استمرار التوتر في الأقصى... ولا رغبة لدى الأطراف في التصعيد

غضب داخل إسرائيل من «تآكل الردع» بمواجهة صواريخ غزة

عناصر الأمن الإسرائيلي في البلدة القديمة مساء الأربعاء حيث منعوا الفلسطينيين من دخول الأقصى (رويترز)
عناصر الأمن الإسرائيلي في البلدة القديمة مساء الأربعاء حيث منعوا الفلسطينيين من دخول الأقصى (رويترز)
TT
20

استمرار التوتر في الأقصى... ولا رغبة لدى الأطراف في التصعيد

عناصر الأمن الإسرائيلي في البلدة القديمة مساء الأربعاء حيث منعوا الفلسطينيين من دخول الأقصى (رويترز)
عناصر الأمن الإسرائيلي في البلدة القديمة مساء الأربعاء حيث منعوا الفلسطينيين من دخول الأقصى (رويترز)

فرض التوتر نفسه لليوم الثاني على التوالي، أمس الخميس، مع اقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى مرة أخرى، اعتدت خلالها على المعتكفين وأخرجتهم بالقوة؛ تمهيداً لاقتحام المستوطنين المسجد، قبل أن تطلق الفصائل الفلسطينية دفعة جديدة من الصواريخ.
وبدأ المستوطنون المتطرفون يومهم الأول لعيد الفصح اليهودي باقتحام واسع للمسجد الأقصى في القدس، بعد ساعات من هربهم إلى الملاجئ في مستوطنات غلاف غزة خشية الصواريخ التي أطلقت. واقتحم المئات منهم الأقصى صباح الخميس بعدما أفرغته القوات الإسرائيلية من المعتكفين ومنعت من تقل أعمارهم عن 40 عاماً من الفلسطينيين من الوصول إليه.
وبعد أن أدى مئات المصلين صلاة الفجر على عتبات الأقصى، بدأ المستوطنون اقتحام المسجد تحت حماية قوات كبيرة من الشرطة والقوات الخاصة التي حولت البلدة القديمة في القدس ثكنة عسكرية، وانتشرت في ساحات الأقصى واعتلت البنايات العالية فيها. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن المستوطنين اقتحموا المسجد على شكل مجموعات ونفّذوا جولات استفزازية في ساحاته، وتلقوا شروحاً عن «الهيكل» المزعوم قبل أن يغادروا.
وجاءت الاقتحامات تلبية لدعوات منظمات «الهيكل» التي طالبت أنصارها بأوسع اقتحام للمسجد، وحرّضتهم على ذبح القرابين هناك إذا استطاعوا خلال عطلة «الفصح» الحالية. وبينما أقام المسلمون صلاتهم خارج المسجد، تدفق المستوطنون إلى داخله؛ مما يعزز المخاوف والاتهامات الفلسطينية لإسرائيل بتقسيم المسجد زمانياً، وهي اتهامات تنفيها إسرائيل. وفي الوقت الذي اتهمت فيه الرئاسة الفلسطينية إسرائيل بتعمد «خلق مناخ للتصعيد وعدم الاستقرار والتوتر»، وصفع الجهود الأميركية التي حاولت خلال الفترة الماضية إيجاد حالة من الهدوء والاستقرار في شهر رمضان، هددت حركة «حماس» بأن صمتها لن يطول عن تمادي الاحتلال في المسجد الأقصى.
وهذا هو ثاني اعتداء واسع تقوم به الشرطة الإسرائيلية ضد المصلين في الأقصى، بعد الهجوم الذي نفّذته فجر الأربعاء وقاد إلى مواجهات في الضفة وإطلاق صواريخ من غزة، وجلب ردود فعل محلية وعربية ودولية رافضة ومنددة بهذه الاقتحامات. وأطلق الفلسطينيون من غزة، أمس، صواريخ عدة، في تحدٍ جديد للحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي تلقت انتقادات حادة متهمة إياها بأنها أضرت بالردع. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن «7 صواريخ (أرض – جو) أطلقت وانفجرت في الهواء؛ 5 منها باتجاه الأراضي الإسرائيلية، واثنان باتجاه البحر في قطاع غزة»، مضيفاً: «لم يجر تفعيل أي صواريخ اعتراضية وفقاً للسياسة المتبعة».
