المحرمي: حررنا مدن أبين من «القاعدة».. والإرهاب سيستمر طالما بقي الانقلابيون في صنعاء

قوات «الشرعية» تفرض حالة الطوارئ وحظرًا للتجوال في «التربة» بتعز

اللواء المحرمي يتحدث مع أحد سكان مدينة جعار بُعيد تحريرها من العناصر المتطرفة («الشرق الأوسط»)
اللواء المحرمي يتحدث مع أحد سكان مدينة جعار بُعيد تحريرها من العناصر المتطرفة («الشرق الأوسط»)
TT

المحرمي: حررنا مدن أبين من «القاعدة».. والإرهاب سيستمر طالما بقي الانقلابيون في صنعاء

اللواء المحرمي يتحدث مع أحد سكان مدينة جعار بُعيد تحريرها من العناصر المتطرفة («الشرق الأوسط»)
اللواء المحرمي يتحدث مع أحد سكان مدينة جعار بُعيد تحريرها من العناصر المتطرفة («الشرق الأوسط»)

قال اللواء الركن أحمد سيف المحرمي (اليافعي)، قائد المنطقة العسكرية الرابعة إن «المهمة المسندة لقواته العسكرية وبدعم جوي من طيران التحالف وإسناد على الأرض من قبل قوات الحزام الأمني، حققت نجاحا كبيرا في تطهير مدن محافظة أبين شرقي البلاد، من العناصر المتطرفة وبأقل كلفة ووقت، وأعادت السكينة العامة والاستقرار للمحافظة التي عانت كثيرا من تناوب حروب ميليشيات تحالف الحوثيين وصالح، وكذلك ميليشيات العناصر الإرهابية». وأضاف، في حوار مع «الشرق الأوسط» أن أبين في حاجة اليوم إلى اهتمام مضاعف من أجل عودة الخدمات الأساسية وإعمار ما دمرته تلك الميليشيات، وحان الوقت لتكاتف أبنائها ورجالها كي تستعيد موقعها الطبيعي في مسار التنمية والاستقرار والسكينة العامة التي افتقدها سكان المحافظة. فإلى نص الحوار..
* معركة خاطفة وسريعة جرت في أبين، فهل نجزم بأن مدن المحافظة باتت تحت سيطرة قوات الجيش الوطني؟
- نعم، ليست مدن أبين فقط، وإنما كل أبين تحت سيطرة القوات العسكرية والمقاومة، فهذه هي المعركة الأخيرة لتحرير أبين من الجماعات الإرهابية التي أنشأها ودعمها وسلحها نظام صالح في صنعاء. وتعتبر هذه المعركة المسمار الأشد سمكا في نعش الإرهاب الذاهب إلى مثواه الأخير بدءا من هذه المحافظة.
* إلام ترجعون هذا الانتصار السريع؟
- يعود هذا الانتصار الساحق إلى أربعة عوامل: أولا أن أبين ليست منطقة حاضنة للإرهاب، فعند ما شعر السكان بجدية العملية العسكرية ضد الإرهاب صار جميع المواطنين متعاونين في تقديم المعلومات عن الإرهابيين وأماكن تواجدهم، إضافة إلى أن أغلب المقاتلين المشتركين بالعملية من أبناء المحافظة ومن المقاومين واللجان الشعبية الذين اكتسبوا خبرة قتالية ممتازة خلال الأعوام الماضية، ثانيا كان لضربات الطيران الذي استمرت غاراته 72 ساعة متواصلة، وتم خلالها تدمير الوسائل النارية الثقيلة والمتوسطة المتحركة والثابتة على الأرض، وخلال هذه الفترة توفرت ثلاثة عوامل مهمة تمثلت في المعلومات الدقيقة من السكان ومن عناصر الاستخبارات التي قدر لها اختراق جماعات القاعدة الإرهابية، علاوة على معلومات استطلاعية جوية وفرتها قوات التحالف وكانت مباشرة ودقيقة، إلى جانب أن أغلب المقاتلين من أبناء المحافظة؛ ما سهل التنفيذ للعملية، وكذا التدريب الجيد للمقاتلين ودقة وكثافة النيران للأسلحة المشتركة، وتحديدا من قبل الطيران وسلاح المدفعية.
* هل لديكم إحصائية محددة لعدد القتلى والجرحى؟
- بالنسبة لنا، خسائرنا لا تكاد تذكر، إعطاب عربة وتدمير طقم، ومع الأسف شهيد وجريحان، أما خسائر الإرهابيين فهي كبيره وتمثلت بخسارة جميع أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة المحمولة والمتمركزة على الأرض، فضلا عن نحو 40 قتيلا بُعيد تدمير الوسائل النارية بما فيها من أفراد.
* ما التكتيك الذي اعتمدته قواتكم بالمعركة؟
- الضرب المباشر والمتواصل من قبل الطيران والمدفعية على الأهداف المكتشفة في حينها، واستمرار الضربات الجوية والمدفعية، علاوة على الاقتراب المباشر من المواقع المهمة والمفاصل المتحكمة بالأرض، ومن ثم الانقضاض السريع على الإرهابيين من كل الاتجاهات في وقت واحد.
* كيف وجدتم تعاون الأهالي مع قوات الجيش؟
- تجاوب منقطع النظير، ومن خلال تقديم المواطن المعلومات عن السيارات المفخخة، سواء قبل أو أثناء الهجوم، وعن مكان تواجد تلك العناصر الإرهابية التي لجأت إلى مزارعهم أو إلى أماكن أخرى هربت إليها، كما أن منهم من حمل السلاح وانضم إلى المقاتلين لمطاردة عناصر الإرهاب.
* ما حجم القوة العسكرية البشرية والمادية التي نفذت العملية؟
- هي القوة الكافية لتنفيذ المهمة ومواصلة تأمين أبين من أي نشاط إرهابي متوقع.
* هل يمكن القول إن أبين باتت متاحة للقوافل والهيئات الإنسانية الإغاثية؟
- أقول إنه بمجرد التأكد من إخراج الإرهابيين من أبين سيكون بمقدور المؤسسات والهيئات الإنسانية الإغاثية الدخول إلى أبين، ومنها الهلال الأحمر الإماراتي الذي بدأ في تسيير قوافله الإنسانية الخيرية إلى السكان.
* وهل هناك قوافل أخرى في طريقها إلى محافظة أبين بعد تحريرها؟
- طبعا هذه القوافل ستتبعها قوافل أخرى، وحتما ستلحقها برامج تنموية في جميع المجالات، وأهمها وأسرعها مجالات الكهرباء والصحة والتربية والمياه أيضا.
* بُعيد نجاح قواتكم في استعادة المحافظة وطرد تلك العناصر، فهل من كلمة تودون قولها في المناسبة؟
- أود قبل كل شيء أن أشكر دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على الدور الفاعل الداعم والمساند لجهودنا المتواصلة لتحرير الأرض من الانقلابيين، وكذلك لقتال الإرهابيين، وأخص بذلك الدور المتميز والفاعل لدولة الإمارات العربية وجيشها وسلاحها الجوي، كما أود القول إن الإرهاب ذهب إلى غير رجعة، ولا يعني أن المحافظات المحررة باتت في مأمن تام، وعليه أجدني أحذر من نشاط إرهابي تخريبي سري سيبرز خلال الفترة المقبلة، طالما بقي الانقلابيون في صنعاء.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.