تعافٍ غير منتظم للاقتصاد الصيني في مرحلة ما بعد «كوفيد»

انكماش الصناعات التحويلية ونمو أكثر بطئاً للنشاط غير التصنيعي

زحام على الرحلات الداخلية داخل محطة سكة حديد غرب بكين في عطلة عيد العمال 29 أبريل 2023 (إ.ب.أ)
زحام على الرحلات الداخلية داخل محطة سكة حديد غرب بكين في عطلة عيد العمال 29 أبريل 2023 (إ.ب.أ)
TT

تعافٍ غير منتظم للاقتصاد الصيني في مرحلة ما بعد «كوفيد»

زحام على الرحلات الداخلية داخل محطة سكة حديد غرب بكين في عطلة عيد العمال 29 أبريل 2023 (إ.ب.أ)
زحام على الرحلات الداخلية داخل محطة سكة حديد غرب بكين في عطلة عيد العمال 29 أبريل 2023 (إ.ب.أ)

أظهرت بيانات رسمية، أمس الأحد، أن نشاط الصناعات التحويلية في الصين انكمش بشكل غير متوقع في أبريل (نيسان)، وهو ما يفاقم التحدي الذي يواجهه الاقتصاد وسط تعاف غير منتظم في مرحلة ما بعد «كوفيد» في ظل تباطؤ الطلب العالمي، واستمرار التذبذب في قطاع العقارات بالبلاد.
وأفادت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء بأن المؤشر الرسمي لمديري المشتريات الرسمي في قطاع الصناعات التحويلية سجل 49.2، منخفضا من 51.9 في مارس (آذار)، ليكون دون مستوى الخمسين نقطة الفاصل بين التوسع والانكماش في النشاط على أساس شهري. وجاءت القراءة دون توقعات عند 51.4.
ونما ثاني أكبر اقتصاد في العالم بشكل أسرع من المتوقع في الربع الأول من العام، مدفوعا بتحرر الطلب الاستهلاكي بعد تخفيف القيود المرتبطة بـ«كوفيد - 19» لكن إنتاج المصانع تباطأ وسط ضعف النمو العالمي.

النشاط غير التصنيعي
أظهرت البيانات أن النشاط غير التصنيعي في الصين نما بوتيرة أكثر بطئا في أبريل، وهو مؤشر سلبي بالنسبة لصانعي السياسة الذين يعتمدون على استهلاك الخدمات لتعويض الضعف في قطاع المصانع وسط تباطؤ في الطلب العالمي. وأفاد المكتب الوطني للإحصاء بأن المؤشر الرسمي لمديري المشتريات في القطاع غير التصنيعي سجل 56.4 مقابل 58.2 في مارس، ليظل فوق مستوى الخمسين نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش في النشاط على أساس شهري. وبلغ مؤشر مديري المشتريات الرسمي المركب، الذي يشمل التصنيع والخدمات 54.4 مقارنة مع 57 في مارس.

التجارة الخارجية
ارتفعت واردات وصادرات الصين من المنتجات الزراعية بنسبة 5.‏11 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الحالي.
وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، بأن المنتجات الزراعية حققت 38.‏83 مليار دولار من التجارة الخارجية للبلاد، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023؛ وفقا لبيانات وزارة الزراعة والشؤون الريفية. وارتفعت واردات الصين من المنتجات الزراعية بنسبة 2.‏13 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 88.‏59 مليار دولار خلال تلك الفترة، بينما بلغت صادراتها من المنتجات الزراعية 5.‏23 مليار دولار، بزيادة نسبتها 4.‏7 في المائة بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2022.
وارتفع العجز التجاري في البلاد من المنتجات الزراعية بنسبة 2.‏17 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى 38.‏36 مليار دولار خلال الفترة نفسها، بحسب ما ورد في البيانات أيضا. مبيعات المنازل
ارتفعت مبيعات المنازل في الصين للشهر الثالث خلال أبريل، مما زاد من بوادر حدوث حالة من التعافي للقطاع المحاصر بالمشاكل، بعد أن وسع صناع السياسات من دعمهم له. وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء الأحد، بارتفاع قيمة مبيعات المنازل الجديدة من جانب أكبر 100 مطور عقاري، بنسبة 6.‏31 في المائة بالمقارنة مع العام السابق، لتصل إلى 5.‏566 مليار يوان (9.‏81 مليار دولار)، بحسب البيانات الأولية التي صدرت عن شركة «تشاينا ريل إستيت إنفورميشن».
ويأتي ذلك بالمقارنة مع تسجيل زيادة نسبتها 2.‏29 في المائة في مارس الماضي. ويشير التحسن إلى أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة لدعم صناعة العقارات في البلاد، والتي تعد عنصراً حاسماً بالنسبة للدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، لها تأثير إيجابي.

ارتفاع الرحلات السياحية والإنفاق
في غضون ذلك، ارتفعت أنشطة السياحة والمستهلكين في الصين بشكل حاد في اليوم الأول من عطلة «عيد العمال» التي تستمر لمدة خمسة أيام، حيث سارع السكان للسفر والإنفاق بعد ثلاث سنوات من قيود «كوفيد» التي تم إلغاؤها أخيرا. وقالت صحيفة «ذا بيبر» الصينية، نقلا عن بيانات من مجموعة السكك الحديدية الصينية المحدودة، إنه تم إجراء نحو 7.‏19 مليون رحلة على متن السكك الحديدية في جميع أنحاء البلاد يوم السبت، وهو أعلى مستوى بالنسبة لحركة المسافرين يتم تسجيله في يوم واحد؛ وفق وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وتتوقع شركة السكك الحديدية أن ترتفع حركة السفر إلى مستوى قياسي يبلغ 120 مليون مسافر خلال فترة العطلة الممتدة، بزيادة 20 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2019 قبل تفشي الجائحة.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة، التي نقلتها محطة «سي سي تي في» الصينية الحكومية، ارتفاع عدد المتسوقين يوم السبت أيضا، حيث شهدت شركات البيع بالتجزئة وشركات توريد الأغذية الكبرى قفزة في المبيعات بنسبة 21 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وارتفعت إيرادات سلاسل الأغذية الرئيسية بنسبة 37 في المائة، وارتفعت مبيعات الملابس بنسبة 21 في المائة، في حين ارتفعت مبيعات المجوهرات والسجائر والكحول جميعها بنسبة 17 في المائة.

تراجع صادرات كوريا الموجهة للصين
في الأثناء، أظهرت بيانات أمس، تسجيل كوريا الجنوبية أكبر تراجع في الصادرات الموجهة للصين خلال الربع الأول.
وذكرت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أن البيانات أظهرت أن الصادرات للصين تراجعت بنسبة 28 في المائة خلال الربع الأول مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، ويرجع ذلك إلى الانخفاض الحاد في صادرات أشباه الموصلات.
وبلغ حجم الصادرات الكورية الجنوبية للصين خلال ثلاثة أشهر حتى 30 مارس الماضي 2.‏38 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ومثلت الصادرات الكورية 2.‏6 في المائة من واردات الصين خلال الربع الأول مقارنة بـ1.‏8 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي؛ وفق بيانات إدارة الجمارك العامة بالصين.
وقد تراجعت واردات الصين بنسبة 7 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 12.‏617 مليار دولار خلال أول ثلاثة أشهر من العام. وسجلت كوريا الجنوبية أكبر تراجع في الصادرات للصين خلال الربع الأول من بين 23 دولة ومنطقة يصنفها مكتب الجمارك الصيني على أنها أبرز الشركاء التجاريين للصين. يشار إلى أن صادرات كوريا الجنوبية من أشباه الموصلات تراجعت بنسبة 40 في المائة خلال الربع الأول مقارنة بالعام الماضي في ظل تراجع الطلب على الرقائق الإلكترونية وانخفاض أسعارها، وفقاً لرابطة التجارة الدولية الكورية وبنك كوريا.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.