تخطو السلطات الجزائرية خطوات متسارعة لتنفيذ «خطة استرداد الأموال المنهوبة» في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999- 2019). فبعد الإنابات القضائية التي رفعتها إلى دول غربية، والتي يعتقد أنها ملاذ لهذه الأموال، زار وفد برلماني جزائري مقر وزارة الخزانة الأميركية، وبحث مع مسؤوليها هذا الأمر.
وذكر «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) في بيان أن وفد النواب يوجد بواشنطن حاليا للمشاركة في أشغال «المنتدى البرلماني العالمي»، وأنه زار وزارة الخزانة الأميركية الأربعاء الماضي، حيث التقى رئيسة دائرة الشؤون العالمية، ومسؤولة السياسات الخاصة بمكافحة التمويل الذي يشكل خطرا على الأمن القومي الأميركي، آنا موريس، المشرفة أيضا على حماية النظام المالي الدولي من المعاملات غير الشرعية بالوزارة، بحسب ذات البيان، الذي أفاد بأن اللقاء حضره أيضا رئيس مفوضية مكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال وتبديدها بذات الوزارة، سكوت رمبراندت.
وأوضح البيان أن الاجتماع «تناول ضرورة التنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الفساد، وتبديد المال العام، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب، وضرورة تبادل الخبرات في ذات المجال، إلى جانب سبل تفعيل اتفاقية التعاون حول مكافحة الفساد، والإسراع في تنفيذ إجراءات استرجاع الأموال المهربة إلى الأراضي الأميركية، وفق اتفاق التعاون في هذا المجال».
ولا يعرف بالتحديد حجم الأموال التي هربها وجهاء النظام في عهد بوتفليقة، ولا قيمة الأملاك التي تتبع لهم، والتي يفترض أنها توجد بالولايات المتحدة. وبالمقابل، نشرت وسائل إعلام جزائرية أن القضاء أصدر مذكرة اعتقال دولية ضد وزير الطاقة السابق شكيب خليل وزوجته، اللذين يقيمان بالولايات المتحدة، وتمت إدانتهما بعقوبات ثقيلة بالسجن، على أساس وقائع فساد، تخص رشى وعمولات بقيمة 190 مليون دولار، دفعت في صفقة محروقات بين شركة «سوناطراك» الجزائرية و«صايبام» الإيطالية عام 2012.
ونهاية العام الماضي، صرح الرئيس عبد المجيد تبون بأن الجزائر تمكنت من استرجاع قرابة 22 مليار دولار من الأموال المنهوبة الموجودة داخل البلاد، بفضل مصادرة أرصدة وأملاك رجال أعمال ومسؤولين مارسوا مسؤوليات كبيرة في العشرين سنة الماضية. وأكد في تصريحات للصحافة أن «هناك مساعي لاسترداد الأموال المهربة خارج البلاد، والتي تم تهريبها بطرق غير شرعية في فترة النظام السابق». مبرزا أن «الجزائر دخلت فعلاً في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن استرجاع الأموال المنهوبة». كما قال إن إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر ثلاثة فنادق فخمة 5 نجوم، يملكها أحد رجال الأعمال الموجودين في السجن، من دون ذكر اسمه، ويعتقد أنه علي حداد الذي دانته المحاكم بالسجن في عدة قضايا فساد.
والشهر الماضي، نشر جوزيب بوريل، ممثل السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، مدونة تخص محادثات جرت بينه وبين الرئيس الجزائري عندما زار الجزائر في نفس الشهر، وتحدث فيها عن «تسريع» وتيرة المفاوضات مع «وحدة التعاون القضائي الجنائي» التابعة للاتحاد والشرطة الأوروبية لاسترداد أموال الجزائر، المحولة خارج القانون في فترة حكم بوتفليقة.
وأكد بوريل أن «هناك عملا مع جهاز الشرطة الأوروبية بهدف مساعدة الجزائر على استرجاع أموال وأصول منهوبة»، موضحا أن هذا المسعى «يندرج في إطار أعمال جارية بالبلاد لمكافحة الفساد».
وأثناء وجوده بالجزائر، صرح المسؤول الأوروبي بأن مكافحة الفساد وغسل الأموال «تشكل أولوية هامة سواء بالنسبة للاتحاد الأوروبي والجزائر»، وقال إنه بحث مع الرئيس تبون «الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة، والتحويلات المالية غير المشروعة».
وفي منتصف الشهر الماضي، بحث لاديسلاف همران، رئيس «وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون القضائي في المجال الجنائي»، بالجزائر، موضوع استرداد الأموال المهربة إلى الخارج. وقال إن المؤسسة التي يقودها «مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة الفنية الضرورية للجهات القضائية الجزائرية في مجال التحريات، وتسهيل التواصل مع نظيراتها الأوروبية، في إطار معالجة الملفات ذات الصلة باسترداد الأموال والأصول المنهوبة من الجزائر».
الجزائر تسارع الخطى لاسترداد «الأموال المنهوبة»
وفد برلماني بحث في واشنطن الإسراع بإجراءات إعادتها لخزينة البلاد
الجزائر تسارع الخطى لاسترداد «الأموال المنهوبة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة