الحكومة الأكثر يمينية تعمق تغيّر نظرة الأميركيين لإسرائيل

نتنياهو يخرب اتفاقات إبراهيم وأولويات واشنطن الإقليمية والدولية

الجالية اليهودية خارج القنصلية الإسرائيلية في نيويورك احتجاجا على سياسات نتنياهو مارس الماضي (إ.ف.ب)
الجالية اليهودية خارج القنصلية الإسرائيلية في نيويورك احتجاجا على سياسات نتنياهو مارس الماضي (إ.ف.ب)
TT

الحكومة الأكثر يمينية تعمق تغيّر نظرة الأميركيين لإسرائيل

الجالية اليهودية خارج القنصلية الإسرائيلية في نيويورك احتجاجا على سياسات نتنياهو مارس الماضي (إ.ف.ب)
الجالية اليهودية خارج القنصلية الإسرائيلية في نيويورك احتجاجا على سياسات نتنياهو مارس الماضي (إ.ف.ب)

يربط البعض التصعيد الأخير الذي تشهده أراضي السلطة الفلسطينية والمسجد الأقصى، بمحاولات حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تشتيت الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها. ورغم موافقته على تجميد إقرار قوانين «إصلاح القضاء»، لا يخفى إصراره على العودة إلى تمريرها لاحقاً.
غير أن انتقادات الرئيس الأميركي العلنية والنادرة في «وضوحها» لإسرائيل، أثارت تساؤلات عمّا إذا كانت «مجرد وجهة نظر مختلف عليها»، بين إدارة أميركية ديمقراطية وحكومة يمينية إسرائيلية، أو أنها تعكس قلق المؤسسة السياسية الأميركية مما يجري في إسرائيل.
ومنذ إعلان نتنياهو عن خططه، اشتعلت الصحافة الأميركية ومراكز البحث، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، بمناقشات قلما شهدتها الولايات المتحدة عن علاقتها بإسرائيل. يرى البعض أن إدارة الرئيس جو بايدن تواجه الآن اختباراً آخر في السياسة الخارجية، وليس فقط في السياسة المحلية، سيحدد إرث بايدن سواء قرر الترشح لانتخابات 2024، أو أحجم عن ذلك. ورغم تعثره في أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية من هذا البلد، وما سببه من تأثير على استقرار منطقة الشرق الأوسط، لكنه تمكن من حشد العالم في مواجهة روسيا على حربها في أوكرانيا، وفي تغيير النظرة من الصين، وتصوير الصراع العالمي على أنه بين القوى الديمقراطية والاستبدادية.
- الديمقراطيون والجمهوريون يتغيرون
ومع محاولة الحكومة التي يقودها نتنياهو، التي وصفت بأنها الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل، تغيير النظام القضائي، يخشى الكثير من أن تكون البداية لانزلاق إسرائيل نحو الاستبداد. ورغم أن هذا الرأي يسود لدى «اليسار الأميركي»، الذي يتضاءل دعمه لإسرائيل منذ سنوات، ويضغط الآن على إدارة بايدن لاتخاذ موقف أكثر تشدداً، لكنه ليس بعيداً من اعتراضات جمهورية تصب في الإطار نفسه.
في استطلاع للرأي أجراه معهد «غالوب»، أخيراً، أظهر أن دعم الأميركيين لإسرائيل الذي كان يعد أمراً مفروغاً منه، لم يعد كذلك. ورغم أن الجمهوريين أكثر تأييداً لإسرائيل فقد وجد الاستطلاع تزايداً في عدد الجمهوريين الذين ينتقدونها، وازدياد انقسام موقف الديمقراطيين في تعاطفهم بين إسرائيل والفلسطينيين. وعبر 49 في المائة عن تعاطفهم مع الفلسطينيين مقابل 38 في المائة مع إسرائيل، بارتفاع 11 في المائة عن العام الماضي.
وكان استطلاع آخر لمؤسسة «بيو» عام 2022، وجد أن معظم الأميركيين دون سن الـ30، لديهم وجهة نظر غير مواتية لإسرائيل، وأنه حتى اليهود الأميركيون ليسوا موالين لإسرائيل كما كانوا في السابق. ووجد استطلاع آخر عام 2021، أن نحو ربع اليهود الأميركيين (و38 في المائة من أولئك الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً) يعتبرون إسرائيل دولة فصل عنصري.
ولا يخفى أن الفتور الأميركي تجاه إسرائيل قد تزايد، ليس فقط بين التقدميين، بل الليبراليين الديمقراطيين، بسبب علاقة نتنياهو الوثيقة بترمب، والآن بسبب خلافه المتزايد مع بايدن. وأعرب الديمقراطي مايكل بلومبيرغ، رئيس بلدية نيويورك السابق، وهو من بين المؤيدين البارزين لإسرائيل، عن قلقه بشأن مشروع قانون القضاء، وكذلك فعل قادة المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى. لكن الجمهوريين عبروا عن قلقهم، وعارض ديفيد فريدمان، سفير ترمب السابق في إسرائيل، الإصلاح القضائي، واصفاً إياه بأنه «مسيء لفكرتي حول كيفية عمل المحاكم». وكذلك فعلت الناشطة الخيرية اليمينية البارزة ميريام أديلسون، التي كان زوجها الراحل الملياردير شيلدون أديلسون، قطب الكازينوهات، مانحاً رئيسياً لكل من ترمب ونتنياهو.
- إسرائيل شأن داخلي أميركي
وفيما وصف نتنياهو موقف بايدن بأنه «تدخل في شأن سيادي لإسرائيل»، يرى مراقبون أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لأي إدارة أميركية، فإسرائيل شأن داخلي أميركي مثلما هي من ثوابت السياسة الخارجية في المنطقة. بيد أن الخلاف معها راهناً يبدو أنه مسّ خطط وأولويات وسياسات واشنطن في المنطقة، بما فيها مواصلة تطبيق اتفاقات إبراهيم وتوسيعها، وخفض التوتر مع الفلسطينيين، والملف الإيراني، والتفرغ لحرب أوكرانيا ومواجهة نفوذ الصين. ويعتقد على نطاق واسع أن التوتر الذي تشهده الأراضي الفلسطينية، منذ تصريحات الوزير سموتريتش عن «محو» بلدة حوارة، وقبلها تخريب اجتماعات شرم الشيخ، قد يكون حاجة ماسة لحكومة نتنياهو لتخفيف الضغوطات عليها.
يقول جوناثان شانزر، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إنه لا يمكن إنكار أن الولايات المتحدة تدخل نفسها في الشؤون الداخلية لإسرائيل. هذا ليس انحرافاً كبيراً عن القاعدة، لكن اليمين الإسرائيلي، على وجه الخصوص، سينظر إليه على أنه عدم احترام للعمليات الداخلية الإسرائيلية، ويبدو أن اليسار الإسرائيلي يرحب بهذا التدخل، على الأقل في الوقت الحالي. ويضيف شانزر لـ«الشرق الأوسط» أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لها عمق كبير يشمل مجموعة واسعة من القضايا. وهي مصممة لتكون قادرة على تحمل الاضطرابات السياسية. والبلدان متحالفان بشكل جيد للغاية في الموقف من الصين وأوكرانيا في الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن صفقة «الأقل مقابل الأقل» التي اقترحها البيت الأبيض لإبطاء تقدم إيران النووي، يمكن أن تصبح مشكلة. فمثل هذه الصفقة ستواجه اعتراض مجموعة واسعة من المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، وأتوقع توترات نتيجة لذلك.
في المقابل، يقول نمرود غوران، كبير الباحثين في الشؤون الإسرائيلية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن التوتر الحالي بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو «أعمق من مجرد خلاف على وجهات النظر»، فهو يتطرق إلى مفهوم القيم الديمقراطية المشتركة التي كانت تاريخياً أساسية للعلاقات الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة. واشنطن تنقل في رسائلها إلى القيادة والجمهور الإسرائيليين، أن الحفاظ على الديمقراطية ضرورة، ومن دونها لن تستمر العلاقات كالمعتاد. و«عدم الترحيب بنتنياهو في البيت الأبيض، يعني أنه يفعل شيئاً خاطئاً بشكل أساسي».
يضيف غوران لـ«الشرق الأوسط»، أن نهج الولايات المتحدة شرعي تماماً، وهناك كثيرون داخل المعسكر الإسرائيلي المؤيد للديمقراطية يرغبون في رؤية الولايات المتحدة تفعل المزيد. وأن السياسات الحالية لحكومة نتنياهو، تعرّض المصالح الأميركية في المنطقة للخطر، بالتسبب في عدم الاستقرار بين إسرائيل وجيرانها والتصعيد مع الفلسطينيين. مختتماً رأيه بالقول «سيكون من المفاجئ ألا تجعل الولايات المتحدة صوتها مسموعاً وتهتم بقضية ترى أنها تشتت انتباهاً غير ضروري عن الموضوعات الأخرى المدرجة على جدول أعمالها».
- الخشية من قراءة إيرانية خاطئة
ليس خافياً أن إدارة بايدن لا تتفق مع نتنياهو في تفعيل الخيار العسكري لمواجهة برنامج إيران النووي. لكن مارتن أنديك، السفير الأميركي السابق في إسرائيل، يرى أنه إذا أساءت إيران قراءة تقدير الموقف في إسرائيل وعمدت إلى زيادة تخصيب اليورانيوم، فهناك خطر متزايد لضربة عسكرية إسرائيلية؛ لأن نتنياهو سيرغب في إثبات أن قدرة إسرائيل لم تضعف بسبب خلافاتها الداخلية.
وبحسب دوغلاس شوين، المستشار السياسي السابق للرئيس بيل كلينتون ولحملة مايكل بلومبيرغ الرئاسية عام 2020، يدرك بايدن، الذي تربطه علاقة دامت أربعة عقود مع نتنياهو، الثقل الهائل الذي تحمله كلمات الرئيس الأميركي فيما يتعلق بإسرائيل. ويضيف أنه خلال هذا الوقت المضطرب في إسرائيل، من الأهمية بمكان أن يعطي بايدن الأولوية للسياسة الواقعية. يجب ألا يخضع للضغوط السياسية التي يواجهها من داخل حزبه للتنديد بإسرائيل بقوة، أو ما هو أسوأ، لتقليص الدعم الأميركي بشكل دائم، بسبب حكومة غير دائمة، والذي يمكن أن يكون له تأثير متتالٍ في جميع أنحاء أوروبا.
وحفلت الأشهر الماضية بزيارات أميركية مكوكية إلى إسرائيل، بهدف ترتيب العلاقة والاتفاق على أولويات الحليفين، وفهم خطط الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وتوضيح الخطوط الأميركية الحمر في الملفات المختلفة، بما فيها ملف إيران النووي، وعدم تأجيج التوترات مع الفلسطينيين. لكن من نافلة القول أن حكومة نتنياهو أصبحت عائقاً، بل عبئاً على سياسات واشنطن في المنطقة، ورهاناتها على التخفف منها، عبر تحميل دولها مسؤوليات أكبر في التعامل مع التهديدات التي تواجهها، لناحية التعاون الأمني، سواء ضد الإرهاب أو السياسات المزعزعة لبعض دولها.
يقول نبيل عمرو، القيادي في حركة فتح، إن العلاقات الأميركية الإسرائيلية، هي على مستويين: مستوى الدولة العميقة، ومستوى العلاقات بين الحكومات. منذ اتفاقات أوسلو، باتت واشنطن تفضل التعامل مع حكومات إسرائيلية معتدلة. لكن ورغم ذلك لم يؤد الخلاف بين الرئيس السابق باراك أوباما ونتنياهو إلى انهيار هذه العلاقة، رغم استغلال الأخير علاقاته مع الكونغرس ومجموعة «إيباك»؛ لأنه لم يمس بالثوابت. ويضيف عمرو في حوار مع «الشرق الأوسط»: المشكلة اليوم أن واشنطن رأت أن هناك مساساً بثوابتها، والجيش الإسرائيلي، الذي هو «جيش أميركي ينطق بالعبرية»، على رأسها. ويكشف عمرو أن المسؤولين الأميركيين الذين تواصل مع عدد منهم خلال زياراتهم المكثفة أخيراً إلى إسرائيل لمعالجة الوضع، على قناعة بمسؤولية نتنياهو، الذي يرضخ لرغبات الوزيرين اليمينيين، بن غفير وسموتريتش، عن تخريب الوضع في إسرائيل ومع الفلسطينيين، رغم أن البعض كان يخشى ويهدد من «انتفاضة رمضانية» فلسطينية. ويضيف عمرو: حكومة نتنياهو تخرب اتفاقات إبراهيم، التي وعلى الرغم مما حققته من تطبيع مع دول عربية، لكنها لم تؤد إلى تغيير موقف تلك الدول من ثوابت القضية الفلسطينية، وهو عملياً لا يتعارض مع موقف إدارة بايدن، التي لا تزال تشدد على حل الدولتين.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
TT

«هيكتور السري»... زعيم إمبراطورية النفط الإيراني

صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني
صورة تتداولها وكالات إيرانية لحسين شمخاني

كشفت مقابلات أجرتها «بلومبرغ» عن هوية «الزعيم العالمي لتجارة النفط الإيراني»، الذي يلقَّب بـ«التاجر السري... هيكتور».

وقال تقرير للموقع، إن «حسين، وهو نجل علي شمخاني، المستشار البارز لدى المرشد علي خامنئي»، تحوّل إلى «إمبراطور يدير كميات كبيرة من صادرات النفط الخام الإيرانية والروسية العالمية، وفقاً لأشخاص لديهم معرفة مباشرة بعملياته.

وحسب التقرير، فإن «قلة قليلة حول العالم على صلة بتجارة النفط يعرفون أن هذا الرجل هو نجل شمخاني، بل إنهم يعرفون أن اسمه هيكتور».

ووفقاً لأشخاص لديهم معرفة مباشرة بعملياته، فإن «الشركات في شبكته تبيع أيضاً النفط والبتروكيماويات من دول غير خاضعة للعقوبات، وأحياناً تخلط الخام من دول مختلفة حتى يصعب على المشترين تحديد بلد المنشأ».

صعود حسين شمخاني

وقال التقرير إن قصة صعود حسين شمخاني تمثِّل لمحة عن «اقتصاد الظل المترامي الأطراف لأساطيل النفط المظلمة التي نشأت منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، كما يُظهر تعاوناً متزايداً بين طهران وموسكو، مع قيام القوى العالمية بتشديد العقوبات ضد كل من الحكومتين».

ورغم العقوبات، فإن إيران تحصل على ربح سنوي غير متوقَّع يبلغ حوالي 35 مليار دولار من صادراتها النفطية، وهي أموال تفسِّر كيف يحصل وكلاء طهران على الدعم في لحظة متوترة بالشرق الأوسط، ويبدو أن نجل شمخاني كان الرجل المكلَّف بهذه المهمة.

ووفق تقرير «بلومبرغ»، فإن الولايات المتحدة فرضت بالفعل عقوبات على سفن يُعتقَد بأنها خاضعة لسيطرة شمخاني، وفقاً لأشخاص مطّلِعين على الأمر.

ويخضع شمخاني وأجزاء من شبكته التجارية التي تقوم ببعض الأعمال داخل نظام الدولار، للتحقيق بشأن انتهاكات محتملة للعقوبات من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الخزانة، وفقاً لوثائق ومصادر.

صورة وزّعها الأمن البحري الإندونيسي لناقلة إيرانية تقوم بنقل النفط إلى سفينة ترفع علم الكاميرون في يوليو الماضي (رويترز)

شمخاني ينكر كل شيء

مع ذلك، نقلت «بلومبرغ» عن حسين شمخاني، إنه «لم يؤسّس أو يمتلك أو يلعب أي دور في إدارة وامتلاك أي شركة نفط، أو السيطرة على شبكة تجارية، أو التورط في صفقات السلع الأساسية مع إيران أو روسيا»، لكنه أكّد أنه «يعمل في دول لا تخضع للعقوبات».

لكن التقرير ذهب إلى أن نفوذ شمخاني واسع للغاية، لدرجة أن المنتجات التي توفرها كيانات في شبكته وصلت أيضاً إلى شركات عالمية كبرى، مثل شركة «سينوبك» الصينية، وشركة «شيفرون» الأميركية، وشركة «بي بي» البريطانية، وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر.

وقال أشخاص مطّلعون على «إمبراطورية شمخاني» إنه يشرف فعلياً على شبكة من الشركات، وأضاف هؤلاء: «ملكية الأعمال ومعلومات المساهمين والسيطرة من السهل حجبها؛ إذ تم تسجيل مسؤولين تنفيذيين آخرين ملاكاً ومديرين».

والنفط أحد أكثر القطاعات ربحيةً في إيران، لكن القيود الدولية على مبيعات الخام فرضت ضغوطاً حادة على الاقتصاد الإيراني لسنوات.

ومع ذلك، تساعد إيران في تمويل «حزب الله» اللبناني الذي يتبادل إطلاق الصواريخ مع إسرائيل، وكذلك المسلحين الحوثيين الذين كانوا يهاجمون السفن الغربية في البحر الأحمر، كما تدعم حركة «حماس» الفلسطينية في حربها مع إسرائيل بغزة منذ 11 شهراً.

روحاني وشمخاني على هامش مناسبة رسمية (تسنيم - أرشيفية)

طالب في موسكو وبيروت

على مدى العقود الثلاثة الماضية خدم والد حسين شمخاني قائداً بحرياً في «الحرس الثوري» الإيراني، ووزيرَ دفاع، ثم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي؛ أعلى هيئة أمنية في البلاد.

ويبلغ شمخاني الأصغر سناً من العمر 40 عاماً، وقد وُلد في طهران، وفقاً لأشخاص عملوا معه، والتحق بالجامعة في موسكو وبيروت، قبل أن يعود إلى العاصمة الإيرانية للحصول على ماجستير إدارة الأعمال، وتكتسب علاقات شمخاني الروسية قيمة خاصة، في وقت تعمل فيه طهران وموسكو -اللتان تخضعان للعقوبات الغربية- على تعزيز تعاونهما العسكري والاقتصادي.

لكن شمخاني قال، وفقاً لتقرير «بلومبرغ»، إن والده لم يكن على علاقة بأنشطته التجارية، مثلما لا يرتبط هو بأنشطته السياسية».

وخلال ظهور تلفزيوني قصير عام 2008، قال شمخاني الأكبر إنه نصح ابنه بالدخول في القطاع الخاص بدلاً من اتباع خطواته بمنصب حكومي.