم إنزال سفينة الدعم اللوجستي «غونغور دورموش» تركية الصنع من مصنع توزلا للسفن في إسطنبول، أمس السبت، أن تركيا تعيش وسط بيئة من الاضطرابات، وتمثل ضمانا لدول جوارها.
يلدريم أعاد تأكيد أن «الهدف الوحيد لعملية درع الفرات التي تدعم فيها القوات التركية عناصر الجيش السوري الحر شمال سوريا، والعمليات المستمرة ضد المسلحين الأكراد شرق وجنوب شرقي البلاد، والأنشطة في شمال العراق - في إشارة إلى قوات التدريب التركية في معسكر بعشيقة قرب مدينة الموصل - تطهير بلادنا من الإرهاب، وإزالة انعكاسات الأحداث الإرهابية التي تشهدها دول الجوار، لذا سنواصل عملنا بتصميم».
وأكد رئيس الوزراء التركي أن تركيا لن تبالي إطلاقًا بما يقوله من يتطاولون بالتصريحات، فالمهم هو أمن تركيا ووحدتها وسلامة واستقرار شعبها.
وفي السياق نفسه، قال عمر جليك، وزير شؤون الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين الأتراك، إن «قوات بلاده تمكنت عبر دعمها الجيش السوري الحر من تطهير الحدود التركية من تنظيم داعش، للمرة الأولى، مشدّدا على أن هذا الأمر يعني في الوقت نفسه تطهير حدود أوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) من التنظيم». وأردف جليك أن «النجاح الذي حققته عملية درع الفرات لم يحققه التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن المكون من 65 دولة، وهذا يعني أن تركيا تساهم في حماية أوروبا والناتو» الذي تعد أنقرة أحد أهم أعضائه رغم انتشار كثير من المنظمات الإرهابية في سوريا والعراق ذات الحدود المشتركة.
في السياق نفسه، شنت قيادة القوات الجوية التركية في إطار عملية «درع الفرات»، غارات جوية على مواقع لتنظيم داعش الإرهابي شمال سوريا دمرت خلالها 14 مبنى كان يستخدمها التنظيم مقرات ومستودعات للأسلحة. وقال بيان للجيش التركي، أمس السبت، إنه تم قصف 58 هدفًا لـ«داعش» لافتا إلى أن قوة المهام الخاصة التابعة للجيش السوري الحر بسطت سيطرتها على بلدة أخترين الواقعة على الخط الواصل بين بلدة الراعي ومدينة أعزاز بمحافظة حلب. وأضاف البيان أن اثنين من مقاتلي الجيش الحر قُتلا في اشتباكات، الجمعة، وجرح 9 آخرون، دون وقوع خسائر في صفوف القوات المسلحة التركية، مشيرا إلى أن عناصر المعارضة سيطرت منذ بدء عملية درع الفرات في 24 أغسطس (آب) الماضي، على 119 منطقة سكنية. كذلك، قتل عنصران من تنظيم داعش في قصف جوي لقوات التحالف الدولي، على مواقع التنظيم في منطقتي تليل العنب وتل جيجان جنوب أخترين، بالإضافة إلى تدمير مبنى ومركز خدمات لوجستية للتنظيم الإرهابي.
من ناحية ثانية، كانت مقاتلات تركية قصفت 6 أهداف لتنظيم داعش الإرهابي، بمحافظة حلب، ونشرت رئاسة الأركان التركية، مشاهد قصف وتدمير مواقع «داعش» لوسائل الإعلام. في الوقت نفسه، بلغت مساحة الأراضي التي تمكن الجيش السوري الحر بدعم من قوات المهام الخاصة التركية من تطهيرها من سيطرة «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردية في ريف حلب الشمالي ألف كيلومتر مربع بحلول اليوم الخامس والأربعين من عملية درع الفرات.
ويواصل الجيش السوري الحر تقدمه باتجاه مدينة الباب، التي تشكل آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي في ريف حلب، وذلك بعدما نجح الخميس في تحرير بلدة أخترين، ليقترب بذلك من قريتي دابق وصوران، حيث تبعد الأولى 3 كلم، والثانية 6 كلم. وبهذا وصلت مساحة المناطق المحررة على الحدود التركية بين مدينتي جرابلس في الريف الشمالي الشرقي وأعزاز في الريف الشمالي، من «داعش» وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية نحو ألف كيلومتر مربع. وللعلم، بلغ عرض «الحزام الآمن» الذي فرضه الجيش السوري الحر بدعم من الجيش التركي، بدءا من الحدود التركية باتجاه الداخل السوري 20 كيلومترا من جهة بلدة الراعي، و24 كلم من جهة مدينة جرابلس. وتسعى تركيا لإقامة منطقة آمنة على حدودها بامتداد 45 كيلومترا على مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع وبطول نحو 98 كيلومترا تمتد من جرابلس إلى الراعي، تخطط لنقل اللاجئين السوريين إليها في غضون عامين بعد إقامة تجمعات سكنية مزودة بالمرافق والخدمات بها.
ورغم عدم رفض أو مرافقة القوى الدولية على المنطقة الآمنة التي ترغب تركيا في أن تكون محظورة الطيران أيضا، قالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن هذه المنطقة باتت بمثابة أمر واقع تسعى تركيا لتكريسه بالمواصفات التي ترغب فيها، والتي أعلنتها أكثر من مرة. ولفتت المصادر إلى أن الأمر سيطرح مرة أخرى خلال مباحثات الرئيسين التركي والروسي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين الذي يزور تركيا غدا الاثنين في إطار بحث تطورات عملية «درع الفرات».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.