المعارضة السورية تطلق «خريطة طريق» للمرحلة الانتقالية من منصة لندن

اجتماع لوزراء خارجية «النواة الصلبة» في لندن لمباركة الوثيقة

صورة تجمع رئيس الائتلاف أنس العبدة والمنسق العام د. رياض حجاب وحسن عبد العظيم مع وزراء خارجية دول أصدقاء سوريا (صورة من موقع الائتلاف)
صورة تجمع رئيس الائتلاف أنس العبدة والمنسق العام د. رياض حجاب وحسن عبد العظيم مع وزراء خارجية دول أصدقاء سوريا (صورة من موقع الائتلاف)
TT

المعارضة السورية تطلق «خريطة طريق» للمرحلة الانتقالية من منصة لندن

صورة تجمع رئيس الائتلاف أنس العبدة والمنسق العام د. رياض حجاب وحسن عبد العظيم مع وزراء خارجية دول أصدقاء سوريا (صورة من موقع الائتلاف)
صورة تجمع رئيس الائتلاف أنس العبدة والمنسق العام د. رياض حجاب وحسن عبد العظيم مع وزراء خارجية دول أصدقاء سوريا (صورة من موقع الائتلاف)

في محاولة لوضع حد للصراع الدائر في سوريا منذ خمس سنوات، وافق التحالف الذي يضم خصوم رئيس النظام السوري بشار الأسد على خريطة طريق انتقالية لتحديد معالم حكومة انتقالية، من المفترض تشكيلها خلال ستة شهور من الآن. وجرى الكشف عن الخطة التفصيلية ومناقشة تفاصيلها في مؤتمر عقدته الحكومة البريطانية، ووعدت بحشد جهود دولية من أجله.
وصرح رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للتفاوض، بأنه يتحتم على بشار الأسد التخلي عن السلطة خلال الشهور الستة القادمة المفترض أن تبدأ فيها المرحلة الانتقالية.
وتتألف الخطة من ثلاث مراحل: أولاً مفاوضات لستة شهور بين ممثلي المعارضة والحكومة السورية وفق اتفاق جينيف 2012 أساسًا للمفاوضات. يتعهد الطرفان بفرض هدنة مؤقتة ورفع الحصار والسماح لكافة المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المعتقلين.
ثم الفترة الانتقالية لعام ونصف، تبدأ منذ تاريخ تأسيس الحكومة الانتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، ورحيل الأسد وغيره من كبار المسؤولين المتهمين بارتكاب «جرائم شائنة». وسوف تجري صياغة دستور جديد خلال تلك الفترة، وسيؤسَّس لنظام سياسي ديمقراطي تعددي في البلاد.
وفي المرحلة الثالثة، سيجري الاتفاق على التعديلات الدستورية وفق حوار قومي، وانتخابات تجري تحت إشراف الأمم المتحدة.
وبحسب محللين، ربما تقدم خطة لندن، على الأقل، جزءًا من الغطاء السياسي الذي تحتاجه القوى المهتمة بالشأن السوري لتعديل أوجه السياسة الحالية. وقد تكون الخطة بمثابة ستار خلفي للمسرح، لإبرام اتفاق أميركي روسي جديد لوقف إطلاق النار في بعض المناطق التي تشهد معارك شرسة.
«باستثناء الأسد وحفنة من أقرب المحيطين، لم تستثنِ الخطة أحدًا»، وفق دبلوماسي بريطاني طلب عدم ذكر اسمه، مضيفا: «الخطة لا تهدف لإقصاء أي من القوى، حيث إن هناك وعيا بحاجة سوريا لدعم الجميع كي يعيشوا شعبا واحدا مرة أخرى». لكن في حال فشلت الخطة المقترحة، كما حدث في الخطط السابقة، فقد تشهد سوريا فترة أسوأ وأعنف من الصراع المسلح.
وشدد المؤتمر على «ألا يكون هناك أي دور لمجرمي الحرب وكل من أدين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في المرحلة الانتقالية». بيد أن المؤتمر لم يتطرق إلى المطالبة بتفكيك البنية الإدارية والعسكرية والأمنية للنظام الحالي.
