أيام قليلة تفصل العالم على انتهاء صلاحية اتفاق صفقة الحبوب الموقَّع بين روسيا وأوكرانيا بوساطة الأمم المتحدة في تركيا، في وقت لا يزال الموقف الروسي فيه غير حاسم بشأن تجديد الاتفاق، وهو ما أثار مخاوف مما سيحدث إذا انسحبت روسيا من الاتفاق الذي ساعد في معالجة أزمة الغذاء العالمية.
وقال «الكرملين» إن التوقعات «ليست كبيرة» لتمديد الاتفاق الذي يسمح بالتصدير الآمن للحبوب من بعض موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، في وقت أشار فيه الدبلوماسي الروسي الكبير ميخائيل أوليانوف على تطبيق «تيليغرام»، اليوم (الجمعة)، إلى أن الغرب لا يزال لديه الوقت لإزالة «العقبات» التي تعوق تنفيذ صفقة الحبوب.
وفي التقرير التالي، طرحت «رويترز» أبرز الأسئلة التي تدور بشأن الاتفاق، وما سيحدث في حال انسحبت روسيا منه.
ما الذي تم تصديره؟
بموجب الاتفاق، فإن أوكرانيا صدرت بموجب الاتفاق، ما يصل إلى 27.7 مليون طن من المنتجات الزراعية، من بينها نحو 13.9 مليون طن من الذرة، و7.5 مليون طن من القمح. هذا يمثل نحو 60 في المائة من صادرات أوكرانيا من الذرة، و56 في المائة من صادرات القمح.
كما تم شحن منتجات زراعية أخرى، من بينها بذور اللفت وزيت دوار الشمس، وطحين دوار الشمس، والشعير. وكانت الوجهات الرئيسية هي الصين (6.3 مليون طن) وإسبانيا (4.8 مليون طن) وتركيا (3 ملايين طن).
لماذا تهدد روسيا بالانسحاب من الاتفاق؟
قالت روسيا إنها لن تمدد الاتفاق ما لم يلغِ الغرب العوائق التي وضعها على تصدير الحبوب والأسمدة، بالإضافة إلى مطالبتها بإعادة ربط «البنك الزراعي الروسي» بنظام «سويفت» العالمي للتحويلات المالية.
كما حددت روسيا بعض المطالب الأخرى، من بينها استئناف توريد الآلات الزراعية، وقطع الغيار، ورفع القيود المفروضة على التأمين وإعادة التأمين، واستئناف عمل خط أنابيب الأمونيا الذي يصل مدينة تولياتي الروسية بأوديسا الأوكرانية، فضلاً عن إلغاء تجميد الأصول وحسابات الشركات الروسية العاملة في مجال تصدير المواد الغذائية والأسمدة.
ولا توجد مؤشرات تُذكر على موافقة الغرب على هذه المطالب.
هل يمكن للاتفاق العمل من دون روسيا؟
كانت الموانئ الأوكرانية مغلقة قبل التوصل إلى الاتفاق في تركيا في يوليو (تموز) من العام الماضي. ومن غير الواضح ما إذا كان بالإمكان شحن الحبوب إذا انسحبت روسيا.
ومن المؤكد أنه في حال انسحاب روسيا، فإن تكلفة التأمين، التي تُعدّ مرتفعة أساساً، ستواصل ارتفاعها، خصوصاً أن هناك كثيراً من المخاطر التي قد تواجه السفن، من بينها وجود السفن الحربية الروسية في البحر الأسود، والألغام البحرية العائمة. كما يمكن أن يتردد أصحاب السفن في إدخال سفنهم إلى منطقة حرب من دون موافقة روسيا.
هل هناك حاجة للاتفاق إذا انخفضت قدرة أوكرانيا على التصدير؟
من المتوقع أن تنخفض صادرات الحبوب الأوكرانية في موسم 2023 - 2024، بعد أن أدت الحرب إلى انخفاض زراعة الذرة والقمح. ومع ذلك، فإن ظروف النمو المواتية قد تحد من مدى التدهور.
وتوقع «مجلس الحبوب الدولي» أن ينخفض إنتاج أوكرانيا من الذرة إلى 21 مليون طن، من 27 مليوناً خلال الموسم الماضي، كما رجح انخفاض الصادرات إلى 15 مليون طن من 20.5 مليون طن.
أما بالنسبة للقمح، فإن توقعات المجلس تشير إلى انخفاض لتصل إلى 20.2 مليون طن من 25.2 مليون طن في موسم 2022 - 2023، في حين ستصل الصادرات إلى 11 مليوناً، في مقابل 14.5 مليون طن في الموسم السابق.
ويُعدّ تصدير هذه الأرقام عبر شرق الاتحاد الأوروبي صعباً، سواء من الناحية اللوجيستية، أو المالية، خصوصاً بالنسبة للمحاصيل المزروعة في المناطق الشرقية من أوكرانيا، التي تواجه رحلة طويلة وصعبة لمجرد الوصول إلى الحدود.
هل يمكن لأوكرانيا التصدير عبر البر؟
كانت أوكرانيا تصدر كميات كبيرة من الحبوب عبر دول شرق الاتحاد الأوروبي، لا سيما المجر وبولندا ورومانيا، منذ بدء ما تصفه روسيا بـ«العملية العسكرية الخاصة».
ومع ذلك، كانت هناك العديد من التحديات اللوجيستية، بما في ذلك اختلاف مقاييس السكك الحديدية بين الدول.
ويبلغ قياس شبكة السكك الحديد الأوكرانية 1520 ملم، في حين تستخدم دول شرق الاتحاد الأوروبي قياساً يبلغ 1435 ملم، مما يعني أنه من المستحيل تشغيل القطارات من شبكة إلى أخرى من دون انقطاع.
وهناك مشكلة أخرى تتمثل في أن تدفق الحبوب الأوكرانية عبر شرق الاتحاد الأوروبي يتسبب بالفعل في اضطرابات بين المزارعين في المنطقة. ويعتبر المزارعون أن الصادرات الأوكرانية قوضت الإمدادات المحلية، وتم شراؤها من قبل المطاحن، مما تركهم دون سوق لمحاصيلهم. وكمثال على ما سبق، منعت بولندا مؤقتاً واردات الحبوب الأوكرانية، الأسبوع الماضي، لتخفيف التأثير على الأسعار، رغم أنها قالت إنه لا يزال يُسمح لها بعبور البلاد. كما قام المزارعون الرومانيون بمنع عمليات التفتيش على الحدود بالجرارات والشاحنات. ويمكن أن تزيد هذه الاضطرابات إذا أرادت كييف تصدير كميات أكبر.
هل نجح الاتفاق في تخفيف أزمة الغذاء؟
لعب انخفاض الشحنات من أوكرانيا قبل الاتفاق دوراً كبيراً في أزمة أسعار الغذاء العالمية التي شهدت مستويات غير مسبوقة، خصوصاً أنه ترافق مع عوامل أخرى، من بينها الظواهر المناخية المتطرفة، وفتح الاقتصادات ما بعد جائحة «كورونا».
وإذا تم إغلاق الممر، فسيؤدي ذلك إلى قفزة في الأسعار العالمية للحبوب، في وقت تواجه العديد من البلدان بالفعل ارتفاعاً حاداً في تكلفة واردات الغذاء والوقود.
قال «برنامج الغذاء العالمي» التابع لـ«الأمم المتحدة»، هذا الشهر، إن انعدام الأمن الغذائي في العالم «لا يزال غير مسبوق».