أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

مفتش من الطاقة الذرية يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة نطنز في 8 أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من الطاقة الذرية يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة نطنز في 8 أغسطس 2005 (أ.ب)
TT

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

مفتش من الطاقة الذرية يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة نطنز في 8 أغسطس 2005 (أ.ب)
مفتش من الطاقة الذرية يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة نطنز في 8 أغسطس 2005 (أ.ب)

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية.
وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو.
وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثار يورانيوم، تعود إلى أنشطة ما قبل الاتفاق النووي، ولم تعرف الوكالة الدولية طبيعتها بعد.
وقالت طهران بعد عودة غروسي، إنه لا يوجد اتفاق يتعلق بوضع كاميرات جديدة في المنشآت النووية الإيرانية. وكان غروسي قد أبلغ الصحافيين في مطار فيينا لدى عودته من طهران، أن الطرفين اتفقا على إعادة تركيب جميع معدات المراقبة الإضافية، مثل كاميرات المراقبة، التي تم وضعها في المواقع النووية بموجب الاتفاق المبرم عام 2015 مع القوى الكبرى، والتي أزالتها طهران على مراحل.
ويخلو تقرير «جمعية الحد من التسلح» التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، من أي معلومات عن عدد كاميرات المراقبة التي وافقت طهران على تركيبها أو المواقع المستخدمة فيه، ولم يصدر تعليق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية.
لكن مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» في فيينا، لورنس نورمان، أكد عبر حسابه على «تويتر»، نقلاً عن مصادره، بدء إيران فعلياً من تمكين الوكالة الدولية من إعادة تركيب كاميرات المراقبة. وقال «من المتوقع أن تنتهي العملية خلال الأيام المقبلة». وأشار في تغريدة أخرى إلى دخول الكاميرات ومعدات الرقابة إلى موقعين فقط، وأضاف «هناك عملية تدريجية... بعض المصادر تشكك في اكتمال العملية بسرعة».
وأشار تقرير «جمعية الحد من التسلح» إلى تصريحات صحافية لمدير الوكالة الدولية مطلع أبريل (نيسان) الماضي، قال فيها إن الوكالة «ستبدأ بتركيب الكاميرات» و«إعادة توصيل بعض معدات المراقبة عبر الإنترنت»، مضيفاً أن العملية ستستغرق أسابيع وستزيد من قدرة الوكالة على مراقبة برنامج إيران النووي»، واصفاً التطور بأنه «خفض تصعيد» للتوترات بشأن برنامج إيران النووي.

غروسي يعرض في فيينا في 9 يونيو 2022 نموذجاً من كاميرات المراقبة التي أوقفتها إيران (إ.ب.أ)

- إنذار إيراني
وليس من الواضح أن يشمل الاتفاق الأخير بين غروسي وطهران، تسليم تسجيلات كاميرات المراقبة، أي العملية التي ترفضها طهران منذ تخليها عن «البروتوكول الإضافي» الملحق بـ«معاهدة حظر الانتشار النووي» في فبراير (شباط) 2021؛ ما أدى إلى تقليص نطاق المراقبة الخاصة في مجالات حساسة، لا يشملها «اتفاق الضمانات» الذي ينص على مراقبة الأنشطة والمواد التي تستخدم في تطوير السلاح النووي، فضلاً عن إلمام الوكالة التابعة للأمم المتحدة بكل المواد النووية في إيران وإمكان تخزينها واستخدامات تلك المواد.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني قد وجّه رسالة تحذير جديدة في المؤتمر الصحافي الأسبوعي الاثنين، إلى الوكالة الدولية، بشأن ما يصدر من مسؤولي الوكالة من تعليقات حول مدى التزام طهران بالاتفاق الأخير.
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية، بأن كنعاني سُئل بشأن التقارير بشأن تباطؤ طهران وأحياناً عدم تعاونها في مسار تركيب كاميرات المراقبة في المنشآت النووية الإيرانية. وقال كنعاني «عادةً يعلق مسؤولو المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية على هذه القضايا». وأضاف «أصدرنا بياناً مشتركاً بعد الاتفاق الأخير في طهران، وتم تحديد الخطوات التنفيذية والعملية لإزالة سوء التفاهمات، ولقد سافر مسؤولو الوكالة مرتين إلى إيران، والتعاون معهم مستمر خطوة بخطوة».
وقال «لا نرى طرح مثل هذه القضايا في وسائل الإعلام مفيداً، نوصي مسؤولي الوكالة بتجنب وسائل الإعلام؛ نظراً للاتفاق الأخير واستقبال إيران وفود الوكالة الدولية، يجب أن يسمحوا لتأكيد القضايا مساريها الطبيعي والتقني».

