السعودية وروسيا ودول عربية تعلن خفضاً طوعياً لإنتاج النفط

يتجاوز 1.5 مليون برميل يومياً... وأميركا أولويتها الأسعار للمستهلكين

صهاريج نفط وسفن شحن بميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية بالسعودية على الخليج العربي (أرامكو السعودية)
صهاريج نفط وسفن شحن بميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية بالسعودية على الخليج العربي (أرامكو السعودية)
TT

السعودية وروسيا ودول عربية تعلن خفضاً طوعياً لإنتاج النفط

صهاريج نفط وسفن شحن بميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية بالسعودية على الخليج العربي (أرامكو السعودية)
صهاريج نفط وسفن شحن بميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية بالسعودية على الخليج العربي (أرامكو السعودية)

أعلنت السعودية ودول عربية وروسيا تخفيضات طوعية في إنتاج النفط، اليوم (الأحد)، بأكثر من مليون ونصف المليون برميل يومياً، وسط زيادة الضبابية بشأن وضع الاقتصاد العالمي الذي يعاني أزمات مصرفية ومالية جمة.
وعشية اجتماع لجنة «أوبك بلس» الوزارية المزمع غداً (الاثنين)، قالت السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إنها ستخفض الإنتاج 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من مايو (أيار) حتى نهاية 2023، أي ما يقارب 5% من إنتاجها.
وجاء في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) نقلاً عن مصدر في وزارة الطاقة السعودية قوله إن المملكة ستنفذ التخفيض «بالتنسيق مع عدد من الدول المشاركة في إعلان التعاون من أعضاء منظمة أوبك ومن خارجها». وأكد المصدر أن «هذه الخطوة هي إجراء احترازي يهدف إلى دعم استقرار أسواق البترول». 
وأوضح أن هذا التخفيض الطوعي للإنتاج يُضاف إلى تخفيض اتُّفق عليه في الاجتماع الوزاري الثالث والثلاثين للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المنتجة من خارجها «أوبك بلس» الذي عُقد في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2022. 

تخفيض روسي مماثل

وفي موسكو، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أيضاً إن موسكو ستمدد خفضاً طوعياً قدره 500 ألف برميل يومياً حتى نهاية 2023. وأضاف في بيان: «بصفته مشاركاً مسؤولاً في السوق وكإجراء احترازي للتحوط ضد المزيد من تقلبات السوق، سينفذ الاتحاد الروسي خفضاً طوعياً قدره 500 ألف برميل يومياً حتى نهاية عام 2023 من متوسط مستوى الإنتاج وفقاً لتقييمات مصادر ثانوية لشهر فبراير (شباط)». 
وأضاف نوفاك أن «سوق النفط تعيش فترة من التقلب الشديد ولا يمكن التنبؤ بها بسبب استمرار الأزمة المصرفية في الولايات المتحدة وأوروبا، وحالة عدم اليقين الاقتصادي والقرارات غير المتوقعة وقصيرة النظر في سياسة الطاقة».
من جانبه قال سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي، إن بلاده ستخفض بشكل طوعي إضافي إنتاجها من النفط بمقدار 144 ألف برميل يومياً، وذلك اعتباراً من مايو المقبل حتى نهاية العام، بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في اتفاق «أوبك بلس». وأكد المزروعي أن هذا الخفض الطوعي هو «إجراء احترازي يتم لتحقيق التوازن في سوق النفط». 
وعلى الفور، قالت الكويت والعراق وعمان والجزائر إنها ستخفض طواعية الإنتاج خلال الفترة الزمنية نفسها. وأعلنت الكويت خفضاً قدره 128 ألف برميل يومياً. 
وأعلن العراق أنه سيخفض الإنتاج 211 ألف برميل يومياً. وقالت وزارة النفط: «قررنا خفض الإنتاج الطوعي بمعدل 211 ألف برميل يومياً بداية من الشهر المقبل حتى نهاية عام 2023». وبينت أن ذلك «بهدف اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة التحديات التي تواجه السوق النفطية العالمية، ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب واستقرار السوق».  وأشارت الوزارة إلى أن ذلك جاء «بالتنسيق مع بعض الدول المنتجة للنفط، وبما لا يتعارض مع سياسة الخفض السابقة». 
كما أعلنت سلطنة عمان خفضاً قدره 40 ألف برميل يومياً. وقالت الجزائر إنها ستخفض إنتاجها 48 ألف برميل يومياً. 

تبعات الأزمة المصرفية على النفط

وقال مصدر من «أوبك» لـ«الشرق الأوسط» إن الخفض الطوعي «إجراء احترازي يهدف لدعم استقرار السوق، استجابةً لحال عدم اليقين المتزايدة في الأسواق». وأضاف أن القرار «لا يختلف في جوهره عن القرارات السابقة التي أسهمت في تحقيق الاستقرار المطلوب في الأسواق».
ورأى أن الخطوة من شأنها «دعم الاستقرار وتعزيز الشفافية والوضوح في أسواق البترول العالمية»، منوهاً بحرص السعودية والدول التي شاركتها القرار على «توفير إمدادات بترولية كافية وموثوق بها للمستهلكين حول العالم».
وكانت الأزمة المصرفية الشهر الماضي دفعت العقود الآجلة للنفط الخام في بورصة لندن إلى أدنى مستوى لها في 15 شهراً، قرب 70 دولاراً للبرميل، ما عزز التكهنات بإعلان أعضاء «أوبك+» تخفيضات إنتاج جديدة لدعم السعر.
ولفت المصدر إلى أن «السعودية أثبتت مراراً فائدة تبني نهج احترازي لمواجهة حال عدم اليقين وضعف المعنويات في السوق، وقد كان مردود تبني هذا النهج إيجابياً لكل الأطراف ذات العلاقة، كما بدا واضحاً في الاستقرار الذي شهدته أسواق البترول العالمية العام الماضي، مقارنةً بالتقلبات الكبيرة التي شهدتها أسواق الطاقة الأخرى مثل أسواق الغاز الطبيعي والفحم».
وأشار إلى أن «القرارات التي اتخذتها (أوبك بلس) في أكتوبر (تشرين الأول) ٢٠٢٢ كانت مبنية على النهج الاحترازي نفسه. وأقر محللو السوق والعديد من المؤسسات الكبرى المرموقة في الصناعة البترولية لاحقاً بأنها كانت صحيحة ومناسبة للتعامل مع تزايد حال عدم اليقين في السوق حينها».

أميركا تركز على الأسعار لا الإنتاج

إلى ذلك، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن إدارة الرئيس جو بايدن تركز على الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، مشيراً إلى أنها ستواصل العمل مع جميع المنتجين والمستهلكين، لضمان أن تدعم سوق النفط النمو الاقتصادي وانخفاض الأسعار للمستهلكين الأميركيين.
ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث قوله إن تخفضيات الإنتاج «غير مستحسنة» في هذا التوقيت، نظراً لـ«عدم اليقين في السوق»، وفق تعبيره. وأضاف: «نحن نركز على الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، وليس على حجم البراميل، والأسعار انخفضت بشكل ملحوظ منذ العام الماضي».


مقالات ذات صلة

مصر: تحركات لإتاحة فرص استثمارية جديدة في قطاع النفط والغاز

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال لقائه رئيس «مبادلة» الإماراتية الشيخ منصور محمد آل حامد والوفد المرافق (الشرق الأوسط)

مصر: تحركات لإتاحة فرص استثمارية جديدة في قطاع النفط والغاز

قال وزير البترول المصري إن «قطاع البترول والتعدين المصري يرحّب بتوسيع أوجه العمل وزيادة الاستثمارات الإماراتية في ظل الجهود الجارية لإتاحة فرص استثمارية جديدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حقل شرق بغداد الجنوبي للنفط (الموقع الإلكتروني لوزارة النفط العراقية)

العراق: إنجاز حفر أول بئر نفطية متعددة المقاطع

أعلنت وزارة النفط العراقية، السبت، نجاح عملية حفر أول بئر نفطية في وقت قياسي وبكميات إنتاج مضاعفة وتكنولوجيا حديثة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد مضخات ومخازن نفطية في أحد الحقول بكندا (رويترز)

«أسبوع عاصف» للنفط وسط مخاوف الطلب

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، الجمعة، عقب نشر بيانات التوظيف الأميركية، لكنها كانت في طريقها لتكبد خسارة أسبوعية كبيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد القمر فوق مصفاة النفط التابعة لشركة «غازبروم نفت» في أومسك بروسيا (رويترز)

النفط يرتفع بفعل سحب كميات كبيرة من المخزونات واحتمال تأخير زيادة إنتاج «أوبك بلس»

ارتفعت أسعار النفط نحو 1 في المائة يوم الخميس بفعل سحب أكبر من المتوقع من المخزونات الأميركية وتأخير زيادة الإنتاج من جانب منتجي «أوبك بلس».

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شخصان يمرّان أمام شعار «أوبك» خارج مقرها الرئيسي في فيينا (رويترز)

«رويترز»: «أوبك بلس» تقترب من التوصل إلى اتفاق لتأجيل زيادة الإنتاج

قال مصدران من مجموعة المنتجين لـ«رويترز»، اليوم (الخميس)، إن «أوبك بلس» تقترب من التوصل إلى اتفاق لتأجيل زيادة إنتاج النفط.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سامر الخراشي لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تحرز تقدماً في الاستثمارات الخضراء

أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

سامر الخراشي لـ«الشرق الأوسط»: المملكة تحرز تقدماً في الاستثمارات الخضراء

أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد منتجعات «واجهة البحر الأحمر» في السعودية (الشرق الأوسط)

أكد مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط، سامر الخراشي، أن التزام المملكة باستضافة المكتب الإقليمي يؤكد توجهها بدفع المنظومة في الشرق الأوسط ودعم التنمية المستدامة في القطاع، ليصبح رافداً أساسياً في تنمية السياحة في المنطقة.

مدير المكتب الإقليمي كشف أيضاً عن تطورات السياحة في الشرق الأوسط، بتسجيل أكبر زيادة نسبية في أعداد الوافدين الدوليين تتجاوز مستوياتها السابقة للجائحة بنسبة 36 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي، مع تسجيل زيادة 4 في المائة مقارنةً بالفصل الأول من 2023.

وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، إن المشروعات السعودية العملاقة تُعدّ محورية في «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتأسيس المملكة بصفتها وجهة سياحية عالمية، مؤكداً أنها تتماشى بشكل وثيق مع «برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030» الذي يركز على الممارسات المستدامة، والنمو الاقتصادي، والحفاظ على التراث الثقافي.

مدير المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط سامر الخراشي

ووفق الخراشي، أحرزت السعودية تقدماً ملموساً في تطوير السياحة المستدامة، كما ورد في تقرير الأمم المتحدة للسياحة وأهداف التنمية المستدامة؛ إذ قدّمت الرياض إسهامات كبيرة في خدمة الإنسانية وحماية الكوكب من خلال تبني مبادرات متنوعة في مجال السياحة المستدامة. إليكم الحوار..

 

ما أبرز المهام التي قام بها مكتب منظمة الأمم المتحدة للسياحة في الشرق الأوسط منذ تدشين مقره الإقليمي في الرياض وحتى الآن؟

منذ افتتاح المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في مايو (أيار) 2021، الذي يُعدّ أول مكتب إقليمي للمنظمة، أصبح المكتب رافداً أساسياً في تنمية السياحة في منطقة الشرق الأوسط، مع تركيز استراتيجي على تحقيق مهامه المتمثلة في بناء القدرات وتعزيز القدرة التنافسية.

كما كثّف المكتب جهوده في الإقليم لدمج السياحة ضمن السياسات العامة، وإعادة بناء الثقة بالقطاع، واستعادة الوعي بالوجهات الريفية، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتيسير نمو السياحة بما يدعم التنمية الإقليمية.

من الناحية التقنية، ركّز المكتب على تقديم فرص متقدمة لبناء القدرات، وتطوير المهارات، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الإقليمية، والإسهام في استدامة السياحة، وتسعى هذه الجهود الشاملة إلى تعزيز قطاع السياحة في الشرق الأوسط وضمان نمو مستدام.

كما يواصل المكتب تسهيل التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والمسؤولين الحكوميين وجميع الأطراف المعنية لدعم القطاع السياحي وتطويره في المنطقة.

بلغة الأرقام كيف تنظرون إلى حجم التطورات السياحية في منطقة الشرق الأوسط؟

شهدت منطقة الشرق الأوسط تقدماً كبيراً في تطوير السياحة. وفقاً لمؤشر السياحة التابع للمنظمة، إذ سجلت المنطقة أكبر زيادة نسبية في أعداد الوافدين الدوليين، تجاوزت مستوياتها السابقة للجائحة بنسبة 36 في المائة في الربع الأول من 2024، مع تسجيل زيادة قدرها 4 في المائة، على أساس سنوي.

ويأتي هذا النمو بعد أداء بارز في 2023، حينما كانت منطقة الشرق الأوسط أولى المناطق العالمية التي استعادت عافيتها، وعادت إلى أعدادها السابقة للجائحة، محققةً زيادة بنسبة 22 في المائة.

القطاع السياحي ودوره الرئيسي في توليد فرص العمل لدى بلدان المنطقة والعالم.

تُعدّ السياحة قطاعاً رئيسياً في سوق العمل العالمية، إذ توفّر فرصة عمل لواحد من كل 10 أشخاص على مستوى العالم، ما يبرز دورها الأساسي في الاقتصاد العالمي.

وبصفتها منظمة دولية بعضوية 160 دولة، تلتزم منظمة الأمم المتحدة للسياحة بشدة على دفع التنمية المستدامة في هذا القطاع. إذ تشمل أولوياتها الاستراتيجية توفير فرص عمل عالية الجودة، واكتشاف المواهب وتنميتها، ودفع التقدم التكنولوجي والابتكاري، وتسريع الجهود في مجال العمل المناخي والاستدامة.

جهود المكتب الإقليمي لمساعدة دول المنطقة على تفعيل السياحة المستدامة وضخ مزيد من الاستثمارات الخضراء للحفاظ على البيئة.

لتحقيق التقدم الفعّال في السياحة المستدامة ودعم الاستثمارات الخضراء في جميع أنحاء المنطقة، تشمل استراتيجيتنا مجموعة من المبادرات الرئيسية، إذ تركز المنظمة على ثلاثة مجالات استثمارية رئيسية تهم الإنسان وكوكب الأرض والازدهار من خلال: تطوير رأس المال البشري عبر التعليم وتنمية المهارات، ودعم الاستدامة البيئية من خلال الاستثمار في البنية التحتية الخضراء ودعم التحول الأخضر، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال لتحقيق النمو الاقتصادي. كما نحرص على تناسق تلك الجهود وتكاملها مع مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر».

وبالتوازي مع ذلك، ولدعم تلك الجهود، طوّرت المنظمة منصة أهداف التنمية المستدامة للسياحة، التي تتيح لأصحاب المصلحة الوصول إلى معلومات حول السياحة المستدامة من خبراء ومهنيين ومسافرين حول العالم، إذ تمكّن هذه المنصة المستخدمين من اتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق الأهداف المطلوبة.

في هذا السياق، شكّل «اليوم العالمي للسياحة 2023» مثالاً بارزاً على التزامنا؛ إذ تم تسليط الضوء على أهمية الاستثمارات الخضراء في السياحة، والربط بين أصحاب المصلحة بفرص التنمية المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، شاركت ورشات العمل الإقليمية لدينا في التنمية الريفية، بما في ذلك إسهاماتنا في مقهى الأمم المتحدة للشباب، في إشراك الشباب السعودي من جهات مختلفة مثل: «مؤسسة موهبة»، و«جمعية الشباب السعودي»، و«برنامج تطوير القدرات البشرية».

تطورات الاستثمارات الخضراء في القطاع السياحي بمنطقة الشرق الأوسط والسعودية على وجه الخصوص.

تطوّر الأمم المتحدة للسياحة المبادئ التوجيهية لأعمال الاستثمار مع التركيز على دعم الاستثمارات في السياحة المستدامة. فعلى سبيل المثال، توفر توجيهات الاستثمار في الأردن أفضل الممارسات والتوصيات الاستراتيجية لجذب الاستثمارات المستدامة، وتشمل أيضاً تحليلاً لآفاق الاستثمار وديناميات الاستثمارات الخضراء.

وقد شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن زيادة بنسبة 83 في المائة في عام 2022، لتصل إلى 1.1 مليار دولار.

وأحرزت السعودية تقدماً ملموساً في تطوير السياحة المستدامة، كما ورد في تقرير الأمم المتحدة للسياحة وأهداف التنمية المستدامة؛ إذ قدّمت الرياض إسهاماً كبيراً في خدمة الإنسانية وحماية الكوكب من خلال تبني مبادرات متنوعة في مجال السياحة المستدامة. فعلى سبيل المثال، وتحت هدف التنمية المستدامة 15 (الحياة على الأرض)، توجد جهود مستمرة لإعادة تشجير المناطق الصحراوية في وسط السعودية؛ لمواجهة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

هذه المبادرة تبرز التزام الرياض بالحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي، مع تعزيز ممارسات السياحة الصديقة للبيئة. وتعكس هذه الجهود التزام المملكة بتطوير السياحة المستدامة، وتتماشى مع الأهداف الأوسع لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في دعم الاستثمارات الخضراء والممارسات المستدامة في المنطقة.

وجود المكتب الإقليمي في السعودية كيف سيُسهم في رسم الخطوط العريضة لنمو القطاع السياحي وازدهاره في الشرق الأوسط وتقدم المنظومة في المدة المقبلة.

المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة في السعودية يقدم دوراً محورياً في تعزيز نمو قطاع السياحة ونجاحه في منطقة الشرق الأوسط، فتركيزنا الاستراتيجي قائم على أهمية تقوية العلاقات مع كل من القطاعين العام والخاص، لتهيئة بيئة سياحية ديناميكية ومتقدمة، بدعم مما يزيد على 13 عضواً منتسباً من المملكة يمثّلون قطاعات الضيافة، والمؤسسات التعليمية، ووكالات السفر. تُعدّ جهودنا المشتركة أساسية في تعزيز بناء القدرات وتطوير السياحة عبر المنطقة.

علاوة على ذلك، تسلّط مشاركة المكتب في الفعاليات والمبادرات الرئيسية على دوره في تقوية التعليم في المجال السياحي والتحول الرقمي وريادة الأعمال، من خلال دعم المواهب الشابة والشركات الناشئة المبتكرة عبر تنظيم فعاليات مثل برنامج الإرشاد لتكنولوجيا السياحة في العلا (غرب المملكة).

ويُسهم المكتب في تكوين جيل جديد من قادة السياحة القادرين على دفع القطاع إلى الأمام. كما ستُعزّز هذه الاستراتيجية من تنافسية المنطقة، في حين تضمن أن يؤدي النمو في السياحة إلى تقدم اقتصادي واجتماعي أوسع، مما يدفع في النهاية إلى الازدهار طويل الأمد لمنطقة الشرق الأوسط.

أهمية وجود المكتب الإقليمي في الشرق الأوسط وكيف يُسهم في النهوض بقطاع السياحة لدى بلدان المنطقة؟

مبادرة السعودية لاستضافة المكتب الإقليمي تصب في هدف تنويع الاقتصاد ووضع الشرق الأوسط وجهة سياحية عالمية رائدة. إن هذا الالتزام باستضافة المكتب الإقليمي للمنظمة يبرز حرص المملكة الاستراتيجي على دفع الابتكار في مجال السياحة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، ودعم التنمية المستدامة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، قدّم المكتب بالرياض إسهامات كبيرة في تقدم قطاع السياحة في منطقة الشرق الأوسط، بصفته مركزاً محورياً يدعم الدول الـ13 الأعضاء بالإقليم (السعودية، والإمارات، وقطر، والكويت، والبحرين، وعُمان، ولبنان، والأردن، والعراق، وسوريا، ومصر، وليبيا، واليمن)، ويقوم بدور حيوي في دفع النمو السياحي الكبير في جميع أنحاء المنطقة.

كما يعزّز الشراكات بين هذه الدول، وعدد 45 عضواً منتسباً من الإقليم. ومن خلال دوره مركزاً للتعليم السياحي وتنمية المهارات، والترويج للسياحة محفزاً للتنمية الريفية، يُسهم المكتب بصورة كبيرة في تقدم السياحة في المنطقة، وضمان تلبيتها للمعايير الإقليمية والعالمية.

كيف تنظر منظمة الأمم المتحدة للسياحة إلى آخر تطورات القطاع في السعودية واحتياجات البلاد في المدة المقبلة للوصول إلى مستهدفاتها السياحية؟

ترى المنظمة أن تطورات السياحة في السعودية واعدة للغاية، خصوصاً مع هدفها المتمثل بجذب 150 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. وللوصول إلى هذا الهدف من الضروري تعزيز قدرات القطاع من خلال برامج التعليم والتدريب المستهدفة.

وفي هذا السياق، يؤدي الاتفاق الأخير بين منظمة الأمم المتحدة للسياحة والسعودية دوراً محورياً من خلال تصميم دورات تدريبية عالمية عبر الأكاديمية الإلكترونية للمنظمة في مجالات رئيسية، مثل: ريادة الأعمال، والابتكار، والاستدامة.

ويشمل هذا الاتفاق أيضاً إنشاء «مصنع للوظائف» و«مرصد لسوق العمل السياحي»، اللذين يهدفان إلى بناء القدرات وتقييم مهارات القوى العاملة. واستكمالاً لهذه الجهود، ستقيّم برامج شهادة الجودة «TedQual» ما يصل إلى 50 مبادرة للتعليم السياحي، في حين تهدف برامج الابتكار والتحول الرقمي إلى تمكين الشباب والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في قطاع السياحة.

 

جدير بالذكر كذلك أن المنظمة اعترفت بتسع قرى سياحية من مسابقة «Best Tourism Villages» في الشرق الأوسط، حيث منحت اثنتين من هذه التصنيفات المرموقة إلى وجهات في المملكة، وهما «رجال ألمع» و«العلا»، وذلك بوصفهما قريتين سياحيتين نموذجيتين، ما يبرز التزام البلاد بالحفاظ على تراثها الثقافي والطبيعي الغني مع تعزيز ممارسات السياحة الصديقة للبيئة.

 

كيف تُسهم المشروعات السعودية السياحية العملاقة بعد اكتمالها في تغيير مفهوم السياحة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم؟

تشكل المشروعات السياحية العملاقة في المملكة تحولاً كبيراً في مشهد السياحة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع. فتقدمها لاستضافة «كأس العالم 2034»، إلى جانب نجاحها في تأمين استضافة معرض «إكسبو 2030» في الرياض، يؤكد التزامها بتعزيز مكانتها العالمية في قطاع السياحة.

هذه الجهود تتكامل مع مشروعات طموحة؛ مثل: «نيوم»، و«البحر الأحمر»، و«القدية»، و«العلا»، و«ذا لاين»، و«حديقة الملك سلمان» التي تقدّم مجموعة متنوعة من المعالم من المدن المستقبلية ومراكز الترفيه والاستجمام إلى المواقع التراثية الثقافية، ما يعزّز من مكانة المنطقة بصفتها وجهة ديناميكية، ويعيد تشكيل الاتجاهات العالمية في السياحة.

هذه المشروعات تُعدّ محورية في «رؤية 2030» التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتأسيس المملكة وجهة سياحية عالمية رائدة، وهي تتماشى بصورة وثيقة مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، الذي يركز على الممارسات المستدامة، والنمو الاقتصادي، والحفاظ على التراث الثقافي، وذلك من خلال الإسهامات المباشرة في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، مثل «الهدف 9» (الصناعة والابتكار والبنية التحتية)، و«الهدف 11» (المدن والمجتمعات المستدامة)؛ تعكس هذه المبادرات الرؤية الاستراتيجية في تعزيز الابتكار، ودعم التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة المنطقة على الصعيد الدولي.