بدا اللقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الكولومبي جوستافو بيترو في البيت الأبيض، ودياً مغلفاً بالابتسامات والتصريحات عن الأهداف والاهتمامات المشتركة من الاقتصاد والمناخ إلى الحفاظ على السلام والاستقرار.
لكن التصريحات اقتصرت على عبارات مبتورة ومقتضبة بشأن المشاكل الأساسية التي تشكل أولوية وخلافات عميقة في معالجة قضايا أميركا اللاتينية، وهي ما تتعلق بالهجرة وتهريب المخدرات.
واستقبل بايدن نظيره الكولومبي لأول مرة مساء الخميس، وهو أول رئيس يساري لكولومبيا التي تعد خامس أكبر الدول في أميركا اللاتينية. وأكد الرئيسان على توافقهما في مجال مكافحة تغير المناخ وأهمية تحقيق السلام والازدهار الاقتصادي لدول أميركا اللاتينية.
وتبادل الرئيسان المزاح حول عمرهما، حيث تزامنت زيارة بيترو لواشنطن مع احتفاله بإتمام 63 عاماً، بينما بلغ الرئيس بايدن 80 عاماً، ويعد أكبر رئيس للولايات المتحدة، لكن الحديث حمل تلميحات خفية بشأن الخلافات بين واشنطن وبوغوتا.
وتحدث بايدن، في خطاب مقتضب أمام الصحافيين، عن الجهود «المشتركة» بين البلدين لمواجهة تغير المناخ والحفاظ على غابات الأمازون المطيرة، وقال إن الولايات المتحدة وكولومبيا تشتركان في هدف بناء نصف الكرة الجنوبي بشكل موحد ومتساوٍ وديمقراطي ومزدهر اقتصادياً.
ووصف كولومبيا بأنها مفتاح نصف الكرة الجنوبي. وتعهد الرئيس الأميركي بتقديم 500 مليون دولار للحد من إزالة غابات الأمازون وما يتعلق بمقايضة الديون بمشروعات استثمارية في مجال البيئة والاقتصاد الأخضر.
وأكد بايدن أن كولومبيا والولايات المتحدة «تعملان معاً للتصدي لتهريب المخدرات ومعالجة المستويات التاريخية للهجرة» في أميركا اللاتينية.
الرئيس الكولومبي وصف العلاقات مع الولايات المتحدة بأنها تستند إلى الديمقراطية والحرية والسلام، وقال إن كوكب الأرض يتطلب اليوم تحولاً اقتصادياً لا يرتكز على الوقود الأحفوري ويواجه التغير المناخي والأعاصير.
وحاول بيترو تجنب انتقاد الولايات المتحدة التي طالما هاجم سياساتها في تصريحات علنية وعلى منبر الأمم المتحدة بشأن حرصها على الحصول على النفط وتضاؤل مساعدتها للمتضررين من الأعاصير والكوارث البيئة.
وفي المقابل، حرص بايدن على تجنب انتقاد ارتفاع إنتاج مخدر الكوكايين في كولومبيا وتقاعس الحكومة في القضاء على حقوق «الكوكا» التي يزرعها المزارعون لتقويض جماعات تصنيع وتهريب المخدرات.
وطالب بيترو الولايات المتحدة بمساعدة كولومبيا في بناء شبكة كهربائية تدمج دول القارة، والمساعدة في برنامج للإصلاح الزراعي تحاول من خلاله الحكومة الكولومبية أن تخلق فرص عمل ومحاربة تجارة المخدرات.
وشكلت فنزويلا جانباً مهماً من المحادثات الثنائية، وقال بيترو إن 20 وزير خارجية من أوروبا وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة سيحضرون المؤتمر الدولي بشأن فنزويلا الذي تستضيفه كولومبيا الأسبوع المقبل، لوضع استراتيجية جديدة تتمثل في إجراء الانتخابات ثم رفع العقوبات تدريجياً مع تنفيذ أجندة انتخابية.
وأكد الرئيس الكولومبي لنظيره الأميركي أنه يؤيد رفع العقوبات عن الحكومة اليسارية في فنزويلا، التي تعاني من عزلة شديدة بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية، مقابل إعادة الديمقراطية.
وفي عهد بيترو تغيرت سياسة كولومبيا تجاه الحكومة الاستبدادية في فنزويلا، ولم تعد بوغوتا تدعم الخطط التي تقودها واشنطن لعزل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وإجباره على ترك الحكم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وبدلاً من ذلك تعاونت كولومبيا مع فنزويلا واستأنفت العلاقات الدبلوماسية وأجرت محادثات بشأن الإصلاحات الديمقراطية في فنزويلا.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي للصحافيين، الخميس، إن واشنطن تؤيد رفع العقوبات مقابل الديمقراطية.
وأضاف كيربي: «كنا واضحين منذ فترة طويلة بتأكيدنا أننا سنراجع سياسات العقوبات الخاصة بنا رداً على خطوات بناءة تتخذ من قبل نظام مادورو وإذا تمكنت الأحزاب الفنزويلية من إحراز تقدم ملموس في العودة إلى الديمقراطية».
وقال بيترو للصحافيين بعد محادثاته مع بايدن، إنه طلب من الرئيس الأميركي المساعدة في تطوير نهج جديد وأكثر دقة في أهدافه للحملة العسكرية المستمرة منذ عقود وتدعمها الولايات المتحدة ضد تجار المخدرات في كولومبيا.
وأوضح أن المفتاح هو «ملاحقة مجتمع أعمال تهريب المخدرات، وتتبع أصوله وأمواله»، مشيراً إلى أنه طلب المزيد من المساعدات في هذا الصدد، وأن بلاده بحاجة إلى مزيد من السفن والقوارب والطائرات المسيرة.
ويحاول بيترو، الذي تم انتخابه العام الماضي، أن يقود خططاً طموحة لتحقيق السلام في كولومبيا بعد 6 عقود من الصراعات في دولة يبلغ عدد سكانها 50 مليون نسمة.
وأدى اتفاق السلام المبرم في عام 2026 بين الحكومة الكولومبية والقوات الثورية المتمردة المعروفة باسم «فارك» إلى الحد من العنف في معظم أنحاء البلاد، لكن جرائم القتل والتهجير القسري ازدادت في بعض المناطق وارتفع نفوذ تجار المخدرات التي سيطرت على بعض المناطق الريفية في كولومبيا.
وقال المكتب الرئاسي الكولومبي إن زيارة بيترو للبيت الأبيض تشكل «خطوة مهمة في توطيد العلاقات بين كولومبيا والولايات المتحدة في هذه اللحظة الجديدة».
بايدن يستقبل رئيس كولومبيا في خضم خلافات بشأن الهجرة وتهريب المخدرات
بايدن يستقبل رئيس كولومبيا في خضم خلافات بشأن الهجرة وتهريب المخدرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة