الغارات التي تقودها أميركا {تعصر} تنظيم داعش ماليًا

وسط صدامات في صفوف كبار قادة التنظيم بشأن مزاعم فساد وسوء معاملة وعمليات سرقة

الغارات التي تقودها أميركا {تعصر} تنظيم داعش ماليًا
TT

الغارات التي تقودها أميركا {تعصر} تنظيم داعش ماليًا

الغارات التي تقودها أميركا {تعصر} تنظيم داعش ماليًا

يواجه تنظيم «داعش» أزمة سيولة مالية غير مسبوقة في الأراضي التي يسيطر عليها، بحسب ما يقول مسؤولون أميركيون معنيون بمكافحة الإرهاب، حيث ألحقت الغارات الجوية التي استهدفت المنشآت النفطية والمؤسسات المالية على مدار شهور، أضرارا بليغة بقدرة التنظيم على دفع رواتب لمقاتليه أو تنفيذ عمليات.
وللمرة الأولى، يرى المسؤولون الأميركيون دليلا واضحا على الضغوط المالية التي تتعرض لها قيادة التنظيم، حيث تتحدث تقارير عن صدامات في صفوف كبار قادة التنظيم بشأن مزاعم فساد، وسوء معاملة، وعمليات سرقة.
وقد أجبر نقص السيولة المالية التنظيم بالفعل على دفع نصف راتب لكثير من عناصره من العراقيين والسوريين، كما توحي روايات نقلها عدد من المنشقين حديثا عن التنظيم بأن بعض وحداته لم تحصل على أي رواتب منذ شهور. ويشكو المدنيون والشركات في معقل التنظيم من إجبارهم على دفع ضرائب ورسوم أعلى بكثير من ذي قبل لتعويض النقص في السيولة المالية.
ويعزو المسؤولون الأميركيون الأزمة الاقتصادية التي يعانيها التنظيم إلى حملة ممتدة على مدار شهور لتدمير الدعائم المالية للتنظيم، بما في ذلك أسابيع من الضربات الجوية العقابية على المنشآت النفطية وكذلك البنوك وغيرها من مستودعات العملة الأجنبية.
وأدت الغارات الجوية على حقول ومصافي وحاويات النفط إلى تقليص إنتاج التنظيم من النفط بواقع الثلث، وفقا لكثير من مسؤولي مكافحة الإرهاب، الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم لبحث موضوعات استخباراتية حساسة من المنطقة.
وفي الوقت ذاته، تراجع إجمالي عائدات تنظيم داعش من تجارة النفط بما يصل إلى 50 في المائة، بسبب تراجع أسعار النفط وتقلص القدرة على تصنيع وتكرير وبيع منتجات مثل الغازولين، بحسب ما يقول المسؤولون.
وقال دانييل غلاسر، مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الإرهاب، عن الحرب المالية على «داعش»: «للمرة الأولى، هناك نغمة ملؤها التفاؤل. وأعتقد فعليا بأننا نحلق أضرارا كبيرة (بالتنظيم)». لكنه أضاف أن التنظيم «ما زال يحصل على كثير من الأموال، وما زال أمامنا طريق طويل لنقطعه».
وفي الوقت ذاته، قتلت العمليات العسكرية الأميركية عددا من كبار المسؤولين الماليين في «داعش»، بمن فيهم وزير مالية التنظيم، الحاج إمام، الذي أعلن موته في غارة جوية قبل أسبوع.
وفضلا عن هذا، وبسبب خسارة التنظيم أراضي كان يسيطر عليها في الأشهر الأخيرة، قلصت الهزائم العسكرية حجم الخلافة المعلنة من طرف واحد بواقع ما يقرب من 40 في المائة، على مدار العام الماضي، ولدى الإرهابيين الآن عدد أصغر بكثير من السكان لاستغلالهم من أجل الحصول على النقد، على حد قول مسؤولين ومحللين أميركيين.
وعلى خلاف تنظيم «القاعدة»، الذي كان يعتمد ماليا على ممولين خارجيين، دأب تنظيم داعش على توليد كثير من دخله محليا، من خلال عمليات ابتزاز ومشاريع إجرامية أخرى، وكذلك من خلال الضرائب والرسوم المفروضة على الشركات والمدنيين. وقال ماثيو ليفيت، الخبير المتخصص في الشبكات المالية للإرهابيين، وعمل في وزارة الخزانة ومكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»: «هناك نجاح هائل في إخراج (داعش) من الأراضي التي يسيطر عليها. وما لم يسيطر التنظيم على الأرض، فلن يستطيع استغلال السكان. لا يمكنه استغلال الموارد الطبيعية سواء النفط أو القمح أو المياه».
ويعتقد عدد من خبراء الإرهاب أن الهجمات الإرهابية الأخيرة في أوروبا تمثل ردا جزئيا على المشهد الذي يزداد سوءا في الأراضي التي يسيطر عليها. ويقول بعض الخبراء إنه على المدى القصير يمكن أن يؤدي الضغط على «داعش» ماليا إلى جعل التنظيم أكثر خطورة ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته بشكل أكبر. وقال ليفيت، وهو الآن زميل أول بـ«معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»: «أنت تحشر وحشا بريا في الزاوية، وسوف يهاجم بعنف».
ولم يتوصل مسؤولو مكافحة الإرهاب إلى أدلة تذكر على تمويل كبير أو دعم مادي من الفرع الرئيسي لـ«داعش»، للاعتداءات الأخيرة في باريس وبروكسيل. وواقع الأمر أن التنظيم لا يقدم من الدعم المادي لمنتسبيه في الأنحاء الأخرى من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، سوى النذر اليسير، إذا كان يقدم أي دعم من الأساس، بحسب ما يقول خبراء مكافحة الإرهاب. قالت كاثرين باور، التي كانت حتى وقت قريب مستشارة أولى لشؤون تمويل الإرهاب في وزارة الخزانة الأميركية: «في حين يبدو أن بعض الولايات قد تكون حصلت على أموال، يبدو أن بعضها الآخر لا يحصل على كثير مقابل المقاتلين الذين تم إرسالهم إلى سوريا والعراق».
ويحذر المسؤولون الأميركيون من أن «داعش» تعافى من انتكاسات خطيرة من قبل، وقادة التنظيم لديهم من التنظيم والابتكار ما يمكنهم من تجاوز العراقيل. وأبدى هشام الهاشمي، وهو خبير استراتيجي عراقي، شكوكه بشأن المزاعم الأميركية حول النجاح في إلحاق أضرار كبيرة بالبنية المالية للإرهابيين.
وقال الهاشمي: «لن يمر (داعش) بأزمة مالية من النوع الذي سيؤدي إلى انهياره. ما زال يسيطر على 60 في المائة من آبار النفط السورية، و5 في المائة من الآبار العراقية».
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، أثبتت مهمة قطع شريان الحياة المالي عن تنظيم داعش صعوبة استثنائية، ويعود هذا جزئيا – والحديث للمسؤولين - إلى اكتفاء التنظيم ذاتيا من الناحية الاقتصادية، لكنه يعود أيضا إلى المبالغ المالية الهائلة التي استولى عليها مقاتلوه بعد سيطرتهم على كثير من المدن العراقية الكبرى في 2014. وقد جعلت هذه الثروة المالية المفاجئة في البداية – والمقدرة بما يزيد على 700 مليون دولار – التنظيم أغنى جماعة إرهابية في العالم على الفور.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.