جماعات المعارضة السورية محبطة من تراجع الدعم الأميركي

«نحن بحاجة إلى الضغط الدبلوماسي الحقيقي أو الدعم الجوي.. وليس لدينا أي منهما»

متظاهرون تجمعوا قرب السفارة الروسية في باريس أمس وطالبوا بوقف قصف الطيران الروسي على حلب (رويترز)
متظاهرون تجمعوا قرب السفارة الروسية في باريس أمس وطالبوا بوقف قصف الطيران الروسي على حلب (رويترز)
TT

جماعات المعارضة السورية محبطة من تراجع الدعم الأميركي

متظاهرون تجمعوا قرب السفارة الروسية في باريس أمس وطالبوا بوقف قصف الطيران الروسي على حلب (رويترز)
متظاهرون تجمعوا قرب السفارة الروسية في باريس أمس وطالبوا بوقف قصف الطيران الروسي على حلب (رويترز)

أنفقت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها عدة ملايين من الدولارات على دعم مقاتلي المعارضة السورية الذين تعتبرهم واشنطن من المعتدلين نسبيا ومن العلمانيين، إلى جانب الجماعات المدنية التي تمارس أعمالا صغيرة، والمجالس المحلية التي وصفت بأنها حجر الزاوية في مستقبل سوريا القادم.
ولكن فئة السوريين الذي استفادوا للغاية من ذلك الدعم – كما أنهم خاطروا بحياتهم في هذه العملية – يقولون الآن إن الاستثمارات التي مارسوها باتت في خطر الضياع من دون جدوى، كما أنهم يُلمحون إلى القليل من الدعم المتوفر حاليا من جانب واشنطن، على الصعيدين العسكري أو الدبلوماسي على حد سواء، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
يقول زكريا ملاحفجي ممثل «تجمع فاستقم كما أمرت»: «ما الذي تقدمونه أو تفعلونه سوى البيانات والتصريحات؟»، وهو الزعيم السياسي لواحدة من أكبر جماعات المعارضة السورية.
وعبر خمس سنوات من الحرب، يشعر مزيد من السوريين بخيبة أمل كبيرة إثر حالة الفصام بين ما يسمعونه من تصريحات أميركية قوية وعاصفة ضد الحكومة السورية وبين الجهود المتواضعة للغاية لمساعدة بعض من خصوم نفس النظام. فلقد أعلن الرئيس أوباما عن حتمية رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، ثم وضع خط أحمر إزاء استخدام الأسلحة الكيماوية بحق المدنيين، غير أنه تراجع عن كلا الموقفين المعلنين رسميا، مما أوهن كثيرا من ثقة المعارضة السورية في الإدارة الأميركية الحالية.
ومع فقدان الجماعات المتمردة السورية لكثير من الأراضي والقوات، وتحطم قراهم تحت وطأة الغارات الجوية الروسية، أصبح المدنيون والمقاتلون السوريون يستخدمون، في الآونة الأخيرة، عبارات مثل «لا أمل»، و«قضي الأمر»، و«لقد انتهى كل شيء».
وقال أبو الهيثم، المتحدث باسم ثور الشام، عبارة: «وداعا ثورتنا»، وهي من جماعات التمرد الأخرى التي تتلقى الدعم عبر الاستخبارات المركزية الأميركية، وذلك في رسالة نصية أرسلت يوم الجمعة من بلدة تل رفعت الواقعة إلى شمال مدينة حلب التي تتعرض في الوقت الراهن لتهديدات كبيرة بسبب تقدم القوات الحكومية السورية نحوها.
واستغلت الإدارة الأميركية الجماعات المتمردة التي تدعمها منذ فترة طويلة في خدمة الموقف الأميركي خلال السنوات الأخيرة، وهو الموقف الذي يفيد بأن الولايات المتحدة لا ترغب لتلك الجماعات أن تنتصر فعليا على أرض الواقع – خشية أن الإطاحة المفاجئة بالرئيس السوري قد تؤدي إلى هيمنة حكم الإسلاميين على الأوضاع – ولكنها تريد الحيلولة دون خسارتهم لفترة طويلة وبما فيه الكفاية للضغط على الحكومة للتفاوض بشأن التسوية السياسية.
