علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

أكدوا أن الملكة البطلمية كانت شقراء لا سمراء

جانب من ملصق المسلسل (نتفلكس)
جانب من ملصق المسلسل (نتفلكس)
TT
20

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

جانب من ملصق المسلسل (نتفلكس)
جانب من ملصق المسلسل (نتفلكس)

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء.

وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل.
وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا الوثائقي عبر إنتاج أعمال مصرية أصلية عن كليوباترا وغيرها من الحكام المشاهير.

ويزعم أعضاء حركة «أفروسنتريك» أن ملوك مصر القديمة كانوا أفارقة، مستشهدين ببعض التماثيل الملونة باللون الأسود، وهذه نظرية خاطئة، وفق مؤرخين وأثريين مصريين، قالوا إنه كان يتم دهان بعض التماثيل باللون الأسود كدلالة رمزية للإله أوزوريس، إله العالم الآخر، وليس للون صاحب التمثال».

وتتعرض هذه الحركة لهجوم وانتقادات من مثقفين مصريين باستمرار، إذ أُلغي حفل ستاند أب كوميدي، للممثل الأميركي الشهير كيفين هارت بمصر في شهر فبراير (شباط) الماضي، قبيل بدايته بساعات قليلة في الصالة المغطاة باستاد القاهرة الدولي، بعد تدشين حملة لإلغائه اعتراضاً على تصريحات هارت السابقة عن الحضارة المصرية القديمة.

وأطلقت منصة «نتفليكس» إعلاناً ترويجياً لفيلم وثائقي عن الملكة «كليوباترا» من إخراج جادا نينكيت سميث، زوجة النجم الأميركي ويل سميث، ويبدأ عرضه على المنصة يوم 10 مايو المقبل، واختيرت الممثلة أديل جيمس لتؤدي دور الملكة البطلمية.

ورأى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة ورئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، أن فيلم «نتفليكس» يعد «إساءة للحضارة المصرية»، لأنه يُظهر الملكة كليوباترا ببشرة سوداء ترويجاً لفكر «الأفروسنتريك».


تمثال نصفي من الحجر الجيري لكليوباترا (المتحف البريطاني)

وأشار الدكتور ريحان في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذا الفيلم يعد ضرباً للهوية المصرية ووحدة الشعب المصري، وتجريد الحضارة المصرية من أصولها، ومخالفة للمادة 50 من الدستور المصري، والتي تُلزم الدولة بالحفاظ على التراث الأثري والتاريخي، والمعاصر، معتبرةً الاعتداء على أيٍّ من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون».

وناشد ريحان وزارة الخارجية ووزارة السياحة والآثار والهيئة العامة للاستعلامات، تقديم احتجاج رسمي على الفيلم، والمطالبة بتغيير صورة كليوباترا، وإعادتها إلى صورتها الحقيقية كما تظهر في تماثيلها في المتاحف داخل مصر وخارجها.

وبدأت حركة «أفروسنتريك» الظهور منذ عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، وذاع صيتها في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وهي حركة عالمية عنصرية تتمحور حول التعصب العرقي للجنس الزنجي.

وتعد الملكة كليوباترا السابعة آخر ملكات الأسرة المقدونية التي حكمت مصر بعد وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 قبل الميلاد، واستمر حكمها حتى فترة احتلال روما لمصر عام 30 قبل الميلاد. وكانت كليوباترا ابنة بطليموس الثاني عشر، وخَلَفَته كملكة سنة 51 ق.م، مشاطرةً العرش أخاها بطليموس الثالث عشر. وحكمت في البداية بالمشاركة مع أخيها بطليموس الثالث عشر، لكنه طردها من القصر، ثم خططت لاستعادة العرش وتمكنت من استعادة السلطة بعد غرق أخيها وخسارته إحدى الحروب الأهلية.

وقُدمت شخصية الملكة كليوباترا في أعمال فنية مصرية وعالمية مثل مسلسل «كليوباترا»، وهو عمل درامي يروي تفاصيل حياة الملكة، وهو إنتاج مصري - خليجي مشترك، من بطولة الفنانة السورية سلاف فواخرجي، كما قدمت الفنانة البريطانية إليزابيث تايلور الشخصية ذاتها في فيلم «كليوباترا»، وكذلك قامت بالدور الممثلات مونيكا بيلوتشي، وصوفيا لورين، وفيفيان لي.

ورجحت دراسة صدرت عام 2021 للباحثة الأرجنتينية آنا ماريا روسو، سيناريو وفاة كليوباترا السابعة بالسم، وليس بلدغة كوبرا.

وتوجد روايتان لانتحار كليوباترا السابعة، إحداهما ذهبت إلى ترجيح استخدامها كوبرا، لتموت إثر لدغها، فيما توجد رواية أقل شيوعاً ترجّح وفاتها بالسم.


صورة لكليوبترا (أرشيفية)
 


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
افتتاح «سبيل أحمد أفندي» وقبة الخلفاء العباسيين في القاهرة

افتتاح «سبيل أحمد أفندي» وقبة الخلفاء العباسيين في القاهرة

أعادت مصر افتتاح سبيل أحمد أفندي، بحي السيدة زينب، وقبة الخلفاء العباسيين بحي الخليفة، بالقاهرة، بعد ترميمهما وتطويرهما.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

مصر تحشد قواها الناعمة في اليوم العالمي للفن

فيلم تسجيلي عن الفن في مكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
فيلم تسجيلي عن الفن في مكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
TT
20

مصر تحشد قواها الناعمة في اليوم العالمي للفن

فيلم تسجيلي عن الفن في مكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)
فيلم تسجيلي عن الفن في مكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

تحشد مصر قواها الناعمة، ممثلة في الفعاليات الفنية والثقافية؛ احتفالاً باليوم العالمي للفن، الذي يحلُّ في 15 أبريل (نيسان) من كل عام، وذلك وفقاً لقرار منظمة «اليونيسكو» عام 2019.

وأعلنت وزارة الثقافة المصرية إقامة مجموعة من الفعاليات، وهي عبارة عن عروض مسرحية، وندوات، وأفلام، وحفلات موسيقية، فضلاً عن إتاحة المتاحف الفنية مجاناً خلال هذا اليوم.

وعرضت مكتبة الإسكندرية فيلماً تسجيلياً مدته 117 دقيقة بعنوان «كيف صنع الفن العالم؟» يتناول تاريخ الفن عبر العصور القديمة، ويتضمَّن التجول في عدد من الحضارات وتلمّس أبعاد الفن فيها، في حين عرض «المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية» فيلماً عن «فنان الشعب» سيد درويش، مستعرضاً مسيرته الفنية وإرثه الموسيقي، كما أعدّ المركز فقرات موسيقية بهذه المناسبة.

وأكد وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، أن «هذا اليوم يمثل فرصةً ذهبيةً للتأكيد على أهمية الفنون في حياة الشعوب، ودورها المركزي في بناء الإنسان وتنمية الوعي المجتمعي»، مشيراً، في بيان للوزارة، باعتزاز مصر بإرثها الحضاري والفني الضارب في أعماق التاريخ، والذي يمتد من الفنون المصرية القديمة إلى الإبداع المعاصر بكل أشكاله، مؤكداً حرص الدولة على أن تكون الفنون متاحةً للجميع في كل ربوع مصر، وذلك من خلال فعاليات مختلفة تم إعدادها ليوم الفن.

وفي هذا الإطار، تشارك فرقة «فرسان الشرق»، التابعة لدار الأوبرا المصرية، بعرض مسرحي استعراضي بعنوان «رماد من زمن الفتوة»، على مسرح الجمهورية، لمدة 3 أيام، من الثلاثاء 15 أبريل حتى الخميس 17 أبريل، من تصميم وإخراج الفنانة كريمة بدير.

كما تشارك الهيئة العامة لقصور الثقافة، برئاسة اللواء خالد اللبان، في فعاليات اليوم العالمي للفن من خلال برنامج متنوع من الأنشطة والورش الفنية والتعليمية، التي تُقام في مختلف فروع وقصور الثقافة بالمحافظات، وتهدف إلى تمكين المواطنين من أدوات التعبير الفني وتنمية المواهب الشابة.

من جهته قال الناقد الفني المصري أحمد السماحي: «من الطبيعي أن تحشد مصر قواها الناعمة في يوم الفن العالمي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر واحدة من أولى الدول التي عرفت الفن منذ قديم الأزل، واليوم يُطلق عليها (هوليوود الشرق)، فهي من أولى الدول التي عرفت السينما، وازدهرت بها هذه الصناعة وكثير من الفنون الأخرى».

من أحد عروض مهرجان «الفضاءات المسرحية» بأكاديمية الفنون (أكاديمية الفنون المصرية)
من أحد عروض مهرجان «الفضاءات المسرحية» بأكاديمية الفنون (أكاديمية الفنون المصرية)

وتشهد «أكاديمية الفنون» المصرية ختام فعاليات مهرجان «الفضاءات المسرحية المتعددة»، الذي قدَّم مجموعةً متنوعةً من العروض المسرحية عكست التجريب والابتكار من شباب المسرحيين.

وتحت شعار «التواصل وتخطي الحواجز»، يفتتح وزير الثقافة، ترينالي مصر الدولي السادس للطبعة الفنية (الغرافيك)، الذي ينظمه قطاع الفنون التشكيلية بقصر الفنون في ساحة دار الأوبرا المصرية. وتشهد هذه الدورة عودة الترينالي بعد توقف دام لنحو 19 عاماً، بمشاركة أكثر من 200 فنان يمثلون 33 دولة، ويقدمون نحو 350 عملاً فنياً.

وفي السياق نفسه؛ أعلن قطاع الفنون التشكيلية فتح جميع المتاحف الفنية التابعة له مجاناً أمام الجمهور طوال يوم 15 أبريل، في إطار دعم الثقافة البصرية، وتيسير الوصول إلى الفنون.

وأشار السماحي إلى «التنوع الكبير في الفنون المصرية، من الغناء والموسيقى والسينما، وكذلك الرسم والنحت الذي تخلِّده المعابد والنقوش المصرية القديمة». وتابع قائلاً: «الفعاليات التي تقيمها وزارة الثقافة في المواقع المختلفة تعكس، إلى حد كبير، تنوع الفنون المصرية، وقدرة مصر على الحضور عالمياً في مثل هذا اليوم المميز؛ خصوصاً أنها من أولى الدول التي عرفت الفنون واحتفت بها قديماً وحديثاً».

يشار إلى أن منظمة «اليونيسكو» حدَّدت 15 أبريل من كل عام، يوماً للاحتفال باليوم العالمي للفن، وهو التاريخ الذي يوافق ميلاد الفنان العالمي ليوناردو دافنشي، أحد أبرز رموز عصر النهضة، الذي يعد نموذجاً للعبقرية والإبداع في الرسم، والنحت، والعمارة، والعلوم.