استثناءات عفو رئاسي تثير خيبة لدى معتقلي «الحراك» في الجزائر

لم يشمل 160 من سجناء «العشرية السوداء»... ولا المدانين بالفساد

من مظاهرات «الحراك» السابقة (مواقع التواصل)
من مظاهرات «الحراك» السابقة (مواقع التواصل)
TT

استثناءات عفو رئاسي تثير خيبة لدى معتقلي «الحراك» في الجزائر

من مظاهرات «الحراك» السابقة (مواقع التواصل)
من مظاهرات «الحراك» السابقة (مواقع التواصل)

سادت خيبة أمل وسط نشطاء الحراك الجزائري، المتوقف منذ 2021، بسبب استثناء نحو 300 معتقل من رفاقهم، من عفو رئاسي صدر بمناسبة عيد الفطر المبارك وشمل أكثر من 8900 سجين. وبينما يعدّ حقوقيون أن المسجونين المطالبين بالتغيير هم «معتقلون سياسيون»، تقول الحكومة إن القضاء لاحقهم بتهم لا صلة لها بالنضال السياسي.
وبدا الانكسار في منشورات وتعليقات النشطاء في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، على أثر صدور مرسوم مساء الأربعاء، وقّعه الرئيس عبد المجيد تبون، يحدد فئات المساجين المعنيين بإجراءات عفو جديدة.
وتضمنت الخطوة استثناءات أظهرت أن مساجين الحراك غير معنيين بها، وأبرزها يخص المساجين الذين يقعون تحت طائلة «السب والشتم في مواقع التواصل الاجتماعي، والجرائم المتعلقة بالتمييز وخطاب الكراهية، وجرائم الاعتداءات والمؤامرات ضد سلطة الدولة ومؤسساتها وموظفيها، وسلامة ووحدة أرض الوطن. وجرائم التجمهر المسلح والتحريض عليه».
ولدى قراءة الشروط التي تضمنها المرسوم، يظهر أن المستفيدين من العفو هم من المدانين بتهم جنائية.
ومعظم الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن من نشطاء الحراك، (وصلت إلى 5 سنوات مع التنفيذ وأدناها 6 أشهر مع وقف التنفيذ)، تعرضوا للمتابعة في حالتين: التعبير عن آراء منتقدة للسلطة، وتنظيم مظاهرات غير مرخص لها أو الدعوة إليها. غير أن الحكومة ترفض بشدة أن يجري التعاطي في الإعلام، وفي منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، على أن التعبير عن مواقف نقدية من شؤون الحكم، أو ممارسة السياسة، هو سبب متابعتهم. وكثيراً ما ذكر الرئيس تبون لوسائل الإعلام أن «الشتم والإساءة للغير على منصات التواصل الاجتماعي، ليسا أبداً تعبيراً عن الرأي». كما لمح في مناسبات أخرى، إلى أن معتقلي الحراك «يخضعون لتوظيف قوى أجنبية، بغرض ضرب استقرار البلاد».
وتوجد فئة ثانية من المساجين لم يشملهم مرسوم العفو، يعود سجنهم إلى تسعينات القرن الماضي. ويتعلق الأمر بنحو 160 ناشطاً إسلامياً كانوا ينتمون إلى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وفق السلطات، ويطلق على هذه الفترة «العشرية السوداء».
وهؤلاء مدانون بعقوبات ثقيلة منها السجن مدى الحياة، والإعدام الذي أُلغي تنفيذه، وتحولت العقوبة إلى مؤبد... وحكم عليهم بتهم الإرهاب، الذي اندلع غداة تدخل الجيش لإلغاء نتائج انتخابات برلمانية (يناير/ كانون الثاني 1992) حققت فيها «جبهة الإنقاذ» فوزاً. كما أن غالبية هؤلاء المساجين تخطوا الستين من العمر، وقد أطلقت جمعية تتحدث باسمهم جهوداً، لدى السلطات، للإفراج عنهم بعدما رفع الرئيس تبون العام الماضي، شعار «لمّ الشمل»، معلناً توسيع إجراءات تهدئة جرى اتخاذها عام 1995 سميت «قانون الرحمة»، واستكملت لاحقاً في 1999 تحت عنوان «سياسة الوئام المدني»، ثم «سياسة المصالحة» في 2006.
كما أقصت إجراءات العفو المساجين بتهمة الإرهاب والتخريب، ضمن ما يعرف بـ«قانون المصالحة»، الذي يعني الأشخاص المتهمين بجرائم الاغتصاب ووضع متفجرات في أماكن عامة، والمشاركة في مجازر جماعية مروّعة عاشتها مناطق بالبلاد في 1995 و1998 على أيدي الجماعات المتشددة، لكن لا يعرف عددهم بالتحديد.
واستثني من التدابير السياسية أيضاً المسجونون الذين يقضون عقوبات بتهم فساد ومخالفة التشريع الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال، وتبديد واختلاس أموال عامة، والرشوة واستغلال النفوذ، وإبرام صفقات مخالفة للتشريع والتنظيم، وغسل الأموال.
وهذه الأفعال تنسحب، بشكل خاص، على عشرات من وجهاء النظام سجنوا وأدينوا بأحكام ثقيلة بالسجن، على أساس ضلوعهم في ممارسات فساد، خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). وتضم هذه الفئة 3 رؤساء حكومات سابقين، وكثيراً من الوزراء ورجال الأعمال ومسؤولي الجيش.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

اختلاف مواقف الليبيين حول دوافع وتوقيت زيارة الدبيبة إلى أنقرة

الدبيبة خلال محادثاته مع إردوغان في تركيا (الرئاسة التركية)
الدبيبة خلال محادثاته مع إردوغان في تركيا (الرئاسة التركية)
TT

اختلاف مواقف الليبيين حول دوافع وتوقيت زيارة الدبيبة إلى أنقرة

الدبيبة خلال محادثاته مع إردوغان في تركيا (الرئاسة التركية)
الدبيبة خلال محادثاته مع إردوغان في تركيا (الرئاسة التركية)

أثارت زيارة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، عبد الحميد الدبيبة، الأخيرة إلى أنقرة، ولقاؤه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تباينات بشأن دوافعهما وتوقيتهما، وإن كان البعض ربطهما بمبادرة البعثة الأممية لتشكيل «حكومة موحدة».

