ما تأثير حرب السودان على خطة باتيلي للانتخابات الليبية؟

نورلاند يبحث في الكونغو جهود عقدها «مبكراً»... وتأمين الحدود

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا في مؤتمر صحافي سابق من طرابلس (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا في مؤتمر صحافي سابق من طرابلس (البعثة الأممية)
TT

ما تأثير حرب السودان على خطة باتيلي للانتخابات الليبية؟

عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا في مؤتمر صحافي سابق من طرابلس (البعثة الأممية)
عبد الله باتيلي المبعوث الأممي إلى ليبيا في مؤتمر صحافي سابق من طرابلس (البعثة الأممية)

يبدي قطاع واسع من السياسيين الليبيين تخوُفه من تأثير الحرب الحالية في السودان على خطة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، الرامية إلى عقد الانتخابات الرئاسية والنيابية في بلادهم قبيل انتهاء العام الحالي.
فمن جهة، يرون أن الصراع الدائر في «الجارة الشقيقة» لن يسمح بإخراج عناصر «المرتزقة» المنتمين إلى جنسيات أفريقية من البلاد، وسط تخوف من عمليات نزوح واسعة، واختراقات محتملة للحدود، ما يشتت جهود القوات الأمنية والعسكرية في ليبيا التي تعاني الفوضى الأمنية أصلاً منذ 11 عاماً.
ورأى إدريس إحميد، المحلل السياسي الليبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، اليوم (الجمعة)، أنه في حال إذا ما استمرت الحرب في السودان، وتسببت في نزوح مدنيين ومقاتلين فإن ذلك قد يؤثر في استقرار ليبيا، ولفت إلى أن «الانشغال الدولي بما يحدث في السودان قد ينعكس سلباً على حل الأزمة الليبية، خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الأمني».
كما رأى طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، أن الحرب السودانية سيكون لها تأثير كبيرة في الأوضاع في ليبيا. وقال في تصريح صحافي، إن لجنته ستعرض على جلسة مجلس النواب المقبلة تقريراً مفصلاً يتعلق بما يجب اتخاذه لحماية الحدود بين البلدين.
واستدراكاً لما قد يترتب على الصراع العسكري في السودان وتداعياته على الأزمة الليبية، سارع ريتشارد نورلاند، مبعوث الولايات المتحدة الخاص وسفيرها لدى ليبيا، بمناقشة القضية مع بعض الأطراف الأفريقية، إذ بحث مع رئيس الكونغو دينيس ساسو نغيسو، عدداً من الموضوعات من بينها المصالحة الوطنية في ليبيا، والانتخابات المنتظرة، وتأمين الحدود.

ريتشارد نورلاند مبعوث الولايات المتحدة الخاص لدى ليبيا ملتقياً في الكونغو بالرئيس دينيس ساسو نغيسو (السفارة الأميركية)

وقال نورلاند في تصريح عبر حساب سفارته على «تويتر» مساء (الخميس): «تدعم كل من الولايات المتحدة وجمهورية الكونغو بقوة جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للجمع بين القادة الليبيين من أجل إجراء انتخابات مبكرة لتوحيد البلاد».
وأضاف: «أبلغت الرئيس ساسو نغيسو، ووزير الخارجية غاكوسو تقديرنا قيادتهم في دعم المنتدى الوطني للمصالحة في ليبيا».
وتابع: «اتفقنا أيضاً على الحاجة الملحة للإسراع في تحقيق استقرار ليبيا، واستعادة سيادتها، وتأمين حدودها في ظل التهديدات المتزايدة لأمن المنطقة».
وبشأن ما يجري في السودان، قال عدد من أعضاء مجلس النواب، إن ليبيا «وقفت، ويجب أن تقف موقف الحياد على مسافة واحدة بين أطراف الصراع المسلح (...)، ولم ولن تدعم أي طرف من الأطراف المسلحة على حساب الآخر».
وعبّر النواب في بيان أصدروه اليوم (الجمعة) عن إدانتهم ما يتعرض له الشعب السوداني الشقيق «من فتنة وصراع مسلح لن يخرج منه أي طرف منتصراً، بل إن الخاسر الأول هو السودان الشقيق وشعبه الأبي».
كما دعوا «الأشقاء في السودان بوقف هذه الاشتباكات فوراً، والاتجاه إلى طاولة الحوار تحت عنوان تحكيم الشعب السوداني في انتخابات عامة تحسم التنافس على السلطة بقرار من الشعب عبر صناديق الاقتراع»، معبرين عن إدانتهم أيضاً لـ«أي تدخل أجنبي في الشأن السوداني الداخلي، إلا في حدود الوساطة، وتقريب وجهات النظر، ووقف الحرب».
وسبق لباتيلي القول إنه بالإمكان وضع خريطة طريق للانتخابات بحلول منتصف يونيو (حزيران) المقبل، وإن المبادرة جاءت بعد طلبات تقدم بها لجميع أطراف الأزمة الليبية، بشأن مقترحاتهم لحل الأزمة.
وتتمحور بنود مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا، حول إنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى، هدفها إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال العام الحالي. وستعمل الآلية المقترحة على الجمع بين مختلف الأطراف الليبية، بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني والأطراف الأمنية، وممثلون للنساء والشباب.
وتلقي عناصر «المرتزقة» الموجودة في ليبيا من جنسيات عدة بظلالها القاتمة على المشهد بالبلاد، في ظل مخاوف من تصاعد نفوذ شركة «فاغنر» الروسية، واستثمارها في هذا المناخ المضطرب وفق متابعين، وهو ما كشفت عنه السفارة الأميركية من أن مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، تحدثت مع المشير حفتر حول «الحاجة الملحة لمنع الجهات الخارجية، ومن بينها مجموعة (فاغنر) الروسية، المدعومة من الكرملين، من زيادة زعزعة استقرار ليبيا أو جيرانها، بما في ذلك السودان».
المخاوف نفسها عبّر عنها عيسى عبد المجيد، رئيس الكونغرس التباوي، وفيما رأى في تصريح صحافي، أن الوضع في السودان سيؤثر في الأمن القومي الليبي، قال متابعون إن عقد الانتخابات في ليبيا «مرهون باستقرار الأوضاع في السودان إلى حد بعيد».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
TT