وفي محاولة غير مباشرة لتهدئة المخاوف الروسية من أن رحيل الأسد قد يؤدي إلى انهيار الدولة والجيش السوري، كما حدث في العراق عام 2003، أوضحت المعارضة أنها لا تسعى «للثأر»، بل «للإصلاح وفق الإجماع الشعبي لإعادة الحياة إلى طبيعتها». وبحسب تصريح متحدث من المعارضة السورية: «لن يكون هناك انتقام. في الحقيقة، نحن نسعى لتشكيل لجان لا تهدف سوى الحقيقة وتحقيق المصالحة».
وبمقتضى الخطة، سوف تراجع لجان خاصة «الوضع الحالي» لبنية الجيش والشرطة السورية، بهدف إعادة تشكيلها وتدريب منتسبيها لتخدم الشعب وحكومته التي تشكلت منه، لا لحماية السلطة التي تعتمد على الولاءات الطائفية والآيديولوجية الضيقة.
وعلى الرغم من أن الاقتراحات بخصوص الخيارات الفيدرالية لم تثر في المؤتمر، فإن المؤتمر قد أوضح أنه فضل الحفاظ على كيان الدولة السورية المركزي الكبير، عن طريق سلسلة من المقترحات بهدف تعزيز الديمقراطية.
وتأمل كل من المعارضة السورية والحكومة البريطانية في أن تعزز الخطة التي تألفت من 12 نقطة، اتفاق العالم على طريقة وضع نهاية للتراجيديا السورية. وسوف تدعم بريطانيا الخطة من خلال مجلس الأمن الدولي بجهود خاصة لإقناع روسيا بالموافقة عليها. ومن المرجح أن تحظى الخطة بموافقة غالبية الدول العربية، وتحديدا السعودية التي اجتمع وزير خارجيتها عادل الجبير مع قادة المعارضة السورية في لندن أمس. وسوف تبذل جهود دبلوماسية أيضا من أجل إشراك قوى أخرى على صلة بالصراع في سوريا، منها إيران وتركيا، بحسب مصادر بريطانية.
وأوضح وزير الخارجية البريطاني الجديد بوريس جونسون، أنه يعتزم تكثيف الجهود البريطانية لإنهاء الصراع الدائر في سوريا، وقال إنه اطلع على الخطة الانتقالية خلال لقائه مع قادة المعارضة السورية أمس.
ومن المفترض أن تضم الحكومة المؤقتة «طيفا واسعا من القوى السياسية السورية»، وفق غسان إبراهيم، المعارض المستقل. ولن تشمل الحكومة الجديدة المعارضة فحسب، بل أيضا ستشمل ممثلين عن المجتمع المدني، وقادة بعض المنظمات غير الحكومية، وعناصر من الإدارة الحالية.
وبحسب مصادر بريطانية، سوف تمهد الحكومة السورية المؤقتة المقترحة لإجراء انتخابات عامة خلال 18 شهرا من تشكيلها، من دون محاولة فرض إرادتها السياسية على الشعب الذي مزقته الحرب. فالفكرة هي أن «ندعم التفكير العقلاني في مستقبل البلاد، ومساعدة جميع عناصر الشعب على التعبير عن رأيهم ودعم خياراتهم من دون خوف».
تناول المؤتمر أيضا الخطوط العريضة لخطط إعادة إعمار البنية السورية المحطمة، وإعادة الحياة لاقتصادها. وتقدر الدراسات حاجة سوريا من الاستثمارات بنحو تريليون دولار على مدار السنوات العشر القادمة، لمساعدة سوريا على الوقوف على قدميها مجددا.
وناقش المؤتمر أيضا أمر التواجد العسكري الأجنبي في سوريا، في إشارة إلى أن تعاون روسيا، وتركيا، وإيران، وحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة، أقوى من الغضب الذي يسببه تدخلهم المباشر وغير المباشر في حرب كلفت كثيرا من الأرواح.
اجتمع وزراء خارجية «النواة الصلبة» في مجموعة «أصدقاء سوريا» في لندن، أمس، لمباركة الوثيقة التي أقرتها «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، بحضور نحو عشرين دولة ومنظمة. ومن أبرز المشاركين في هذا الاجتماع وزراء خارجية «بريطانيا، وتركيا، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وإيطاليا، وفرنسا، والاتحاد الأوروبي»، على أن يلقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري كلمة عبر دائرة فيديو مغلقة.
