شرعت قوات الشرطة الإسرائيلية، أمس، في تطبيق التعليمات الجديدة التي وجهتها حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت سابق، لمعاقبة فلسطيني مدينة القدس وسكانها إثر حوادث الطعن الأخيرة. فضربت حصارًا لم يسبق له مثيل على البلدة القديمة، وأفرغت المسجد الأقصى من المصلين. ومنعت حتى فلسطينيي 48، وهم مواطنون يحملون وثائق إسرائيلية، من دخولها وأعادتهم إلى بلداتهم. وبطشت بمن اعترض على ذلك.
كما قامت بإغلاق باب العامود، وهي أضخم بوابات البلدة القديمة وأهمها، وأغلقت بقية المداخل بالحواجز الحديدية، وأجبرت المواطنين والتجار على الدوران حول الأسوار بحثًا عن منفذ. ونصبت حواجز عسكرية في جميع طرقات الحي القديم وأزقته، ومنعت الفلسطينيين من استخدام طريق الواد التي استشهد فيها الشاب مهند حلبي.
وقام مراسل «الشرق الأوسط» بجولة في المدينة لاستطلاع أحوال أهلها وزائريها الذين منع الحصار الإسرائيلي من الوصول إلى أعمالهم أو زيارة المسجد الأقصى. وقال المواطن المقدسي عمار الحسن، وهو صاحب متجر في البلدة القديمة، إن «قوات الاحتلال ضيقت على الفلسطينيين منذ بداية الأعياد اليهودية، في محاولة إلى بث اليأس في قلوبهم كي يعجلوا من رحيلهم عن المدينة».
وشكا ربحي شهاب، وهو صاحب محل الألعاب في السوق القديمة، إنه على الرغم من كون سنه تجاوزت 70 عامًا، فإن جنود الاحتلال لم تسمح له بدخول القدس القديمة من مدخلها الرئيسي - أي باب العامود - واضطرته إلى المشي مسافة طويلة، ليتمكن من دخولها من باب الأسباط. وأضاف أنه تم تفريغ شوارع المدينة من المقدسيين، وامتلأت بقوات الاحتلال التي منعتهم من التجول في أنحاء كثيرة من البلدة، مما انعكس سلبًا على الحركة الشرائية فيها. وقال: «فتحت محلي منذ ساعات، ولم يقدم أحد على الشراء على عكس العادة، فالبلد فارغة حتى من أصحاب المحلات الذين آثروا البقاء في بيوتهم على المجيء بسبب الإجراءات المشددة».
وقال مدير «مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية»، زياد الحموري، إن الحالة التي تعيش فيها المدينة اليوم من إغلاق وتشديد الحصار الاجتماعي والاقتصادي والديني هو جزء من السياسة الإسرائيلية لإفراغها من أهلها وسكانها الأصليين. فرأى أنه ومنذ إخراج البلدة القديمة من معادلة المفاوضات بعد توقيع معاهدة أوسلو عام 1993 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، تبيّن أن مطامع الاحتلال في البلدة كبيرة، في ظل معاناتها من هجمات استيطانية غير مسبوقة.
وبيّن الحموري أن الاحتلال يضغط على المقدسيين اقتصاديًا، لحسم قضية المدينة لصالحه. وأضاف أن إسرائيل تجتهد في شل حركتها التجارية، ما يؤدي إلى تراكم الضرائب على أصحاب المحلات، ويتيح لها الفرصة بمصادرتها بحجة تراكم الديون وإخلائها لصالح المستوطنين. وأشار إلى أن القدس القديمة تعاني من فقر شديد، حيث وصلت نسبة الفقر فيها إلى 80 في المائة بحسب الإحصاءات الأخيرة، كما سجلت أكبر نسبة كثافة سكانية؛ مما يضع المقدسي ضمن حالة تشبه السجن.
ولأول مرة منذ بداية الاحتلال، وسعت قوات الأمن الإسرائيلية من نطاق عقوباتها لتشمل فلسطيني 48. فقد أوقفت الحافلات التي تقلهم نحو القدس، وهي ما زالت داخل الأراضي الإسرائيلية، وأبلغتهم أنها لن تسمح لهم بدخول الأقصى إلى أجل غير مسمى.
وعند باب الأسباط، اعتدت قوات الاحتلال على النساء والرجال أثناء وجودهم خارجها. واعتقلت السيدة سماهر فران (38 عامًا) من مدينة يافا، والفتى محمد الكركي (15 عامًا) من القدس، واقتادتهما إلى مركز شرطة باب الأسباط، ثم نقلتهما إلى مركز القشلة. وتجول ضباط الشرطة والمخابرات الإسرائيليون في شوارع البلدة القديمة، في حين نصبت قوات الاحتلال أعدادًا كبيرة من الحواجز الحديدية أمام مبنى «الهوسبيس»، ومنعت المواطنين من المرور إلى باب العامود، بينما أدى عدد من المستوطنين شعائر تلمودية عند الموقع الذي شهد حادث الطعن.
كما منعت تلك القوات وصول المقدسية سناء الرجبي إلى منزلها في حي البسطامي داخل البلدة القديمة، وقامت بدفعها من باب حطة وإخراجها إلى باب الأسباط. وقال رماح ناصر (51 عامًا) من الطيبة قضاء المثلث، إنه وصل مدينة القدس في الساعة الثامنة والنصف صباحًا إلا أن الشرطة منعته من دخول المسجد الأقصى من كل البوابات المفتوحة.
ووصف عبد الحكيم جابر، من الطيبة، هذه الإجراءات بـ«الهمجية والاعتداء على الديانات وحق الفلسطينيين في ممارسة عباداتهم وطاعته لله سبحانه وتعالى في مسجده الأقصى»، واستهجن إتاحة قوات الاحتلال للمستوطنين باقتحام الأقصى والاعتداء عليهم، فقط لأنهم يسعون في الوصول للصلاة فيه. وذكر محمد الشولي (52 عامًا) من سكان عكا أنه: «منذ الصباح ونحن نحاول دخول الأقصى في ظل منعنا من قبل قوات الاحتلال الموجودة على البوابات، ولم نفلح في ذلك».
سلطات الاحتلال الإسرائيلي تغلق باب العامود وتعزز الحواجز وتفرغ الأقصى
تنفيذًا لقرارات حكومة نتنياهو
سلطات الاحتلال الإسرائيلي تغلق باب العامود وتعزز الحواجز وتفرغ الأقصى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة