شمال غربي سوريا... تمسك بالعيد رغم الحزن والعوائق

«الشرق الأوسط» رصدت حركة التسوق واستعدادات الناس ضمن مناطق إدلب

البحث عن ملابس مناسبة للأطفال في أسواق مدينة الدانا شمال إدلب (الشرق الأوسط)
البحث عن ملابس مناسبة للأطفال في أسواق مدينة الدانا شمال إدلب (الشرق الأوسط)
TT
20

شمال غربي سوريا... تمسك بالعيد رغم الحزن والعوائق

البحث عن ملابس مناسبة للأطفال في أسواق مدينة الدانا شمال إدلب (الشرق الأوسط)
البحث عن ملابس مناسبة للأطفال في أسواق مدينة الدانا شمال إدلب (الشرق الأوسط)

يستعد نحو 5 ملايين سوري، أكثر من نصفهم من النازحين والمُهجرين إلى مناطق إدلب وريف حلب شمال غربي سوريا، لاستقبال عيد الفطر الثاني عشر وسط أجواء من الفرح عبر شراء الملابس للأطفال وحلويات العيد، وبحسب القدرة المالية لكل واحد منهم وظروفه المعيشية، وذلك تمسكاً منهم بالمحافظة على عادات وطقوس اعتادوا على ممارستها قبل اندلاع الحرب السورية.
وخلال جولة ميدانية، رصدت «الشرق الأوسط» حركة التسوق واستعدادات الناس ضمن مناطق إدلب، وتوجه العائلات المحلية والنازحة نحو أسواق الملابس وشراء الحلويات، في محاولة منهم لتجاهل حزنهم على فراق محب أو غياب ابن أو أب في معتقلات النظام، كما حال نزوحهم.
ولتشجيع المارة على الشراء، ينادي صاحب بسطة لبيع الملابس الجديدة مصنوعة من الجينز وأخرى من القماش العادي، وسط بازار مدينة الدانا الشعبي شمال إدلب، بأعلى صوته «أي طقم ولادي بـ50 ليرة تركية (أي ما يعادل دولارين ونصف الدولار)». حول بسطته، يتجمع عدد من الآباء والأمهات وإلى جانبهم أبناؤهم، في أجواء من الفرح المتبادل فيما بينهم، وهم يختارون ما يناسب أطفالهم من ألبسة، لارتدائها في أيام العيد؛ ومن بينهم أحمد وهو نازح من بلدة كفر حمرة في ريف حلب في أحد المخيمات القريبة من مدينة الدانا، الذي أصر على رسم الفرحة بالعيد على وجه أطفاله بثياب جديدة.
يقول أحمد إنه لا يرغب أن يعيش أطفاله أي شكل من أشكال الحزن الذي عاشه هو وزوجته بعد نزوحهم من بلدتهم منذ سنوات مع مجيء كل عيد، ويصرّ على رسم الفرحة والبهجة على وجه أطفاله عبر شرائه ألبسة العيد الجديدة لهم، على الرغم من أن موضتها قديمة نوعاً ما، ولكن أسعارها تناسب ما وفّره من أجره في عمله بالبناء. ولعل فرحة أبنائه بالعيد وبالثياب الجديدة يشعره وزوجته بشيء من الفرح على الرغم من النزوح والتشرد.

قرب هذه البسطة، يتجمع عدد من الناس عند أبو جمعة، وهو أحد باعة الملابس الجديدة، منها معلق على علّاقة حديدية وبعضها مرتب جيداً على قطع كرتونية عند بوابة محله فيما يعرض على الجدران داخل محله ألبسة جديدة تناسب كل الأعمار والأذواق، وبأسعار لكل الفئات والطبقات. كل ذلك من أجل لفت أنظار المتسوقين ودفعهم إلى الشراء منه.
يصف أبو جمعة الحركة الشرائية هذا العام بالجيدة، مقارنة بأعياد السنوات الماضية، ويقول «نحرص كل موسم من مواسم الأعياد على توفير كل الأنواع والموديلات من الألبسة سواء كانت خاصة بالأولاد أو النساء وأيضاً الرجال والشباب وبأسعار مختلفة تناسب كل فئات المجتمع. فهناك النازحون الذين لا يملكون ترف شراء ألبسة ذات موديلات حديثة نظراً لأسعارها التي تفوق قدرتهم الشرائية، فيضطرون عندها إلى شراء موديلات عادية بأسعار متدنية نوعاً ما. وهذا ما نركز على توفيره بكميات أكبر بسبب وجود عشرات المخيمات للنازحين تحيط بالمدينة وترى في أسواقها وجهة لشراء ملابس العيد بالأسعار التي تناسب دخلهم وأوضاعهم المادية. فغالباً ما يتراوح سعر طقم الأولاد ما دون سن العاشرة بين 50 ليرة تركية و100 ليرة تركية. وهذا بالطبع سعر مناسب للفئات الفقيرة، لا سيما أن معظم المحال التجارية أعلنت عن تنزيلات كبيرة على الألبسة الجديدة وصلت إلى 50 في المائة، منذ بداية شهر رمضان، كمبادرة إنسانية من أصحابها، لتمكين أكبر عدد من العائلات من شراء الملابس لأطفالها، بعد الكوارث التي مروا بها».
- حلويات العيد بأرباح قليلة
وفي مبادرة إنسانية أخرى، يصر عدد كبير من باعة الحلويات على كسب الحد الأدنى من الأرباح هذا العام في عملية بيع حلويات العيد.
يقول الحاج أبو مازن، وهو صاحب أحد أكبر المحال لبيع حلويات العيد في مدينة سرمدا شمال إدلب، إنه «انطلاقاً من الحس والشعور الإنساني بالناس وتوق الناس إلى الفرح والسعادة في أحلك الظروف التي يمرون بها، لا بد من المبادرات الإنسانية؛ نظراً للأزمات والكوارث وعلى رأسها الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا قبل أشهر، وهي المنطقة التي تضم أكبر عدد من النازحين»، وأضاف: «مع اقتراب عيد الفطر، بادر باعة الحلويات إلى خفض أسعارهم إلى الحد الأدنى ليتسنى للجميع شراؤها، بحيث باتت تتراوح بين 40 ليرة تركية و50 للكيلو الواحد بعد إضافة ربح قليل جداً على رأس المال، الأمر الذي سهّل على كل عائلة شراء ما تستطيع من حلويات (سكاكر وكعك وراحة محشية)، لتقديمها».
- تكفل الأيتام بكسوة العيد
وفي حين يعيش نحو 22 ألف طفل يتيم بلا أب أو أم في مخيمات خاصة بهم في شمال غربي سوريا، أطلقت جمعيات إنسانية محلية حملات تحت عنوان «كسوة عيد اليتيم» لرسم الفرحة على وجوه هؤلاء الأطفال.
وتوجه مئات الأيتام خلال الأيام الأخيرة الماضية، نحو عشرات المحال التجارية لبيع الألبسة الجديدة التي تعتبر من النوع الفاخر، بعد حصولهم على قسائم شرائية من بعض الجمعيات الإنسانية، تمنحهم الحق باختيار ما يناسب أذواقهم من ألبسة من تلك المحال التي عقدت معها الجمعيات اتفاقاً خاصاً لتمويل هذه الحملة.
ومن بين هؤلاء الأيتام، أحمد ويامن وزيد، كانوا فقدوا والدهم منذ سنوات بقصف سابق لقوات النظام في ريف حماة الشمالي، والذين لجأوا إلى أحد المراكز لإيواء الأيتام شمال إدلب. تصف والدتهم هذه المبادرة بالجميلة، بعد أن حصل أولادها على ألبسة مجانية وفاخرة في الوقت عينه هي عبارة عن أطقم جينز مع أحذية جديدة، وتأمل أن تطال هذه الحملة كل أيتام سوريا لتعويض أعز شيء فقدوه في حياتهم، ولإشعارهم بأنهم ليسوا الفئة الأضعف في هذا المجتمع.
- الزلزال ينغص الفرحة
في مركز إيواء دير بلوط لمنكوبي الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا وجنوب تركيا في 6 فبراير (شباط)، تغيب هذا العام مشاهد الفرح والاستعداد لاستقبال عيد الفطر السعيد عن مئات العائلات المنكوبة، ليحل مكانها الحزن العميق بعيد أن حصد الزلزال المئات من أحبتهم وأقاربهم. فلا تحضيرات ولا روائح للكعك ولا حتى ملابس جديدة للكبار ولا للصغار.
يتساءل مصطفى (43 عاماً)، وهو أحد أبناء مدينة جنديرس بريف حلب، الذي فقد 3 من عائلته (والده وأمه وأخاه الصغير) بالزلزال المدمر: «كيف لمئات العائلات المنكوبة أن تشعر بالفرح بقدوم العيد وفي الوقت ذاته غيّب الموت بالزلزال شخصاً أو اثنين أو أكثر من أفرادها، وربما عائلة كاملة من أقاربها. فالناس هنا يعيشون حالة من الحزن العميق على فراق أحبتهم، وهذا بالنسبة لهم أول عيد يمر عليهم وهم بهذه الحالة من الحزن الجماعي. فالجميع هنا إما يبكى على فراق محب مع اقتراب العيد، وإما قرر عدم إظهار أي مظاهر بالفرح. وهناك عائلات لم تفقد أياً من أقاربها وأسرها، لكنها قررت إعلان الحداد والحزن احتراماً منها لأوجاع الآخرين وبهدف مشاركتها العائلات المنكوبة التي فقدت أحبة. فلا ثياب جديدة ولا صناعة للكعك في كل المركز».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

«الصفقة الشاملة»... ورقة ضغط لـ«حماس» تصطدم بـ«تهدئة مؤقتة»

تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«الصفقة الشاملة»... ورقة ضغط لـ«حماس» تصطدم بـ«تهدئة مؤقتة»

تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
تصاعد دخان جراء قصف إسرائيلي على مبنى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تأكيد جديد من «حماس» على تمسكها بإبرام «صفقة شاملة»، استبق محادثاتها بالقاهرة، التي تشهد حضور وفد كبير للحركة بخلاف مرات سابقة، مع تشديد مستمر على رفض «نزع سلاحها»، في حين تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع.

ذلك الموقف من «حماس» يُصادف تواصل العد التنازلي لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمنطقة الشهر المقبل، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ورقة ضغط جديدة من الحركة قبل الزيارة، بهدف تحقيق أكبر المكاسب لها.

ورجحوا ألا تحدث صفقة شاملة وإنما هدنة إنسانية في أقرب وقت لدخول المساعدات بجانب أخرى مؤقتة محل نقاش، تشمل تبادل الرهائن والأسرى وتموضعاً جديداً للقوات الإسرائيلية، وليس انسحاباً، على أن يحمل الرئيس الأميركي في جعبته للعرب حلاً نهائياً للأزمة.

وأفادت حركة «حماس»، في بيان صحافي، السبت، بأن «وفد قيادة (حماس)، برئاسة محمد درويش، رئيس المجلس القيادي للحركة وباقي أعضاء المجلس خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين ونزار عوض الله، بدأ لقاءات بالعاصمة المصرية القاهرة».

واللقاء الذي يحشد قيادة الحركة يبحث مع المسؤولين المصريين «رؤية حركة (حماس) لوقف وإنهاء الحرب وتبادل الأسرى على قاعدة الصفقة الشاملة، بما يتضمن الانسحاب الكامل والإعمار، وضرورة التحرك العاجل لإدخال المساعدات الإنسانية وجهود تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة».

ولم تكشف الحركة عن رؤيتها بشأن الصفقة الشاملة، غير أن «الشرق الأوسط» نقلت في 22 أبريل (نيسان) الحالي عن مصدر مطلع بالحركة «تقديمها رؤية في لقاء سابق بالقاهرة الأسبوع الماضي، تتضمن 5 بنود، من ضمنها صفقة شاملة، وإتمام هدنة طويلة تصل إلى 5 سنوات، مع اشتراط ضمانات إقليمية ودولية».

وتأتي رؤية «حماس» قبل زيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض، وبعد زيارة لتركيا الأسبوع الماضي، عقب لقاء وفد الحركة برئاسة القيادي محمد درويش، وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة»، في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

رجل يعرض دمية وسط أنقاض منزل بعد قصف إسرائيلي في حي الصبرة بمدينة غزة (أ.ف.ب)
رجل يعرض دمية وسط أنقاض منزل بعد قصف إسرائيلي في حي الصبرة بمدينة غزة (أ.ف.ب)

رئيس «منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، سمير غطاس، يرى أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أن هناك هدنة جديدة ستعرض على «حماس» بضمانات؛ ولكنها جزئية وليست شاملة، مع الذهاب لتنفيذ هدنة إنسانية لساعات محدودة يومياً لإدخال المساعدات للقطاع، سواء جرى التفاهم على تلك التهدئة أو لا، وسيكون ذلك بضغط أميركي على إسرائيل.

ويستغرب غطاس من إصرار «حماس» على تأخير إتمام الصفقة، موضحاً أن الحركة تعتقد أنها ستأخذ شروطاً أفضل مع العد التنازلي لزيارة ترمب، مع إدراكها أنه يريد أن تكون في ظل تهدئة بالمنطقة، محذراً من أنها ستفاجأ بأن الشروط ستكون أسوأ، وأن التأخير ليس في صالحها، في ظل تشدد أميركي إسرائيلي باستبعادها من غزة ونزع سلاحها.

ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أن المطروح حالياً هدنة مؤقتة تناقش خلالها هدنة طويلة وتفكيك الحركة وسلاحها، مضيفاً: «لكن الأقرب الآن مع اقتراب وصول ترمب للمنطقة هدنة مؤقتة قبل بدء جولته، على أن يأتي بجعبته اتفاق واضح لوقف الحرب».

فيما تواصل «حماس» تمسكها بصفقة شاملة، وأكد المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي للحركة، طاهر النونو، السبت، أن الحركة منفتحة على هدنة طويلة الأمد في غزة، لكنها غير مستعدة لإلقاء سلاحها.

وبثّت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، السبت، مشاهد فيديو لعملية قنص 3 جنود إسرائيليين في شمال قطاع غزة، غداة تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس عبر «إكس»، أن القوات الإسرائيلية تدفع «ثمناً باهظاً لنجاحاتها العسكرية» ضد الحركة في غزة.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقاربها جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقاربها جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا يزال 58 محتجزين في غزة، 34 منهم قتلى، وفق الجيش الإسرائيلي، وسمحت هدنة تمَّ التوصُّل إليها واستمرَّت من 19 يناير (كانون الثاني) إلى 17 مارس (آذار) الماضيين، بعودة 33 رهينة إلى إسرائيل، من بينهم 8 قتلى، في مقابل إطلاق سراح نحو 1800 فلسطيني من السجون الإسرائيلية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ووفق غطاس، فإن المأمول من «حماس» يخالف الواقع، وسترفضه إسرائيل، وفي الأغلب سنذهب لهدنة محدودة مع تعهدات بمناقشات بهدنة أطول، ولكن دون انسحاب إسرائيلي كلي بل إعادة تموضع للقوات بالقطاع، مشيراً إلى أن تمسك الحركة بتلك الصفقة الشاملة محاولة للبقاء في اليوم التالي تحت أي شكل ليس إلا، دون مراعاة للظرف الحالي ولا للتغيرات بالمنطقة.

وكذلك يستبعد الرقب هدنة طويلة حالياً أو تسوية شاملة، مشيراً إلى أن الأقرب أن الصفقة نضجت وتذهب لهدنة مؤقتة سترى النور خلال أيام، بحد أقصى مطلع الشهر المقبل قبل زيارة ترمب، كما رأينا قبل تنصيبه في 20 يناير الماضي، مشيراً إلى أن الجولة ستشمل حديثاً عن وقف نهائي للحرب، وستكون الكرة في ملعب اليمين الإسرائيلي للذهاب لذلك أو العودة لنقطة الصفر مجدداً.