قتل وأصيب عدد من المدنيين في العاصمة السودانية الخرطوم، أمس (الاثنين)، في تجدد القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، عقب انتهاء الهدنة الهشة التي استمرت 3 أيام منذ السبت الماضي، فيما قالت الأمم المتحدة في بيان، إن الممثل الخاص للأمين العام، فولكر بيرتس، وعدداً محدوداً من الموظفين الدوليين سيبقون في السودان لمواصلة العمل من أجل حل الأزمة الحالية والعودة إلى المهام الموكلة للأمم المتحدة.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا الطيران العسكري التابع للجيش يقصف ضاحية الكلاكة جنوب الخرطوم بالصواريخ نحو الساعة الحادية عشرة. وأضاف شهود العيان من المنطقة، أن الضربة استهدفت عدداً من المنازل ودمرتها بالكامل، وأوقعت إصابات وسط سكانها. ومن جانبها، قالت نقابة الأطباء في بيان، على صفحتها الرسمية بـ«فيسبوك» أمس: «تعرضت مناطق مختلفة في (الخرطوم) لقصف عنيف بشتى الأسلحة، نتج عن ذلك استشهاد عدد من المواطنين في منطقة الكلاكة، واكتظاظ المستشفى التركي بعدد كبير من الإصابات الخطرة تفوق 50 مصاباً».
ووجهت النقابة نداءً عاجلاً للكوادر الطبية القريبة من المستشفى للإسراع بالمساعدة العاجلة لمعاونة الطاقم الطبي المحدود الموجود بالمستشفى لإسعاف المصابين، من بينهم إصابات خطرة. ولم تورد نقابة الأطباء إحصائيات دقيقة عن أعداد القتلى والجرحى في المناطق التي تعرضت للقصف.
وفي غضون ذلك، قال الجيش السوداني إن الموقف العملياتي مستقر بشكل ملحوظ، وتستمر قواته في توسيع نطاق تأمين منطقة الخرطوم بالتدرج لتجنب إلحاق الضرر بالمناطق السكنية. وأضاف في بيان، أن قوات الدعم السريع تشتت في مجموعات على نطاق واسع من الخرطوم وأجزاء محدودة من مدينة بحري وسط الأحياء للاحتماء بالتجمعات السكنية واتخاذ المواطنين دروعاً بشرية. وجدد الجيش الدعوة لأفراد الدعم السريع بالانضمام إلى صفوف القوات المسلحة و«الخروج من دائرة التمرد»، مشيراً إلى أن الدعم السريع لم يعد له مكان في المنظومة الأمنية بالبلاد.
وبدورها، اتهمت قوات الدعم السريع، الجيش، بتنفيذ غارات جوية على أحياء سكنية متفرقة بالعاصمة استهدفت المدنيين بشكل مباشر في ضاحية الدوحة بمدينة أم درمان ومنطقة الكلاكة جنوب الخرطوم. وقالت في بيان أمس، إن قوات الدعم السريع «تدين بشدة هذا العمل... الغاشم على المواطنين الأبرياء»، مؤكدة وجود قواتها في الميدان للخروج بالبلاد إلى بر الأمان بأقل الخسائر والأضرار وسط المدنيين.
في غضون ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في السودان نقل موظفيها المعينين دولياً بصورة مؤقتة من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان، بغرض إجلائهم إلى البلدان المجاورة للعمل عن بعد، كإجراء لتقليل المخاطر على سلامتهم ومواصلة تقديم المساعدة للشعب السوداني. وقال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، في بيان: «طرأ تعديل على طبيعة وجودنا على الأرض في ضوء الوضع الأمني، لكن اسمحوا لي أن أؤكد لكم أنه لا توجد خطة أو تفكير في مغادرة الأمم المتحدة للسودان». وأضاف: «نحن ملتزمون بالبقاء في السودان ودعم الشعب السوداني بكل وسيلة ممكنة، وسنبذل قصارى جهدنا لإنقاذ الأرواح مع حماية سلامة أفرادنا».
وأشار البيان إلى أن فولكر بيرتس سيواصل استخدام مساعيه الحميدة بالتنسيق الوثيق مع الشركاء لتهدئة التوترات وإنهاء الأعمال العدائية في السودان. وبحسب البيان، وصل نحو 700 من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، وموظفي السفارات وعائلاتهم إلى مدينة بورتسودان. وأعلنت الأمم المتحدة إجلاء 43 من موظفيها المعينين دولياً و29 من موظفي المنظمات غير الحكومية الدولية من غرب ووسط إقليم دارفور إلى تشاد، ويجري التخطيط لعمليات الإجلاء الأخرى. وأعلنت الأمم المتحدة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الموظفين السودانيين وعائلاتهم، وتبحث كل السبل الممكنة لدعمهم.
ويبلغ إجمالي عدد موظفي بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونتامس) 4149 موظفاً وموظفة، من بينهم 877 موظفاً دولياً و3272 من السودانيين. وخلال مدة الهدنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي انتهت رسمياً أمس، ازدادت أعداد الفارين من القتال في الخرطوم إلى الولايات الأخرى. ولا تزال الأوضاع الإنسانية في الخرطوم مستمرة في التفاقم جراء انقطاع التيار الكهربائي والمياه والنقص الكبير في المواد الغذائية، وخروج غالبية مستشفيات البلاد عن العمل تماماً، بالإضافة إلى الأزمة الشديدة في الوقود الذي تضاعفت أسعاره بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد، ما يصعب مغادرة المدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات وسط العاصمة.
ويتواصل حراك داخل البلاد لتكوين جبهة مدنية واسعة من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات للضغط على الأطراف المتحاربة لوقف الحرب فوراً، حيث نفذت مجموعات مدنية في الفاشر وفي وسط السودان، وقفات احتجاجية تندد باستمرار الحرب التي يتضرر منها الشعب السوداني.