ما مستقبل سيف الإسلام القذافي؟

سيف الإسلام القذافي لدى تقدمه بأوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية عام 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي لدى تقدمه بأوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية عام 2021 (رويترز)
TT

ما مستقبل سيف الإسلام القذافي؟

سيف الإسلام القذافي لدى تقدمه بأوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية عام 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي لدى تقدمه بأوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية عام 2021 (رويترز)

ارتبط الحديث عن الانتخابات الليبية بما يعرف بـ«الشخصيات الجدلية»، ومن بينها سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي يرى مراقبون، أنه «يحظى بدعم روسيا، التي تتمسك بضرورة مشاركته في الحياة السياسية».
غير أن هذا الدعم، الذي تبديه موسكو، تقابله معارضة أميركية، تشدد بدورها على «تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ لمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب» خلال اندلاع «الثورة» في 17 فبراير عام 2011.
ويتوقف ترشح سيف القذافي للرئاسة على القوانين التي ستصدرها لجنة «6 + 6»، التابعة لمجلسي النواب و«الأعلى للدولة».
وقال عضو «ملتقى الحوار السياسي»، أحمد الشركسي، إن «الدعم الذي تقدمه روسيا لسيف القذافي، ليس عسكرياً أو تمويلياً كما يروج البعض، وإنما مجرد دعم سياسي يتمثل في حرص أغلب المسؤولين والدبلوماسيين الروس، على المطالبة المستمرة بضرورة إشراك أنصار النظام السابق في العملية السياسية، والتحذير من تداعيات إقصائهم»، متابعاً: «بالطبع، يعد سيف الإسلام في مقدمة المستهدفين بهذه المطالبات، لأنه كان مرشحاً لخلافة والده، ولعب بالفعل أدواراً سياسية قبل سقوط النظام في فبراير 2011».
وأضاف الشركسي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الروس يدركون مخاوف الأميركيين حيال فوز سيف بالرئاسة؛ لأنه لن يتسامح أو يكون حليفاً موثوقاً مع مَن أسهموا في إسقاط نظام والده»، مشيراً، إلى أن «توجيه الدعم له سيحقق لموسكو أكثر من هدف استراتيجي، في مقدمتها إزعاج واشنطن مرحلياً، وكسب حليف مهم مستقبلياً إذا ما انتزع الفوز بالسباق الرئاسي».
ويستبعد الشركسي «إمكانية تخلي الروس عن دعم سيف الإسلام، الذي كان في طليعة مَن تقدموا لخوض العملية الانتخابية التي تأجلت نهاية عام 2021، والمساومة عليه، مقابل الحصول على امتيازات بمواقع أخرى بالعالم».
أما وكيل وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة السابقة، حسن الصغير، وعلى الرغم من تأكيده «صعوبة قياس موضوعي لحجم أي دعم يتلقاه سيف القذافي، في ظل حالة الغموض التي يحيط بها الأخير تحركاته وحياته»، فإنه استبعد «أن تشكّل العلاقة بين الأخير والروس، علاقة تحالف حقيقي».
ورأى أن الروس «ليس لديهم حلفاء كثر في الساحة الليبية الفترة الأخيرة، وهو ما ظهر جلياً بانحياز أغلب فرقاء الأزمة، خصوصاً بالمنطقة الغربية لواشنطن فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، ولكنهم رغم ذلك يتعاملون مع سيف القذافي، بوصفه ورقة للتفاوض، بعيداً عن حسابات فرص فوزه بالرئاسة من عدمها. المهم لديهم أنه طرف ليبي ويملك قدراً من الأنصار».
ويرى الصغير، أن «مشهد الظهور المفاجئ لسيف القذافي داخل مفوضية الانتخابات في سبها بالجنوب الليبي، لتقديم أوراق ترشحه للرئاسيات بعد فترة من اختفائه عن الأضواء بعد إطلاق سراحه عام 2017، تم تصميمه وإخراجه من قبل الروس، وربما بالتنسيق مع الأتراك».
وأشار إلى أن هذا الترشح لسيف القذافي، وأيضاً ترشح رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة «أسهما في توقف العملية الانتخابية حينذاك».
وتابع: «بالطبع الروس لا يملكون سيف القذافي، ولكنهم قادرون على التأثير عليه، في ظل ضعف أدواته لافتقاده المال والسلاح... وهذا لا يعني بأي حال تمويلهم له».
وذهب الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، إلى أن «مساعدة الروس لسيف تتركز في الدعاية»، وقال إن بعض المراقبين «يرجحون تقديم الروس ضمانات أمنية لتنقلات سيف القذافي، من خلال عناصر (فاغنر)».
ويرى أن «النخب التي ظهرت بعد ثورة فبراير كلها، تعتبر سيف القذافي خطراً على مسيرتها المهنية؛ لتمتعه بشعبية غير هيّنة بصفوف الشباب الغاضبين بسبب تدهور الأوضاع بالبلاد بعد عام 2011».
وأضاف: «هؤلاء الفرقاء يطمحون في تجاوزه، واستقطاب أكبر عدد من أصوات أنصار والده إلى صفوفهم، وربما هذا يفسر حرص الدبيبة على إطلاق سراح شقيقه الساعدي في سبتمبر (أيلول) 2021، وتأمين إقامته في تركيا».
وفي رده على الآراء السابقة، شدد عبد الله عثمان، رئيس الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي، على ضرورة «عدم الانسياق وراء محاولات بعض الدول إقحام قضية ترشح سيف في صراعاتها مع دول أخرى».
وأوضح عثمان، وهو عضو «ملتقى الحوار السياسي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سيف القذافي يتواصل سياسياً مع الدول كافة، وليس روسيا فقط، وذلك حول رؤيته ومشروعه الهادف لضرورة إجراء الانتخابات»، متابعاً: «بالطبع، تُطرح مسألة ترشحه في سياق النقاشات، ولكن هذا لا يعد تحالفاً من جانبه مع أي دولة، ولا تجوز محاسبته على محاولة أي دولة إقحام تواصلها معه في صراعاتها مع دول أخرى».
ويؤكد عثمان أن «القذافي وفريقه السياسي، وعلى عكس ما يردد البعض، لا يضعان أي اعتراض على التعامل والتواصل مع أي دولة بما في واشنطن ولندن، ما دام هناك احترام لمبدأ عدم التدخل في شؤون الدولة الليبية».
ونفى في السياق ذاته، أي حديث عن «تأمين أي دولة أجنبية لتنقلات سيف القذافي، أو تمويله»، معتبراً ذلك «مجرد دعاية من قبل خصومه لتشويه صورته»، ورأى أن «الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها جعلته خصماً غير هيّن، وهذا يعرضه أحياناً للمضايقات».
وانتهى عثمان إلى أن هناك «حالة من الحرص في تحركات سيف القذافي، ولكن هذا لم يحل بينه وبين نشاطه السياسي بعقد اللقاءات مع أطراف عديدة في الساحة الليبية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
TT

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

قال إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعة.

وأوضح في حوار مع «وكالة الأنباء الألمانية» بعد زيارته لمنطقة دارفور بغرب السودان ومناطق أخرى: «حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان».

وأضاف: «نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها». وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، «يجب ألا تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان».

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأضاف: «إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان بالعالم، إذن فسيكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن». وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع المستمر منذ 600 يوم. ورأى في كثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل بها المجلس سابقاً «دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. المنزل بعد المنزل والمنطقة بعد المنطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب».

وحذر إيغلاند من أن الوضع «على وشك الانفجار» مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية. وقال: «لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الإسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك».

وأضاف: «أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في ثني المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضاً هو الأمر الوحيد الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية».

وإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الأحد، بأن السودان «يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم»، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية النزاع، وأضاف: «أن واحداً من كل 3 في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي».

نازحون في مخيم أقيم في القضارف (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير الذي نشر على موقع «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، «فقد أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع».

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة... يواجه السودان حالياً، أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار «إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا».