اليمن يقطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران

ياسين لـ {الشرق الأوسط}: سفينة (هوجان) وانسحاب مسؤول إيراني من اجتماع «التعاون الإسلامي» حسما القرار

مقاتلون مؤيدون للحكومة اليمنية بأسلحتهم الثقيلة بعد استعادة سيطرتهم على باب المندب (أ.ب)
مقاتلون مؤيدون للحكومة اليمنية بأسلحتهم الثقيلة بعد استعادة سيطرتهم على باب المندب (أ.ب)
TT

اليمن يقطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران

مقاتلون مؤيدون للحكومة اليمنية بأسلحتهم الثقيلة بعد استعادة سيطرتهم على باب المندب (أ.ب)
مقاتلون مؤيدون للحكومة اليمنية بأسلحتهم الثقيلة بعد استعادة سيطرتهم على باب المندب (أ.ب)

أعلن اليمن أمس قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، واعتبر طاقم البعثة الإيرانية في صنعاء غير مرغوب فيهم، بينما أبلغ القائم بالأعمال اليمني في إيران بإنزال العلم اليمني من السفارة وإغلاق المبنى ومغادرة طهران في أقرب فرصة،وذلك بعد انتهاكات إيرانية في اليمن، حسمها انسحاب نائب وزير الخارجية الإيراني من اجتماع منظمة التعاون الإسلامي بشأن اليمن، وضبط قوات التحالف العربي لسفينةعلى متنها أسلحة ثقيلة.
وأوضح الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، أصدر قرارا سياديا، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وذلك بعد سلسلة من الانتهاكات ارتكبتها طهران، داخل الأراضي اليمنية، تضمنت إثارة الفتنة والقلاقل، وتهريب السلاح، ودعم الجماعات للانقلاب على الشرعية اليمنية، وأن من تبقى من الدبلوماسيين الإيرانيين، غير مرغوب فيهم، وعليهم مغادرة اليمن خلال 48 ساعة، مشيرًا إلى الخارجية اليمنية، أبلغت القائم بالأعمال في طهران، بإنزال العلم اليمني، ومغادرة إيران في أقرب فرصة.
وقال الدكتور ياسين في اتصال هاتفي،إن «ما قامت به إيران من تهريب الأسلحة التي ضبطتها قوات التحالف العربي، وهي مطابقة لنوعية الأسلحة التي ضبطت في 2013 في سفينة جيهان، وانسحاب نائب وزير الخارجية الإيراني خلال من اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي دعا في بيان إلى الوقوف مع الشرعية اليمنية، حسما الأمر بقطع العلاقات الدبلوماسية اليمنية.
وكان اليمن،سحب سفيره في طهران في مايو (أيار)، وذلك بعد أن حذرت الحكومة اليمنية، إيران من إصرارها على تسيير سفينة شحن إيرانية إلى السواحل اليمنية ورفض تفتيشها من قبل قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
وأشار وزير الخارجية اليمني إلى أن مبنى سفارة طهران في صنعاء،أصبح حاليًا غير محصن دبلوماسيًا، وعلى جميع من تبقى من أعضاء السفارة الإيرانية، مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وأن الدبلوماسيين الإيرانيين في اليمن غير مرغوب فيهم، وعليهم التنسيق مع الحكومة اليمنية أو قوات التحالف العربي للخروج من اليمن بسلام، مؤكدًا أن مقر السفارة الإيرانية في صنعاء، سيصبح مكانًا لإخفاء القيادات الحوثية بعد تحرير صنعاء، وذلك تحت مظلة دبلوماسية.
ولفت الدكتور ياسين إلى أن السفارة الإيرانية في صنعاء «كانت هي الوحيدة الذي تعمل بعد بدء (عاصفة الحزم) عملياتها الجوية في أواخر مارس (آذار) الماضي» ، مشيرا إلى أن أعمال البعثة الإيرانية داخل الأراضي اليمنية أصبحت مثيرة للشكوك في بادي الأمر، حتى كشفت لنا المعلومات عن استخدام مقر السفارة مركزا لأعمال الحوثيين».
وقال وزير الخارجية اليمني إن «الحكومة الشرعية كانت تحاول التحلي بأعلى درجات الصبر، وطرح الموضوع على القيادات في الحكومة اليمنية، إلا أن بعضًا من أعضاء الحكومة ارتأى الوصول إلى هذه المرحلة، وبقي الأمر تحت الدراسة، حيث جرى استدعاء القائم بالأعمال اليمني في طهران، في حينها».
وأضاف: «قبلنا استمرار العلاقات الدبلوماسية مع إيران على مضض، على أمل أن يتغير الأمر بعد توقيع إيران للملف النووي، وتأملنا أن تعود طهران إلى رشدها، ولكن للأسف استمرت في التصعيد والمواقف المختلفة ضد الحكومة الشرعية».
وأشار وزير الخارجية اليمني إلى أن «الانتهاكات الإيرانية في اليمن كانت منذ زمن طويل، وآخرها محاولة تهريب الأسلحة الثقيلة عبر سفينة (جيهان 1) و(جيهان 2)، وتسيير 14 رحلة يومية بين صنعاء وطهران، ومحاولة إدخال السفن إلى المياه الإقليمية اليمنية من دون تفتيش، واختراق طائرة إيرانية للمجال الجوي اليمني، على الرغم من تحذير قوات التحالف العربي، بأن الأجواء اليمنية تحت سيطرتها، إضافة إلى التصريحات العدائية لليمن».
وكان الرئيس هادي اتهم إيران في كلمته أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل بضعة أيام، بالاستمرار في السعي لزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن، وقال إن إيران «تعرقل كل الإجراءات التي نقوم بها من خلال كثير من الأعمال التي منها القبض على عناصرها وهي تدرب ميليشيات الحوثي والقبض على السفن المحملة بالسلاح المرسلة من قبلهم لتلك الميليشيات في جهد دؤوب لفرض التجربة الإيرانية في اليمن».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.