الروبية الهندية تتحرك نحو العالمية

في ظل خطط دولية لتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي

الروبية الهندية (رويترز)
الروبية الهندية (رويترز)
TT
20

الروبية الهندية تتحرك نحو العالمية

الروبية الهندية (رويترز)
الروبية الهندية (رويترز)

تقترب الروبية الهندية من أن تصبح عملة دولية، بعد أن تزايدت الدول التي تسعى إلى التخلص من الدولار في تجاراتها الدولية.
وقد أعطى بنك الاحتياطي الهندي الإذن للبنوك من 18 دولة لفتح حسابات بالروبية الهندية واستخدامها لسداد المدفوعات، هي: فيجي، وبوتسوانا، وغيانا، وألمانيا، وكينيا، وإسرائيل، وماليزيا، وموريشيوس، وميانمار، ونيوزيلندا، وعمان، وروسيا، وسيشيل، وسنغافورة، وسريلانكا، وتنزانيا، وأوغندا، والمملكة المتحدة.
يحاول العالم التخلص من الدولار في السوق الدولية وسط تباطؤ اقتصادي عالمي، وهو ما تحاول الهند استغلاله كفرصة. وتجري الهند أيضاً مناقشات بشأن التداول بالروبية مع شركاء تجاريين كبار، منهم موردا النفط الرئيسيان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
تسوية التجارة الدولية بالروبية
سيتمكن التجار الآن من استيراد البضائع من دول أخرى عن طريق الدفع بالروبية. وقد سمح البنك المركزي الهندي لهذه البلدان الـ18 بفتح حسابات بالروبية لتسوية التجارة في المعاملات بالعملة الهندية.
طلب بنك الاحتياطي الهندي ووزارة المالية خلال العام الماضي، من الإدارة العليا للبنوك وممثلي الهيئات التجارية، سداد معاملات الاستيراد والتصدير بالروبية الهندية. وطلب من البنوك في الهند التواصل مع نظرائه الأجانب لفتح حساب بالروبية لتسهيل التجارة بالعملة الهندية بدلاً من الدولار.
ستستخدم هذه الدول هذه الأموال للاستثمار في الشركات الهندية وشراء السلع والخدمات من الهند. وستقلل من تكاليف المعاملات المتعلقة بالتجارة وسبل تعزيزها، إذ تعتبر الهند من بين أهم الشركاء التجاريين للعديد من البلدان التي تستخدم الروبية كعملة سداد، نظراً لأنها ستقلل من مخاطر سعر الصرف التي يواجهها هؤلاء التجار في السوق الدولية.
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي سانجاي غجوبتا إن «هذا من شأنه أن يقلل من العجز التجاري للهند. فقد بلغ عجز تجارة البضائع في الهند، وهو التصدير مطروحاً منه الاستيراد، 233 مليار دولار خلال الفترة ما بين أبريل (نيسان) 2022 ويناير (كانون الثاني) 2023، ومع ذلك، ستكون الهند قادرة على تصدير المزيد من البضائع، حيث إن العديد من البلدان على استعداد للتجارة مع الهند بالروبية، ناهيك عن تعزيز نمو الأسواق المالية».
وحاولت دول «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) بالفعل إلغاء دولرة السوق الدولية في أعقاب العقوبات التي فرضها العالم الغربي على روسيا.
ما هو حساب الروبية الهندية الخاص؟ لتسوية التجارة بالروبية، يتعين على البنوك المعتمدة في الهند فتح حساب بالروبية الهندية للبنوك في الدولة التي ينتمي إليها الطرف الأجنبي. وعندما يقوم مستورد هندي بالدفع إلى تاجر بلد آخر بالروبية، يجري إضافة المبلغ إلى الحساب سالف الذكر بالروبية الهندية.
وبالمثل، عندما يتعين الدفع لمصدّر هندي مقابل السلع والخدمات بالروبية الهندية، سيجري خصم المبلغ من حساب الروبية الهندية بالبنك الهندي المحلي وإيداعه في الحساب العادي للمصدّر.
يسمح لأصحاب الحسابات البنكية بالروبية باستثمار الأرصدة الفائضة في الأوراق المالية الحكومية الهندية. ويجري توفير هذه الميزة من قبل بنك الاحتياطي الهندي للمساعدة في تعميم النظام الجديد. ولفتح حساب الروبية الهندية، فإن الحصول على موافقة مسبقة من بنك الاحتياطي الهندي يعد إجراء ملزماً.
صادرات قياسية
تجاوزت صادرات الهند الإجمالية التي تجمع بين السلع والخدمات، رقماً قياسياً بلغ 750 مليار دولار في السنة المالية الحالية، متجاوزة الوضع الاقتصادي العالمي الصعب للغاية الذي اتسم بالركود العالمي والتضخم المرتفع في غالبية البلدان المتقدمة وارتفاع أسعار الفائدة.
وبحسب وزير التجارة والصناعة بيوش جويال الهندي، فقد «ارتفعت الصادرات من 500 مليار دولار في السنة المالية 2020 - 2021 كتتويج للنمو الصحي في قطاعي البضائع والخدمات، وانصب التركيز خلال السنوات التسع الماضية على وضع اللبنات الأساسية للنمو الاقتصادي المستمر والمستدام وجعل الهند تعتمد على نفسها من خلال فتح أبوابها على نطاق واسع بدلاً من إغلاقها».
يدعم تحركات الهند في اعتماد الروبية كعملة دولية، حجم الاقتصاد الكلي القوي في الهند، واحتياطيات النقد الأجنبي القوية، والتضخم المنخفض نسبياً، وروح المبادرة، حيث إن كل هذا يجمع بنجاح النظام البيئي المحلي ليس فقط لاستبدال العناصر من سلة الاستيراد ولكن لتحقيق وفر في الكمية والمنافسة في السوق الدولية.
ولدى الهند بالفعل 12 اتفاقية تجارة حرة أبرمتها بالفعل مع دول، ومؤخراً أبرمت اتفاقية مع أستراليا، وحالياً مع المملكة المتحدة. والجدير بالذكر أن صادرات البضائع إلى البلدان أو المناطق التي أبرمت اتفاقيات تجارية مع الهند قد نمت بنسبة 21 في المائة في غضون خمس سنوات. والهند ليست الدولة الوحيدة التي تبذل جهوداً للاستفادة من زخم تراجع دور العملة الأميركية في التجارة، إذ تقود الصين وروسيا جهوداً لتقليل الاعتماد على الدولار أيضاً في ظل تدهور العلاقات بين واشنطن وبكين ومحاولة موسكو عزل نفسها عن تأثير العقوبات الغربية.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

تراجع عوائد السندات الألمانية وسط تركيز على خطط زيادة الإنفاق العام

علم ألمانيا يُرى خارج البوندستاغ الألماني (رويترز)
علم ألمانيا يُرى خارج البوندستاغ الألماني (رويترز)
TT
20

تراجع عوائد السندات الألمانية وسط تركيز على خطط زيادة الإنفاق العام

علم ألمانيا يُرى خارج البوندستاغ الألماني (رويترز)
علم ألمانيا يُرى خارج البوندستاغ الألماني (رويترز)

تراجعت عوائد السندات الألمانية القياسية في منطقة اليورو من أعلى مستوياتها في 17 شهراً يوم الخميس، وسط استمرار التركيز على الخطط الألمانية لزيادة الإنفاق العام بشكل كبير.

ويعمل فريدريش ميرتس، الفائز في الانتخابات والمستشار المحتمل، على دفع خطط زيادة الإنفاق في البرلمان المنتهية ولايته، رغم صعوبة إقرارها بسبب الحاجة إلى أغلبية الثلثين في البوندستاغ الجديد، وفق «رويترز».

ويناقش البوندستاغ الألماني يوم الخميس صندوقاً للبنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو (544.18 مليار دولار)، إضافة إلى تعديل قواعد الاقتراض في أكبر اقتصاد في أوروبا، بهدف تعزيز الدفاع الوطني. ويسعى ميرتس، الفائز في الانتخابات الألمانية الشهر الماضي، إلى تأمين التمويل اللازم قبل انعقاد البرلمان الجديد في 25 مارس (آذار)، حيث يواجه تحديات كبيرة في تمرير خططه، خاصةً مع تزايد معارضة المشرعين من أقصى اليمين واليسار.

ودفعت هذه الخطط معهد «إيفو» الاقتصادي الألماني إلى تعديل توقعاته بشأن نمو الاقتصاد الألماني في عام 2026، متوقعاً زيادة بنسبة 1.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بتوقعاته السابقة البالغة 0.9 في المائة. ومع ذلك، لا يزال المعهد يتوقع استمرار الركود في عام 2025 بسبب التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد، مثل الرسوم الجمركية والمنافسة الدولية.

وسجلت عوائد السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 سنوات انخفاضاً بمقدار 1.5 نقطة أساس لتصل إلى 2.88 في المائة. في المقابل، بلغ سعر الفائدة على سندات الخزانة الأميركية 2.938 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مرتفعاً 44.7 نقطة أساس الأسبوع الماضي، مسجلاً أكبر زيادة له منذ فبراير (شباط) 1990.

في المقابل، تراجع فارق العائد بين السندات الإيطالية والألمانية إلى 105 نقاط أساس، بعد أن كان قد انخفض الأسبوع الماضي إلى أقل من 100 نقطة أساس لأول مرة منذ 2021. كما انخفض فارق العائد بين السندات الفرنسية والألمانية إلى 68 نقطة أساس، وهو أدنى مستوى له مؤخراً.

وعلى صعيد السياسة النقدية، توقع المتداولون أن يصل سعر فائدة الإيداع للبنك المركزي الأوروبي إلى 2.07 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بـ1.92 في المائة في الأسبوع الماضي، مع احتمال بنسبة 50 في المائة لخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في أبريل (نيسان).