نفت الحكومة المصرية اليوم (السبت) عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي.
وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية». بينما أكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بالجامعات المصرية كافة باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».
وأشار مجلس الوزراء إلى أن «فكرة إلغاء مجانية التعليم الجامعي لم تطرح من قبل للمناقشة. الوزارة تعمل على تطوير ملف التعليم بجميع مراحله، إضافة إلى تحسين الخدمات التعليمية لتواكب معايير الجودة».
وأثارت إشاعة «إلغاء مجانية التعليم الجامعي» سجالاً آخر، حيث إنه «لم يعد مجانياً بالمفهوم الفعلي» ويرى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن «المصروفات التي تعتبرها الحكومة رمزية، ربما تمثّل عبئاً على الفئات البسيطة في المجتمع، التي يحق لها الحصول على خدمات تعليمية مجانية».
من جانبه، يقول الدكتور محمد عبد العزيز، أستاذ العلوم والتربية بجامعة عين شمس: «إن تطوير التعليم دفع بنظام الساعات المعتمدة، ودخول البرامج الخاصة مثل التي تُدرّس بلغات أجنبية بهدف تحسين جودة الخدمات التعليمية، ويصبُّ ذلك في مصلحة الطلاب الجامعيين لتأهيلهم لسوق العمل».
وأضاف عبد العزيز في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تداخل الأنظمة داخل الجامعات الحكومية تسبب في تغيير النظرة لمفهوم المجانية، غير أنه ما زال قائماً لمَن يختار البرامج التقليدية المتعارف عليها».
ولا يرى الأستاذ الجامعي في دخول نظام الساعات المعتمدة بمقابل مالي خطراً على التعليم، منوهاً بأن «وتيرة التطور تتسارع، وعلينا مواكبتها، والجامعات الحكومية تسعى لتطوير برامجها، وعلى الرغم من ارتفاع مصروفات البرامج الخاصة، فإنها لا تُقارن بتلك المتوفرة في الجامعات الخاصة».
ولفت إلى أنه «ليس كل مَن يصل إلى التعليم الجامعي يرغب في تحصيل العلم والتميز، فالبعض يبحث عن الشهادة الجامعية لدحض الوصمة الاجتماعية فحسب».
ووضع عبد العزيز شرطاً لنجاح تجربة الجامعات الحكومية في المزج بين المجانية والساعات المعتمدة، وهو أن «تتسع مظلة الحماية الاجتماعية التي تستهدف الطلاب غير القادرين مادياً بينما لديهم شغف التعليم، لتتيح لهم الجامعات الحكومية فرص الالتحاق ببرامج مدفوعة وفقاً لبرنامج اجتماعي تحدده الجامعة حسب وضعها المالي».
وفي مصر هناك 3 أنظمة للتعليم الجامعي، تشمل الجامعات «الحكومية والخاصة والأهلية» وتتْبَع الأخيرة الحكومة إلا أنها مدفوعة.
كما تشتمل بعض الكليات في الجامعات الحكومية على أقسام تعمل بنظام الساعات المعتمدة، ومن ثَمَّ تشمل رسوماً إضافية وفقاً لرغبات الطلاب، لكن هذا النظام يعمل بالتوازي مع الأقسام «المجانية»، التي يدفع فيها الطالب رسوماً محدودة تتراوح بين 400 و5000 جنيه مصري (الدولار يساوي 30.9 جنيه).
وتُقدّر الميزانية المخصصة للتعليم العالي في موازنة العام المالي 2022 - 2023 بنحو 85 مليار جنيه، وتشمل التوسع في الجامعات «الأهلية»، فضلاً عن تطوير التعليم الحكومي، بحسب تصريحات سابقة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق الدكتور خالد عبد الغفار أمام مجلس النواب (البرلمان) في مايو (أيار) الماضي.
وفي السياق ذاته، قال الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث: «إن ثمة التفافاً حول مفهوم مجانية التعليم الذي يكفله الدستور؛ لأن المصروفات لم تعد رمزية كما كانت».
وأضاف مغيث في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليم ليس سلعة خاضعة لارتفاع القيمة المادية على خلفية تباين الوضع الاقتصادي، لكنها خدمة إلزامية على الدولة، لذا لا يوجد مبرر لرفع مصروفات الجامعات الحكومية والإصرار على أنها ما زالت مجانية».
وأوضح أن «دخول جزء مدفوع في منظومة التعليم الحكومي هو نوع من التمييز وتعزيز ثقافة عدم تكافؤ الفرص. ففي ستينات القرن الماضي كان أصحاب المكانة الاقتصادية المرتفعة يتهافتون على التعليم الحكومي بفضل جودته، وهذا النموذج أسهم في تأصيل قيمة التعليم».
هل تلغي مصر «مجانية التعليم» الجامعي الحكومي؟
مجلس الوزراء يرد
هل تلغي مصر «مجانية التعليم» الجامعي الحكومي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة