رغم عدم رصد أي خلافات في الاجتماع التحضيري الأول لعمل اللجنة المشتركة «6+6» المكونة من ممثلين عن مجلسي النواب و«الدولة» لإعداد القوانين الانتخابية، يتوقع سياسيون أن مهمتها لن تكون يسيرة.
وفيما طالب عدد من أعضاء اللجنة بالانتظار لحين انطلاق اجتماعاتها، أشار آخرون إلى أن مجلسي النواب و«الدولة» قد بددا الكثير من الفرص للتوافق حول القوانين الانتخابية، وأنهما باتا بموقف صعب في ظل استمرار تلويح المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، بوجود خطط بديلة إذا لم يلتزما بالموعد المحدد لهما لإنجاز تلك القوانين قبل منتصف يونيو (حزيران) المقبل، بجانب ضغوط الشارع السياسي.
من جانبه، أكد عضو المجلس الأعلى للدولة، أحمد الأوجلي، «عزم كافة أعضاء اللجنة على الانتهاء من وضع القوانين الانتخابية في أسرع وقت ممكن».
وقال الأوجلي وهو عضو لجنة «6+6» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «العمل الحقيقي للجنة سينطلق بعد إجازة عيد الفطر»، متابعاً: «لا نستطيع من الآن وقبل أن نبدأ أن نحدد موعداً مسبقاً لإنجاز عملنا، ولكن جميعنا يتطلع إلى أن تسير النقاشات بشكل سلس، وحينذاك ربما قد نستطيع التوافق على القوانين حتى قبل شهر يونيو (حزيران) المقبل»، وهي المدة التي حددتها البعثة الأممية.
ونفى الأوجلي أن تكون مطالبة المبعوث الأممي، خلال إحاطته الأخيرة بمجلس الأمن، لقيادتي مجلسي النواب و«الدولة» بتسريع عمل لجنة «6+6»، ونشر برنامجها المحدد بإطار زمني، قد شكلت نوعاً من الضغط على أعضائها، متابعاً: «نحن نتعاطى مع الأمر في سياق أن المجتمع الدولي مهتم بدرجة كبيرة بإجراء العملية الانتخابية، والأهم بالنسبة لنا هو مطالبة شعبنا بالأمر ذاته. نحن ندرك أهمية المهمة الموكلة إلينا، ولذا نتعاطى برحابة صدر مع كل ما يكتب ويقال بهذا الشأن».
ورأى الأوجلي أن وضع القوانين بالنهاية «شأن ليبي داخلي، والبعثة دورها محصور في الدعم اللوجيستي، ووفد المجلسين في لجنة (6+6) قبل عرض باتيلي بدعمها في هذا النطاق، وعبر تقديم الخبرات الفنية لتمكينها من القيام بعملها». ونوه إلى أن لجنته «لم تتطرق بعد بأي شكل لمناقشة المواد الخلافية بشأن شروط الترشح للرئاسة، ومنها ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، من عدمه». وشدد على أن «القوانين المنظمة للانتخابات المقبلة هي التي سيتم وضعها وإقرارها خلال الفترة المقبلة عبر اللجنة، وفقاً لما تم النص عليه بالتعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري الذي أقره مجلس النواب، ووافق عليه المجلس الأعلى للدولة».
أما عضو مجلس النواب، جلال الشهويدي، فذهب إلى أن نهج باتيلي، حتى قبل تقديم إحاطته الأخيرة، «يستشعر منه محاولة توتير العلاقة مع مجلسي النواب و(الدولة)». وقال الشهويدي، وهو عضو لجنة «6+6»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «لا بد أن يعي المبعوث الأممي، وكافة الدول المتدخلة، أننا أحرص من الجميع على خدمة بلادنا، ولكن لكل كيان رؤيته حول الأمر». وزاد: «الجميع يعرف أن ما شهدته عملية التوافق على القوانين الانتخابية بين المجلسين من تأزيم لم يكن مصدره أداؤهما».
وأضاف: «الجميع يتذكر أن ملتقى الحوار السياسي لم يستطع بالمثل إصدار تلك القوانين، لأن القرار في النهاية بيد القوى الفاعلة على الأرض».
ويرفض الشهويدي أن تطالب لجنته بالالتزام بموعد محدد لإنجاز القوانين الانتخابية «كدليل على إثبات جديتها، ومصداقيتها، حتى قبل انطلاق أعمالها»، وذهب إلى أن «التوافق حول بنود ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للرئاسة من عدمه ليس هيناً، وللأسف هذا الضغط من قبل بعض الدول الغربية والبعثة الأممية بالإسراع بإنجاز القوانين بأي شكل وبلا توافق حقيقي ربما سيدفع لتكرار تجربة انتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2021 التي لم تكتمل».
بالمقابل، برر المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، تكاثر الدعوات المحلية والدولية للجنة «6+6» لسرعة الإنجاز بقصر المدة المتبقية من مهلة المبعوث الأممي للمجلسين. ورجح المهدوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إقدام باتيلي على إعلان تدشين لجنته رفيعة المستوى، وربما تفويضها بوضع القوانين الانتخابية بحلول منتصف يونيو المقبل إذا لم تبادر لجنة «6+6» بإعلان إنجاز المهمة، لافتاً إلى أن تعدد لقاءات باتيلي مع شخصيات وقوى حزبية ومدنية وشبابية خلال الفترة الأخيرة، وكذلك اجتماعه مع القيادات العسكرية في شرق البلاد وغربها، إلى جانب تكرار إعلان مبعوث الولايات المتحدة الخاص إلى ليبيا وسفيرها ريتشارد نورلاند، دعم بلاده لمبادرة باتيلي، تعد مؤشرات واضحة للتمهيد لهذه الخطوة.
وقال إن باتيلي ونورلاند يعتبران أن المجلسين «بددا كثيراً من الوقت في التفاوض، وعرقلا الانتخابات بهدف البقاء بمواقعهما، وبالتالي لا ينبغي التعويل عليهما أكثر من ذلك».
ويرى المهدوي أن الاجتماعات الأمنية الموسعة التي نجح باتيلي في عقدها مؤخراً «أفقدت مجلسي النواب و(الدولة) الورقة التفاوضية وقوة الدعم اللذين كانا يعتمدان عليهما لرفض أي قرار أو قانون لا يتوافق ومصالحهما».
وانتهى قائلاً: «موقفا المجلسين بعد تفاوض ممثلين عن قيادة (الجيش الوطني) مع قيادات التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية، باتا أكثر صعوبة، كما أنهما يستشعران عدم حصولهما على أي ضمانات بموقعهما في مشهد ما بعد الانتخابات».
لجنة إعداد قوانين الانتخابات الليبية أمام «اختبار الوقت»
بين ضغط واشنطن وباتيلي ومطالب الشارع السياسي
لجنة إعداد قوانين الانتخابات الليبية أمام «اختبار الوقت»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة