مصر: اكتشاف مقبرة و4 مقاصير أثرية في سقارة

تعود لعصر «الرعامسة» وتوضح الممارسات الجنائزية للحقبة

مشاهد من مقبرة «بانحسي» المكتشفة (الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار)
مشاهد من مقبرة «بانحسي» المكتشفة (الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة و4 مقاصير أثرية في سقارة

مشاهد من مقبرة «بانحسي» المكتشفة (الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار)
مشاهد من مقبرة «بانحسي» المكتشفة (الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار)

أعلنت البعثة الهولندية - الإيطالية المشتركة (الأربعاء)، عن اكتشاف مقبرة و4 مقاصير أثرية، بمنطقة آثار سقارة تعود لعصر «الرعامسة»، وتوضح الممارسات والطقوس الجنائزية خلال تلك الفترة.
ووفقاً لوزارة السياحة والآثار المصرية فإن المقبرة التي كشفت عنها البعثة الهولندية - الإيطالية المشتركة من متحف ليدن بهولندا والمتحف المصري بتورينو، «تعود إلى شخص غير معروف يدعى (بانحسي)». ما عدّه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري، «مساهمة في إلقاء الضوء على تطور جبانة سقارة في فترة (الرعامسة)، إضافةً إلى كشفه عن أشخاص جدد غير معروفين في المصادر التاريخية».
وقال وزيري، في إفادة رسمية، إن «هذا الكشف يدعم النظريات السابقة التي ترجح أن المساحة الواقعة بين مقابر الأسرة الثامنة عشرة، (مثل مقبرة مايا)، تمت إعادة استخدامها في عصور لاحقة وبناء مقابر ومقاصير بها خلال فترة حكم (الرعامسة)، والتي تلقي نقوشها الضوء على الممارسات الجنائزية للموتى خلال تلك الفترة».
ويطلق اسم «الرعامسة» على كل من حملوا اسم رمسيس، ويعني بالهيروغليفية «رع مس سيس» (ابن الإله رع)، وحكم «الرعامسة» مصر لمدة 225 سنة؛ بدايةً من عهد رمسيس الأول عام 1292 قبل الميلاد حتى نهاية حكم رمسيس الحادي عشر عام 1077 قبل الميلاد.
وحسب مدير منطقة آثار سقارة الدكتور محمد يوسف، فإن «المقبرة المكتشفة تتخذ شكل معبد قائم بذاته، حيث إن لها مدخل بوابة، وساحة فناء داخلية تحتوي على قواعد أعمدة حجرية، وبئر تؤدي إلى غرف الدفن تحت الأرض، وثلاث مقاصير بعضها إلى جوار بعض».
وعُثر داخل المقبرة على لوحة تصوّر صاحب المقبرة «بانحسي» وزوجته «بايا»، والتي كانت تحمل لقب «مغنية آمون»، وفقاً لمدير المتحف المصري في تورينو ورئيس البعثة من الجانب الإيطالي الدكتور كريستيان جريكو، والذي قال، في بيان صحافي، إن «المقبرة تحتوي على منظر جميل لـ(بانحسي) وهو يتعبد للإلهة حتحور، وأسفله منظر يصوره وزوجته معاً أمام مائدة قرابين».
ويرى المؤرخ والباحث في علم المصريات الدكتور بسام الشماع، أن «الكشف الجديد يسلط الضوء على موضوعات أثرية وتاريخية مختلفة تتطلب المزيد من البحث والدراسات». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من بين الموضوعات المهمة التي يثيرها الكشف الأثري البعد الاجتماعي في مصر القديمة، والوظائف التي شغلتها المرأة، حيث إن زوجة (بانحسي) كانت تعمل مغنية في المعبد، أي موظفة لدى الملك، وهو ما يُبرز أيضاً وجود النساء في وظائف رسمية، ومشاركتهن في الطقوس الدينية».
وحسب الشماع فإن «أي كشف أثري يُفترض أن يضيف فصولاً جديدة في التاريخ سواء بالنسبة إلى طبيعة فترة الحكم نفسها، أو أسماء أشخاص غير معروفين تاريخياً، لذلك يحتاج اسم (بانحسي) إلى مزيد من الدراسة، فهو اسم شائع في مصر القديمة ويعني بالهيروغليفية (النوبي)، ويعتقد أن صاحب المقبرة الجديدة كان نائباً للمك في منطقة النوبة»، موضحاً: «توجد بردية في متحف تورينو بإيطاليا عبارة عن رسالة من الملك لشخص يحمل نفس الاسم (بانحسي) لكن الأرجح أنه شخص آخر».
وحول مواصفات «المقاصير» الأربع التي تم اكتشافها، قالت أمينة المجموعة المصرية والنوبية التابعة لمتحف ليدن بهولندا الدكتورة لارا فايس، في البيان الصحافي، إن «البعثة نجحت كذلك في الكشف عن بقايا أربع مقاصير صغيرة 2 منها تحتويان على عدد من النقوش، في حين خلت 2 من النقوش تماماً». وأضافت أن «إحدى المقصورات تخص شخصاً يدعى (يويو)، وعلى الرغم من صغر حجمها فإنها تحتوي على عدد من المناظر والنقوش التي تتميز بدقتها وجودة تفاصيلها، وهي في حالة جيدة من الحفظ».
وأوضحت فايس أن «أحد المناظر يصوّر موكب (يويو) الجنائزي وإحياء موميائه من جديد للعيش في العالم الآخر، بينما يصوّر منظر آخر بقرة الإلهة (حتحور)، ومركب للإله (سوكر) إله الجبانة». ورجحت «إعادة استخدام المقصورة في العصور اللاحقة، نسبةً إلى حجم التدمير الذي لحق بها». وأشارت إلى أن «المقصورة الثانية تخص شخصاً غير معروف حتى الآن، وتحتوي على نقش منحوت نادر جداً لصاحب المقصورة وعائلته».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
TT

معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)

افتتح وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الدكتور شريف فاروق، الأحد، فعاليات معرض «نبيو» للذهب والمجوهرات 2024، بالعاصمة المصرية القاهرة، الذي «يعد أكبر حدث سنوي في صناعة الذهب والمجوهرات بمصر، ويعكس تميز القاهرة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي»، بحسب بيان صحافي للوزارة.

ويستمر معرض «نبيو»، الذي يقام بقاعة المعارض الدولية بالقاهرة، حتى الثلاثاء المقبل، بمشاركة 80 عارضاً محلياً ودولياً، من بينهم 49 علامة تجارية مصرية، و31 عارضاً دولياً، بالإضافة إلى جناحين مخصصين لكل من تركيا وإيطاليا للمرة الأولى، بهدف «تعزيز البعد الدولي».

جانب من افتتاح المعرض (مجلس الوزراء المصري)

وتتضمن فعاليات «نبيو» معرضاً فنياً بعنوان «المجوهرات كانعكاس للهوية المصرية عبر التاريخ - الحقبة الفرعونية». وقال وزير التموين المصري، خلال الافتتاح، إن «المعرض يعكس الإرث الحضاري العريق لمصر في مجال الذهب والمجوهرات، ويمثل فرصة حقيقية لتعزيز الصناعات الوطنية وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالمية».

وقال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير: «الحلي والمجوهرات في مصر القديمة لم تكن مجرد زينة تجميلية، بل هي لغة معقدة مليئة بالرموز تعبر عن المكانة الاجتماعية، الروحانية، والصلات العميقة بالطبيعة والإلهية».

قطعة حلي فرعونية بالمتحف القومي للحضارة المصرية (الشرق الأوسط)

وأضاف عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «المصريون القدماء استطاعوا بفضل مهارتهم الفنية وابتكارهم، صنع مجوهرات تحمل معاني وقيماً تفوق بكثير وظيفتها الجمالية»، مشيراً إلى أنهم «استخدموا الذهب في صناعة الحلي باعتباره رمزاً للخلود والنقاء، كما استخدموا أيضاً الفضة والنحاس وأحياناً البرونز، وزينوا المجوهرات بأحجار كريمة وشبه كريمة مثل اللازورد، والفيروز، والجمشت، والكارنيليان، والعقيق، والزجاج الملون».

ولفت عبد البصير إلى أن «المجوهرات كانت مؤشراً على الثراء والنفوذ، حيث اقتصر استخدام الذهب والأحجار الكريمة على الطبقة الحاكمة والنبلاء، بينما استخدمت الطبقات الأقل المواد البديلة مثل الزجاج».

وأشار إلى أن «هناك مجوهرات صنعت خصيصاً للموتى وكانت توضع بين الأثاث الجنائزي»، ضارباً المثل بالحلي التي اكتشفت في مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون».

وأردف: «كانت المجوهرات جزءاً لا يتجزأ من حياة المصري القديم، حيث تعكس فلسفته وتصوره عن العالم، كما كانت رمزاً لفنون ذلك العصر».

المصريون القدماء أبدوا اهتماماً لافتاً بالحلي (الشرق الأوسط)

ويشير الخبراء إلى أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ، وكانوا يرتدونها للزينة ولأغراض دينية أيضاً، حيث كانت تستخدم مثل تميمة لحماية جسد المتوفى.

ويستضيف معرض «نبيو» أيضاً 166 مشاركاً من 19 دولة لـ«تعزيز التعاون التجاري وزيادة الصادرات»، إضافة إلى مسابقة لتصميم المجوهرات بمشاركة 13 دولة. وقال وزير التموين المصري إن «المعرض يجسد التعاون المثمر بين الدولة والقطاع الخاص، ويعكس رؤية القاهرة لأن تكون مركزاً عالمياً لصناعة الذهب والمجوهرات».