الخيار... مكونات محتملة الفائدة لتخفيف آلام المفاصل

يعزز صحة الأمعاء ويقوي العظام

الخيار... مكونات محتملة الفائدة لتخفيف آلام المفاصل
TT

الخيار... مكونات محتملة الفائدة لتخفيف آلام المفاصل

الخيار... مكونات محتملة الفائدة لتخفيف آلام المفاصل

ثمار الخيار غنية بالعناصر الغذائية، وغنية جداً بالماء، وفي الوقت نفسه منخفضة في محتواها من السعرات الحرارية، ما يجعلها أحد المنتجات الغذائية الصحية التي تستحق بجدارة أن تُضاف ضمن مكونات وجبات الطعام اليومية.
ويعد الخيار (Cucumber) لدى الكثيرين من الخضروات، ويرجع ذلك في الغالب إلى طريقة استخدامه في الطهي والسلطات، ولكنه من الناحية العلمية يعد فاكهة، لأن الخيار ينمو من الزهور ويحتوي على البذور، مما يصنفها على أنها فاكهة إلى جانب فواكه أخرى نعدها خضراوات، مثل الطماطم والباذنجان والكوسا والفلفل.
في 3 أبريل (نيسان) الحالي، نشرت مؤسسة «كليفلاند كلينك» ضمن جانب التغذية في موقعها «الصحة الأساسية»، مقالتها بعنوان «6 فوائد للخيار». ولخصتها بالقول: «يعزز الخيار صحة الأمعاء ويقوي العظام ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب». ونقل باحثو المؤسسة حديث أمبر سومر، أخصائية التغذية في «كليفلاند كلينك»، بقولها: «يمكن أن يساعد الخيار في الوقاية من الأمراض وإدارة الوزن والهضم. ولأنه متوفر بسهولة ويسهل تناوله، يمكن للجميع جني الفوائد».
وفوق فوائد تناوله كمنتج غذائي، تُحاول الأوساط الطبية إجراء مزيد من الدراسات حول احتمالات فوائد الخيار لتخفيف آثار الحالات المرضية.
- الخيار والتهاب المفاصل
وضمن عدد 8 مارس (آذار) الماضي من مجلة «مراجعات الروماتيزم الحالية» (Current Rheumatology Reviews)، قدم باحثون من المملكة المتحدة والهند والكاميرون دراستهم حول تأثيرات المستخلص المائي (Aqueous Extract) لأحد المركبات الكيميائية الحيوية في ثمار الخيار، على آلام المفاصل الناجمة عن الروماتيزم. وكان عنوان الدراسة «مستخلص الخيار من نوع (ido-BR1) يُحسن من المؤشرات المرتبطة بروماتيزم الالتهاب المفصلي العظمي (Osteoarthritis)».
وأفاد الباحثون في خلفية الدراسة بالقول: «وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعد الالتهاب المفصلي العظمي أحد أكثر 10 أمراض تؤدي إلى الإعاقة في البلدان المتقدمة، مع تقديرات انتشار عالمية تبلغ 9.6 (تسعة فاصلة ستة) بين الرجال، و18 في المائة بين النساء ممن هم أكبر من 60 عاماً».
وأضاف الباحثون بقول ما مُلخصه أن الهدف هو البحث عن بدائل لمعالجة المرض. ومركب «Q-actin» عبارة عن مستخلص من ثمار الخيار، ويحتوي على مركبات «ido-BR1» المضادة للالتهابات. وبحثت هذه الدراسة في آثار تناول جرعات مختلفة (20 مليغراماً/ ملغم/، 100ملغم) من «Q-Actin»، مقارنة بتناول دواء وهمي (Placebo)، على مرضى مُصابين بهذا النوع من التهابات المفاصل المزمنة في مفصل الركبة، وإجراء متابعة شهرية لتأثيرات تناول تلك المستخلصات، لفترة استمرت أكثر من 6 أشهر.
واستخدم الباحثون مؤشر جامعتي أونتاريو الغربية وماكماستر (WOMAC Score)، وهو استبيان تم وضعه عام 1982، لتقييم أعراض الالتهاب المفصلي العظمي في الركبة والورك.
وقالوا في نتائجهم: «كان هناك تحسن كبير مع مرور الوقت في العلامات المتعلقة بالألم، (وفق استخدام مؤشر WOMAC Score) وكان ذلك يعتمد على مقدار الجرعة (Dose-Dependent). وأظهرت هذه الدراسة بوضوح فاعلية (Q-Actin) مقارنة بالدواء الوهمي، في معالجة الألم المرتبط بالحالات المعتدلة من الالتهاب المفصلي العظمي (Moderate Osteoarthritis)».

- فوائد غذائية
وتتمثل القيمة الغذائية لكمية من الخيار بوزن نحو 300 غرام، في احتوائها على كمية منخفضة من السعرات الحرارية، نحو 45 كالوري. ومع ذلك تحتوي على 11 غراماً من سكريات الكربوهيدرات، وغرامين من البروتين وغرامين من الألياف.
ومن المدخول اليومي الغذائي المطلوب تزويد الجسم به، تُقدم تلك الكمية من الخيار نسبة 60 في المائة من فيتامين كيه، و15 في المائة من فيتامين سي، و14 في المائة من عنصر البوتاسيوم، و12 في المائة من عنصر المنغنيز، و11 في المائة من عنصر الحديد، و10 في المائة من عنصر المغنيسيوم، و10 في المائة من فيتامين بي-6، و10 في المائة من عنصري النحاس والفوسفور، و8 في المائة من عنصر الزنك، ونحو 6 في المائة من عنصر الكالسيوم وفيتامينات الفوليت والثيامين (بي-1) وريبوفلافين (بي-2) والنياسين (بي-3)، إضافة إلى حزمة واسعة وغزيرة من المركبات الكيميائية المضادة للأكسدة (Antioxidants).
وتضيف أمبر سومر، أخصائية التغذية في «كليفلاند كلينك»: «الخيار به ماء بنسبة 97 في المائة، استكمل كمية الماء الذي تشربه عن طريق إضافة الخيار إلى السلطة أو الشطائر أو وجبة خفيفة. إنها توفر طريقة سهلة ومنعشة لزيادة الترطيب».
وتحت عنوان «المواد الكيميائية النباتية في الخيار وآثارها المعززة للصحة»، أفاد باحثون من إيطاليا والولايات المتحدة بقول ما ملخصه: «تم عزل المواد النشطة بيولوجياً (Phytochemicals) في كثير من الفئات الكيميائية من هذا النبات. والسمة المميزة لهذا النوع هي مركبات كوكوربيتاسين (Cucurbitacins)».

- مركّبات طبية
وللتوضيح، فإن مركبات كوكوربيتاسين هي فئة من المركبات الكيميائية الحيوية التي تنتجها بعض النباتات، خصوصاً القرعيات (والخيار أحدها)، كي تُدافع عن نفسها. وهي التي تُعطي مرارة الطعم لأجزاء من ثمار الخيار. وتخضع لأبحاث علمية حول خصائصها البيولوجية، بما في ذلك الاستخدامات الدوائية المحتملة في تطوير عقاقير للالتهابات والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري.
وذكر الباحثون الإيطاليون والأميركيون في دراستهم التي كانت بعنوان «أغذية حمية البحر الأبيض المتوسط: الحمضيات والخيار والعنب»، وتم نشرها ضمن عدد أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من مجلة «الطب الوقائي والنظافة» (Journal of Preventive Medicine and Hygiene)، بقول ما ملخصه: «يحتوي الخيار على مركبات مثل مركبات الفلافونويد (Flavonoids) والتاننين (Tannins) والصابونين (Saponins) والستيرويدات. ويحتوي على أنواع عدة من مركبات كوكوربيتاسين ( A,B,C,D,E) التي لها خصائص مضادة للأورام، ومضادة للبكتيريا، ومضادة للالتهابات، ومضادة للديدان الطفيلية، وخصائص مفيدة للقلب والأوعية الدموية، وللسكري، والواقية للكبد». وأضافوا: «يحتوي الخيار على كثير من المركبات التي تقلل من الإجهاد التأكسدي». واستطردوا في تفاصيل آليات تحقيق تلك المركبات الكيميائية في الخيار لهذه الفوائد الصحية. وتناولوا كذلك بالتفاصيل النشاط المضاد للسرطان.
أما في جانب التأثيرات لخفض سكر الدم وخفض الكوليسترول، أفادوا بأن ثمة حاجة لمزيد من الدراسات الإكلينيكية حول هذا الجانب. ومع ذلك، تشير آمبر سومر، اختصاصية التغذية في «كليفلاند كلينك» قائلة: «الخيار يقدم أيضاً فوائد للأشخاص الذين يعانون بالفعل من مرض السكري. فهو يسجل درجات منخفضة من المؤشر السكري». والمؤشر السكري (GI) هو نظام تصنيف يقيس مدى سرعة تأثير الطعام على نسبة السكر في الدم. وتابعت: «تعني الدرجة المنخفضة من المؤشر السكري أن الخيار له تأثير أقل على نسبة السكر في الدم مقارنة بالأطعمة الأخرى ذات المؤشر السكري العالي، ما يجعله اختياراً صحياً لتضمينه في نظامك الغذائي. وتظهر الأبحاث أيضاً أن مضادات الأكسدة الموجودة في الخيار قد تساعد في إبطاء تقدم مرض السكري وتقليل المضاعفات المرتبطة بالمرض».

