انطلاق المحادثات السورية في جنيف ودي ميستورا يعتبر المرحلة الانتقالية «أم المسائل»

انطلاق المحادثات السورية في جنيف ودي ميستورا يعتبر المرحلة الانتقالية «أم المسائل»
TT

انطلاق المحادثات السورية في جنيف ودي ميستورا يعتبر المرحلة الانتقالية «أم المسائل»

انطلاق المحادثات السورية في جنيف ودي ميستورا يعتبر المرحلة الانتقالية «أم المسائل»

انطلقت رسميا في جنيف أمس الجولة الثانية من المحادثات السورية غير المباشرة التي كان «بطلها» المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا الذي عقد مؤتمرين صحافيين، وعلى أجندة دي ميستورا اليوم لقاء وفد المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض برئاسة أسعد الزعبي عصرا، على أن يلتقي مجددا وفد النظام في اليوم التالي. وعمد دي ميستورا إلى إطلاع مجلس الأمن الدولي على مضمون لقاءاته.
بيد أن جنيف شهدت اجتماعات ليست أقل أهمية، إذ إن المعارضة عقدت أمس اجتماعات متواصلة ومغلقة لوضع اللمسات الأخيرة على موقفها وعلى «تكتيكها» التفاوضي، بينما التقت ليلا بما يسمى «مجموعة باريس» المشكلة من عشر دول غربية وعربية لتنسيق المواقف وتقويم الوضع وما نتج عن الاتصالات الأولى. كذلك عقد اجتماع لمجموعة الإشراف على وقف الأعمال العدائية التي ترأسها أميركا وروسيا بحضور ممثلي الدول الأخرى لمعالجة الخروق الحالية ميدانيا وتلافي استفحالها و«تسميم» أجواء جنيف.
وإزاء التضارب التام في المواقف بين المعارضة والنظام لجهة طبيعة المرحلة الانتقالية ومصير الرئيس السوري بشار الأسد، قالت مصادر دبلوماسية غربية إنه «لا يتعين أن نفاجأ بها، إذ إن (الوزير وليد) المعلم يلعب دوره كوزير خارجية النظام، وتصريحاته يجب أن توضع في هذا الإطار، وكذلك ما يصدر عن المعارضة». وعما إذا كان من الممكن التوصل إلى «نقاط تلاقٍ» أو «طريق وسطي» بين الجانبين، قالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «من المبكر» الحديث عن ذلك الآن «لأن المفاوضات لم تنطلق بعد». ولكن يمكن تصور الاتفاق على الإبقاء على المؤسسات «ولكن من غير الأشخاص الذين يشرفون عليها حاليا». واستبعدت هذه المصادر أن تقبل المعارضة أو الجهات التي تدعمها إقامة حكومة أو سلطة للمرحلة الانتقالية تحت اسم حكومة اتحاد وطني، تكون تحت إشراف الأسد. وبالنظر إلى هذا التضارب ترى هذه المصادر أن المبعوث الدولي سيكون بحاجة إلى «كنوز الدبلوماسية والسلاسة» للتقدم على درب المحادثات.
اعتبر المبعوث الدولي أمس أن المرحلة الانتقالية «أم المسائل»، مضيفا أن الجميع وصل إلى «مرحلة الحقيقة»، بيد أنه أراد بث بعض التفاؤل في أجواء جنيف رغم حساسية المرحلة فسعى من جهة إلى أن «ينقي» الأجواء مع وفد النظام بعد هجمة الوزير المعلم عليه لأنه تجرأ وتحدث عن انتخابات رئاسية. لذا وصف دي ميستورا اجتماعه مع وفد النظام بأنه كان «مثمرا» وأنه «ساهم في توضيح أمور كثيرة» بما في ذلك الانتقادات التي تعرضت لها «أجندة» المحادثات كما عرضها أكثر من مرة في الأيام الماضية: حكم جامع يتمتع بالصدقية، كتابة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف دولي. وأوحى دي ميستورا بأنه شخصيا لم يبتدع شيئا، بل إنه ينقل ما جاء في بيان جنيف لصيف عام 2013 وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254. وأوضح المبعوث الدولي أن لقاءاته الأولى «إجرائية» وأن البحث في العمق مع النظام سيبدأ في اجتماع الأربعاء.
وكشف السفير الجعفري أنه قدم لدي ميستورا أفكارا تحت عنوان «عناصر أساسية للحل من شأنها أن تساعد إطلاق المفاوضات وتسهيل الحل»، لكنه لم يعط أية تفاصيل عن هذه «العناصر».
وإزاء التضارب الحاد في المواقف، ما زال دي ميستورا يحافظ على هدوء أعصابه. وأمس رد على سؤال عن الطريقة التي سيعمد إليها من أجل ردم الهوة بين المواقف المتعارضة بقوله إن شيئا كهذا أمر مألوف يحصل بشأن «أية مفاوضات أو محادثات تكون أساسية وجوهرية وحساسة» مثل تلك الخاصة بسوريا. وبحسب المبعوث الدواي فإن القضايا الرئيسية سيبدأ بحثها يوم الأربعاء مع وفد النظام. وحتى مساء أمس لم يكن قد التقى وفد المعارضة إلا مرة واحدة في الفندق الذي ينزل فيه. وترى مصادر غربية في جنيف أن دي ميستورا يستطيع في مرحلة أولى أن يسعى إلى «التعرف بعمق» على مفهوم كل طرف للمرحلة الانتقالية «في حال قبل وفد النظام الخوض فيها»، وأن يحاول في مرحلة لاحقة بدعم من الأطراف الفاعلة والمؤثرة إيجاد «شيء ما» يستطيع البناء عليه. وفي أي حال فإنها تعتبر أن دي ميستورا «أفضل حالا اليوم مما كان عليه في الجولة الماضية لأن وراءه انخراط الولايات المتحدة وروسيا كما أنه يتسلح بمجلس الأمن الدولي ويضرب بسيفه». ولفتت هذه الأوساط الانتباه إلى أن المبعوث الدولي لوح مرتين أمس بالعودة إلى مجلس الأمن الدولي وأيضًا إلى الراعيين الأساسيين للهدنة والمفاوضات في حال تبين له أن الأمور ما زالت في طريق مسدود.
وفي أي حال، فإن المبعوث الدولي الذي فصل اليوم خطته الزمنية للمحادثات الممتدة لثلاث جولات، «الأولى حتى24 من الشهر الحالي، والثانية والثالثة بعد أسبوعين من ذلك.».، خيّر السوريين بين شيئين: إما إحراز تقدم في المحادثات، وإما استمرار الحرب، معتبرا أن الخطة باء «الوحيدة» التي يعرفها هي «العودة إلى الحرب وربما حرب أسوأ مما هي عليه اليوم». وحتى تكون الأمور كاملة الوضوح شدد على أن عملية الانتقال السياسي هي «أساس كل القضايا». لكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو: ما شكل هذا الانتقال؟ ومن الواضح أن الوسيط الدولي لا يملك جوابا عليه أو لا يستطيع الكشف عنه إن كان متوافرا لديه.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.