إدارة بايدن تلقي باللوم على ترمب في «الانسحاب الفوضوي» من أفغانستان

غضب جمهوري واسع بالكونغرس واستدعاء جديد لمسؤولي الدفاع والخارجية

جانب من الانسحاب الأميركي الفوضوي من مطار حميد كرزاي في العاصمة كابل أغسطس 2021 (د.ب.أ)
جانب من الانسحاب الأميركي الفوضوي من مطار حميد كرزاي في العاصمة كابل أغسطس 2021 (د.ب.أ)
TT

إدارة بايدن تلقي باللوم على ترمب في «الانسحاب الفوضوي» من أفغانستان

جانب من الانسحاب الأميركي الفوضوي من مطار حميد كرزاي في العاصمة كابل أغسطس 2021 (د.ب.أ)
جانب من الانسحاب الأميركي الفوضوي من مطار حميد كرزاي في العاصمة كابل أغسطس 2021 (د.ب.أ)

ألقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن باللوم في الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021 على سلفه دونالد ترمب، ونفت أي مسؤولية عن سوء تخطيط أو إخفاق في خطط الانسحاب من أفغانستان، ورفضت الاعتراف بارتكاب أي أخطاء؛ مما آثار الكثير من الانتقادات والجدل، وردود فعل غاضبة من المشرعين الجمهوريين الذين طالبوا بالوثائق للتحقيق في أسباب الانسحاب الذي أنهى أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة.
وأعلن الجمهوريون في مجلس النواب عقد جلسة استماع ثانية يوم 19 أبريل (نيسان) الحالي، واستدعاء مسؤولين من وزراتي الدفاع والخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية؛ لمناقشة تقرير إدارة بايدن الذي تم تسليمه للكونغرس.
وقد أصدر مجلس الأمن القومي الخميس ملخصاً من 12 صفحة لتقييم الانسحاب الأميركي الذي شهد أعمال عنف أثناء الإجلاء في المطار الدولي في العاصمة كابول، وعملية انتحارية نفذها تنظيم «داعش»؛ مما أسفر عن مقتل 13 جندياً أميركياً و170 مدنياً.
واعترفت إدارة بايدن في المراجعة والتقييم - الذي استغرق إعداده عامين - بأن الولايات المتحدة كان ينبغي أن تبدأ عمليات الإخلاء في وقت سابق، لكن مسؤولي البيت الأبيض دافعوا عن قرار الانسحاب، وجادلوا بأن إدارة بايدن كانت مقيدة بما اتفقت عليه إدارة ترمب مع حركة «طالبان» بالانسحاب في مايو (أيار) 2021 وتقليص حجم القوات في أفغانستان.
وقدمت إدارة بايدن تقريراً سرياً كاملاً إلى مجلسي الشيوخ والنواب، ألقت فيه باللوم على إدارة ترمب، وأكدت فيه أن إدارة بايدن قامت بكل ما في وسعها بعد تأكيد الحكومة الأفغانية بقدرتها على الدفاع عن البلاد.
وجاء التقرير بعد ضغوط من المشرعين الجمهوريين واستدعاء كلٍ من وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن للشهادة الشهر الماضي حول الانسحاب الأميركي وفحص عملية اتخاذ القرار وكيفية تنفيذه. وقد أثار الجمهوريون تساؤلات حول قيادة إدارة بايدن ونوعية المعلومات الاستخباراتية الأميركية وأسباب إخفاقها، إضافة إلى التساؤلات حول التزام أميركا بحقوق الإنسان وآلاف الأفغان الذين اعتمدت عليهم وأنفقت مليارات الدولارات لتدريبهم.
- دفاع البيت الأبيض
وفي إفادة صحافية مساء الخميس، دافع جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بقوة - لأكثر من ساعة - عن موقف إدارة بايدن، مشدداً على أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب بدءاً من الاتفاق مع حركة «طالبان» لسحب القوات الأميركية بحلول ربيع 2023 والخفض السريع للقوات الأميركية، والفشل في التواصل لمشاركة المعلومات الانتقالية بين فريق ترمب وفريق الرئيس بايدن أثناء الفترة الانتقالية، ترك الرئيس بايدن بخيارات محدودة للغاية.
وقال كيربي، إن قرار بايدن إنهاء الحرب كان القرار الصائب، وفي حين كان الرئيس يريد إنهاء تلك الحرب، فلا يمكن إنكار أن القرارات التي اتخذت وعدم التخطيط الذي قامت به الإدارة السابقة، قلص إلى حد كبير من الخيارات المتاحة لنا، وقد ورث بايدن صفقة أبرمت بين الإدارة السابقة و«طالبان» نصت على الانسحاب الكامل للقوات الأميركية في مايو 2021 وإلا ستعاود «طالبان» الحرب ضد الولايات المتحدة.
وأضاف كيربي، أن بايدن كان أمامه اختيار صعب، إما سحب كل القوات، أو استئناف قتال «طالبان»، واختار الأول، وقاد عملية مدروسة وصارمة لتمديد الانسحاب حتى أغسطس، وأمر بخطط لخفض القوات وخطط لتسليم القواعد والمعدلات إلى الحكومة الأفغانية والاستعداد لأسوأ السيناريوهات.
وأشار كيربي، إلى أن الوكالات الأميركية لم تتوقع استيلاء «طالبان» على السلطة بهذه السرعة، ولم تتوقع فرار الرئيس غني السريع، ولم تتوقع فشل أكثر من 300 ألف من قوات الدفاع الوطني الأفغاني في الدفاع عن بلادهم. وأوضح، أن الدروس المستفادة في أفغانستان ساعدت إدارة بايدن لتخطيط السيناريوهات في أوكرانيا.
وتوالت الانتقادات من كل صوب من الجمهوريين، حيث هاجم الرئيس السابق دونالد ترمب تقييم البيت الأبيض ووصفه بالمضلل، وقال في حسابه على «تروث سوشيال»: «إدارة الرئيس جو بايدن هي المسؤولة الوحيدة عن فشل الانسحاب الأميركي من أفغانستان».
وقال ترمب «هؤلاء المغفلون في البيت الأبيض الذي يدمرون بلدنا بشكل ممنهج بقيادة جو بايدن، لديهم لعبة مضللة جديدة يلعبونها ويلومون ترمب على خضوعهم الجبان في أفغانستان بشكل كارثي»، وشدد ترمب على أن بايدن هو المسؤول الوحيد ولا أحد آخر.
من جانبه، اتهم النائب الجمهوري مايكل ماكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إدارة بايدن بمحاولات تبييض وجهها وإخفاء فشلها في أفغانستان، وكتب عبر «تويتر» قائلاً «هذا التقرير هو تبييض وقح من جانب هذه الإدارة بعد فشلها في أفغانستان، وهو أمر مخزٍ وظالم، وإهانة قاطعة». ووصف ماكول تصريحات كيربي بأنها «مشينة ومهينة»، وقال في بيان، إن الرئيس بايدن اتخذ قرار الانسحاب وحدد التاريخ، وهو المسؤول عن الإخفاقات الهائلة في التخطيط والتنفيذ.
وقد انخرط ماكول مع عدد من الجمهوريين والديمقراطيون في نقاشات حول من يتحمل المسؤولية عن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، وأرسل مذكرة استدعاء إلى وزيري الخارجية والدفاع في مارس (آذار) الماضي.
وقال النائب الجمهوري جيمس كومر في بيان «إن الشعب الأميركي يطالب بإجابات حول الانسحاب الكارثي لإدارة بايدن من أفغانستان، لكن كل ما يحصلون عليه هو أعذار من هذه الإدارة». وأضاف «الرئيس بايدن وإدارته ارتكبوا العديد من الأخطاء الفادحة أثناء الانسحاب؛ مما أدى إلى مقتل 13 جندياً أميركياً، وإدارة بايدن مسؤولة عن ترك الأميركيين عالقين، وعن السماح بوقوع المعدات العسكرية الأميركية في أيدي (طالبان)».
وقال السيناتور ريك سكوت الجمهوري عن ولاية فلوريدا في تغريدة «فقدت الأرواح، وتركت المعدات العسكرية، والمسار الوحيد للمحاسبة تم دفعه في تقرير صدر بعد أكثر من عام، إنه أمر سخيف، لماذا أناضل من أجل تشكيل لجنة للتحقيق». وكان السيناتور سكوت قد قدم مشروع قانون في وقت سابق لإنشاء لجنة مشتركة لإجراء تحقيق كامل من الانسحاب من أفغانستان.
وانتقد مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق في إدارة الرئيس ترمب، محاولة إدارة بايدن التملص من المسؤولية، وإلقائها على إدارة ترمب وكتب في تغريدة عبر «تويتر»: «لقد حدث الانهيار في أفغانستان في ظل إشراف إدارة بايدن؛ لأنه رفض الالتزام لنهجنا القائم على الشروط، وبدلاً من تحمّل المسؤولية يحاول التملص من المسؤولية بتقرير غير نزيه». وقد جعل اتفاق الدوحة الموقّع في فبراير (شباط) 2020 انسحاب القوات الأميركية بحلول الأول من مايو مشروطاً بوفاء «طالبان» بالتزامات معينة، ونص الجدول الزمني للانسحاب على أنه مرتبط ومتزامن مع التزام «طالبان» بمنع استخدام أراضي أفغانستان من قِبل أي جماعة ضد أمن الولايات المتحدة، ودعت الاتفاقية إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل يتم التفاوض بشأنه. ويقول المحللون، إنه ليس من الواضح الإجراء الذي سيتخذه الكونغرس رداً على هذا التقرير، ولا يوجد توقعات لتوبيخ أي مسؤول أو فصله من العمل بناء على هذا التقرير.


مقالات ذات صلة

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

العالم غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

غوتيريش: أفغانستان أكبر مأساة إنسانية في العالم

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، أن الوضع في أفغانستان هو أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم، مؤكداً أن المنظمة الدولية ستبقى في أفغانستان لتقديم المساعدة لملايين الأفغان الذين في أمّس الحاجة إليها رغم القيود التي تفرضها «طالبان» على عمل النساء في المنظمة الدولية، محذراً في الوقت نفسه من أن التمويل ينضب. وكان غوتيريش بدأ أمس يوماً ثانياً من المحادثات مع مبعوثين دوليين حول كيفية التعامل مع سلطات «طالبان» التي حذّرت من استبعادها عن اجتماع قد يأتي بـ«نتائج عكسيّة». ودعا غوتيريش إلى المحادثات التي تستمرّ يومين، في وقت تجري الأمم المتحدة عملية مراجعة لأدائها في أفغانستان م

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم «طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

«طالبان» ترفض الادعاء الروسي بأن أفغانستان تشكل تهديداً أمنياً

رفضت حركة «طالبان»، الأحد، تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي زعم أن جماعات مسلحة في أفغانستان تهدد الأمن الإقليمي. وقال شويغو خلال اجتماع وزراء دفاع منظمة شنغهاي للتعاون يوم الجمعة في نيودلهي: «تشكل الجماعات المسلحة من أفغانستان تهديداً كبيراً لأمن دول آسيا الوسطى». وذكر ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم «طالبان» في بيان أن بعض الهجمات الأخيرة في أفغانستان نفذها مواطنون من دول أخرى في المنطقة». وجاء في البيان: «من المهم أن تفي الحكومات المعنية بمسؤولياتها». ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة، نفذت هجمات صاروخية عدة من الأراضي الأفغانية استهدفت طاجيكستان وأوزبكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

جهود في الكونغرس لتمديد إقامة أفغانيات حاربن مع الجيش الأميركي

قبل أن تتغير بلادها وحياتها بصورة مفاجئة في عام 2021، كانت مهناز أكبري قائدة بارزة في «الوحدة التكتيكية النسائية» بالجيش الوطني الأفغاني، وهي فرقة نسائية رافقت قوات العمليات الخاصة النخبوية الأميركية في أثناء تنفيذها مهام جبلية جريئة، ومطاردة مقاتلي «داعش»، وتحرير الأسرى من سجون «طالبان». نفذت أكبري (37 عاماً) وجنودها تلك المهام رغم مخاطر شخصية هائلة؛ فقد أصيبت امرأة برصاصة في عنقها، وعانت من كسر في الجمجمة. فيما قُتلت أخرى قبل وقت قصير من سقوط كابل.

العالم أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

أفغانيات يتظاهرن ضد اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من عشرين امرأة لفترة وجيزة في كابل، أمس، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وسارت نحو 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، وردّدن «الاعتراف بـ(طالبان) انتهاك لحقوق المرأة!»، و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!».

«الشرق الأوسط» (كابل)
العالم مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

مظاهرة لأفغانيات احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بـ«طالبان»

تظاهرت أكثر من 20 امرأة لفترة وجيزة في كابل، السبت، احتجاجاً على اعتراف دولي محتمل بحكومة «طالبان»، وذلك قبل يومين من اجتماع للأمم المتحدة. وسارت حوالي 25 امرأة أفغانية في أحد شوارع كابل لمدة عشر دقائق، ورددن «الاعتراف بطالبان انتهاك لحقوق المرأة!» و«الأمم المتحدة تنتهك الحقوق الدولية!». وتنظم الأمم المتحدة اجتماعاً دولياً حول أفغانستان يومَي 1 و2 مايو (أيار) في الدوحة من أجل «توضيح التوقّعات» في عدد من الملفات. وأشارت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد، خلال اجتماع في جامعة برينستون 17 أبريل (نيسان)، إلى احتمال إجراء مناقشات واتخاذ «خطوات صغيرة» نحو «اعتراف مبدئي» محتمل بـ«طالبان» عب

«الشرق الأوسط» (كابل)

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
TT

إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد يهودي في ملبورن الأسترالية

الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)
الشرطة الأسترالية ذكرت أن «الحريق المشبوه» وقع في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن (أرشيفية - رويترز)

تحقق الشرطة الأسترالية بشأن «حريق مشبوه» بعدما اندلعت النيران في سيارة وُضعت عليها لافتة للاحتفال بعيد الأنوار اليهودي (حانوكا) في ملبورن، اليوم (الخميس).

وأُحرقت السيارة الخالية التي وُضعت على سقفها لافتة كُتب عليها «عيد حانوكا سعيد» بينما كانت متوقفة عند منزل، بحسب ما أظهرت صور بثّتها شبكة «إيه بي سي».

وذكرت شرطة فيكتوريا، في بيان، أن «الحريق المشبوه» وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس في ضاحية سانت كيلدا إيست التابعة لملبورن.

وتم إخلاء المنزل كإجراء احترازي.

وقالت الشرطة إن «المحققين تعرّفوا على شخص قد يكون قادراً على مساعدتهم في تحقيقهم ويجرون عمليات بحث بشأن مكانه».

وشددت السلطات الأسترالية القوانين والعقوبات المرتبطة بجرائم الكراهية بعد إطلاق النار الذي استهدف حفلاً لمناسبة «حانوكا» على شاطئ بونداي في سيدني، وأسفر عن مقتل 15 شخصاً.

وقال الحاخام إيفي بلوك من كنيس حاباد في سانت كيلدا إنه من الواضح أن حادثة إحراق السيارة تندرج في إطار الاعتداءات المعادية للسامية.

وأفاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «نشكر الله لأن أحداً لم يتعرض إلى الأذى... لكن ما يجري هو تصعيد متواصل مع تكرار هذه الأحداث».

وأضاف: «لا يشعر أفراد جاليتي اليهودية في سانت كيلدا وملبورن بالأمان في منازلهم وبلدهم».


تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد، الأربعاء، بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا، ومن بينها المفوض السابق تييري بروتون.

كانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الثلاثاء، حظر منح تأشيرات دخول لبروتون وأربعة نشطاء، متهمة إياهم بالسعي إلى «إجبار» منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على فرض رقابة على وجهات النظر التي يعارضونها.

وصعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماتها على قواعد الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر غرامة على شركة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، لانتهاكها بنود قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلقة بالشفافية في الإعلانات وطرقها، لضمان التحقق من المستخدمين، ومن أنهم أشخاص حقيقيون.

«محاولة للطعن في سيادتنا»

وجاء في بيان صادر عن المفوضية: «لقد طلبنا توضيحات من السلطات الأميركية وما زلنا على تواصل معها. وإذا لزم الأمر، فسنرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتنا التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».

وأضافت: «تضمن قواعدنا الرقمية بيئة عمل آمنة وعادلة ومتكافئة لجميع الشركات، ويتم تطبيقها بشكل عادل ودون تمييز»، مشددة على أن «حرية التعبير حق أساسي في أوروبا، وقيمة جوهرية مشتركة مع الولايات المتحدة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية إن «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».

بدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن «قرار الولايات المتحدة فرض قيود على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين غير مقبول»، وإن «فرض أميركا قيوداً على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين محاولة للطعن في سيادتنا».

وأضافت أن أوروبا «ستواصل الدفاع عن قيمها والقواعد الرقمية العادلة والحق في تنظيم فضائنا الخاص».

«يرقى إلى مستوى الترهيب»

ونددت دول في الاتحاد الأوروبي بالإجراء الأميركي.

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، أن حظر التأشيرات «يرقى إلى مستوى الترهيب والإكراه ضد السيادة الرقمية الأوروبية».

وقال على «إكس»: «تدين فرنسا قرارات تقييد التأشيرات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد تييري بروتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى»، مؤكداً أن الأوروبيين سيواصلون الدفاع عن «سيادتهم الرقمية» و«استقلالهم التنظيمي».

بدوره، أعلن متحدث ​باسم الحكومة البريطانية، الأربعاء، أن بريطانيا ملتزمة بدعم الحق في حرية التعبير. وقال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «مع أن كل ⁠دولة تمتلك الحق في ‌وضع قواعد التأشيرات ‍الخاصة بها، إلا أننا ‍ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على إبقاء (شبكة) الإنترنت خالية من ​المحتوى الأكثر ضرراً».

وأضاف: «يجب ألا تُستخدم ⁠منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد الاستغلال الجنسي للأطفال أو التحريض على الكراهية والعنف أو نشر معلومات زائفة ومقاطع فيديو لهذا الغرض».

وفي برلين، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن القرار «غير مقبول»، مضيفاً: «يضمن قانون الخدمات الرقمية أن أي نشاط غير قانوني خارج الإنترنت، يكون غير قانوني أيضاً عبر الإنترنت».

«إجراءات غير مقبولة بين الحلفاء»

كما دانت وزارة الخارجية الإسبانية حظر التأشيرات، منددة بـ«إجراءات غير مقبولة بين الشركاء والحلفاء».

وقالت في بيان: «تعرب الحكومة الإسبانية عن تضامنها مع المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون وقادة منظمات المجتمع المدني الذين يكافحون التضليل وخطاب الكراهية»، مشددة على أن ضمان «مساحة رقمية آمنة» أمر «أساسي للديمقراطية في أوروبا».

وشمل الحظر بروتون، المسؤول الأوروبي السابق عن تنظيم قطاع التكنولوجيا، الذي غالباً ما تصادم مع كبار النافذين فيه مثل ماسك بشأن التزاماتهم قواعد الاتحاد الأوروبي.

كما استهدف الإجراء عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة تحارب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والكاذبة، وآنا لينا فون هودنبرغ وجوزفين بالون من منظمة «هايت إيد» (HateAid) الألمانية، وكلير ميلفورد التي تقود مؤشر التضليل العالمي (GDI) ومقره المملكة المتحدة.

«إدارة تحتقر سيادة القانون»

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية على سلفه، لن تمنعه من القيام بعمله.

وكتب على منصة «إكس»: «لقد عمل سلفي تييري بروتون بما يخدم المصلحة العامة الأوروبية، ملتزماً بالتفويض الذي منحه الناخبون عام 2019».

وأضاف: «لن تسكت أي عقوبة سيادة الشعوب الأوروبية. تضامني الكامل معه ومع جميع الأوروبيين المتضررين».

ونددت منظمة «هايت إيد» بالعقوبات. ووصفت في بيان الخطوة الأميركية بأنها «عمل قمعي من قبل إدارة تحتقر سيادة القانون بشكل كبير، وتحاول بكل الوسائل إسكات منتقديها».

ويقود ترمب هجوماً كبيراً على قواعد التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي التي تفرض لوائح على ضوابط مثل الإبلاغ عن المحتوى الإشكالي، وهو ما تعده الولايات المتحدة هجوماً على حرية التعبير.

وقد نددت واشنطن بالغرامة البالغة 140 مليون دولار التي فرضها الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر (كانون الأول) على منصة «إكس» المملوكة لماسك، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي من جانب حكومات أجنبية».


ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
TT

ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)

أقرت ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا، الأربعاء، حزمة واسعة من القواعد الجديدة المتعلقة بحيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب، وذلك عقب واقعة إطلاق النار العشوائي التي حدثت على شاطئ بونداي، وأدت إلى فرض «قيود على حيازة الأسلحة النارية» وحظر عرض «الرموز المتعلقة بالإرهاب» في الأماكن العامة، و«تعزيز صلاحيات الشرطة للحد من الاحتجاجات».

وأقر برلمان ولاية نيو ساوث ويلز مشروع قانون لتعديل تشريع الإرهاب وتشريعات أخرى، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بعد أن وافقت الغرفة العليا في البرلمان عليه، بغالبية 18 صوتاً مقابل 8 أصوات، خلال جلسة طارئة.

كريس مينز رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز (رويترز)

وقال كريس مينز، رئيس وزراء نيو ساوث ويلز، إن بعض السكان في الولاية يرفضون حزمة التعديلات ‌الصارمة، لكنه أكد ‌أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سلامة ‌المواطنين.

يأتي ​ذلك ‌في أعقاب إطلاق النار الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خلال احتفال بعيد «حانوكا» اليهودي، وأدى إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات.

وأضاف مينز للصحافيين: «لقد تغيّرت سيدني وولاية نيو ساوث ويلز إلى الأبد نتيجة ذلك العمل الإرهابي».

وكانت الغرفة الأدنى في البرلمان أقرت مشروع القانون، الثلاثاء، بدعم من «حزب العمال» الحاكم المنتمي إلى تيار يسار الوسط، و«حزب الأحرار» المعارض، فيما عارض «الحزب الوطني» إجراء تعديلات على تشريعات الأسلحة، قائلاً إن «وضع حد لحيازة الأسلحة سيضر بالمزارعين».

وأدى هجوم بونداي المسلح، الأكثر ‌إزهاقاً للأرواح في أستراليا منذ نحو ‍3 عقود، إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين الأسلحة النارية، واتخاذ إجراءات أشد صرامة ضد معاداة السامية.

خبراء الأدلة الجنائية خلال معاينة جثة أحد الضحايا بموقع إطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني (أرشيفية - إ.ب.أ)

وتنص القوانين الجديدة على أن يكون الحد الأقصى لمعظم التراخيص الممنوحة للأفراد هو 4 قطع من الأسلحة النارية، مع السماح بما يصل إلى 10 للمزارعين.

