يسلّم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نفسه للقضاء، اليوم (الثلاثاء)، في قضية هزّت الرأي العام الأميركي، وبثّت الروح في حياة حملة ترمب الانتخابية.
وفيما يتوجه الرئيس السابق إلى مقر محاكم مانهاتن الجنائية في مدينة نيويورك، قادماً من برجه في المدينة نفسها حيث أمضى الليلة بعد وصوله من مقر إقامته في مارلاغو في فلوريدا، ظهر التأهب الأمني واضحاً حول برج ترمب ومبنى المحكمة تحسباً لأي مظاهرات محتملة. كما عززت شرطة الكابيتول من التدابير الأمنية حول المبنى رغم غياب المشرعين عنه في عطلة الربيع.
وسيقف ترمب داخل قاعة المحكمة التي على غير العادة خلت قاعتها من أي قضايا أخرى، بمواجهة القاضي المشرف على قضيته، خوان ميرشان، الذي سيقرأ التهم الموجهة للرئيس السابق، التي أفادت تسريبات أنها تتراوح ما بين الجنح والمخالفات المتعلقة بتزوير ملفات شركته لإخفاء تسديد مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز مقابل سكوتها عن علاقة جمعتها بالرئيس السابق.
ولم يسلم القاضي ميرشان من انتقادات ترمب، الذي قال إن القاضي «يكرهه» لأنه عامله بـ«خبث» خلال إحدى قضايا التهرب من الضرائب التي واجهتها مؤسسته. وقال ترمب، على منصته «تروث سوشيال» قبل التوجه إلى نيويورك: «إن المدعي العام الفاسد ليست لديه قضية. ما لديه هو مكان يستحيل فيه أن أتمتع بمحاكمة عادلة، بإشراف قاضٍ يكره ترمب!».
وسرعان ما حاول محامي الرئيس السابق جو تاكوبينا استدراك الأمر، نافياً أن يكون القاضي منحازاً. وتحدث تاكوبينا في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» عن إجراءات المحاكمة، فقال إنه سيسعى لإسقاط كل التهم، معتبراً أن توجيه التهم لترمب هو إشارة إلى أن «حكم القانون في الولايات المتحدة مات». وتابع المحامي: «سواء أكنت يمينياً أم يسارياً، داعماً لترمب أم معارضاً له، يجب أن يزعجك ما حصل. نظامنا القضائي لا يجب أن يتم استعماله لملاحقة خصومنا السياسيين».
وسعى تاكوبينا في معرض مقابلاته التي أجراها مع الشبكات الأميركية، يوم الأحد، إلى تكرار نقطة واحدة: «هذه القضية الجنائية هي ملاحقة سياسية واستغلال للسلطة»، فقال: «نحن نعتقد أن ما يجري هو ملاحقة سياسية، وأعتقد أن الحزبين يرون الأمر بهذه الطريقة. إنه استغلال صارخ للسلطة».
موقف مشابه إلى حد ما لموقف السيناتور الديمقراطي المعتدل جو مانشين، الذي قال: «لا أحد في أميركا، مهما كان منصبه، هو فوق القانون. لكن من جهة أخرى، لا أحد يجب أن يتم استهدافه من قبل القانون. لنحرص على توضيح ذلك، ولنرَ إلى أين تتجه الأمور».
ويعتبر الديمقراطيون أن هذه القضية أعادت الحياة إلى حملة ترمب الانتخابية التي تمكنت من جمع 5 ملايين دولار في غضون يومين فقط، منذ الإعلان عن توجيه التهم للرئيس السابق.
استطلاعات الرأي
وفيما يستعد ترمب لتوجيه خطاب لمناصريه مساء الثلاثاء في فلوريدا، بدا من الواضح أن هذه القضية دفعت بالحزب الجمهوري إلى الالتفاف حول ترمب، ما أدى إلى أفول نجم منافسه الأبرز حاكم ولاية فلوريدا رون ديسنتس.
فأظهر استطلاع للرأي لـ«ياهو» بالتعاون مع «يو غوف»، هو الأول منذ توجيه التهم لترمب، أن الدعم له في صفوف الجمهوريين وصل إلى 57 في المائة مقابل 31 في المائة لديسنتس، وذلك في تقدم وصل إلى 10 نقاط منذ استطلاع للرأي نشر منذ أسبوعين.
وكان الاستطلاع نفسه أظهر في شهر فبراير (شباط) الماضي أن دينستس متقدم على ترمب بنسبة 45 في المائة، مقابل 41 في المائة لترمب.
وبحسب الأرقام، فإن في المائة من الجمهوريين يفضلون الآن أن يكون ترمب مرشح الحزب الرسمي في الانتخابات الرئاسية، لكن هذا لم يؤثر بعد على آراء الناخبين في الانتخابات العامة، حيث لا يزال بايدن متقدماً بنقطتين على ترمب.
واللافت للانتباه أن توجيه التهم لترمب لم يؤثر سلباً على شعبيته، على العكس، فقد وصلت إلى 45 في المائة في الاستطلاع المذكور. لكن هذه الأرقام تختلف في حال الإدانة. إذ اعتبر 52 في المائة من الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع أن ترمب لا يجب أن يخدم لولاية ثانية في حال إدانته، مقابل 31 في المائة فقط يدعمون وجوده في البيت الأبيض في حال الإدانة. هذا، ولا يزال الرئيس السابق يواجه مجموعة أخرى من القضايا التي قد يتم توجيه التهم فيها إليه. أبرزها قضية الغش في انتخابات ولاية جورجيا وقضية اقتحام الكابيتول، إضافة إلى قضية الوثائق السرية في مقر إقامته في مارلاغو، حيث أفادت صحيفة «واشنطن بوست» أن وزارة العدل حصلت على أدلة تثبت أن ترمب عرقل التحقيق في هذه القضية.