الأمراض الوراثية.. أنواعها وسبل الوقاية منها

تنجم عن اختلالات كروموسومية وجينية

الأمراض الوراثية.. أنواعها وسبل الوقاية منها
TT

الأمراض الوراثية.. أنواعها وسبل الوقاية منها

الأمراض الوراثية.. أنواعها وسبل الوقاية منها

تمثل الأمراض الوراثية بمختلف أنواعها مشكلة ذات أوجه متعددة، صحية واجتماعية ونفسية واقتصادية، وتنعكس سلبياتها على حياة الأسرة والمجتمع، لذلك لا بد من تفهم هذه المشكلة ومعرفة أسبابها وأنواعها وكيفيه الحد منها. ولإيضاح ذلك التقت «صحتك» بإحدى المتخصصات في الاستشارات الوراثية، الدكتورة سميرة سقطي رئيسة وحدة الأمراض الوراثية بمستشفى الملك فهد ومستشفى الولادة والأطفال بجدة، فأوضحت في البداية أن الأمراض الوراثية يمكن تقسيمها إلى قسمين: أمراض وراثية ناتجة عن اختلال في الصبغيات (الكروموسومات) في العدد أو التركيب، وأمراض وراثية ناتجة عن اختلال في المورثات (الجينات).

العوامل الوراثية

تقول د. سقطي: «بداية يجب أن نعلم أن هناك عوامل وراثية ناتجة عن اختلال في الكروموسومات (الصبغيات) في العدد أو التركيب، حيث يتكون جسم الإنسان من الكثير من الخلايا، وكل خلية يوجد بها 46 كروموسوما (22 زوجا) جسديا يحدد شكل وبناء الجسم. أما الزوج الثالث والعشرون فهو الزوج الذي يحدد نوع الجنس فإذا كان الكروموسوم XX فهي أنثى، وإذا كان XY فهو ذكر، وإن أي خلل في عدد أو تركيب هذه الكروموسومات يؤدي إلى خلل في تركيب الجسم ووظائفه، مما يسبب أمراضا تؤدي إلى إعاقات جسدية وعقلية. وتعد الاختلالات في التركيب هي الوراثية، بينما اختلالات العدد غير وراثية».
• اختلال الكروموسومات في التركيب (الكروموسومات الانتقالية): إن اختلال الكروموسومات في التركيب ينتج عادة بسبب انتقال جزء من أحد الكروموسومات إلى كروموسوم آخر، وهو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى التخلف العقلي، وكذلك هي من أهم مسببات الإجهاض، خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى، ويكون الشخص الحامل سليمًا، ولا يعرف أنه مصاب باختلال الكروموسومات إلا عند الإنجاب، حيث تكثر نسبة الإجهاض أو ولادة أطفال مصابين بعيوب خلقية.
• عوامل وراثية ناتجة عن اختلال في المورثات (الجينات): أوضحت د. سقطي أن جسم الإنسان يتكون من 46 كروموسوما، وكل زوج منها يحمل الكثير من المورثات المسؤولة عن الصفات الوراثية، كالشكل واللون، وكذلك عن نقل الأمراض الوراثية.
وكل مورث عبارة عن نسختين، نسخة يحملها الشخص من الأم، والأخرى يحملها من الأب، وبذلك تنتقل الصفات الوراثية من الأبوين للأبناء.
ويكمن تقسيم الأمراض الوراثية الناتجة عن المورثات (الجينات) إلى أربعة أقسام:
* أمراض تتنقل بصفة سائدة.
* أمراض تتنقل بصفة متنحية.
* الأمراض الوراثية المرتبطة بجنس الجنين (أمراض تنقل عبر كروموسوم x بصفة سائدة، أمراض أخرى تنقل عبر كروموسوم x بصفة متنحية).

* الأمراض الوراثية

* الأمراض الوراثية السائدة: تُسمى هذه الأمراض بالسائدة، أي الواضحة، فيكفي لظهور هذا المرض خلل أو عطب واحد فقط في إحدى المورثتين لتظهر علامات المرض وأعراضه، وينتقل المرض سواءً من الأب أو الأم للأبناء، وإن نسبة توارثه في كل حمل هي (50 في المائة سليم، 50 في المائة مريض).
وأكثر هذه الأمراض انتشارًا:
- مرض التليف العصبي.
- التصلب الدرني.
- متلازمة إهلرز – دانلوس.
- متلازمة أبرت.
- متلازمة نون.
* الأمراض الوراثية المتنحية: يشترط لظهور هذه الأمراض التي تنتقل بهذه الصفة المتنحية أن يكون الخلل في كلتا المورثتين، أما إذا كان الشخص لديه خلل في مورثة واحدة فقط فيسمى هذا الشخص بحامل المرض، ولا تظهر عليه أي أعراض أو علامات للمرض، لذلك يُطلق عليه الصفة المتنحية، أي المخفية، وكل إنسان في العادة يحمل من ثمانية إلى عشرة مورثات بها خلل، ولكن لا تؤثر عليه لأن لديه مورثة أخرى سليمة تؤدي الغرض، أما إذا اجتمع زوجان من المورثات لنفس النوع فيظهر المرض، وهذا نادر، ولكن تزداد نسبة حصوله إذا كان الزوجين من نفس العائلة (أي أبناء العم والعمة والخال والخالة)، وذلك لتشابه المورثات لديهم التي انتقلت من الآباء للأبناء ثم للأحفاد لتكون زوجا من المورثات المعطوبة، لذا يظهر المرض، وتكون احتمالية توارث هذه الأمراض في كل حمل بنسبة 25 في المائة مريض و25 في المائة سليم و50 في المائة حامل للمرض، ومن هنا يتضح خطورة زواج الأقارب.
وأكثر هذه الأمراض انتشارًا:
- الأنيميا المنجلية
- أنيميا البحر الأبيض المتوسط
- مرض ضمور العضلات الشوكي (ويردنيج - هوفمان)
- الأمراض الاستقلابية
- الصمم الوراثي المتنحي (يمثل 70 في المائة من أسباب الصمم الوراثية)
• الأمراض الوراثية المرتبطة بجنس الجنين: تتميز الأمراض الوراثية التي تنتقل بالمورثات عبر الكروموسوم X بأنها تصيب الذكور فقط، بينما يحمل الإناث المرض، أو تكون أعراضه أخف من الذكور، وذلك لأن الأنثى لديها نسختان من كروموسوم X، نسخة معطوبة والأخرى سليمة، بينما الذكر لديه نسخة واحدة فقط من X، والنسخة الثانية من نوع Y، لذا يظهر عليه المرض.
ومن أشهر هذه الأمراض الحثل العضلي الدوشيني.

* الوقاية من الأمراض الوراثية

يمكن تقسيم الوقاية من الأمراض الوراثية إلى فترات:
• فترة ما قبل الزواج
• فترة الحمل
• فترة ما بعد الولادة
• تفادي تكرار المرض
• فترة ما قبل الزواج
إن كل شخص له الحرية في اختيار شريك حياته، وبالطبع يتمنى أي زوجين أن تستمر حياتهم وتكمل سعادتهم بالذرية الطيبة الخالية من المشكلات الصحية، لذا ألزمت الحكومة إجراء الفحص ما قبل الزواج لتفادي الأمراض المعدية، وكذلك بعض الأمراض المتنحية الوراثية التي تزيد نسبة انتشارها في المملكة، مثل الأنيميا المنجلية وأنيميا البحر الأبيض المتوسط لما لهما من آثار وخيمة على الأسرة نفسيًا واجتماعيًا.
أما الأمراض الوراثية الأخرى فمن الصعب الكشف عنها لأنها سوف تكلف أموالاً باهظةن وكذلك لندرة هذه الأمراض، ولكن قد توجد هذه الأمراض النادرة في بعض الأسر نتيجة زواج الأقارب، وهذا يشكل خطرا في الإنجاب، ونحن لا نمانع من زواج الأقارب إذا لم يكن هنالك في العائلة تاريخ مرضي وراثي، أما إذا كان هنالك تاريخ وراثي لمرض معين فينصح باستشارة أطباء الأمراض الوراثية.
ويقدم أطباء الأمراض الوراثية الاستشارات الوراثية والمعلومات والدعم للأشخاص الذين لديهم مخاطر، أو المعرَّضين أكثر من غيرهم للأمراض الوراثية، حيث يتم مقابلة الشخص المعني وتُناقش معه المخاطر الوراثية، وكيفية توارثها ومدى احتمالية الإصابة بها، وقد تتبع الاستشارة الوراثية بعض التحاليل المخبرية الخاصة بالأمراض الوراثية للكشف عنها.
* فترة الحمل. التخطيط المبكر للحمل وعدم تأخيره لما بعد سن الأربعين لأن اختلال عدد الكروموسومات تزداد نسبته بعد هذه السن.
ويمكن تشخيص الأمراض الوراثية أثناء الحمل في الأسبوع التاسع أو العاشر إلى السادس عشر، وذلك بأخذ عينة من المشيمة أو السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، وتمثل نتيجة الفحص، إن ثبت إصابة الجنين بمرض وراثي، معضلة شرعية في جواز إسقاط (إجهاض) الجنين أو عدمه، وفي حالة خلو الجنين من الاعتلالات يتم طمأنة الوالدين.
* فترة ما بعد الولادة. برنامج المسح الطبي لحديثي الولادة يهدف إلى فحص كل المواليد للاكتشاف المبكر لبعض الأمراض المسببة للإعاقة، مثل نقص هرمون الغدة الدرقية المسببة للتخلف العقلي، وكذلك بعض الأمراض الاستقلابية لكثرة انتشارها في مجتمعنا. ولأهمية التشخيص المبكر، ألزمت الحكومة جميع المستشفيات بالقيام بهذا الفحص لحديثي الولادة بواسطة وضع قطرات الدم على ورق الفلتر الذي يكشف عن ستة عشر إلى ثمانية عشر مرضا وراثيا حتى يتم العلاج المبكر للمرض ومنع مضاعفاته التي تؤدي إلى الإعاقة.
* تفادي تكرار المرض، وذلك بالفحص الوراثي قبل الغرس. وتستخدم هذه التقنية عندما يكون أحد الوالدين أو كليهما لديه عيوب جينية وراثية معروفة، أو كان لديهم أطفال مصابون مسبقًا وتم تحديد الطفرة الوراثية للمرض. والفحص الوراثي قبل الغرس هو ما يعرف بطفل الأنابيب، حيث يؤخذ من الزوجين نطف حيوانات منوية وبويضات وتلقح في المختبر ثم تفحص البويضة الملقحة جينيًا لمرض العائلة، ومن ثم يتم اختيار البويضات السليمة وتغرس في الرحم.



