اللحظات الأخيرة قبل اندلاع الحرب... البرهان وحميدتي من محادثات إلى اقتتال

التقيا قبل أسبوع من الاشتباكات ولم يرغب أي منهما في تقديم تنازلات

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات «الدعم السريع» محمد دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات «الدعم السريع» محمد دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)
TT

اللحظات الأخيرة قبل اندلاع الحرب... البرهان وحميدتي من محادثات إلى اقتتال

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات «الدعم السريع» محمد دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات «الدعم السريع» محمد دقلو «حميدتي» (أ.ف.ب)

خشية من أن تتسبب عمليات الحشد التي قام بها الفصيلان العسكريان الغريمان في السودان في سفك الدماء، كانت مجموعة من الوسطاء تدفع باتجاه إجراء محادثات في اللحظات الأخيرة بين القائد العام للجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» شبه العسكرية الفريق أول محمد حمدان دقلو قبل أسبوعين، لكن ثلاثة من الوسطاء السودانيين قالوا إن أقوى رجلين في البلاد لم يشاركا في الاجتماع الذي انعقد في مقر الرئاسة بوسط الخرطوم في الساعة العاشرة من صباح يوم 15 أبريل (نيسان)، وذلك في تفاصيل يُكشف عنها لأول مرة. وبدلاً من ذلك، اندلع القتال في أنحاء البلاد.
ووفقاً لما نقلته «رويترز» عن ثلاثة شهود ومستشار لدقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي، بدأ إطلاق النار في معسكر سوبا العسكري في جنوب الخرطوم في نحو الساعة 8:30 صباحاً بالتوقيت المحلي.
وتصاعد العنف بسرعة في أنحاء البلاد، وهو ما يوضح إلى أي مدى تفرقت السبل بالطرفين في الأسابيع التي سبقت استعدادهما لخوض حرب شاملة.
ومن خلال مقابلات مع نحو 12 مصدراً في الجيش وقوات «الدعم السريع» ومع مسؤولين ودبلوماسيين، أعادت «رويترز» بناء أحداث رئيسية عدة في الفترة التي سبقت أعمال العنف وأودت حتى الآن بحياة ما لا يقل عن 512 شخصاً، ودفعت عشرات الآلاف إلى الفرار وفاقمت من أزمة إنسانية خطيرة تشهدها البلاد بالفعل.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1648273004919672832
ووفقاً لدبلوماسي اطلع على الأمر واثنين من الوسطاء، فإن البرهان وحميدتي التقيا للمرة الأخيرة في الثامن من أبريل (نيسان) في مزرعة على مشارف الخرطوم؛ أي قبل أسبوع من اندلاع القتال.
وطلب البرهان خلال اللقاء انسحاب قوات «الدعم السريع» من مدينة الفاشر، التي تقع في إقليم دارفور بغرب السودان، معقل حميدتي، ووقف تدفقات قوات «الدعم السريع» إلى الخرطوم المستمرة منذ أسابيع.
وذكر الدبلوماسي والوسيطان أن حميدتي طلب بدوره سحب القوات المصرية من قاعدة جوية تسمى مروي خشية استخدام هذه القوات ضده.
وقال الوسيطان إن الرجلين تحدثا أيضاً على انفراد ووافقا على ما يبدو على خفض التصعيد. وكانت هناك نية لعقد لقاء آخر في اليوم التالي، لكنه لم يحدث.
وعلى مدى الأسبوع التالي وخلف الكواليس، كان كل منهما يستعد بقوة للأسوأ، بحسب «رويترز».
وتحدث مصدران عسكريان مع «رويترز» عن خطط لم يكشف عنها من قبل، وقالا إن القوات الجوية بقيادة البرهان كانت تدرس أماكن تجمع قوات «الدعم السريع» اعتماداً على إحداثيات قدمها الجيش.
وأوضح المصدران نفسهما أن قوات «الدعم السريع» كانت في الوقت ذاته تنشر المزيد من المسلحين في سوبا ومعسكرات أخرى في أنحاء الخرطوم.
وذكر المصدران العسكريان أن القوات الجوية، التي تقصف مواقع في العاصمة منذ اندلاع القتال، ظلت تدرس أماكن معسكرات قوات «الدعم السريع» لأكثر من أسبوع قبل بدء المعارك.
وقال المصدران نفسهما إن الجيش شكل أيضاً لجنة صغيرة من كبار قادته للاستعداد لصراع محتمل مع قوات «الدعم السريع».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1643953318270496769
وقال موسى خدام محمد مستشار حميدتي في مقابلة عبر الهاتف مع «رويترز»، إن الطلقات الأولى في الحرب يوم السبت 15 أبريل (نيسان) أيقظت قوات «الدعم السريع» المتمركزة في سوبا.
وأضاف أن قوات «الدعم السريع» شاهدت قوات الجيش من خلف أسوار المعسكر وهي تنصب مدافع في المنطقة المحيطة به.
وقال: «شعرنا أن هناك قوة جاءت في نفس الموقع»، مضيفاً أن قوات أخرى تجمعت حول مقر إقامة حميدتي في الخرطوم.
وسرعان ما تبادل الجيش وقوات «الدعم السريع» الاتهامات علناً بإشعال العنف ومحاولة الاستيلاء على السلطة. ولم يتسنَّ لـ«رويترز» التحقق بشكل مستقل من الأحداث التي وصفها مستشار حميدتي.
بالمقابل، ورداً على أسئلة مكتوبة، قال المتحدث باسم القوات المسلحة العميد ركن نبيل عبد الله، إن الجيش كان يستعد للرد وليس لشن حرب بعد مؤشرات عن هجوم لقوات «الدعم السريع».
وأضاف أن قوات «الدعم السريع» هي التي بدأت الهجوم وأسرت عدة جنود، في حين تحرك الجيش لصد الهجوم.
وأشار إلى أن الجيش كان ينفذ حملته بموجب تسلسل قيادي واضح، وأن قوات «الدعم السريع» أصبحت هدفاً مشروعاً للقوات الجوية بعد بدء القتال.
واتفق حميدتي والبرهان على هدنة مؤقتة هذا الأسبوع بضغط من الولايات المتحدة التي تشعر مع الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالقلق من أن السودان قد يتفتت ويزعزع استقرار منطقة مضطربة بالفعل.
وسمح الهدوء للآلاف من سكان الخرطوم والزوار الأجانب بالفرار من العاصمة. ورغم تمديد الهدنة في ساعة متأخرة من مساء الخميس، هزت الضربات الجوية والقذائف المضادة للطائرات المدينة مرة أخرى.