- وضع شرائح الخيار تحت العينين... هل يُحسّن البشرة؟
> ربما سمع البعض تلك التأثيرات الرائعة لوضع شرائح من الخيار على العينين لمعالجة الهالات السوداء وإزالة الانتفاخ في الجلد حول العينين وإكسابهما النضارة. والأمر قد يكون أكثر من مجرد قصص، لأن الأدلة العلمية المتوفرة، ربما تُصنفها وسيلة طبيعية ولطيفة لتحسين مظهر البشرة وإحساسها. والمفتاح يكمن في الخصائص والمكونات الفريدة للترطيب والمضادة للالتهابات، المتوفرة في ثمار الخيار.
وأظهر بعض الدراسات أن عصير الخيار، خصوصاً منه البارد، يمكن أن يقلل من التورم الجلدي، ويهدئ الجلد التالف، ويحفز نشاط مضادات الأكسدة لحماية الجلد من تأثيرات الملوثات الهوائية وأضرار أشعة الشمس. والأهم، ألا يتسبب بآثار جانبية موضعية ضارة.
ومن المعروف أيضاً أن الخيار غني بفيتامين سي وفيتامين حمض الفوليك. وفيتامين سي يُحيي البشرة ويحفز نمو الخلايا الجديدة فيه، بينما يحفز فيتامين حمض الفوليك مضادات الأكسدة لمساعدة البشرة في محاربة السموم البيئية التي يمكن أن تجعل البشرة تبدو منتفخة أو متعبة. ونظراً لأن الخيار يحتوي على نسبة عالية من الماء، فيمكنه أيضاً ترطيب البشرة. وأشارت إحدى الدراسات الإكلينيكية إلى أن عصير الخيار أحد المكونات الفعّالة في المنتجات المستخدمة لمنع التجاعيد، لأنه يساعد في استعادة مرونة الجلد الطبيعية.
وهذا الكلام كله عمومي، ولكن لأن هناك أسباباً متعددة للالتهاب أو التورم تحت العين والدوائر حولها، فمن الممكن أن يستجيب بعض الأشخاص لهذا العلاج بشكل أفضل من غيرهم. كما أنه ليست لدينا حالياً تجارب إكلينيكية تقيس الطريقة التي يمكن أن تساعد بها شرائح الخيار البشرة حول العينين بالذات.
والأساس استخدام ثمار خيار تم تنظيفها جيداً، أو إزالة القشرة عنها. ووضع شرائح الخيار (بسماكة معتدلة وليس شرائح رقيقة)، على بشرة نظيفة وجافة، ولمدة 15 دقيقة تقريباً. وإذا أصبح جانب واحد من الخيار دافئاً على وجهك، اقلبه واستمتع بإحساس البرودة مرة أخرى. ويمكنك إجراء هذا العلاج بقدر ما تريد، وعدد المرات التي ترغب في تجربتها. ولكن إذا لم ترَ أي نتائج من هذا العلاج، فقد ترغب في التحدث إلى طبيبك حول الهالات السوداء أو الانتفاخ المفرط تحت عينيك.

- تناول ماء مخلّل الخيار
> بالأصل، لجأ البشر إلى إعداد المخللات (Pickles)، من الخيار وأنواع أخرى من الثمار، كوسيلة لإمكانية تناولها عند عدم توفرها طازجة. ووفقاً لمتحف نيويورك للأغذية، ذُكرت مخللات الخيار في الكتابات القديمة جداً، بتاريخ 2000 سنة قبل الميلاد. ثم أصبحت أحد المقبلات التي يرغب البعض في إضافتها ضمن الشطائر بأنواعها، أو مع تناول أنواع من أطعمة أخرى.
ولكن البعض يُحب شرب القليل، وربما الكثير، من عصير أو ماء مخلل الخيار (Pickle Juice) بالذات. وإضافة إلى الطعم، قد يعتقدون أنه مفيد للجسم أو قد يعزز أداء التمرين أو يساعد في التحكم بنسبة السكر في الدم.
وعملية تخليل الخيار تتطلب بالأصل 3 مكونات رئيسية، وهي: الخيار والملح والماء. وهناك إضافات كثيرة ومتعددة تختلف في مناطق العالم المختلفة. وتعمل بكتيريا (Lactobacillus)، التي تُوجد عادةً على قشرة الخيار، على إتمام عملية التخمير. والبعض قد يستخدم الخل لتحقيق تلك الغاية، بعد إزالة تلك البكتيريا. والعصير هو ما يحيط بالمخللات في البرطمان.
والمهم أن كمية الصوديوم في نحو 100 غرام من مخلل الخيار تتراوح بين 50 وأكثر من 100 في المائة من كمية الصوديوم المسموح صحياً تناولها خلال اليوم. وأيضاً، فإن عصير المخلل غير المبستر، دون الخل، قد يحتوي على كميات كبيرة من بكتيريا البروبيوتيك. ومع ذلك، فإن معظم الأنواع التجارية من المخلل مبسترة.
وتذكر بعض مصادر التغذية أن عصير المخلل يمكن أن تكون له فوائد صحية. مثل أن المحتوى العالي من الصوديوم في عصير المخلل يمكن أن يزيد من الترطيب قبل التمرين ويحسن الأداء. ولكن إحدى الدراسات الإكلينيكية التي أُجريت عام 2014 لم تجد لتناول نحو 100 غرام من عصير المخلل قبل ممارسة الرياضة، أي تأثير إيجابي واضح على أداء الجري أو معدل التعرق أو درجة حرارة الجسم. وهي دراسة لباحثين من جامعة ولاية داكوتا الشمالية وجامعة ميشيغان المركزية بعنوان «شرب عصير المخلل أو محلول ملحي عالي التركيز قبل التمرين وأداء إيروبيك الهوائي (Aerobic Performance) والتنظيم الحراري»، ونشرت في عدد مارس (آذار) - أبريل (نيسان) من مجلة «التمرين الرياضي» (J Athl Train).
كما أشارت إحدى الدراسات إلى أن عصير المخلل قد يساعد في تخفيف تقلصات العضلات، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذا الأمر. وهي دراسة لباحثين من جامعة داكوتا الشمالية حول تأثير تناول عصير المخلل كعلاج لتشنجات العضلات. وتم نشرها في عدد مايو (أيار) 2010 من مجلة «الكلية الأميركية للطب الرياضي» (ACSM).
وأيضاً لا تتوفر أدلة علمية تدعم أن تناول عصير المخلل يمكن أن يخفف آلام المعدة. وكذلك على الرغم من نقص الدليل العلمي، لا يزال عصير المخلل علاجاً منزلياً شائعاً لحروق الشمس.
وتبقى الحقائق التالية حول عصير مخلل الخيار:
- نسبة الصوديوم عالية. وكثير من الملح يمكن أن يؤدي إلى احتباس الماء والتورم والانتفاخ.
- ارتفاع ضغط الدم. يمكن أن يؤدي احتباس الماء من تناول كميات كبيرة من الملح، إلى ارتفاع ضغط الدم.
- عسر الهضم. شرب كثير من عصير المخلل يمكن أن يؤدي إلى الغازات وآلام المعدة والإسهال.


مقالات ذات صلة

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.