مصادر عسكرية: «الحشد الشعبي» يستولي على نصف معدات الجيش

لم تستبعد أن تكون بديلة للجيش * واشنطن تسرع من وتيرة تسليح عشائر الأنبار

عناصر من قوات الأمن العراقية أثناء المواجهة أمام مليشيا «داعش» في الرمادي أمس (أ. ب)
عناصر من قوات الأمن العراقية أثناء المواجهة أمام مليشيا «داعش» في الرمادي أمس (أ. ب)
TT

مصادر عسكرية: «الحشد الشعبي» يستولي على نصف معدات الجيش

عناصر من قوات الأمن العراقية أثناء المواجهة أمام مليشيا «داعش» في الرمادي أمس (أ. ب)
عناصر من قوات الأمن العراقية أثناء المواجهة أمام مليشيا «داعش» في الرمادي أمس (أ. ب)

كشفت مصادر عسكرية وسياسية في بغداد عن وجود صراع شبه معلن بين الجيش النظامي العراقي وميليشيات «الحشد الشعبي» فيما عدت عشائر الأنبار أن هذا الصراع بدأ يؤثر على مجريات المعارك ضد تنظيم داعش. وقال قائد عسكري عراقي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي إن «فصائل الحشد الشعبي تسيطر الآن على نحو نصف معدات الجيش العراقي وأسلحته وهو ما يعني أنه بحلول الصيف القادم سيكون الحشد الشعبي بمثابة الجيش البديل بعد قصقصة أجنحة الجيش العراقي والاستمرار في إلصاق التهم به بعد هزيمته أمام تنظيم داعش في معركة الموصل في العاشر من شهر يونيو (حزيران) عام 2014». وأضاف المصدر العسكري أن الكثير من شحنات الأسلحة التي كانت مستوردة لصالح القوات العراقية النظامية استولى «الحشد الشعبي» عليها تحت صيغ مختلفة من بينها أن هذه الأسلحة يجري تصنيفها على أنها غنائم من تنظيم داعش تم الاستيلاء عليها من قبل فصائل الحشد بينما هي من أسلحة الجيش العراقي يضاف إلى ذلك الاتفاق مع بعض الضباط باعتبار هذه الآلية أو تلك بحكم المدمرة عن طريق القصف بينما هي صالحة ومن ثم تعود ملكيتها للحشد.
وبشأن المعارك الجارية في قاطعي بيجي بمحافظة صلاح الدين والرمادي بالأنبار قال القائد العسكري إن «توقيت كل من المعركتين خضع للأخرى سواء من حيث التقدم أو التراجع حيث إنه في الوقت الذي بدأت فيه معارك بيجي تشهد تقدما للقوات العراقية مدعومة بشكل رئيسي من قبل ميليشيات الحشد المدعومة فصائله من إيران والتي زودتها بأسلحة ومعدات كثيرة جدا فقد جرى الضغط من أجل تأخير معركة الأنبار لكي يتم تحقيق النصر في بيجي على يد الميليشيات بينما يعلن أن معارك الأنبار تأخرت لأن الأميركان وبعض السياسيين السنة يرفضون مشاركة الحشد الشعبي من منطلق أنه لا يمكن تحقيق أي نصر دون مشاركة الحشد» موضحا أن «معارك بيجي وإن شهدت في المرحلة الأولى تقدما كبيرا بالفعل لكنها تراجعت عندما شن تنظيم داعش هجمات قوية على مدينة سامراء التي لم تعد قوات داعش تبعد عنها سوى 7 كلم من منطقة الحويش التي هي على مشارف سامراء».
ويشير المصدر إلى أن عددا من القيادات العسكرية تعرضت لما يشبه الابتزاز بقوله: «الكثير من القيادات العسكرية في الرمادي ومنها قائد الشرطة اللواء هادي إرزيج تم تهديده بفتح ملفات قديمة عليه مما جعلها تتراجع في الرمادي أو تحاول وضع عراقيل من قبيل سوء الأحوال الجوية أو قلة المعدات والتدريب والتجهيز لكي يتم قدر الإمكان تأخير المعركة في الرمادي التي كثيرا ما يجري الحديث عن تطويق الرمادي وعزلها ومحاصرة قوات داعش مع التركيز على أن الأميركان ليس فقط لم يقوموا بواجباتهم في مساعدة القوات العراقية بل إنهم كثيرا ما يتهمون على أنهم يقومون بمساعدة داعش لا سيما بعد الاتفاق الرباعي حيث صار الحديث علنا عن عدم قدرة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في محاربة داعش».
وفي السياق نفسه والكلام للقائد العسكري العراقي فإن «الأميركان دخلوا بقوة على خط معركة الرمادي سواء من خلال تكثيف الغارات الجوية ضد مناطق تجمعات داعش وهو ما أدى بدوره إلى تحقيق تقدم هذه الأيام في المعارك الجارية هناك أو من خلال قرب وصول أسلحة ومعدات جديدة في مطلع الأسبوع المقبل حيث من المتوقع أن يجري تسليمها مباشرة إلى العشائر السنية دون المرور بالمؤسسات العسكرية العراقية باستثناء قيام الأميركان بأخذ موافقة العبادي بشأن ذلك على أن لا يكون هناك تدخل مباشر من قبل الجهات العراقية في طريقة توزيعها». وحول أعداد هذه الأسلحة ونوعياتها قال القائد العسكري العراقي «إنها بحدود 4200 قطعة سلاح متطورة تتضمن أسلحة متوسطة وثقيلة وذلك من أجل حسم معركة الأنبار بشكل نهائي».
على صعيد ذي صلة أكد سياسي عراقي طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يكن هناك خلاف بين الجيش والحشد الذي قوامه المتطوعون الذين لبوا فتوى الجهاد الكفائي التي أعلنها المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني لا سيما أنهم انتظموا في مؤسسة تسمى الحشد الشعبي وهم ضمن هذا التوصيف تابعون للقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي» مضيفا أن «الخلاف بدأ حين انضمت فصائل وميليشيات مسلحة إلى الحشد دون أن تأتمر بأوامر القائد العام أو القادة الميدانيين برغم أن السيستاني نفسه وفي سياق التعليمات التي صدرت عن وكلائه والتي تضمنتها خطب الجمعة تنبه إلى هذه المسألة فأكد أكثر من مرة أن الحشد يجب أن يكون جزءا من المؤسسة العسكرية وهو ما لم يحصل حتى الآن إلا من الناحية الشكلية».
ويشير السياسي العراقي إلى أن «هذا الخلاف تنامى على إثر دخول الصراع الأميركي ـ الإيراني مستوى متقدما حيث إن الولايات المتحدة ومنذ معارك صلاح الدين ومن بعدها الأنبار كانت تشترط عدم الدخول في معركة يشارك فيها الحشد كما أنها تعلن دائما عن دعمها المؤسسة العسكرية النظامية والبيشمركة الكردية».
من جهته يقول الشيخ حميد الكرطاني أحد شيوخ الأنبار لـ«الشرق الأوسط» إن «أهالي الأنبار سواء كانوا النازحين منهم أو من بقي تحت رحمة تنظيم داعش هم من يدفع ثمن هذه الخلافات والصراعات سواء كانت بين الجيش والحشد أو بين الأميركان والإيرانيين». ويضيف الكرطاني أن «أهالي الأنبار كانوا وما زالوا يتمنون تحرير أراضيهم على أيديهم لأنهم طردوا تنظيم القاعدة في أوج قوته عام 2007 كما أنهم يعرفون المناطق التي يتواجد فيها هذا التنظيم غير أن تقصير الحكومة في تسليحهم وتحويل المعركة من تحرير الأرض وإعادة النازحين إلى معركة سياسية لا علاقة لنا نحن أبناء الأنبار بها حال دون ذلك».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.