ويرجّح الجيش الإسرائيلي أن الصواريخ استهدفت طائرات تابعة لسلاح الجو في المنطقة. في وقت سابق صباح الخميس، أدى إطلاق الصواريخ إلى انطلاق أنظمة الإنذار في المستوطنات الإسرائيلية «رنين» و«باتيش» و«دوروت» و«حفات سخيميم»، حيث صدرت تعليمات للسكان بالاحتماء في الملاجئ.
ومساء الأربعاء، أُطلق صاروخ آخر من قطاع غزة وسقط في منطقة مأهولة في «أشكول»، وقبل ذلك أطلق نحو 18 صاروخاً من غزة باتجاه المستوطنات القريبة وأصاب أحدها مبنى مصنع في بلدة سديروت. ورداً على ذلك؛ هاجم الجيش الإسرائيلي موقعين لحركة «حماس» يستخدمان لإنتاج وتخزين الأسلحة، يوم الأربعاء، بينما قصف الخميس موقعاً في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، دون أن يبلغ عن إصابات.
لكن هذا الرد عُدّ في إسرائيل بمثابة «تآكل للردع». وبعد يوم من تهديد وزير الدفاع، يؤاف غالانت، في أثناء جولة تفقدية لموقع بطارية «القبة الحديدية» المنصوبة قرب غزة، بأن حكومته ستضرب «كل من يحاول إلحاق الأذى بنا، وسنكبّده ثمناً باهظاً يجعله يندم على أي عمل ضد المواطنين الإسرائيليين وجنود الجيش»، انهالت الانتقادات في إسرائيل ضد سياسة الحكومة.
وكانت الانتقادات الأولى من وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، الذي سخر من رد حكومته على صواريخ غزة، مطالباً بـ«قطف الرؤوس (العودة إلى سياسة الاغتيال)» بدلاً من «قصف الكثبان الرملية»، قبل أن يهاجم مسؤولون آخرون؛ بينهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، سياسة الحكومة، وقادة المعارضة ووسائل إعلام.
وركزت وسائل إعلام إسرائيلية على أن استخدام صواريخ «أرض - جو» من غزة يهدف إلى «عرقلة عمل طائرات سلاح الجو ومحاولة إصابتها، إضافة إلى إرهاب سكان الغلاف، وكيف أن إسرائيل لم ترد؛ في حين أن غزة تختبرها». وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إنه «منذ بداية أحداث الأقصى، أُطلق أكثر من 18 صاروخاً من قطاع غزة نحو مستوطنات الغلاف».
وعدّت قناة «كان» الإسرائيلية أن الردع الإسرائيلي تآكل، وأن سياسة «الاحتواء» التي تتبناها الحكومة الحالية تعني العودة إلى «روتين التنقيط (تنقيط الصواريخ)»، وتساءل مراسل موقع «واللا» الإسرائيلي، عن سبب غياب الرد الإسرائيلي رغم أن أطفال المستوطنات استيقظوا مفزوعين يهرولون للملاجئ. لكن التقديرات في إسرائيل أنهم يحاولون تهدئة الوضع الأمني خلال «عيد الفصح» ولا يريدون لآلاف الإسرائيليين قضاء العطلة في الملاجئ.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد؛ في وقت متأخر الأربعاء، أن حكومته ملتزمة بـ«الحفاظ على الوضع الراهن وتهدئة التوترات» في الحرم القدسي. وقالت مصادر إسرائيلية إن إسرائيل عندما أرسلت إلى «حماس» أن التصعيد سيقابل بتصعيد والهدوء بهدوء، تلقت رسالة مفادها بأن الحركة ليست معنية بالتصعيد، وهذا يفسر استخدام الطرفين نيراناً محدودة حتى الآن كي لا يتحول التوتر إلى تصعيد.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

انتقادات في اليمين للتدخل الإسرائيلي الزائد في سوريا

جنود إسرائيليون في مرتفعات الجولان بالقرب من الحدود مع سوريا (رويترز)
جنود إسرائيليون في مرتفعات الجولان بالقرب من الحدود مع سوريا (رويترز)
TT
20

