أحمد عطاف: وزير الخارجية الجزائري المخضرم... «ابن الجهاز الدبلوماسي»

شغل المنصب خلال التسعينات وعاد إليه بعد 23 سنة

أحمد عطاف: وزير الخارجية الجزائري المخضرم... «ابن الجهاز الدبلوماسي»
TT

أحمد عطاف: وزير الخارجية الجزائري المخضرم... «ابن الجهاز الدبلوماسي»

أحمد عطاف: وزير الخارجية الجزائري المخضرم... «ابن الجهاز الدبلوماسي»

آخر مرة داوم فيها الدبلوماسي الجزائري المخضرم أحمد عطاف (69 سنة) في مكتب وزارة الخارجية بالعاصمة الجزائر كانت في ديسمبر (كانون الأول) 1999، إذ كان وزيراً للخارجية لـ3 سنوات بين 1996 و1999 قبل أن يترك منصبه وزيراً للخارجية لمواطنه يوسف يوسفي، وها هو يعود إليه اليوم بعد 23 سنة خلفاً لسلفه رمطان لعمامرة في إطار التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون يوم 16 مارس (آذار) الحالي. ولكن تكليف عطاف بهذا المنصب شكّل مفاجأة سياسية بقدر ما لقيه من ترحيب داخل الأوساط المحلية والدولية لدى تسّرب أخبار عن احتمال تعيين السكرتير العام للوزارة عمار بلاني الذي لم يكن يحظى بإجماع حوله.
في الواقع يُعد أحمد عطاف، وزير الخارجية والجالية الوطنية في الخارج، وهذا هو المسمّى الرسمي لمنصبه، نتاجاً خالصاً للدبلوماسية الجزائرية. وهو من مواليد مدينة عين الدفلى بالشمال الجزائري، عام 1953، وتخرّج في المدرسة العليا للإدارة عام 1975، وهو لا يتعدى الثانية والعشرين من العمر. ومما يُذكر أنه كان في «دفعة فرانز فانون»، التي عرفت تخرّج زميله في الدراسة رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى (المسجون حالياً في قضايا فساد).
أول مهمة رسمية تسلّمها عطاف بعد تخرجه كانت الإشراف على المكتب الاقتصادي للسفارة الجزائرية في العاصمة الأميركية واشنطن، إلا أن المهام التي أوكلت لوزير الخارجية المستقبلي بعدها كانت أكثر أهمية، وجاءت في إطار منظمة الوحدة الأفريقية. فلقد شغل منصب رئيس قسم الشؤون السياسية من 1977 إلى 1979 ثم سكرتير البعثة الجزائرية الدائمة لدى الأمم المتحدة من 1979 إلى 1982، ليعود بعدها إلى الجزائر للعمل مع زميله رمطان لعمامرة مساعداً لوزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي، الذي كان شخصية سياسية بارزة على الصعيدين الداخلي والخارجي وصديقاً حميماً للرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين.
- العمل مع طالب الإبراهيمي
تزامن بدء أحمد عطاف ممارسة نشاطه الدبلوماسي خلال عقد الثمانينات مع مرحلة حيوية ونشاط على صعيد السياسة الخارجية للجزائر، استحقت معها لقب «العصر الذهبي» للدبلوماسية الجزائرية.
في تلك المرحلة كان عمله إلى جانب وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي فرصة ثمينة استغلها هذا الأخير لإثراء خبرته في السلك الدبلوماسي. ولقد كتبت صحيفة «جون أفريك» ذات يوم أن وزير الخارجية أحمد عطاف استطاع تكوين شبكة قوية من العلاقات الخارجية وصقل مهاراته التفاوضية خلال تنقلاته خارج البلد، وإثر مشاركته إلى جانب طالب الإبراهيمي في المؤتمرات والمحافل الدولية التي كانت بلاده عضواً بارزاً فيها.
- زيارة ميتران و«قمة مغنية»
عطاف ثّمن تجاربه أيضاً بفضل الأحداث البارزة التي واكبت بداياته الدبلوماسية في تلك الفترة. وكان أهمها زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران للجزائر بهدف توطيد العلاقات الثنائية وتوقيع عدة اتفاقيات شراكة، أهمها اتفاقيات 3 فبراير (شباط) 1982 لتصدير الغاز إلى فرنسا. وأيضاً الانفراج في العلاقات الجزائرية - المغربية بانعقاد «قمة مغنية» بعد وساطة سعودية، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز. ويومذاك التقى العاهل المغربي الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد يوم 4 مايو (أيار) 1987 في «المركز الحدودي - العقيد لطفي» التابع لمدينة مغنية. وكذلك الإعلان في الجزائر العاصمة عن دولة فلسطين وعاصمتها القدس في نوفمبر (تشرين الثاني) 1988.
وكان أحمد عطاف أيضاً عضواً فعالاً في وزارة الخارجية حين واجهت الجزائر أزمات كثيرة مع التحولات التي صاحبت تلك الفترة. وأهمها؛ وصول الأزمة الاقتصادية إلى أبواب الجزائر، عندما تراجعت أسعار النفط وتراكمت الديون مع تضخّم البطالة وإفلاس عدد من مؤسسات القطاع العام، في مقابل بروز طبقة بورجوازية مزجت بين السلطة والمال مستفيدة من امتيازات النظام الجديد. وسط هذه التراكمات، شهدت الجزائر انتفاضات شعبية ميزت حقبة الثمانينات، أولها أحداث انتفاضة الطلبة في الجامعة المركزية خلال نوفمبر 1982، وأحداث المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن في تيزي وزو، بمنطقة القبائل، فيما عُرف لاحقاً بـ«الربيع الأمازيغي». وأخيراً، انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) التي وصفت بـ«شغب الأطفال»، لكنها أرغمت نظام الرئيس السابق الشاذلي بن جديد على الإعلان عن إصلاحات سياسية تضمنت انفتاح البلاد نحو التعددية الحزبية والإعلامية.
- منعطف خارجي جديد
في أعقاب تولّي بوعلام بسايح حقيبة وزارة الخارجية خلفاً لطالب الإبراهيمي، أخذت المسيرة المهنية لأحمد عطاف منعطفاً جديداً، ولكن هذه المرة خارج حدود بلاده. إذ شغل بين عامي 1989 و1994 منصب سفير الجزائر في كل من يوغوسلافيا والهند، ثم عاد إلى الجزائر عندما عهد إليه الرئيس السابق اليمين زروال بمنصبي المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير الدولة لشؤون التعاون والمغرب العربي حتى يناير (كانون الثاني) 1996، ومن ثم قرر تكليفه بتولي منصب وزير الخارجية، وكان ذلك في حكومة أحمد أويحيى، ولقد مكث في منصبه هذا إلى ديسمبر (كانون الأول) 1999.
من جانب آخر، أعاد وصول الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم توزيع الأوراق بصفة جذرية. وكانت أول خطوة قام بها بوتفليقة إبعاد رجال اليمين زروال، ومن بينهم أحمد عطاف، الذي غادر البلاد للالتحاق بمنصبه الجديد سفيراً للجزائر في المملكة المتحدة عام 2001، وظّل فيه إلى 2004.
- فترة الانقطاع
بعد انتهاء مهمته الدبلوماسية في لندن، عاد عطّاف إلى الجزائر، لكنه ابتعد عن السلك الدبلوماسي من دون أن يتخلى تماماً عن النشاط السياسي. فقد زاول مهام نائب في مجلس الشعب (البرلمان) عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان عضواً مؤسساً فيه بحكم قربه من الرئيس السابق اليمين زروال. وللعلم، حزب التجمع الديمقراطي كان من أهم الأحزاب الناشطة في الجزائر، مع حزب جبهة التحرير الوطني، قبل أن يصار إلى إقصائه من هذا التنظيم السياسي عام 2014 بعد التحاقه بحزب طلائع الحريات، التابع لرئيس الحكومة السابق علي بن فليس، الذي كان يعارض في تلك الفترة الولاية الرابعة للرئيس السابق بوتفليقة.وفي أي حال، كان أحمد عطاف من وزراء الخارجية القلائل الذين عملوا مع النظام ثم التحقوا بالمعارضة. إذ كان أحد المقرّبين من رئيس الحكومة السابق علي بن فليس، وساعده في صياغة برنامجه السياسي وفي كتابة الخطابات والبيانات السياسية ورافقه في جميع الاستحقاقات التي خاضها بن فليس ضد بوتفليقة.
هذا التوجه المعارض كانت له عواقبه على مسيرة عطاف المهنية، واضطر بعدها إلى الانسحاب من الحياة السياسية، ليتوجّه إلى التدريس الجامعي. وبالفعل، شغل منصب أستاذ محاضر في المدرسة العليا للعلوم السياسية بالجزائر العاصمة لسنوات طويلة، غاب فيها عن الساحة السياسية.
- إجماع محلي ودولي...
نقلت وسائل الإعلام الجزائرية شهادة الدبلوماسيين الذين احتكوا بأحمد عطّاف في كواليس وزارة الخارجية، والجميع أكد على احترافية الرجل، فهو دبلوماسي محنّك ومجتهد، يتقن 3 لغات، ويمتاز بموهبة كتابية عالية في كتابة الخطابات السياسية المهمة، كما أنه يتمتع بخبرة ودراية واسعة بالملفات الخارجية والداخلية. ورغم المخاوف التي أثارتها التساؤلات حول ما إذا كان انقطاع الوظيفي - السياسي لمدة 23 سنة قد يكون له تأثير سلبي، فإن المعطيات تصّب كلها في صالح الدبلوماسي الجزائري المخضرم، ولا سيما أنه كان قد شغل المنصب ذاته إبان فترة حرجة من تاريخ الجزائر عُرفت بـ«العشرية السوداء». ومما نقلته الصحافة الجزائرية عن مصادر دبلوماسية أن عطّاف «عايش جميع الأزمات والتوترات الدبلوماسية بين عامي 1995 و1999، وكان صوت الجزائر إبان فترة الإرهاب الهمجي والعزلة السياسية التي عانت منها الجزائر. وفي حين توقع البعض أن تسقط الجزائر في قبضة الجماعات المتطرفة، تسجل المصادر الصحافية كيف أن الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون هنأ عطاف شخصياً بعد خطابه بشأن الطابع الدولي للإرهاب.
- العلاقات المغربية الجزائرية
اليوم تبرز على طاولة الوزير الجديد جملة من الملفات الحيوية بالنسبة للجزائر، خاصة ما يتعلق بدول الجوار التي تمثل عمقاً سياسياً وأمنياً لها. وفي المقام الأول تأتي الأزمة مع المغرب، وهنا يعتبر الوزير عطاف أحد أبرز «مهندسي» قرار غلق الحدود البرية الجزائرية مع المغرب عام 1995 بعد «أحداث مراكش» عندما كان يشغل منصب كاتب دولة للشؤون المغاربية والأفريقية. وحقاً أقرّ عطاف في حوار مع التلفزيون الجزائري عام 2014 بمسؤوليته في هذه المبادرة قائلاً: «أنا من حرّر وثيقة القرار...» مضيفاً أنها كانت أيضاً ردّة فعل على إعادة فرض السلطات المغربية لتأشيرات السفر على المواطنين الجزائريين.
المصادر ذاتها تذكر أن عطاف قام بمبادرة عندما كان وزيراً للخارجية عام 1998 تتضمن دعوة الرباط للجلوس حول طاولة التفاوض ومناقشة «تسوية الخلاف» بين البلدين. ومما يقوله عطاف بهذا الشأن إن ما يُقلقه ليس مسألة غلق الحدود بين البلدين بقدر ما هو غياب «الجهود» المبذولة لحلحلة النزاع، لكنه يعترف في الوقت نفسه بأن الدوافع التي أدت إلى غلق الحدود بين البلدين في تلك الفترة ما زالت موجودة.
- العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية وأفريقيا
من جهة أخرى، من التوجيهات التي أعلن وزير الخارجية الجديد تلقيها من الرئاسة الجزائرية على إثر تسلم مهامه «الارتقاء بالسياسة الخارجية للوطن إلى مستويات فاصلة من النجاعة والنفوذ والتأثير». وهنا يُنتظر من أحمد عطاف توطيد علاقات الشراكة مع الدول الأفريقية بالنظر إلى التحولات الاقتصادية والاستراتيجية التي تشهدها القارة السمراء.
لكن اهتمام عطاف بأفريقيا ليس وليد اليوم، فهو الذي أعلن للصحافة الجزائرية عام 2016 أن «الجزائر تعيد اكتشاف أفريقيا دائماً في وقت الأزمات». وهو يذكّر دائماً «أن الأسواق الأفريقية تطورت بشكل ملحوظ، ولذا يجب الارتقاء إلى شروط المنافسة، وهؤلاء الذين يتحدثون عن الدبلوماسية الاقتصادية لا يملكون شيئاً يصدرونه...».
وطبعاً، تظل العلاقات الثنائية الجزائرية الفرنسية من أبرز الملفات المطروحة، فضلاً عن الضغوط الأميركية والغربية على الجزائر بسبب علاقاتها مع موسكو، والملف الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

TT

الحكومة المصرية تتعهد بعدم اللجوء إلى «تخفيف أحمال الكهرباء»

تعهّدت الحكومة المصرية بعدم اللجوء إلى خطة «تخفيف أحمال الكهرباء»، أي قطع الخدمة مدة محددة يومياً، الصيف المقبل، وقالت إنها «وفّرت الوقود الكافي لتشغيل المحطات»، إلى جانب «التوسع في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة».

وافتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية في مدينة كوم أمبو، بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، ضمن خطوات للحكومة المصرية للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء.

ولجأت الحكومة المصرية لخطة تُسمى «تخفيف الأحمال»، تقضي بقطع التيار عن مناطق عدة خلال الصيف الماضي لمدة وصلت إلى ساعتين يومياً، وذلك لتقليل الضغط على شبكات الكهرباء، بسبب زيادة الاستهلاك، في حين اشتكى مواطنون من تجاوز فترات انقطاع الكهرباء أكثر من ساعتين.

وتعهّد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«عدم اللجوء إلى تخفيف أحمال الكهرباء مرة أخرى»، وقال في كلمته خلال افتتاح محطة «أبيدوس 1» للطاقة الشمسية، السبت، إن «حكومته خصصت التمويل لتوفير الوقود اللازم لاستقرار إنتاج الشبكة القومية للكهرباء»، مشيراً إلى «وضع خطة عاجلة لإضافة 4 آلاف ميغاواط من الطاقة المتجددة لتأمين الاستهلاك في صيف 2025».

رئيس الوزراء المصري خلال افتتاح محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)-

وأوضح مدبولي أن «وزارة الكهرباء تمكّنت من حل مشكلة الانقطاعات بالتنسيق، وتحسين الإنتاجية»، إضافة إلى «وضع خطة لتأمين التغذية الكهربائية لصيف 2025 مع وزارة البترول، تقوم على سد فجوة متوقعة في الإنتاج في حدود من 3 إلى 4 آلاف ميغاواط إضافية، بتكلفة استثمارية تقارب 4 مليارات دولار»، مشيراً إلى أنه «سيتم الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة لسد فجوة الإنتاج والاستهلاك في الصيف المقبل، وتجنّب اللجوء لتخفيف الأحمال، وتقليل استيراد المواد البترولية».