وتعتقد الشرطة أن المسلحَين المشتبه في تنفيذهما الهجوم استلهما أفكارهما من تنظيم «داعش» الإرهابي. وقُتل أحد المنفذَين واسمه ساجد أكرم (50 عاماً) برصاص الشرطة، في حين اتُّهم ابنه نافيد (24 عاماً) بارتكاب 59 جريمة؛ منها القتل والإرهاب.

لكن جماعات ناشطة نددت بالقانون، وأشارت إلى عزمها الطعن فيه دستورياً. وقالت جماعات «فلسطين أكشن» و«يهود ضد الاحتلال» و«بلاك كوكاس»، إنها ستتقدم بطعن قانوني ضد ما وصفتها بأنها «قوانين قمعية مناهضة للاحتجاج» جرى تمريرها على عجل في برلمان الولاية.

وأضافت في بيان: «من الواضح أن حكومة (الولاية) تستغل هجوم بونداي المروع للدفع بأجندة سياسية تقمع المعارضة السياسية وانتقاد إسرائيل، وتحد من الحريات الديمقراطية».

لقطة من فيديو بصفحة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي بمستشفى في سيدني السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمَين خلال هجوم شاطئ بونداي (أ.ف.ب)

وتوعد رئيس الوزراء، أنتوني ألبانيزي، بتشديد الإجراءات ضد خطاب الكراهية، إذ تعتزم الحكومة الاتحادية تقديم تشريعات لتسهيل ملاحقة من يروجون للكراهية والعنف، وإلغاء أو رفض منح التأشيرة لأي شخص متورط في خطاب الكراهية.

ورداً على الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها لا تبذل جهوداً كافية ‌للحد من معاداة السامية، قال ألبانيزي إنه تحدث إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، الثلاثاء، ودعاه إلى إجراء زيارة رسمية لأستراليا في أقرب وقت ممكن.

اعتقال مؤيد

وفي السياق ذاته، قالت شرطة أستراليا الغربية إن رجلاً اعتقل في بيرث عقب تحقيق في كتابته «تعليقات معادية للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي». وبعد ساعات من الهجوم المميت على احتفال يهودي بشاطئ بونداي تردد أن الرجل أبدى دعمه لمطلقَي النار عبر تطبيق «إنستغرام». ونقلت وسائل الإعلام المحلية المنشور الذي يقول: «أدعم مائة في المائة مطلقَي النار في نيو ساوث ويلز. الحق في الدفاع عن النفس ضد اليهود، وكل اليهود المستقبليين». واتُّهم الرجل، الذي يبلغ 39 عاماً، «بارتكاب سلوك يهدف إلى المضايقة العنصرية، وحمل أو حيازة سلاح ممنوع، وتخزين سلاح ناري ومواد ذات صلة في مخزن غير ملائم».

رواد شاطئ بونداي يفرون بعد إطلاق النار (أ.ف.ب)

وصادرت الشرطة كثيراً من الأسلحة المسجلة، وكذلك كمية من الذخيرة عند تنفيذ مذكرة تفتيش بمنزل الرجل، الثلاثاء، في إطار «عملية دالوود» التي أطلقتها شرطة أستراليا الغربية عقب الهجوم الإرهابي بشاطئ بونداي. وقالت نائبة رئيس وزراء أستراليا الغربية، ريتا سافيوتي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن الشرطة عثرت «على أسلحة ممنوعة وأعلام على صلة (بميليشيا) حزب الله و(حماس)». وقالت شبكة «إيه بي سي» الأسترالية إن ممثلي الادعاء قالوا، أمام إحدى محاكم بيرث، إن قائمة تسوق لإعداد قنبلة، و6 بنادق مسجلة، ونحو 4 آلاف طلقة، عثر عليها في مقر سكن الرجل».