الصراع على السلطة

كان حميدتي، وهو قائد ميليشيا سابق في دارفور، تابعاً للرئيس السابق عمر البشير ومنفذاً لأوامره، وتنعم بالثراء من تجارة الذهب.
ولم يكن على خلاف دائم مع البرهان ضابط الجيش المحترف. وقاد كلاهما رجالاً في دارفور حيث تسبب صراع تصاعد في عام 2003 ومستمر حتى الآن، رغم العديد من اتفاقيات السلام، في مقتل ما يصل إلى 300 ألف شخص وتشريد 2.7 مليون.
وشكل الرجلان، اللذان تقلدا أكبر منصبين في مجلس السيادة الحاكم بعدما أطاحت حركة احتجاجية بالبشير في عام 2019، جبهة موحدة في الغالب في اتفاق لتقاسم السلطة مع قوى «الحرية والتغيير»، وهو تحالف سياسي خرج من رحم الانتفاضة.
وخلال ذلك الوقت زادت قدرات قوات «الدعم السريع» وأصبحت قوة يقدر قوامها بنحو 100 ألف فرد. واكتسبت هذه القوة شبه العسكرية صفة رسمية في الدولة بموجب قانون أقره البرلمان في عهد البشير.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021، نفذ الرجلان انقلاباً، لكن حميدتي سرعان ما رأى أن الاستيلاء على السلطة كان خطأ مكن الموالين للبشير من استعادة بعض النفوذ، وذلك حسبما قال في خطابات ومقابلات تلفزيونية.
وأدى الاستيلاء على السلطة لخروج احتجاجات حاشدة كل أسبوع في الشوارع، وأوقف الانفتاح المؤقت لاقتصاد السودان المتعثر.
وبينما راهن حميدتي على اتفاق إطاري مدعوم دولياً لتشكيل حكومة مدنية كان من الواضح أنه يتطلع من خلاله إلى لعب دور سياسي في المستقبل، توترت العلاقات بسبب تسلسل القيادة في المرحلة الانتقالية الجديدة وخطط دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش النظامي.
وفي إطار الاستعداد للقتال، أصر حميدتي على أن دمج قوات «الدعم السريع» يجب أن يجري على مدى يتجاوز عشر سنوات، بما يتماشى مع بنود الاتفاق الإطاري للخطة الانتقالية الموقع في ديسمبر (كانون الأول)، حسبما ذكرت عدة مصادر سودانية ودبلوماسية مطلعة على المحادثات لـ«رويترز»، لكن الجيش كان يضغط من أجل مدى زمني أقل. وضغط الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، النائب الصارم للبرهان داخل الجيش، من أجل تنفيذ الدمج على مدى عامين فقط.
وقال دبلوماسي كبير شارك في جهود الوساطة في الأسابيع الأخيرة قبل اندلاع القتال، إن «فرصة كانت سانحة على ما يبدو للتوصل إلى اتفاق بين البرهان وحميدتي، لكن قائد قوات (الدعم السريع) كان ساخطاً»، وأضاف: «كان هناك الكثير من الغضب والإحباط والحديث عن أنه: أنا الشخص الوحيد الذي يحمي التحول الديمقراطي».
وأشار إلى أن قائد الجيش كان يصر على ضرورة أن يرفع حميدتي إليه التقارير، في حين كان حميدتي يقول إن البرلمان المنتخب وحده هو الذي يملك سلطة تحديد تسلسل القيادة. وذكر الدبلوماسي البارز أن أياً منهما لم يرغب في تقديم تنازلات.

من دارفور إلى السلطة

ردد موسى خدام محمد مستشار حميدتي، تصريحات أدلى بها علناً كل من قائد قوات «الدعم السريع» وقوى «الحرية والتغيير»، بأن هناك طرفاً ثالثاً يلعب على الأرض، مما أدى إلى توتر العلاقات بين الجيش والقوات شبه العسكرية.
وقال المستشار: «هناك قوة داخل الجيش رافضة لمسألة التحول الديمقراطي». وأضاف أن مخابرات قوات «الدعم السريع» راقبت اجتماعات حلفاء للبشير يعارضون عملية الانتقال.
وذكر المستشار وقوى «الحرية والتغيير»، أن هذه الكتلة تتألف من أنصار للبشير ومن بينهم إسلاميون. وعادت القوات الموالية للبشير للظهور مرة أخرى بعد انقلاب 2021. وعارضت علناً الاتفاق الإطاري المبرم في ديسمبر، وهو الاتفاق الذي كان يهدف إلى التمهيد لإجراء انتخابات والتحول للحكم المدني.
وقال خالد عمر يوسف الوزير السابق والعضو البارز في قوى «الحرية والتغيير»، لـ«رويترز»: «هدد الاتفاق المساحة التي وجدها عناصر النظام البائد بعد انقلاب 25 أكتوبر؛ لذا فقد أججوا الصراع بين القوات المسلحة و(الدعم السريع)، ويعملون الآن على استمراره بعد اندلاع الحرب».
واتهم أعضاء في قوى «الحرية والتغيير»، المجموعة الموالية للبشير بنشر الشائعات وممارسة ضغوط داخل الجيش.
والبشير مسجون منذ الإطاحة به، لكنه يقضي بعض الأوقات في المستشفى. وأدين بتهم فساد ويحاكم الآن بتهم قيادة انقلاب عام 1989 أوصله إلى السلطة.
وقال الجيش يوم الأربعاء، إن البشير نُقل قبل اندلاع أعمال العنف من سجن «كوبر» مترامي الأطراف إلى مستشفى عسكري مع خمسة من كبار الموالين له، من بينهم مسؤول سابق تتهمه المحكمة الجنائية الدولية مثل البشير بارتكاب جرائم حرب.
وهاجم أنصار للبشير قبل أيام من اندلاع القتال مجموعات مؤيدة للديمقراطية بالقرب من السجن. وفي مطلع الأسبوع الحالي، خرج آلاف النزلاء من السجون في ظروف غامضة.
وكان من بينهم وزير سابق في حكومة البشير مطلوب أيضاً لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب، وكذلك أعضاء كبار آخرون في حزبه.
وعاد محمد طاهر إيلا، الذي كان رئيساً للوزراء وقت سقوط البشير ووُصف من قبل بأنه رئيس مستقبلي محتمل، للظهور علناً في الآونة الأخيرة بعد أن ظل بعيداً عن الأنظار لعدة سنوات.
وفي تجمع مع أنصاره قبل أيام قليلة من بدء القتال، بعث برسالة ملتهبة وتعهد بتقديم «الشهيد تلو الشهيد» للدفاع عن أرض السودان ودينه.
وقال إيلا في لقطات مصورة للاجتماع: «لا مكان فيه (السودان) للإطارية ولا لغيرها». وأضاف: «نحن أقدر من الأمس أن نحمل السلاح وأن نأخذ حقنا بأيدينا».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

سلطات طرابلس تتجاهل مبادرة حفتر لـ«المصالحة الشاملة»

لقاء حفتر وصالح وحماد مع الرئيس الكونغولي في بنغازي (الجيش الوطني)
لقاء حفتر وصالح وحماد مع الرئيس الكونغولي في بنغازي (الجيش الوطني)
TT

سلطات طرابلس تتجاهل مبادرة حفتر لـ«المصالحة الشاملة»

لقاء حفتر وصالح وحماد مع الرئيس الكونغولي في بنغازي (الجيش الوطني)
لقاء حفتر وصالح وحماد مع الرئيس الكونغولي في بنغازي (الجيش الوطني)

التزمت سلطات طرابلس، ممثلة في المجلس الرئاسي، و«الأعلى للدولة» وحكومة الوحدة، اليوم الأربعاء، الصمت حيال إعلان القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، مبادرة جديدة لـ«المصالحة الشاملة»، لم يكشف عن تفاصيلها، وسط دعوة القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع «المحتجزين تعسفياً» في البلاد.

وقال حفتر إنه قدم خلال اجتماع تشاوري، مساء الثلاثاء، في بنغازي (شرق)، مع رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي للمصالحة الليبية، رئيس الكونغو برازافيل، ديني ساسو نغيسو، مبادرة جديدة تهدف إلى ضمان نجاح المصالحة الوطنية الشاملة، مشدداً على «ضرورة توافق الجميع من أجل بناء مستقبل مستقر وآمن للبلاد».

المجلس الرئاسي التزم الصمت حيال مبادرة حفتر لـ«المصالحة الشاملة» (الوحدة)

ولم يفصح حفتر عن فحوى هذه المبادرة، لكنه نقل عن رئيس الكونغو إشادته بالمبادرة، مؤكداً أنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، كما اعتبرها من الأسس الرئيسة التي يمكن البناء عليها لتوحيد الليبيين، وتحقيق الاستقرار في البلاد.

وقال حفتر إن الاجتماع الذي حضره رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس حكومة «الاستقرار»، أسامة حماد، بحث سبل تعزيز جهود المصالحة الوطنية، وأهمية دفع هذا المشروع قدماً لتحقيق الاستقرار، والتوافق بين جميع الأطراف الليبية. ومن جهته، أكد صالح «ضرورة تشكيل حكومة موحدة»، وفقاً لما تم التوافق عليه بين مجلس النواب و«الأعلى للدولة»، واعتبر أن آلية اختيار الحكومة واضحة «ولا إقصاء لأحد؛ إلا لمن لا تنطبق عليهم شروط الترشح»، مشيراً إلى أن الحل الوحيد للأزمة الليبية «تشكيل حكومة موحدة، وإجراء الانتخابات وفقاً لإرادة الشعب».

حماد أكد أن مسارات الحوارات السياسية لم تفلح في تحقيق أي تقدم لحل الأزمة (الاستقرار)

بدوره، استغل حماد الاجتماع للتأكيد على أن مسارات الحوارات السياسية والمفاوضات الدولية لم تفلح في تحقيق أي تقدم يذكر في مسار حل الأزمة القائمة، وذلك بسبب اصطدامها بعدم وجود إرادة حقيقية لدى الأطراف الدولية والإقليمية المتدخلة في حل النزاع لوضع هذه الاتفاقات والمخرجات موضع التنفيذ الحقيقي. وأوضح أن أغلب من تعاقبوا على رئاسة بعثة الأمم المتحدة لم يسعوا لوضع حلول جذرية لتوحيد المؤسسات، والدفع نحو إنجاز الاستحقاقات الانتخابية الضرورية.

واتهم حماد حكومة الوحدة «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي وصفها بمنتهية الولاية، بتقويض الجهود الرامية لإبرام الانتخابات في موعدها، وإهدار المال العام، وإبرام ما وصفها بـ«اتفاقيات مشبوهة» تتعارض مع التشريعات الداخلية رغم سحب الثقة منها، معتبراً أن إخفاق حكومة الوحدة والمجلس الرئاسي في ملف المصالحة الوطنية «استدعى تدخل القيادات التشريعية والعسكرية» للعمل على هذا الملف.

من جانبها، قالت البعثة الأممية إن اجتماعاً نظمته في تونس مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في إطار برنامجهما المشترك «معالجة قضايا المفقودين»، ناقش مسودة لقانون المصالحة من قبل المجلس الرئاسي. وأوضحت أن الاجتماع الذي حضره ممثلون عن المجالس الثلاثة («الرئاسي» و«النواب» و«الأعلى للدولة»)، بالإضافة إلى خبراء قانونيين، أكد أهمية وضع آليات تضمن الشفافية والإنصاف، بما يستجيب لتطلعات الضحايا، ويعزز المصالحة المبنية على أسس حقوقية في ليبيا. كما ناقش المشاركون ضمان استقلالية المفوضية الوطنية للمصالحة المستقبلية، مع التأكيد على أن اختيار أعضائها يجب أن يتم من خلال عملية تشاركية وشفافة. كما تناولت النقاشات الأحكام المتعلقة بالعفو المشروط، وآليات حماية الضحايا والشهود.

الطرابلسي خلال اجتماعه مع خوري (الطرابلسي)

من جهتها، طالبت خوري بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع «المحتجزين تعسفياً»، وإجراء تحقيقات شفافة ومستقلة في مثل هذه الحالات، واعتبرت بمناسبة الذكرى السنوية ليوم حقوق الإنسان أن «حقوق الإنسان يجب أن تظل محورية في العملية السياسية والانتقال الديمقراطي في ليبيا».

وقالت خوري، التي شاركت اليوم الأربعاء في المؤتمر الإقليمي الثاني حول الإصلاحات القانونية الداعمة للمرأة في الانتخابات، الذي نظمته مفوضية الانتخابات والأمم المتحدة، أنها ناقشت مع رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة، محمد الحداد، التطورات السياسية الأخيرة، وتأثيرها على الوضع الأمني، وما وصفته بـ«العملية السياسية المقبلة»، مشيرة إلى الاتفاق على أهمية إعادة توحيد الجيش، والحاجة إلى بناء وصيانة مؤسسات وطنية فعّالة وخاضعة للمساءلة، تخدم وتحمي ليبيا وشعبها.

خوري شاركت في المؤتمر الإقليمي الثاني حول الإصلاحات القانونية الداعمة للمرأة الليبية في الانتخابات (الشرق الأوسط)

كما أوضحت خوري أنها بحثت مع وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة، عماد الطرابلسي، عناصر العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة بهدف ضمان إجراء الانتخابات الوطنية في أقرب وقت ممكن، كما ناقشا الحاجة إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار، وجهود الوزارة لتعزيز النظام والقانون في طرابلس والمدن الأخرى، بما في ذلك جهود مكافحة الجريمة والاتجار بالبشر.

ومن جهته، قال الطرابلسي إنه بحث مع خوري موضوعات أمنية تتعلق بالوضع الراهن في البلاد، بما في ذلك ملف «الهجرة غير المشروعة»، وبرنامج الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى بلدانهم. ونقل عن خوري إشادتها بجهود وزارة الداخلية في تأمين الاستحقاقات الانتخابية على مستوى البلديات، مما أسهم في نجاح هذه الانتخابات. كما بحث الطرابلسي مع الحداد القضايا المشتركة، بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى تعزيز سبل التعاون العسكري.

من جانبه، أكد الدبيبة أنه بحث، اليوم الأربعاء، مع سفيرة كندا، إيزابيل سافرد، سبل تعزيز العلاقات الثنائية، خاصة ما يتعلق بمنح التأشيرات للمواطنين الليبيين، وتسهيل إجراءاتها، مشيراً إلى بحث إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، ودور الشركات الكندية في دعم مشاريع التنمية والبنية التحتية في ليبيا.