وفي مؤتمر صحافي جمع وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، ومنسق عام الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب، رحب جونسون برؤية المعارضة السورية للحل السياسي في سوريا، وعبر عن أمله في أن تتم دراسة خطة المعارضة السورية جديًا، مشددًا على ضرورة رحيل الأسد عن المشهد السياسي.
أما حجاب، فقال إن بريطانيا قدمت الدعم السياسي والإغاثي للسوريين، وأكد أن خطة المعارضة السورية تهدف للانتقال إلى مرحلة جديدة، وأن هيئة الحكم الانتقالي تقوم على المشاركة بين المعارضة والنظام. وتابع أن على روسيا والميليشيات القادمة من الخارج الرحيل عن سوريا. ولفت إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار خُرق أكثر من 8 آلاف مرة من قبل النظام وروسيا».
وكان منسق عام الهيئة العليا للتفاوض، قد شدد في الصباح، على أنه لا يمكن القبول ببقاء الأسد لا لستة أشهر، أو ليوم واحد، أو لدقيقة واحدة، خلال عملية الانتقال السياسي في سوريا.
وأكد على «أننا لا نطالب بحل المؤسسة العسكرية بسبب التجارب السابقة الفاشلة، ونقترح تشكيل مجلس عسكري مشترك خلال الانتقال السياسي في سوريا». وأشار إلى أن المعارضة السورية سترفض أي خطة أميركية روسية لا تتماشى مع رؤيتها. وأضاف أن الهيئة سترفض أي اتفاق تتوصل إليه روسيا والولايات المتحدة بشأن مصير سوريا إذا كان مختلفًا عن رؤيتها.
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات قد أعلنت في الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي عن نيتها نشر خطة الانتقال السياسي في سوريا. هذا ما أعلنته ممثلة «مجموعة الرياض» هند قبوات، التي أكدت أنه إضافة إلى تشكيل هيئة «الحكم الانتقالي»، تتضمن الوثيقة تفاصيل مدة مرحلة الانتقال السياسي، وآليات ضمان تمثيل الأقليات في مؤسسات الدولة.
يشار إلى أن «النواة الصلبة» في «أصدقاء سوريا» تضم 11 دولة غربية وعربية وإقليمية، بما فيها «الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والسعودية، وقطر، وتركيا، والإمارات، والأردن، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي»، مقابل غياب مصر التي لم تعد تحضر هذه الاجتماعات. من جهة ثانية اعتبر وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في تصريح لـ«بي بي سي» أن خطة المعارضة تشكل «خطوة إلى الأمام»، وتقدم «رؤية لسوريا: أي ما يجب أن تكون عليه سوريا عبر إشراك الجميع».
وعقد اجتماع جنيف - 1 في عام 2012 بغياب الأطراف السوريين، وصدر عنه بيان دعا إلى تشكيل هيئة انتقالية «تتمتع بكامل الصلاحيات»، في حين عقد مؤتمر وجولة مفاوضات جنيف - 2 في عام 2014، بحضور الأطراف السورية من دون أن يحقق أي نتائج.
وأطلقت في أواخر يناير (كانون الثاني) 2016 جولات جديدة من المفاوضات غير المباشرة، برعاية الأمم المتحدة في جنيف من دون أن تحقق أي نتائج أيضًا. لكن لم تتمكن من تحقيق أي تقدم؛ نتيجة للتباعد الكبير في وجهات النظر حيال المرحلة الانتقالية، ومصير الرئيس السوري بشار الأسد.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.