وكان رئيس الوزراء المصري قد بحث خلال اجتماع حكومي، الخميس، مع وزراء الكهرباء والبترول والمالية، «ضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من الوقود في فصل الصيف المقبل»، وأكد «ضمان الجاهزية، وعدم وجود انقطاعات في الكهرباء، واستدامة واستقرار التغذية بالكهرباء بمختلف المحافظات»، وفق إفادة لمجلس الوزراء المصري.

ولجأت الحكومة المصرية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، لاستيراد 300 ألف طن مازوت، و20 شحنة من الغاز لضخ كميات كافية من الوقود لإنتاج الكهرباء، ووقف خطة انقطاع الكهرباء، في حين قدرت وزارة الكهرباء المصرية حجم الاحتياج اليومي لإنهاء انقطاعات الكهرباء بنحو 135 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، و10 آلاف طن من المازوت.

وعدّ مدبولي افتتاح محطة «أبيدوس» للطاقة الشمسية، «تحولاً نوعياً» في استثمار الموارد الطبيعية في بلاده، وتوظيفها بشكل «أكثر كفاءة بما يغطي الاحتياجات».

وتقام محطة «أبيدوس 1» لإنتاج الطاقة الشمسية على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتضم أكثر من مليون لوح شمسي، بقدرة إنتاجية تصل إلى 560 ميغاواط، ما يجعلها ثاني أكبر محطة للطاقة الشمسية في أفريقيا بعد محطة «بنبان» في أسوان

وتضاف المحطة لمشروعات الطاقة الشمسية في محافظة أسوان؛ حيث سبق أن افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوليو (تموز) 2018، محطة «الطاقة الشمسية في بنبان» بأسوان، والتي تصنف الأكبر في أفريقيا والشرق الأوسط، بطاقة إنتاجية 2000 ميغاواط من الكهرباء، حسب مجلس الوزراء المصري.

ويعتقد خبير الطاقة المصري، علي عبد النبي، أن توسع الحكومة المصرية في مشروعات الطاقة المتجددة «خطوة ضرورية لمواجهة عجز الإنتاج في فترات ذروة الاستهلاك»، وشدد على «ضرورة اتخاذ الحكومة حزمة من الإجراءات لتحقيق أمن الطاقة، من بينها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء».

ووضعت الحكومة المصرية استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة، تستهدف إنتاج 42 في المائة من الكهرباء، من مصادر الطاقة الجديدة بحلول عام 2030، وفق مجلس الوزراء المصري.

وطالب عبد النبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بـ«ضرورة استثمار موارد مصر الطبيعية في إقامة مزيد من مشروعات الطاقة الجديدة، مثل التوسع في محطات الطاقة الشمسية في أسوان، ومحطات الرياح في محافظتي البحر الأحمر والسويس»، مشيراً إلى «ضرورة إقامة محطات لتخزين الكهرباء للاستفادة من إنتاج مشروعات الطاقة الجديدة».

محطة أبيدوس للطاقة الشمسية - (مجلس الوزراء المصري)

من جهته، يرى أستاذ الطاقة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، جمال القليوبي، أن الحكومة المصرية «تتخذ 3 إجراءات استباقية لتأمين إنتاج الكهرباء في الصيف المقبل»، مشيراً إلى أن «أولى تلك الخطوات التوسع في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح لإنتاج نحو 4 آلاف ميغاواط من الكهرباء».

وأوضح القليوبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة المصرية تتجه لإبرام صفقات لاستيراد الغاز والوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، مع التوسع في عمليات البحث والتنقيب والاستكشافات المحلية»، مشيراً إلى أن القاهرة «تستهدف تقليل فاتورة استيراد الطاقة من الخارج، بالاعتماد على مصادر الإنتاج المحلية».

وعلى هامش افتتاح محطة «أبيدوس»، شهد رئيس الوزراء المصري، توقيع اتفاقين لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في منطقة خليج السويس، بين وزارة الكهرباء المصرية وشركة «إيميا باور» الإماراتية.