- مسألة شائكة
على مدى أكثر من عامين تحولت قضية الكاميرات إلى مسألة شائكة ضمن التطورات الدراماتيكية للبرنامج النووي الإيراني؛ إذ ترفض طهران وصول مفتشي الوكالة الدولية، إلى محتوى تسجيلات كاميرات المراقبة في جميع المنشآت رغم أنها تواصل تخزين المعلومات. وتشترط طهران تسليم ذاكرة الكاميرات لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وتهدد في الوقت نفسه بمحو التسجيلات في حال فشلت الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي.
في يونيو (حزيران) 2022، ردت طهران على قرار دفعت به الدول الغربية لإدانتها في مجلس محافظي الوكالة الدولية، بإزالة 27 كاميرا من كاميرات المراقبة من مواقع نووية عدة، خصوصاً منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم. وأحصى غروسي حينها عدد الكاميرات المتبقية للوكالة في المنشآت الإيرانية بنحو 40 كاميرا أو أكثر.
لطالما حذرت الوكالة الدولية من تراجع الشفافية وزيادة الشكوك، وحالة عدم اليقين حيال الأنشطة النووية الإيرانية.
بدأت طهران عملية إزالة كاميرات المراقبة من منشآتها النووية، بعد هجوم بطائرة مسيّرة استهدف ورشة «تيسا» لتجميع أجهزة الطرد المركزي في مدينة كرج، يونيو 2021. وبعد الهجوم، قالت طهران إن أربع كاميرات على الأقل تضررت جراء العمل التخريبي.
في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2021، أعلنت طهران السماح للوكالة الدولية بتغيير كاميراتها في ورشة تيسا، وطرحت في الوقت نفسه فرضية تعرضت كاميرات المراقبة لعمليات قرصنة، ساهمت في العمل التخريبي، وهو ما نفاه غروسي بشدة.
وذلك قبل نحو شهر من إعلانها خطة بشأن وقف العمل في الورشة ونقلها إلى موقع جديد بمدينة أصفهان وسط البلاد.
في 12 أبريل العام الماضي، أكدت الوكالة الدولية أنها استكملت تركيب كاميرات مراقبة في ورشة جديدة لتجميع أجهزة الطرد المركزي، أنشأتها طهران بعد إقفال ورشة تيسا.
والمفاوضات بين طهران والدول الأطراف في الاتفاق (الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا)، وبمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، متعثرة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي عندما رفضت طهران آخر مقترح تقدم به مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
والاتفاق مهدد بالانهيار منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وإعادة فرض عقوبات على إيران. فبعد نحو عام على الانسحاب الأميركي، تراجعت إيران تدريجياً عن تنفيذ معظم التزاماتها الأساسية المنصوص عليها في الاتفاق.

- مفاوضات متعثرة
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أول من أمس، إن «المسار الدبلوماسي لا يزال مفتوحاً»، مشدداً على أن بلاده تواصل تبادل الرسائل عبر طرق مختلفة. وقال إن طهران «مستعدة لإنجاز المفاوضات النووية مع الحفاظ على خطوطها الحمر». وحذر في الوقت نفسه الأطراف الغربية من تحريك آلية «سناب بك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي، والتي تتيح في نهاية المطالب، العودة إلى العقوبات الأممية ضد طهران، التي جرى تجميدها بموجب القرار 2231 بعد التوصل للاتفاق النووي.
في فبراير الماضي، قالت الوكالة الدولية في آخر تقرير لها بشأن البرنامج الإيراني، إن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب تجاوز 18 مرة السقف المسموح به في الاتفاق النووي. وذكر التقرير أن مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، الذي يجري إنتاجه في منشأتي «نطنز» و«فوردو»، زاد 25.2 كيلوغرام إلى 87.5 كيلوغرام منذ التقرير الفصلي السابق. وأضاف أن إجمالي مخزون اليورانيوم المخصب بهذه الدرجة، وبدرجات نقاء أقل، يقدر بنحو 3760.8 كيلوغرام.
وأكد تقرير الوكالة العثور على يورانيوم خصب بنسبة 83.7 في المائة في منشأة فوردو، وهي أقرب نسبة إلى 90 في المائة المطلوبة لتطوير أسلحة نووية.
بعد تقرير الوكالة الدولية الأخير، أعرب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) وليام بيرنز، عن قلقه حيال التقدّم المفاجئ للبرنامج النووي الإيراني، معتبراً أنّ الإيرانيين لا يحتاجون سوى إلى بضعة أسابيع لبلوغ نسبة 90 في المائة، من التخصيب، «إذا قرّروا تجاوز هذا السقف». لكنه أضاف أن الولايات المتحدة لا تعتقد أنّ المرشد علي خامنئي قرّر «استئناف برنامج التسلّح الذي نقدّر أنه علّق أو أوقف نهاية العام 2003».


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)
شؤون إقليمية لافروف يحذر من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي مع طهران

لافروف يحذر من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي مع طهران

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، لافتاً إلى أن محاولات إضافة «متطلبات جديدة» تعقد جهود العودة إلى مسار المحادثات التي وصلت إلى طريق مسدود منذ أشهر. قال لافروف إنه سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي بسبب «تصرفات الغرب».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)
رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)
TT

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)
رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

زاد رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب «العمال الكردستاني»، السجين عبد الله أوجلان، للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب اشتعالاً في وقت تشهد فيه تركيا توتراً وغضباً من جانب الأكراد على خلفية عزل 7 رؤساء بلديات منتخبين من صفوف المعارضة بتهمة الارتباط بالعمال الكردستاني وتعيين أوصياء بدلاً منهم.

وجدد بهشلي، وهو الحليف الرئيسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان حيث يشكل حزبه مع «العدالة والتنمية تحالف الشعب» الحاكم للبلاد، تمسكه بالدعوة التي أطلقها من البرلمان في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لحضور أوجلان إلى البرلمان والحديث أمام المجموعة البرلمانية لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد وإعلان حل المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) وترك أسلحتها وانتهاء الإرهاب في تركيا مقابل رفع عزلته والنظر في تعديلات قانونية قد تفضي لإطلاق سراحه.

ويبدو أن حديث بهشلي بشأن إمكانية إطلاق سراح أوجلان لم تكن مقبولة من جانب إردوغان، الذي رحب بما يقوله بهشلي عن إسقاط الإرهاب من أجندة تركيا لكنه تجنب الرد أكثر من مرة على أسئلة تتعلق بإطلاق سراح أوجلان.

خلافات إردوغان وبهشلي

وأبدى بهشلي نوعاً من الامتعاض من قرارات الحكومة عزل رؤساء بلديات أكراد وتعيين أوصياء بدلاً منهم، لا سيما رئيس بلدية ماردين السياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، الذي أعلن بهشلي في كلمة أمام مجموعة حزبه بالبرلمان، الثلاثاء، أن بابه مفتوح للقائه، إذا طلب ذلك.

ومنذ أسبوعين، استقبل إردوغان حليفه بهشلي بقصر الرئاسة في أنقرة، ليبدد المزاعم حول خلاف في الرأي بينهما، وعلى الرغم من نفيهما وجود هذا الخلاف، فإن بهشلي عدل اقتراحه بشأن أوجلان، الذي يعد مدخلاً لإنهاء صراع مستمر منذ عام 1984، حيث لم يتطرق هذه المرة لإطلاق سراح أوجلان.

إردوغان استقبل بهشلي في القصر الرئاسي في 14 نوفمبر لتبديد مزاعم الخلافات بينهما (الرئاسة التركية)

كما لم يتحدث عن أي «عملية سلام جديدة» لحل المشكلة الكردية، على غرار تلك العملية التي انخرطت فيها الحكومة في الفترة من 2012 إلى 2015 مع حزب «السلام والديمقراطية»، الذي كان يتزعمه أحمد تورك في ذلك الوقت، والذي حظرته الحكومة وخلفه عدد من الأحزاب الكردية التي خرجت من رحمه.

وأكد بهشلي أنه لم يتراجع عن دعوته لحضور أوجلان إلى البرلمان، وأن «حزب الحركة القومية يقف وراء ما قلناه في 22 أكتوبر». وقال، أمام نواب حزبه بالبرلمان، إن «فصل الأكراد عن الأتراك أمر مستحيل ومجنون، إن مستقبلنا واحد، ويجب أن نزيل الإرهاب تماماً من جدول أعمالنا من خلال تكاتف أيادينا وانصهار قلوبنا».

وأضاف: «يجب أن يكون هناك اتصال مباشر بين إيمرالي (سجن أوجلان) والمجموعة البرلمانية لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب».

ولم يتأخر رد حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب على بهشلي، وأعلن رئيسه المشارك، تونجر بكيرهان، أنه والرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغللاري، تقدما بطلب إلى وزارة العدل لمقابلة أوجلان.

انتقاد لبهشلي

وانتقد بكيرهان، في كلمة أمام المجموعة البرلمانية للحزب الذي يعد ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي، بهشلي والحكومة التركية، قائلاً: «إنهم يواصلون الخروج ونشر الدعاية القذرة»، ويقولون إن حزبنا لا يستمع لأوجلان، ولا يؤيد الحل (حل المشكلة الكردية في تركيا).

وأضاف: «نريد المساهمة في عملية السلام بصفتنا حزباً، من خلال الذهاب والاجتماع مع أوجلان، ونتحدى... لكن من الخطأ الكبير أن ننظر إلى القضية الكردية على أنها إرهاب».

الرئيس المشارك لحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب تونجر بكيرهان خلال حديثه بالبرلمان الثلاثاء (موقع الحزب)

ومنذ مصافحة بهشلي لنواب حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة في أول أكتوبر، ثم دعوته في 22 أكتوبر لفك عزلة أوجلان وتمكينه من الحديث بالبرلمان، أقدمت السلطات التركية على خطوات متناقضة أكدت الشكوك حول خلاف بين إردوغان وبهشلي.

وبعدما سمحت السلطات لابن شقيق أوجلان، نائب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب عن مدينة شانلي أورفا، بزيارته في 23 أكتوبر، بعد عزلة استمرت 43 شهراً، عادت وفرضت عليه العزلة مجدداً في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بمنع محاميه من لقائه لمدة 6 أشهر.

مظاهرة في تركيا للمطالبة بإنهاء عزلة أوجلان (رويترز)

وعزلت الحكومة 5 رؤساء بلديات موالين للأكراد في مدن بجنوب شرقي تركيا بسبب ارتباطات بحزب العمال الكردستاني، في خطوة أثارت غضب المعارضة والناخبين الأكراد.

وقبل ساعات قليلة من تكرار بهشلي دعوته بشأن أوجلان، أعلنت وزارة الداخلية التركية أن الشرطة احتجزت 231 شخصاً للاشتباه في صلتهم بحزب العمال الكردستاني، لكن حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب قال إن المعتقلين بينهم مسؤولون محليون ونشطاء بالحزب.

اعتقال مدافعين عن المرأة

على صعيد آخر، اعتقلت الشرطة عشرات الأشخاص في إسطنبول لمحاولتهم الانضمام إلى مسيرة تطالب بحماية أكبر للنساء في تركيا من العنف، حيث قتل أكثر من 400 امرأة هذا العام، في جرائم عنف منزلي أو من جانب الأزواج السابقين أو التمييز على أساس النوع.

صدامات بين الشرطة ومتظاهرات في إسطنبول بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة (د.ب.أ)

وحاول المتظاهرون دخول شارع «الاستقلال» في منطقة تقسيم، ليل الاثنين – الثلاثاء، للاحتفال باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة متحدين حظراً مفروضاً على التظاهر في المنطقة.

وكانت الشرطة أغلقت جميع مداخل شارع الاستقلال وميدان تقسيم الرئيسية ومحطات المترو لمنع التجمعات الكبيرة.