بنوك مصرية تطرح شهادات استثمارية جديدة لمواجهة التضخم

وسط ترقب لاحتمالية تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار

البنك المركزي المصري (أرشيفية)
البنك المركزي المصري (أرشيفية)
TT

بنوك مصرية تطرح شهادات استثمارية جديدة لمواجهة التضخم

البنك المركزي المصري (أرشيفية)
البنك المركزي المصري (أرشيفية)

أعلن مصرفان مصريان مملوكان للدولة، عن إصدار شهادتي ادخار لمدة 3 سنوات، بهدف خفض السيولة النقدية بالأسواق في مسعى متكرر لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وذلك بعد يومين من قرار للبنك المركزي المصري بزيادة سعر الفائدة الرئيسية 2 في المائة.
وتوفر إحدى الشهادات الجديدة التي طرحها «البنك الأهلي المصري»، و«بنك مصر» سعر فائدة قيمته 19 في المائة؜ سنوياً، بينما توفر الشهادة الثانية فائدة متناقصة لمدة 3 سنوات، بسعر فائدة سنوي 22 في المائة؜ لأول سنة، و18 في المائة؜ في السنة الثانية، و16في المائة؜ في السنة الثالثة، ويصرف عائد الشهادتين شهرياً.
وكان «المركزي المصري» قد أعلن عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية (الخميس) أن التطورات الأخيرة للتضخم «أظهرت ارتفاعاً واسع النطاق في بنود الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين (التضخم)، وهو ما يتطلب المزيد من التقييد النقدي، ليس فقط لاحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب، ولكن أيضاً لتجنب الآثار الثانوية التي قد تنتج عن صدمات العرض، وذلك للسيطرة على التوقعات التضخمية للأسعار».
وكشف البنك المركزي الشهر الماضي، أن المعدل السنوي للتضخم الأساسي سجل 40.3 في المائة في فبراير (شباط) من هذا العام مقابل 31.2 في يناير (كانون الثاني).
وتشهد مصر موجة تضخم متواصلة مع زيادة أسعار واردات الطاقة والغذاء، وانخفاض متتابع لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي، حيث تراجعت العملة المحلية المصرية من مستوى 15.74 جنيه مقابل الدولار الواحد في مارس (آذار) 2022، إلى مستوى 30.80 جنيه للدولار حتى مساء الأحد. وخلال عام 2022 رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس، كما رفع نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي 4 نقاط مئوية إلى 18 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويقول الدكتور إسلام جمال الدين شوقي الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إن «إصدار الشهادات الجديدة يأتي بعد شهرين تقريباً من انتهاء (البنك الأهلي المصري) و(بنك مصر) من طرح شهادات ادخار بفائدة 25 في المائة لمدة عام، كما يأتي بالتزامن مع انتهاء شهادات سبق طرحها العام الماضي بنسبة 18 في المائة من خلال البنكين نفسيهما»، لافتاً إلى أن «الشهادات الجديدة التي تم طرحها مدتها 3 سنوات، في حين كانت مدة الشهادات السابقة سنة واحدة، وهو ما يوفر فرصة استثمار مالي أطول لبعض عملاء البنوك، بينما سيلجأ من لا يريدون الاستثمار لأكثر من سنة إلى شراء الذهب أو العقارات... وغيرها من الأدوات التي توفر تدويراً سريعاً لرأس المال».
ويضيف شوقي لـ«الشرق الأوسط» أن العائد الذي تقدمه الشهادات الجديدة «يعد جاذباً للاستثمار في حال تراجعت معدلات التضخم في الفترة المقبلة»، إلا أنه يستدرك قائلاً إن «ارتفاع معدلات التضخم من المتوقع أن يستمر خلال الأشهر المقبلة، لارتفاع الطلب على المواد الغذائية بسبب شهر رمضان، وارتفاع أسعار الملابس بسبب موسم عيد الفطر، وزيادة أسعار والمحروقات»، مؤكداً أن شهادات الادخار في الوقت الحالي «لن تعوض معدلات التضخم الحالية المرتفعة، وبالتالي ربما لا تعوض تطلعات عملاء البنوك للاستثمار».
ويتابع الخبير الاقتصادي أنه «ينبغي للبنوك المصرية أن تراعي في هذه الفترة احتياجات عملائها، خصوصاً في ظل وجود عدد لا بأس به يفضلون شراء شهادات استثمار لمدة سنة فقط»، مشيراً إلى «ضرورة التفكير في طرح شهادة بمعدل مرتفع لمدة سنة لامتصاص تلك السيولة، حتى لا تخرج مدخرات العملاء الذين اشتروا شهادات بفائدة 18 في المائة، والتي تقدر بقيمة 750 مليار جنيه إلى السوق، وحتى لا تزداد الضغوط التضخمية».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.