تصعيد للنظام السوري في جبل الزاوية وريف حلب

بعد الاجتماع الرباعي في موسكو لمناقشة مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة

صورة نشرها «الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)» للقصف البري على مناطق ريف حلب الغربي أمس (الشرق الأوسط)
صورة نشرها «الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)» للقصف البري على مناطق ريف حلب الغربي أمس (الشرق الأوسط)
TT

تصعيد للنظام السوري في جبل الزاوية وريف حلب

صورة نشرها «الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)» للقصف البري على مناطق ريف حلب الغربي أمس (الشرق الأوسط)
صورة نشرها «الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)» للقصف البري على مناطق ريف حلب الغربي أمس (الشرق الأوسط)

بعد ساعات من انتهاء الاجتماع الرباعي، الذي استضافته العاصمة الروسية موسكو، الثلاثاء الماضي، وضمّ وزراء دفاع وقادة استخبارات روسيا وتركيا وسوريا وإيران؛ لمناقشة مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة، بدأت قوات النظام السوري حملة قصف برية مكثفة على منطقة «خفض التصعيد» في جبل الزاوية جنوب إدلب، وريف حلب الغربي، الخاضعة للنفوذ التركي، وهو ما أسفر عن مقتل امرأة، وإصابة عدد من المدنيين بجروح، وسط مخاوف من تصاعد وتيرة القصف، ونزوح آلاف العائلات نحو الحدود السورية التركية ومخيمات النازحين.
وأفاد ناشطون معارضون بأن قوات النظام والميليشيات الإيرانية، المنتشرة في جنوب إدلب، بدأت حملة قصف برية مكثفة بالمدافع الثقيلة والراجمات، على مناطق معربليت وكنصفرة ومحيط منطقة البارة، ومحيطها بجبل الزاوية جنوب إدلب، ما أسفر عن مقتل امرأة، وإصابة 4 مدنيين، بينهم طفلان، في قرية معربليت، والذي استهدف أحد منازلها، ترافق مع قصف بري استهدف قرى كفرتعال وتقاد ومناطق أخرى قريبة من مدينة أتارب جنوب غربي حلب، تزامناً مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الروسية والإيرانية في أجواء المناطق، الأمر الذي أثار مخاوف السكان، واحتمالية نزوحهم نحو المخيمات الحدودية للنازحين، إذا استمرت حملة التصعيد وازدادت ضراوتها.
ومقابل ذلك، وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل سوري من العاملين مع «حزب الله» اللبناني، أو ما يُعرَف بـ«حزب الله السوري»، جراء استهدافه من قِبل فصائل المعارضة، على محور الفوج 46 في ريف حلب الغربي، وذلك عقب قتل عنصر من قوات النظام بقصف مدفعي لفصائل في غرفة عمليات «الفتح المبين» على محور نحشبا في ريف اللاذقية الشمالي، ضمن منطقة بوتين - إردوغان، أو ما يُعرَف بمنطقة خفض التصعيد.
وربط سكان مناطق جبل الزاوية في جنوب إدلب، حملة التصعيد الجديدة لقوات النظام على مناطقهم، بالمفاوضات الجارية بين تركيا والنظام السوري ومسار التطبيع بين الجانبين، ولا سيما الاجتماع الرباعي الأخير الذي جمع وزراء دفاع وقادة استخبارات روسيا وتركيا وسوريا وإيران، لمناقشة التطبيع بين دمشق وأنقرة. وتستهدف قوات النظام، من هذا التصعيد، إرغام تركيا وسكان المنطقة على تقديم تنازلات في مسارات التفاوض والتطبيع، وفق ما قاله سعيد الحسن (44 عاماً) من بلدة البارة؛ على بُعد 20 كيلومتراً جنوب مدينة إدلب. وأضاف أنه «مع كل اجتماع روسي تركي حول الملف السوري، تبدأ قوات النظام والميليشيات الحليفة لها، حملة تصعيد عسكرية واسعة تطول معظم قرى جبل الزاوية التي يقطنها ما يقارب 200 ألف نسمة، وتدفع العائلات إلى اللجوء للمغارات والكهوف؛ خشية وقوع إصابات بين أفرادها، كما هي الحال الآن عقب الاجتماع الأخير بين تلك الأطراف».
وقال الحسن: «يراقب السكان في قرى وبلدات جبل الزاوية ومناطق أخرى محاذية لخطوط التماس مع قوات النظام، خلال الآونة الأخيرة، مدى ضراوة القصف والتصعيد على مناطقهم، وما إن يفقْ هذا التصعيد قدرتهم على التحمل، فسيضطرون إلى مغادرة منازلهم وقُراهم باتجاه المخيمات القريبة من الحدود السورية التركية».
من جانبه، قال العقيد مصطفى بكور، وهو قيادي في فصائل المعارضة: «تعوّدنا سابقاً ومع بدء جولات أستانة حول الملف السوري، التي كانت تجري بين الروس والأتراك، أن تقوم قوات النظام والقوات الروسية مشتركةً، بحملات قصف برية مكثفة ضد المناطق المحرَّرة والخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، واستهداف المدنيين؛ من أجل إرغام الأتراك على تقديم مزيد من التنازلات خلال المفاوضات. ولكن الآن، وفي ظل تغير المسارات وتحولها إلى خلق أجواء من التقارب والتطبيع بين تركيا والنظام، يبدو أن الأخير يستبِق الاجتماعات بالتحرك عسكرياً منفرداً، من خلال القصف البري المكثف على المناطق المأهولة بالسكان وارتكاب المجازر، لإرغام تركيا على تقديم تنازلات جديدة تخدم أهدافه ودعم مواقفه، خلال التفاوض، في مسار التطبيع مع أنقرة».
وأشار إلى أن «حملة التصعيد العسكرية المكثفة لقوات النظام السوري، التي أتت عقب انتهاء الاجتماع الرباعي الأخير في موسكو، هي ترجمة فعلية للنظام وتعبير منه عن عدم الرضا بالنتائج التي حققها هذا الاجتماع، محاولاً الضغط على المدنيين، المتذمرين أصلاً من التقارب التركي مع النظام، لرفع وتيرة هذا التذمر، وتشكيل ضغط شعبي في المناطق المحرَّرة التي تنتشر فيها عشرات المواقع والقواعد العسكرية التركية، ضد حكومة إردوغان، وهذا، وفقاً لرأي النظام، يضعف موقف إردوغان وحزب العدالة في الانتخابات التي بدأت، اليوم».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.