ما مصير الهدنة؟

أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن واشنطن وموسكو اتفقتا على خطة لوقف إطلاق النار في سوريا بدءًا من منتصف ليل الجمعة (أمس)، مع استثناء قصف تنظيم داعش وجبهة النصرة. وأكد متحدث باسم الخارجية الأميركية أن الاتفاق على الهدنة المؤقتة لمدة أسبوعين من شأنه أن يؤدي في حال التزام كل الأطراف به إلى وقف إطلاق النار بشكل كامل ورسمي والتقدم بإيجابية نحو بناء الثقة بين الأطراف، واستئناف المفاوضات وعملية الانتقال السياسي في سوريا. وقد رحبت كل من الحكومة السورية وائتلاف المعارضة بوقف إطلاق النار شريطة أن تلتزم جميع الأطراف بالقرارات الدولية بهذا الشأن والخاصة برفع الحصار وإطلاق الأسرى.
السؤال: هل تلتزم الدول العظمى بتعهداتها بفرض وقف إطلاق النار؟ وماذا يمكن أن تفعل الولايات المتحدة لو استغل النظام الهدنة وبدأ بالاستيلاء على مناطق جديدة بدعم قوي من إيران وروسيا؟... الولايات المتحدة أعلنت أن فشل الهدنة يعني تمزق التجارب التاريخية التي تخبرنا بأن تدخل الدول العظمى في المنطقة سيفاقم انتشار الإرهاب أكثر... والدليل على ذلك هو التدخل الأميركي في العراق وأفغانستان تحت غطاء محاربة تنظيم القاعدة.. إذ لم تحقق الولايات المتحدة أي نجاح، بل امتد إرهاب «القاعدة» و«طالبان» إلى باكستان والآن في اليمن وسوريا والعراق وليبيا.
ماذا سيحدث في سوريا والمنطقة بعد الهدنة؟ لا يزال الوقت مبكرًا لوضع تصور لما سيحدث، لكن كل الاحتمالات مفتوحة... واشنطن وموسكو تدخلتا لوقف الصراع الداخلي لكن لا أحد يعلم كيف سينتهي الصراع، ومتى سينتهي، وبأي صيغة أو سيناريو مستقبلي، خصوصًا أننا نحن العرب ليس لدينا رؤية عربية مشتركة لحل الصراع في سوريا أو اتفاق على ماذا سنفعل إذا فشلت المباحثات.
التساؤل هنا: هل وقف الحرب في سوريا يعني العودة للأمن والاستقرار لهذا البلد المنكوب؟... التجارب التاريخية تخبرنا بأن تدخل الدول العظمى في المنطقة سيفاقم من تردي الأوضاع وتزايد وتيرة الإرهاب واحتمال تمزق البلد، والدليل على ذلك اعتراف رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي ذكر بأن الحرب على العراق في عام 2003 أسهمت في تنامي الإرهاب. وأكد بلير في مقابلة مع محطة «سي إن إن» في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 بأن تلك الحرب كانت سببًا في تنامي الإرهاب وأنها أسهمت في خلق البيئة التي أتاحت ظهور «داعش».
المرشح الأميركي عن الحزب الديمقراطي السيناتور بيرني ساندر أكد أن غزو العراق أسهم في تنامي الإرهاب وظهور تنظيم داعش، وأن الولايات المتحدة تتحمل جزءًا من المسؤولية عن ذلك.
المشكلة في سوريا بعد الهدنة هي أن النظام الذي بدأ بالحرب ضد المعارضة السلمية في سوريا، نجده اليوم أكثر قوة بعد التدخل العسكري الإيراني وميليشيات حزب الله وروسيا. فرئيس النظام بشار الأسد دعا لإجراء انتخابات تشريعية في شهر أبريل (نيسان) القادم، مما يعني بأنه لن يتنازل عن الحكم سلميًا لو جرت المفاوضات.
أما المعارضة السورية فهي لا تملك حلولاً واضحة أو وضع آليات فعالة قادرة على تنفيذها، خصوصًا أنها لا تملك مسارًا سياسيًا واضح المعالم.