«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
TT

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

وتُعدّ الدراسة التي استمرت خمس سنوات بقيادة عالمة الأحياء التنموية، ريتا فيور، من مؤسسة «تشامباليمود»، أول تجربة عشوائية يتلقّى فيها المرضى أدوية تم اختبارها مسبقاً في أجنة سمك الزرد المزروعة بالخلايا السرطانية وأعطت «نتائج واعدة» على الأسماك.

ويقول عالم أحياء الخلايا الجذعية من كلية الطب بجامعة هارفارد، ليونارد زون، الذي لم يشارك في التجربة: «يبحث الجميع عن شيء أكثر تنبؤاً» بكيفية تأثير العلاج في أورام المرضى. وتم استخدام الفئران والذباب قبل ذلك لتجربة أدوية للسرطان، لكن «جميعها كانت له حدود». ويضيف زون: «إذا أظهرت الدراسة الجديدة أن الأسماك لها قيمة تنبؤية عالية، فسوف يهتم الناس بهذا الأمر».

سيتم اختبار أدوية مجربة في سمك الزرد على المرضى لأول مرة (أ.ف.ب)

والاختلافات في أورام المرضى بسبب سمات مثل الوراثة، والتمثيل الغذائي، يمكن أن تجعل اختيار العلاج المناسب أمراً محيّراً لأطباء الأورام. ونظراً إلى إمكانية توفر الكثير من الخيارات المتماثلة تقريباً، فقد يضطر المرضى إلى تحمّل علاج ضار تلو الآخر حتى يستقروا على العلاج الذي يساعدهم. ويمكن للتحليل الجيني في بعض الأحيان أن يغربل الاختيارات، ولكن حتى عندما يحمل سرطان المريض طفرات تشير إلى علاج معين، فليس هناك ما يضمن أنه سيستجيب إليه، وفق ما ذكرته مجلة «ساينس» العلمية.

وبحثاً عن بديل أفضل، كان مختبر العالمة فيور يدرس سمك الزرد منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وعزل الباحثون الخلايا السرطانية من المريض، ثم زرعوها في أجنة سمكة الزرد الشفافة التي تنمو بشكل طبيعي خارج الأم. وأضاف العلماء أدوية السرطان إلى مياه الأسماك، كما قدموا جرعات من الإشعاع، وراقبوا الخلايا السرطانية لقياس أي العلاجات «من المحتمل أن تكون فاعلة». وعلى القدر نفسه من الأهمية، ومن خلال الكشف عن الخيارات التي لم تنجح، تُنقذ التجربةُ على الأسماك المرضى من علاجات «قد تكون سامة وغير مجدية».

وفي تقرير صدر عام 2024، قال علماء إن الأسماك استطاعت التنبؤ بصورة صحيحة بالعلاج المناسب لـ50 مريضاً بالسرطان من وسط مجموعة تضم 55 مريضاً. ومن المميزات التي تشجع استخدام سمك الزرد هو أن هذه التجربة تقدّم نتائج سريعة بخصوص العلاج خلال 10 أيام فقط.

وفي التجربة السريرية، ستختبر فيور وفريقها دقة نتائج سمك الزرد على المرضى من خلال غربلة الخلايا السرطانية من السائل الذي يتراكم في بطن الأشخاص المصابين بسرطان الثدي أو المبيض، الذي عادة ما يتم تصريفه بوصفه جزءاً من العلاج.

وتقول فيور: «نحن لا نقوم بإجراءات إضافية على المرضى»، لكن سيتم زرع الخلايا السرطانية في أجنة الأسماك، وبدلاً من اختبار الأدوية التجريبية، كما تفعل الكثير من التجارب السريرية الأخرى، فستحدد الدراسة على الأسماك أي مجموعة من العلاجات المعتمدة تعمل بشكل أفضل، وسيحصل نصف المرضى على الأدوية التي تقترحها نتائج سمك الزرد، وسيتلقّى النصف الآخر العلاج الذي يختاره أطباؤهم، ثم سيجري تقييم النتائج.