ووفق بيان لحكومة «الوحدة» فإن زيارة الدبيبة، الأربعاء الماضي، إلى تركيا هدفت إلى «تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين».

رئيس «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، أسعد زهيو، عدّ الزيارة جاءت في إطار «رسائل ضمنية مختلفة الأهداف»، حيث يسعى الدبيبة إلى «توظيف الدور التركي في مواجهة خصومه السياسيين بالساحة الليبية، فيما تحاول تركيا تعزيز حضورها في تلك الساحة، التي من المتوقع أن تشهد تحولات واستحقاقات عدة قريباً».

وأوضح زهيو لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة أراد تأكيد أن أنقرة «لا تزال تدعم حكومته، وتتمسك بشرعيتها واستمراريتها بالمشهد»، وذلك رداً على استمرار مساعي خصومه السياسيين لتشكيل حكومة ليبية جديدة، والأهم أنها «جاءت قبل شروع المبعوثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني خوري، في تنفيذ مبادرتها التي أطلقتها منتصف الشهر الماضي، والتي تستهدف ضمن محاورها الرئيسية تشكيل حكومة موحدة، وبالطبع هذا يهدده»، لافتاً إلى أن تركيا تريد بالمقابل إيصال رسالة للقوى الدولية الداعمة لمبادة خوري بأنها «لاعب رئيسي مؤثر بالمشهد الليبي، ومن ثم ينبغي التنسيق معها».

الدبيبية في لقاء سابق مع وزير الخارجية التركي والوفد المراق له في مكتبه بطرابلس (الخارجية التركية)

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، ويترأسها أسامة حماد، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني»، الذي تتمركز قواته في الشرق وبعض مناطق الجنوب.

أستاذ العلاقات الدولية الليبي، الدكتور إبراهيم هيبة، لم يبتعد عن الطرح السابق، لكنه رجح تطرق لقاء الدبيبة في أنقرة لقضايا أخرى، كسعيه مثلاً إلى «تزويد رئاسة الأركان التابعة لوزارة الدفاع بحكومته بالمزيد من أنظمة الدفاع الجوي والطائرات القتالية». وقال هيبة لـ«الشرق الأوسط»: «إن لقاء الرئيس التركي مع الدبيبة هو رسالة تأكيد من أنقرة بأن انفتاحها الاقتصادي على الشرق الليبي، لا يعني التخلي أو تقليص الدعم السياسي والعسكري للغرب».

ورغم تأكيد نائب مدير تحرير «مجلة الديمقراطية» والباحث في الشؤون الإقليمية، كرم سعيد، أن الزيارة جاءت في إطار سياقات ضاغطة على حكومة الوحدة ورئيسها، لكنه استبعد أن «تستجيب تركيا لرغبة الدبيبة ببقاء حكومته بالسلطة لحين إجراء الانتخابات»، وأرجع ذلك «لرفض قيادات الشرق الليبي السياسية والعسكرية لهذا الطرح، بل وتعارضه أيضاً مع خيارات أطراف وقوى دولية وإقليمية ترى أن الحل قد يكون بتشكيل حكومة متوازنة بين شرق وغرب البلاد؛ لكن مع الابتعاد قدر الإمكان عن سيناريو أن تكون أي من الحكومتين القائمتين بالبلاد هي المشرفة على الانتخابات المقبلة لضمان نزاهتها».

رئيس الأركان التركي خلال زيارة سابقة لمركز قيادة العمليات التركي الليبي في طرابلس (وزارة الدفاع التركية)

ووفق رأي سعيد فإن «تركيا وفي ظل انشغالها بالساحة السورية حالياً، فإنها لا تسعى إلى فتح جبهة صدام ثانية بالملف الليبي عبر معارضة كل هذه القوى المحلية والإقليمية والدولية، بالتمسك ببقاء حكومة الدبيبة»، مشيراً إلى ما توفره عملية الاستقرار بالساحة الليبية من «بيئة خصبة للشركات التركية في مشاريع إعادة الإعمار، بل وتسهيل مشاريع الطاقة التي لا تخفي تركيا أنها تحتل أولوياتها».

بالمقابل، عدّ المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، أن الزيارة جاءت بدافع إطلاع الدبيبة، التي تعد أنقرة أن حكومته هي "الشرعية المعترف بها أممياً في ليبيا، على التفاهمات المبدئية، التي تم التوصل إليها بين أنقرة والقاهرة مؤخراً.

وقال أوغلو لـ«الشرق الأوسط»: «إن أنقرة والقاهرة تسعيان بعد إحداث نقلة كبيرة في مسار تطبيع العلاقات بينهما، إلى تنسيق مواقفهما بالملف الليبي»، متوقعاً أن «تحاول أنقرة عبر نسجها علاقات متوازنة بين كل من الشرق والغرب الليبي، العودة لسيناريو دمج الحكومتين القائمتين في سلطة تنفيذية واحدة، قد يحتفظ الدبيبة برئاستها، مقابل منح حقائب سيادية لشخصيات محسوبة على مجلس النواب، أو من حكومة أسامة حماد».