وتخشى الجماعات المتمردة في الوقت الحالي أن الولايات المتحدة وحلفاءها قد يتركونهم يخسرون الحرب. ولقد توجه كثير من قادة المعارضة، الذين تلقوا الدعم الغربي في الحرب، مساء الثلاثاء للاجتماع مع المسؤولين الأميركيين وغيرهم في إسطنبول وأنقرة، ولكنهم غير آملين في أية تطورات قد تغير من قواعد اللعبة في أرض الواقع.
وكان كيري محل كثير من الانتقادات مؤخرا، بعد حادثة وقعت الأسبوع الماضي، حيث التف موظفو المجتمع المدني السوري حول وزير الخارجية الأميركي في حفل نظمه الأمير تشارلز في لندن بعد المؤتمر الدولي للمانحين في سوريا. ووفقا لإحدى المواطنات السوريات التي كانت حاضرة في الحفل، والتي تحدثت مفضلة عدم ذكر هويتها لحماية منظمتها، طالب السوريون الوزير الأميركي ممارسة مزيد من الضغوط على روسيا والحكومة السورية لوقف الهجمات والحصار المفروض على المدنيين. وقالت السيدة السورية إن الوزير كيري بدا وكأنه يلقي باللوم على المعارضة السورية لرفضها المشاركة في محادثات جنيف برعاية الأمم المتحدة، وعندما أخبره السوريون بسقوط أكثر من 230 برميلا متفجرا على مدينة حلب بمفردها في ذلك اليوم، صحح لهم الوزير الأميركي المعلومة بأنها 180 برميلا متفجرا فقط!
بعد ذلك، قالت السيدة السورية إن الوزير كيري قال: «سوف يزداد الأمر سوءا. وسوف يستمر لمدة ثلاثة شهور أخرى، وبعد ذلك سوف تنهار المعارضة»، مشددا على نقطة مفادها: «ما الذي تريدون مني فعله؟ الدخول في حرب مع روسيا؟».
ومع انتشار هذه القصة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن جون كيربي المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية يوم الاثنين: «لم يكن الوزير كيري يُدلي بأية توقعات حيال فترة الشهور الثلاثة المذكورة». وفي يوم الثلاثاء، أخبر كيربي المراسلين الصحافيين بأنه «لم يكن هناك إلحاح على المعارضة»، وأن الوزير كيري رفض بكل بساطة فرض جماعات المعارضة لشروطها المسبقة على المفاوضات.
وأضاف كيربي: «إذا وضعتم شروطكم المسبقة على المفاوضات فإنكم تسهلون الأمر كثيرا على النظام السوري ومؤيديه لاستخدام ذلك كذريعة لعد المشاركة في والجلوس على مائدة المفاوضات أو البدء في أي حوار بناء».
وهنا في غازي عنتاب، كان ملاحفجي واحدا من بين كثيرين يساورهم القلق من خوض النظام الحاكم ومؤيدوه على طول الطريق الواصل حتى الحدود التركية خلال أسابيع. وعند سؤاله حول فرص استعادة المناطق المفقودة خلال الأسبوع الماضي في محافظة حلب، أطلق ملاحفجي، الذي ترجع أصوله إلى مدينة حلب، زفرة عميقة. وقال: «نحن بحاجة إلى الضغط الدبلوماسي الحقيقي أو الدعم الجوي، وليس لدينا أي منهما»، مضيفا أنه يمكن للمعارضة استعادة الأراضي إذا سمحت الولايات المتحدة لحلفائها بمنح المتمردين الصواريخ المضادة للطائرات. ومن غير المرجح ذلك نظرا للخوف من وقوعها في أيدي المتطرفين. ومع ذلك، حذر أنه حتى إذا تمكنت القوات الحكومية من طرد المتمردين خارج مدينة حلب الشمالية، فإن ذلك لا يعني نهاية الصراع، حيث قال السيد ملاحفجي: «باستطاعتهم الاستيلاء عليها، ولكن لن يستطيعوا السيطرة عليها، ولن يستمروا فيها طويلا، ولكننا ننظر الآن إلى الكارثة الإنسانية المتوقعة».

* خدمة {نيويورك تايمز}



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.