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)

أرسلت الحكومة المصرية تطمينات متكررة لمواطنيها بشأن سعر صرف الجنيه، بعدما سجل «انخفاضاً في البنوك مع تداول الدولار عند حاجز 50.8 جنيه، الجمعة، وعقب شائعات ترددت عن زيادة كبيرة في قيمة الدولار في الفترة المقبلة.

وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، في تصريحات تليفزيونية، مساء الخميس، إن الدولة المصرية «تعتمد سياسة سعر الصرف المرن القائم على العرض والطلب»، ونفى «ما تردد من شائعات حول حدوث ارتفاع كبير في سعر الدولار خلال الأيام المقبلة». تصريحات «متحدث الوزراء» تزامنت مع تغريدات «غير متفائلة» على «السوشيال ميديا» حول مستقبل سعر الجنيه.

وكتب الخبير الاقتصادي المصري، محمد فؤاد، عبر حسابه على «إكس» متفاعلاً مع العديد من التغريدات، والمناقشات حول «مستقبل سعر صرف الجنيه»، أن «الأمر يحتاج الإجابة على سؤالين، الأول: مرتبط بآلية سعر الصرف المتبعة، والثاني: تحديد ما إذ كان مرونة كاملة أو شبه كاملة»، لافتاً إلى أن «مؤشر الدولار أمام سلة العملات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة يؤكد أنها (مرونة شبه كاملة)».

ورغم تأكيد أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «أي تحرك في سعر الصرف يؤدي لارتفاع الأسعار في مصر»، فإنه شدد في اتصال مع «الشرق الأوسط» على «ضرورة الالتزام بمرونة سعر الصرف لتجنب تكرار أخطاء الماضي فيما يتعلق بتثبيت السعر والتحرك بشكل مفاجئ، الأمر الذي يتطلب ترك السوق للعرض والطلب».

فيما عددت النائبة السابقة لرئيس «بنك مصر»، سهر الدماطي، أكثر من سبب لتراجع قيمة الجنيه بناءً على معايير العرض والطلب، من بينها «الحسابات المالية للشركات بنهاية العام الجاري، وفتح الاعتمادات لاستيراد بعض السلع، فضلاً عن احتياج بعض المستثمرين للعملة الأجنبية»، لافتة إلى أن سعر الصرف المرن «جعل هامش التحرك لم يزد حتى الآن عن 2 في المائة فقط».

وأضافت الدماطي لـ«الشرق الأوسط» أن وجود قروض والتزامات مالية لمصر يتوجب سدادها، بجانب المشاكل الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية المتشائمة في المنطقة، «أمور يكون لها تأثير على سعر صرف الجنيه، الذي تأثر بالفعل بقوة الدولار خلال الأيام الماضية».

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وهنا أشار الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، إلى وجود التزامات متعددة على الدولة المصرية يجب الوفاء بها، سواء من ناحية القروض التي يجري سدادها أو حتى التزامات تدبير العملة، مشيراً إلى أن «تحويل أرباح الشركات في مثل هذا التوقيت من العام يشكل عامل ضغط على سعر الصرف».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة أموراً لم تتضح ستكون حاسمة فيما يتعلق بسعر الصرف، من بينها «الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي، والاستثمارات الخارجية التي سوف تصل لمصر خلال الفترة المقبلة».

وأجرت بعثة صندوق «النقد الدولي» زيارة لمصر الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، فيما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

رجل يعد أوراق نقد من فئات مختلفة من الدولار الأميركي في مكتب صرافة بالقاهرة (رويترز)

وشهدت الأيام الماضية شائعات عدة حول سعر الصرف وقيمة الجنيه، مما دفع بعض التجار في الأسواق المصرية إلى تعليق «عمليات البيع تخوفاً من ارتفاع سعر الدولار»، بينما طرحت تساؤلات على مجموعات مغلقة بمواقع التواصل الاجتماعي عن «إمكانية تحويل مدخراتهم إلى دولار للحفاظ على قيمتها».

لكن الخبير الاقتصادي المصري أشار إلى أن استمرار البنك المركزي المصري في منح فائدة مرتفعة على الجنيه من خلال الشهادات الادخارية، «أمر لا يزال قادراً على تعويض الفارق بين تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار»، لافتاً إلى أن سعر الدولار لدى التجار والمصنعين «جرى احتسابه على أعلى من السعر الذي تداول خلال الفترة الماضية كإجراء تحوطي، وبالتالي لا تزال هناك مساحة تحركات محدودة».

عودة إلى أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بالبرلمان، الذي شدد على «ضرورة تطبيق إجراءات واضحة تضمن استدامة الموارد الدولارية للبلاد بما يغطي الاحتياجات اللازمة».