انتقادات في اليمين للتدخل الإسرائيلي الزائد في سوريا

جنود إسرائيليون في مرتفعات الجولان بالقرب من الحدود مع سوريا (رويترز)
جنود إسرائيليون في مرتفعات الجولان بالقرب من الحدود مع سوريا (رويترز)

ترتفع أصوات في إسرائيل، بما في ذلك التيار اليميني، ضد «التدخل الزائد» في سوريا، وتطالب باحترام رسائل التطمين القادمة من دمشق، ووقف «المغامرات السخيفة واحتلال الأراضي غير الضروري».

وقال البروفسور إيال زيسر، المعروف بأنه أحد الأعمدة العقائدية لليمين، إن «في الأشهر الثلاثة الأخيرة ارتكبت إسرائيل كل خطأ ممكن في سوريا، وصرنا ندفع، بأيدينا، سوريا إلى أذرع تركيا. ومن لا يريد منا أن يرى أحمد الشرع رئيساً فسيتلقى في سوريا رجب طيب إردوغان». وأضاف زيسر: «تتجه اليوم طاقة دولة إسرائيل، ليس كي تضمن تصفية (حماس) في غزة أو كي تهزم (حزب الله)، بل إلى الدفع قدماً بمغامرة في سوريا، وهي مغامرة سخيفة عديمة المنطق السياسي والعسكري، وستلحق الضرر فقط بنا في المستقبل».

وكانت أوساط سياسية في تل أبيب كشفت، يوم الأحد، أن إسرائيل وجّهت رسائل إلى دمشق تحذر فيها من تموضع مسلحي «هيئة تحرير الشام» في الجنوب السوري ومحاولتهم إعادة بناء المواقع العسكرية التي برحها جيش النظام السوري السابق. ووفقاً للمراسل العسكري في الموقع، أمير بوحبوط، فإن الرسائل احتوت على تحذير من بسط النفوذ التركي في سوريا وتلميحات بأن إسرائيل تفضل عودة الروس إلى قواعدهم في حميميم وطرطوس، وأنها مستعدة لإعادة التنسيق مع موسكو في الموضوع. وأكد أن تل أبيب تقيم اتصالات بهذا الشأن مع نائب رئيس أركان الجيش الروسي.

آلية إسرائيلية في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في الجولان المحتل مارس 2025 (أ.ف.ب)
آلية إسرائيلية في المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في الجولان المحتل مارس 2025 (أ.ف.ب)

وذكرت أيضاً مصادر سياسية أن هذا الموقف يعبّر عن اتجاه متنامٍ داخل إسرائيل ضد هذه السياسة. إذ تقول هذه المصادر، وفق صحيفة «يسرايل هيوم» اليمينية: «لقد حرص نظام بشار الأسد على الحفاظ على الهدوء على طول الحدود (مع إسرائيل)، لكنه سمح لإيران بالتموضع في بلاده وساعدها على أن تجعل (حزب الله) تهديداً خطيراً علينا».

وتابع قائلاً: «منذ أن استولى أحمد الشرع على الدولة، لا يمر يوم دون أن يبعث الشرع لنا برسائل تهدئة... كما أن العدو بالنسبة للشرع هو إيران و(حزب الله) اللذان لن يغفر لهما في سوريا دورهما في ذبح مئات آلاف السوريين». وأضاف: «في الوقت نفسه، ليس لإسرائيل أي مصلحة في جعل نفسها عدواً لسوريا الجديدة، طالما كانت هذه لا تبثّ عداء وعدواناً تجاهنا. احتلال أراضٍ في داخل سوريا يتم من دون أي حاجة أمنية لذلك. كما أن الإعلان عن إقامة منطقة مجردة من السلاح إعلانٌ فارغ لا مضمون له وغير عملي».

يذكر أن إسرائيل تعزز احتلالها الجديد، الذي بدأته قبل 3 أشهر في الأراضي السورية، وتقيم استحكامات ثابتة، وتشق وتعبّد طرقات، وتواصل عملياتها العسكرية لقصف مناطق يقترب منها رجال «هيئة تحرير الشام».